عندما انطفأت الأضواء
مرَّت خمس، أو عشر دقائق قبل أن يتعثَّر حارسُ القاعة ويترنحَ ويشق طريقه باللعنات إلى القاعة الصغرى، مُتلِفًا الزهورَ المُستأجَرة، حيث سار عبر حطام الأواني الفَخَّارية والتربة المقلوبة حتى وصل إلى غرفة التحكم. مرَّت ثانيةٌ أخرى وأُضيئت القاعات كلها مرةً أخرى على نحوٍ متألق، وبدأت الفرقة الموسيقية تعزف موسيقى رقصةٍ تُنفَّذ بخطوتين، واصطحبَت السيدات الغائبات عن الوعي إلى غرفهن المظلمة المنعزلة.
هُرِع مدير القاعة إلى الغرفة المُلحقة، قائلًا:
«ماذا حدث … هل تعطَّل المنصهر الكهربائي الأساسي؟»
فأجابه حارس القاعة بحدَّة قائلًا: «لا، شخص أحمق أطفأ المفتاح الرئيسي.»
أصرَّ النادل المُرتبك على أنه لم يَدْنُ أحدٌ من صندوق المفاتيح الكهربائية.
قال: «كان هناك سيدة ورجل هنا، ورجل آخر بالخارج.» وأشار إلى الباب المفتوح.
فسأله المدير قائلًا: «وأين هم الآن؟»
فأجابه النادل: «لا أعرف. فقدَت السيدةُ وعيها.»
اختفى الثلاثة عندما دخل المدير فِناءً صغيرًا يقع بالقرب من المبنى ومنه إلى شارع جانبي. ثم عاد في جولة تفتيشيَّة.
وقال: «فعلَها شخصٌ ما من الفِناء. هناك نافذة مفتوحة — ومنها يمكن الوصولُ إلى المفتاح الرئيسي بسهولة.»
فأغلقوا النافذة بإحكام.
وتابع المدير قائلًا: «لا يوجد سيدة أو رجل في الفِناء». وتابع: «هل أنت متأكد من أنهما لم يدخلا إلى القاعة الكبرى؟»
فأجابه النادل: «ربما … دخلا في الظلام.»
كان توتُّر النادل مُتفهَّمًا. فلقد أعطاه السيد جيرتر ورقةً نقدية فئة خمسة جنيهات ولم يكن النادل قد أعطاه الباقيَ بعد. وبالطبع، لن يعود جيرتر أبدًا لأخذ الباقي لو أن كلَّ ما سمعه النادلُ بأذنَيه كان حقيقيًّا.
ظهر أربعة رجال في الغرفة الملحقة؛ حيث أغلق أحدهم الباب ووقف بجانبه. بينما الرجال الثلاثة الباقون اصطحبهم المدير الذي استدعى النادل فيليبس.
قال المدير مرتبكًا: «هذا الرجل خدمَهما.» فحتى أكثر الناس براءةً لا يحب تحقيقات الشرطة. ثم سأله قائلًا: «كيف بدا مظهرُ الرجل؟»
فأعطاهم فيليبس وصفًا موجزًا ودقيقًا.
فقال أحدهم: «أظنه رَجُلَك، يا سيد فلوين، أليس كذلك؟»
كان الرجل الثالث في المجموعة ملتحيًا وبدينًا؛ ويلبس قبعة ديربي وملابسَ سهرة.
أومأ بالإيجاب قائلًا: «إنه جيرتر. سيكون من دواعي سروري أن أقابله. فقد ظلَّت السفارة ثمانية أشهر تبذلُ ما في وُسعها لتسليمه. لكن رجالنا في الوطن …!»
وهزَّ كتفَيه. هكذا يتصرَّف كل المسئولين المعيَّنين على نحوٍ لائق عند الحديث عن الحكومات.
فقال المفتش ميدوز بقلقٍ واضح: «قُلت إن السيدة قد فقدَت الوعي. فهل شربتْ أيَّ شيء؟»
فأجابه النادل قائلًا: «عصير برتقال غازي — ها هي ذي الكأس. لقد قالتْ إنه ثَمة شيء غريب كان في الشفَّاطات. ها هي ذي.»
