الفصل السابع
أثر الفنون الإسلامية في فنون الغرب١
تأثرت الفنون الإسلامية بالفنون الساسانية والبيزنطية والقبطية والصينية، ولكنها
بعد أن
ازدهرت وقوي سلطانها أثرت في الفنون الأوروبية، حتى لقد نقل الصناع الأوروبيون الحروف
العربية، واستخدموها للزخرفة بدون أن يفهموا معناها، كما نقلوا الزخارف الإسلامية من
هندسية
ونباتية، وقلدوا أشكال الأواني المعدنية التي كان المسلمون يصنعونها على شكل طيور أو
حيوانات صغيرة، وعرف الإيطاليون المنتجات الصناعية الإسلامية إبان الحروب الصليبية، وأخذ
صناعهم يقلدونها ولا سيما في البندقية (شكلي ٧-١ و٧-٢)، فكانت الجمهوريات التجارية الإيطالية واسطة انتقل على يدها كثير من
أساليب الصناعة والزخرفة الإسلامية، ولا سيما في التحف المعدنية (شكل ٧-٣) والزجاجية وصناعة التجليد، كما أخذ الإيطاليون أيضًا أسرار صناعة الخزف من الأندلس.
أما
صناعة النسج عند المسلمين فقد كان لها تأثير كبير في صناعة النسج عند الأوروبيين. وحسبنا
أن
أسماء أنواع كثيرة من المنسوجات ترجع إلى أصل إسلامي، مثل:
Damask (من دمشق)
وMuslin (من الموصل) (انظر شكلي ٧-٤ و٧-٥).
وكذلك كان لفن العمارة — ولا سيما في الطراز الإسباني المغربي — تأثير كبير على العمارة
في
جنوبي فرنسا وإيطاليا، ولا غرو فإن الأساليب الإسلامية في التصميم والزخرفة ظلت باقية
في
إسبانيا حتى عصر النهضة بعد أن حفظها المدجنون٢ على إثر زوال سلطان المسلمين عن الأندلس (شكل ٧-٦).
وقد عني الفنانون الغربيون منذ القرن السادس عشر بدراسة الزخارف الإسلامية كما فعل
ليوناردو دافينشي وفرانسيسكو بلجرينو (شكل ٤-٧).
•••
ومما يجدر بالفنانين معرفته أن الشرق الإسلامي كان له بعض التأثير على فن التصوير
الفرنسي
في القرن التاسع عشر، بعد أن عرف الفرنسيون الشرق في حملة نابليون على مصر، وفي حرب استقلال
اليونان، وإنا لنلمح هذا التأثير في لوحات بعض المصورين الفرنسيين، ولا سيما ديلا كروا Delacroix وجروس Gros
وجريكو Géricault وديكام Decamps وماريلها Marillhat، وزاد في هذا
التأثير اتصال الفرنسيين بشمالي إفريقية وما قام بينهم وبين تلك البلاد من علاقات فتح
وكشف ودراسة.٣
١
راجع كتاب تراث الإسلام (من مطبوعات لجنة الجامعيين لنشر العلم في لجنة التأليف
والترجمة والنشر، الجزء الثاني في الفنون. عربه وشرحه وعلق عليه الدكتور زكي
حسن).
٢
المدجنون هم المسلمون الذين دخلوا في طاعة المسيحيين وعاشوا في إسبانيا بعد أن
عادت إلى يد المسيحيين.
٣
راجع Jean Alazard: L’Orient et la Peinture Française au
XIXe-siécle (Librairie Plon, Paris 1930).