نكتة مستمرة
الجاهل يدفع ثمن جهله، دولة كان أم فردًا.
إنكلترا فقدت بعض أجزاء إمبراطورية؛ لأنها لم تفهم الشعوب. فرنسا هوت إلى مقام دولي ثانوي للسبب نفسه. وأميركا حُرمت أكبر سوق عالمي — الصين — وهي تدفع الدم في كوريا ثمنًا لجهلها الشعب.
رجال الحكم المزمنون هنا — مَن هم اليوم في السراي، ومَن كانوا أمس، ومَن قد يأتون في الغد القريب، يفهمون من أمور الشعب أنه غير موجود؛ فأحاديثهم وتفكيرهم ومزاحهم وأعمالهم تنطلق من فلسفة خاصة — هذه قاعدتها، بل هذه هي النكتة المستمرة، تستثير القهقهات في الدواوين والحفلات، ورَسَّخَ هذه الفلسفة في المخيلات موضة ترداد شرحها كتابة وخطابة.
ولكن من درس النهضات يعلم أن الشعب قد يهفو أو يغفو، ولكنه لا يموت، بل إن حيويته تثبت موجوديتها أبدًا — في ثورة، في نقمة، في صحافة، في مظاهرة، أو في انتخاب.
والشعب بطبيعته، وبسبب النشوء والارتقاء، جاهد أبدًا نحو الأفضل والأكمل.
فإن كانت حقيقة العلم والمنطق والواقع تثبت أن الشعب هو أبدًا واثب نحو الإصلاح والرقي؛ فما الغرابة في أن يكون بين الشعب أفراد هذا حافزهم لا سواه؟
حقيقة لا يريد البعض أن يراها فينا، نحن القوميين الاجتماعيين، لغرض في النفس، ولا يراها آخرون؛ لأن شعاع وضوحها يبهر الأبصار.
في كل قطر، وفي كل زمن، أثبتت الحوادث أن أصحاب النكتة المستمرة يستفيقون فجأة ليكتشفوا أنهم كانوا يضحكون بالمقلوب.