أعطى فيليبس الشفَّاطات للمحقِّق. فبلَّل إصبعه منها، ثم تحسَّس لسانه وبصق على الفور.
وقال: «أجل»، وخرج من الباب الصغير.
إنه جونزاليس بالتأكيد، لكن إلى أين ذهب، وكيف، وبفتاة مُخدَّرة على ذراعَيه وابن الأفعى؟ لقد كان جيرتر سريعًا جدًّا في ضربته، وعديم الإحساس، ووجود امرأة لن يُنقذ ليون.
بدأ النادل يحكي قائلًا: «عندما انطفأت الأنوار …» فاختفت الحيرة من وجه السيد ميدوز.
وقال في هدوء: «بالطبع … نسيت ذلك. لقد انطفأَت الأنوار!»
طوال الطريق إلى سكوتلاند يارد، كان السيد ميدوز يُحاول استحضارَ شيء في ذهنه … شيء كان هنا، طرَفه الناعم يظهر على نحوٍ محيِّر، إلا أنه يُراوغ محاولات الإمساك به. شيء لا علاقة له بالأنوار … ولا جونزاليس، ولا حتى الفتاة. جيرتر؟ لا. ولا مانفريد؟ ماذا كان إذن؟ اسم ذُكِر أمامه يومها … كانت له دلالة غامضة. تمثال ذهبي! أمسك بطرَف الخيط … جوني! لُغز مانفريد الخاص. كان هذا هو الغبار الذي يُغطي كل الأفكار. والآن بعد أن تذكَّره صار يشعر بالإحباط. فقد كانت الفكرة غيرَ مهمة بدرجة غير معقولة لكي تُحيره.
ترك رفاقه في زاوية كورزون ستريت وذهب بمفرده إلى المنزل. حيث رأى شعاعًا من النور ينبثق من بين ستائر الغرفة العلوية. كان الممرُّ مُضاءً، وردَّ بويكارت على جرسه في الحال.
«نعم، كان جورج وليون هنا قبل قليل … الفتاة؟ لا، لم يقولا عنها شيئًا. لكن أظن، أنه كان يبدو عليهما القلق. أعتقد، الآنسة ليستر؟ ألن تدخل؟»
فأجابه قائلًا: «بلى، لا أستطيع الانتظار. ثَمة نور في غرفة مانفريد.»
أنار شبح ابتسامة وجهَه الصارم، لكنها تلاشَت فورًا.
ثم قال: «وفي غرفتي أيضًا. فالخدم يأخذون حُريتهم عن آخرِها في غياب أسيادهم. هل تُريدني أن أبلغ رسالة إلى جورج؟»
«اطلب منه أن يتصلَ بي في سكوتلاند يارد.»
أغلق بويكارت الباب؛ ووقف في الممر ليُعدِّل وضعية طبق من الفضة على الطاولة ويُعَلِّق قبعة. وقد شاهد ميدوز هذا كلَّه من خلال النافذة المُشبَّكة ومنظار أفق على شكلِ عصا مشيٍ سهل التركيب، ويمكن أن يكون ذا قيمةٍ بالغة. وما إن رأى ما رآه، حتى تلاشت شكوكه.
صعد بويكارت بتمهُّل لغرفة المكتب الصغيرة، فأزاح الستائرَ وفتح النافذةَ الموجودة بالأعلى. وفي الثانية التالية، شاهد المُحقِّق المراقب النور ينطفئ ورحل.
فقال بويكارت: «آسفٌ على تركي لك في الظلام.»
انتظر الرجلان اللذان كانا في الغرفة حتى أُغلِقَت النافذة وسُحِبَت الستائر، ثم أضاءا الغرفة. حيث كانت ميرابيل ليستر مستلقيةً على الأريكة بوجهٍ شاحب، وعينَين مُغمَضتين، وصدرٍ بالكاد يعلو ويهبط. وقد كان معطفها التنكريُّ باللونين الأخضر البراق والقرمزي مُلقًى مُكوَّمًا على الأرض، وكان ليون يمسح وجهها في رفق، بينما كان جورج مانفريد يُراقب ما يحدث من وراء الأريكة، بحاجبَين منعقدين.
