انهيار وترميم
من أبشع مشاهد الدنيا الخراب، وإن الذين صفت نفوسهم لا يفسحون لها مدى التلذذ برؤية الانهيار؛ فإن كل مواطن يتهدم هو مواطن خسرناه.
وإنه لمن المؤلم أن نرى بعض الشخصيات المعروفة تنتحر مرارًا كل أسبوع، وتنتثر شظايا في مقالات من المغالطات والافتراءات، وليست الكارثة في أن سياسيًّا تناثر الناس من حوله وانتهى أمره، بل إن الفاجعة بخيبة فئة من الناس عقدت الآمال عليه؛ فإن في ذلك ما يحجِّر شيئًا من حيوية الشعب ويلاشيها. كان علماء الألمان ممن تولوا قيادة الحرب السيكولوجية، في المجزرة البشرية الأخيرة، يثيرون الأنباء المغرضة الكاذبة بين جماهير أعدائهم، ثقة منهم أن خيبة الآمال توقع في معنويات الشعب، وأنت اليوم حين تلمس الريبة في نفوس مواطنينا؛ فلأنهم خلال الثلاثين سنة التي مضت كانوا يومًا بعد يوم يتفاءلون بشخص ما، ثم يكتشفون سريرة أمره فيبتسمون بمضض خائبين.
اليوم تكتشف القومية الاجتماعية حقيقة أمر من حالفها يوم كان في حاجة إلى أبنائها، وشن عليها الحرب الكلامية لغير سبب وفي غير مناسبة، وفيما هو يحاول تهديمها هدم نفسه بسرعة وبصورة نهائية.
نحن لا نفرح برؤية هذا الخراب، بل نأمل نحن الذين ساعدنا من أراد خصومتنا أن يكشف عن نفسه، أن يتعظ بمصابه فيجد نفسه — أخيرًا.
إذ ذاك نكون قد مددنا له يد المعونة مرتين: مرة حين تهدم فاكتُشفت حقيقته، ومرة حين وقف على أطلال أمجاده فلم يشتم، ولم يتهم، ولم يفتر، بل كرجل ثاب إلى رشده وتاب عن ذنب، أنقذ من الدمار شيئًا يثير الاحترام.
أضف إلى فضائل القومية الاجتماعية أنها لا تخيب آمال من اعتنقها ولا تخون.