أنبوب الموت
شرح مانفريد الأمر، لاحقًا، لمدير الشرطة الذي أبدى اهتمامًا.
«حصل أوبيرزون على السمِّ باستخلاصه من الأفاعي؛ إنها عملية بسيطة؛ ليس عليك سوى إثارةِ غضب الأفعى، وستلدغ أيَّ شيء. اكتشف الدكتور طريقةً تُمكنه من مزج هذه السموم معًا للحصول على الصفات الأكثرِ سُميةً منها جميعًا، تبدو فكرةً خيالية، ويراها العلماء غيرَ ممكنة. ولكنها تظل الحقيقة. حيث خُفِّف السمُّ قليلًا بالماء ورغم ذلك فهو يكفي لقتل عشرة أشخاص، وبعدها سُكب في قالَبٍ صغير للغاية وحُفظ مجمدًا.»
سأل رئيس الشرطة بدهشة: «مجمدًا؟»
أومأ مانفريد برأسه.
وقال: «لا شك في ذلك». وتابع: «لا يفقد سمُّ الأفعى فعاليته بالتجميد، كانت طريقةُ قَولبة سهامهم فكرةً صائبة جدًّا، من وجهة نظرهم. كانت ضروريةً فقط من أجل الحصول على جزء مجهري من الشظية لاختراق الجلد. يذوب على الفور بما يكفي للتسبُّب في الوفاة، وإذا فرك الضحيةُ مكانَ اللدغة، فمن المؤكد أنه سيفرك بعضَ السم الذي سيذوب على خده فيخترق الجرح. وعادة ما تُوافيه المنيَّة على الفور. لم يكن مبسمُ السيجارة الذي يحمله جيرتر والقاتل الآخر؛ فايفر، سوى أنابيبِ نفخٍ، أما السيجارة فكانت سيجارةً معدنية مزيفة ومجوَّفة. وحينما يُطلقون سهامهم الثلجية الصغيرة، تكون في حالةٍ شبهِ سائلة، وتحملُ السمَّ السائلَ الكافيَ للقتل، حتى لو ثقَبَ الجلدَ ثَقبًا صغيرًا. ومن المؤكد أن الجزء الذي لم يخترق الجلدَ كان يذوب قبل أن تتمكَّن الشرطة من فحصه. ولهذا السبب لم تكتشف الشرطةُ أبدًا حيلةَ رمي السهام مثل رجال الأدغال الذين يستخدمون قطع الخيزران وأشواك الأشجار. كان لدى أوبيرزون أبسطُ طريقة للتعامل مع جميع معارضيه؛ حيث يرسل رجالُه الأفاعيَ ليعترضوا طريقهم، ولم يفشلوا إلا مرةً واحدة فقط؛ حينما صوَّبوا على ليون وأصابوا الرجلَ المقاوم للدغات الأفاعي؛ إيليا واشنطن!»
«وماذا عن مطالبة الآنسة ليستر بمناجم ذهب بيسكارا؟»
ابتسم مانفريد.
«لقد قدَّم طلب التجديد وحصل على الموافقة. حيث وجد ليون في مزرعة هيفيتري بعضَ الأوراق البيضاء التي تحمل توقيعَ الفتاة. فسرق واحدةً في أثناء غياب العمة، وملأ الورقة الفارغة بطلبٍ رسمي للتجديد. ووصلت للتو برقيةٌ تفيد بالموافقة على تمديد عقد الإيجار.»
اضطُرَّ هو وبويكارت إلى قطع الجزء الأكبر من طريق نيو كروس سيرًا على الأقدام، قبل أن يتمكَّنا من إيجاد سيارة أجرة. وذهب ليون برفقة الفتاة. بينما كان هناك ما يُقلق بويكارت، ولم يصرِّح بما يدور في خَلَده حتى تدخلَت العناية الإلهية وظهرت سيارة أجرة، وانطلقوا باتجاه طريق نيو كروس.
قال أخيرًا: «عزيزي جورج، يُراودني بعض القلق بشأن ليون». وتابع: «لا أكاد أصدِّق، ولكن …»
سأله مانفريد بخفةِ ظل، وهو يعلم ما ينوي قوله: «ولكن ماذا؟»
قال بويكارت بصوتٍ خافت، وكأنه يُناقش كارثة عالمية وشيكة: «أتظن حقًّا، أتظن حقًّا أن ليون مغرَم بها؟ هل هذا صحيح؟»
فكَّر مانفريد لحظةً.
وقال: «تحدثُ مثلُ هذه الأمور، حتى لرجال العدالة»، فهزَّ بويكارت رأسه بأسًى.
وقال: «أنا لم أفكِّر أبدًا في هذا الاحتمال المؤسف»، وظل مانفريد يضحك بينه وبين نفسه طَوال طريق العودة إلى المدينة.