وسأل بكل صراحة: «هل ستموت؟»
فأجابه ليون بدمٍ بارد: «لا أعرف؛ هذه المادة تُسبِّب الموت أحيانًا. لا بد أنه أعطاها لها في شكلها الخام. إن جيرتر لَشخصٌ فظ غليظ القلب.»
فسأله جورج قائلًا: «ما تلك المادة؟»
فبسَط جونزاليس يدَيه غيرَ المتشابكتين في إشارةٍ إلى كونه غيرَ متأكد.
وقال: «تخيَّل جرعة مورفين قوية التأثير، هذا ما تناولتْه. لستُ متأكدًا. آمُل ألَّا تموت؛ فما زالت صغيرةً جدًّا — قد يكون هذا هو سوءَ الحظ في أبشع صوره.»
تحرَّك بويكارت بتوتر. فهو الوحيد الذي كان يمتلك بداخله ما قد يُسميه ليون «لمحة» ضئيلةً من العاطفة.
فسأل في قلق: «هل يمكننا استدعاء إلفير؟» فرفع ليون عينَيه ناظرًا إليه بابتسامه صبيانية. ثم قال: «لقد جعلتْك زراعةُ البصل في سيفيلا مُرهَفًا يا عزيزي رايموندو!» إذ لم يفشل أبدًا في الاستهزاء بهذا الرجل الحازم في أحلكِ اللحظات على تجرِبته الزراعية التي استمرَّت عامَين، وكان كلاهما يعرف أن هذا الاستهزاء يتمُّ عمدًا بغرض تهدئته. وتابع: «فالبصل له دلالة عاطفية؛ إذ إنه يجعلك تبكي؛ إنه من الخضراوات اللطيفة جدًّا! هذه السيدة على قيد الحياة!»
رجف جَفْناها مرتين. عندها رفع ليون ذراعها العارية، وثبَّت سن المحقنة الصغيرة في مكانه ودفع الدواء في عروقها.
وقال بهدوء: «غدًا ستشعر بالضبط كأنها كانت ثمِلة، وسوف تستشعر في فمها مذاقَ سيجار من الدرجة العاشرة. أوه، يا آنسة، افتحي عينَيكِ الجميلتين وانظري لأصحابكِ!»
قال الجملةَ الأخيرة بالإسبانية. فسمعَتْها الفتاة؛ عندها رجف جَفْناها مرة أخرى وفَتَحَتْ عينيها.
فقال جورج: «إنكِ بعيدةٌ جدًّا عن مزرعة هيفيتري، يا آنسة ليستر.»
فنظرتْ لأعلى في وجه جورج مانفريد الطيب متسائلة، وسألتْ بنبرة وَهِنة:
«أين أنا؟» ثم أغمضتْ عينيها مرةً أخرى متألمة.
فقال ليون بلهجة العرَّافين: «دائمًا ما يسألن هذا السؤال — كما في الروايات تمامًا». وتابع: «لو لم يَقُلن «أين أنا؟» فإنهن يسألنَ عن أمهاتهن. هي في مأمن عن الخطر.»
وَضَعَ ليون إحدى يديه على رُسغها، واليد الأخرى على جانب رقبتها.
ثم قال: «إن نبضها منتظمٌ بشكل ملحوظ. ربما لديها ذهنٌ يُجيد الرياضيات.»
فهمس بويكارت قائلًا: «إنها جميلة جدًّا.»
فردَّ ليون قائلًا: «كل الناس جميلون — كجمال كلِّ حَبات البصل. فما الفرق بين فتاة جميلة وأقبحِ وصيفة مُسِنَّة — ما الفرق سِوى مسألة صبغة البشَرة وحيوية الأنسجة؟ إذ إن تحت هذا الجلد، هناك تَشابه مُذهِل بين الدورة الدموية، والخلايا الداعمة، والأوعية الدموية الحركية …»
قاطعه مانفريد قائلًا: «كم تبقَّى لدينا من وقت؟» فهزَّ ليون رأسه.
وقال: «لا أعرف … لكن أعتقد أنه لم يتبقَّ الكثير. بالطبع، كان بإمكاننا أن نُخبر ميدوز وهو بدوره يستدعي قواتِ الشرطة الاحتياطية، لكني أُفضِّل إبعادهم عن الأمر.»
فسأله مانفريد قائلًا: «هل كان الحارس القديم هناك؟»
فأجابه ليون: «كانوا جميعًا موجودين … أولئك الرجال القُساة! وسوف يأتون إلى هنا بمجرد أن يعرف السيد الدكتور ما سيحدثُ بعد ذلك. والآن أظن أنه بإمكانك السفر. أودُّ أن أُبعدها عن مسرح الأحداث.»
انحنى، واضعًا كلتا يدَيه تحتها وحمَلها. وقد كانت قوةُ جسده الهزيل مصدرَ تعجُّب لا ينتهي لكلا صديقَيه.
تَبعاه أثناء نزول السُّلَّم وعبر الممر القصير، ثم نزلوا طابقًا آخرَ وصولًا إلى المطبخ. حيث فتح مانفريد بابًا وخرَج إلى الفِناء المرصوف. كان هناك بابٌ أثقل في الجدار الفاصل. ففتحه ببطء واختلس النظر بالخارج. هنا يوجد المرأب. عندها أتاهم صوتُ محرِّك دائر من المرأب المجاور. يبدو أنه ثَمة مَن كان يترقَّب وصولهم. توقفتْ سيارة طويلة في هدوء ونزلَت منها سيدة. وإلى جانب السائق عند عجَلة القيادة كان هناك رجلان.
فقال لهم جونزاليس: «أظن الإثارة الحقيقية ستفوتكم.» وأعطى الممرضة بِضعة تعليمات وأغلق الباب وراءها.
ثم قال للسائق: «اسلك الطريق المباشر». وتابع: «من سويندون إلى جلوستر. طابتْ ليلتك.»
فردَّ السائق قائلًا: «طابتْ ليلتك، يا سيدي.»
وقف جونزاليس يُتابع في قلقٍ خروجَ السيارة إلى الشارع الرئيسي. ظلَّ منتظرًا، ومال رأسه. مرَّت دقيقتان، لينطلق صوتٌ خافت لبوق سيارة، دويٌّ طويل وآخر قصير، فشهق قائلًا:
«إنهم خارج منطقة الخطر.»
طاخ!
رأى جونزاليس الوميض، وسمع صوتَ ارتطام الرصاصة بالباب، فتيبسَتْ يده. ثم سمع صوتًا مكتومًا — صرخة ألم من زاوية مظلِمة للمرأب وصوت أشخاص. فعاد ليون إلى الفِناء وأغلق الباب.
ثم قال: «لقد استخدم كاتم صوت من نوع جديد. إن أوبيرزون عجوزٌ مُخضرم. لكنَّ مسدَّسي الهوائيَّ ضد بندقيته في تحدِّي كتم الصوت.»
فقال مانفريد وهو يُعيد مسدسه من طراز براونينج إلى جيبه: «لم أتوقَّع أن يأتيَ الهجوم من هذه الناحية من المرأب.»
فردَّ ليون قائلًا: «لو كانوا قد أتَوا من الناحية الأخرى لما استطاعت السيارة المرور … أود الحصول على كاتم صوت كهذا.»
دخلوا المنزل. بعد أن أطفأ بويكارت نور الممر بالفعل.
«لقد أصبتَ الرجل الذي صوَّبت عليه … هل تقتله هذه الإصابة؟»
«بالصدفة، نعم من الممكن أن تقتله. لقد صوَّبتُ على بطنه؛ لكني أخشى أنني أصبته في الرأس. ما كان ليصرخ لو أنه أُصيب في بطنه. أخشى أنه لا يزال حيًّا.»
تلمَّس طريقه ليصعد السُّلَّم ورفع سماعة الهاتف. وعلى الفور أتاه صوت يقول: «الرقم؟»
فأجاب قائلًا: «أعطِني ٨٨٧٧ وزارة الخِزانة.»
انتظر قليلًا ثم أتاه صوت مختلف قائلًا: «نعم … دائرة شرطة العاصمة سكوتلاند يارد تتحدث.»
فقال: «هل يمكنني التحدث إلى السيد ميدوز؟»
كان مانفريد يُتابعه متجهمًا.
فردَّ قائلًا: «أهذا أنت، يا ميدوز؟ لقد أطلَقوا النار على ليون جونزاليس — هل يُمكنك إرسال رجال الشرطة وسيارة إسعاف؟»
فأجابه قائلًا: «في الحال.»
وضع ليون سماعة الهاتف، وعانق نفسه. وقال بويكارت: «ما الفكرة؟»
فأجابه ليون بنبرةٍ مِلؤها الإعجاب: «هؤلاء الرجال أذكياء». وتابع: «هم لم يقطعوا الأسلاك — هم ببساطة قاموا بالتجسُّس على الخط وتعطيل الاتصال على الطرف الآخر.»
فأطلق مانفريد صفيرًا، وقال: «لقد خدعتني؛ هل كنت تتحدَّث إلى أوبيرزون؟»
فأجابه قائلًا: «الكابتن مونتي وليو كوتشيني. ربما خُدِعا وربما لا، لكننا سنعرف إذا لم يُخدعا.»
توقَّف فجأة. وسمعوا طرقًا على الباب الأمامي، طرقةً قوية، وحيدة. فابتسم ليون سعيدًا.
وقال: «من المفترض الآن أن يفتحَ أحدُنا نافذةً عُلوية بحذرٍ وينظر منها، وفي الوقت نفسِه يكون مُسلَّحًا. سأُرعب هؤلاء الرجال.»
هُرِع إلى الطابق العلوي، وعلى عتبة السُّلم، وخرج من باب الغرفة العلوية المائلة، وجذب حبلًا. فنزل سُلَّم حريق كان مُعلقًا في السقف، وفي الوقت نفسِه فُتِحت كُوة صغيرة. ثم دخل ليون الغرفة، وباستخدام مصباح جيب وجد ما يُريد؛ أسطوانة صغيرة من عجين الورق، تُشبه قنبلةً تزن سبعة أرطال. حملها على ذراعه، وتسلَّق السُّلَّم قاصدًا السطح، حيث ثبَّت الأسطوانة على سطحٍ مستوٍ، وأشعل عود ثقاب، وباستخدامه أشعلَ فتيل ألعاب نارية. فأصدر الفتيلُ المشتعل صوتَ أزيز، ثم وميضًا مفاجئًا وصوتًا مدوِّيًا «بوووم!» لقد أحدث انفجارًا مكتومًا، وانطلقتْ كرةٌ بيضاء نحو السماء، لتتحركَ على شكل منحنًى في رشاقة ثم تنفجر مُمطِرة نجومًا قرمزية رائعة. وانتظر حتى تلاشت آخر النجمات؛ ثم حمل الأسطوانة الساخنة تحت ذراعه، ونزل السُّلَّم، وحرَّر الحبل الذي كان قد ثبَّته في مكانه، وعاد إلى صديقَيه.
وقال: «سيتخيَّلون أن هناك ترتيبًا سريًّا مع الشرطة لإطلاق إشارات؛ وإذا لم أكن مخطئًا بمعرفتي بطبيعتهم النفسية، فإنهم لن يُزعجونا مرةً ثانية.»
بعد مرور عشر دقائق أتتْ طَرقةٌ أخرى على الباب؛ طرقة آمرة، ذاتُ طابَع رسمي.
فقال ليون: «إنه رجل شرطة أتى لاستدعائنا على خلفية إطلاقنا ألعابًا نارية في الطريق العام!»
فهُرِع نزولًا إلى الصالة وفتح الباب من دون تردد. حيث وجد رجلًا طويلًا، يلبس خوذة، يقف على عتبة الباب، حاملًا مُفكرة في يده.
فبدأ حديثه، قائلًا: «هل أنت مَن أطلق تلك الألعاب النارية …»
فتخطاه ليون، وجاب بنظره كورزون ستريت. لكن كما توقَّع، كان الحارس القديم قد اختفى.