فلما كانت الليلة ١٢٦
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال لضوء المكان: ثم إن الشاب عزيز قال لتاج الملوك: فلما رأيتُ روحي وأنا تحت جواريها، وتعفَّرَ خدي بالتراب، ورأيتُ السكين في يدها، تحقَّقْتُ الموت، فاستغثتُ بها، فلم تزدد إلا قسوةً، وأمرَتْهن أن يكتِّفنني، فكتَّفنني ورمينني على ظهري، وجلسن على بطني ومسكن رأسي، وقامت جاريتان فأمسكَتَا أصابع رجلي، وجاريتان جلستا على أقصاب رجلي، وبعد ذلك قامت هي ومعها جاريتان فأمرتهما أن يضرباني، فضربتاني حتى أُغمِيَ عليَّ وخفي صوتي، فلما استفقتُ قلتُ في نفسي: إن موتي مذبوحًا أهون عليَّ من هذا الضرب. وتذكرت كلمة ابنة عمي حيث قالت: كفاك الله شرها. فصرختُ وبكيتُ حتى انقطع صوتي، ثم سنَّتِ السكين وقالت للجواري: اكشفن عنه. فألهمني الله أن أقول الكلمتين اللتين أوصتني بهما ابنة عمي، وهما: الوفاء مليح، والغدر قبيح. فلما سمعت ذلك صاحت وقالت: يرحمك الله يا عزيزة، سلامة شبابك نفعت ابن عمك في حياتك وبعد موتك. ثم قالت لي: والله إنك خلصت من يدي بواسطة هاتين الكلمتين، لكن لا بد أن أعمل فيك أثرًا لأجل نكاية تلك العاهرة التي حجبتك عني.
ثم صاحت على الجواري وقالت لهن: اركبن عليه. وأمرتهن أن يربطن رجلي بالحبال ففعلن ذلك، ثم قامت من عندي وركبت طاجنًا من نحاس على النار، وصبَّتْ فيه شيرجًا، وقَلَتْ فيه جبنًا، وأنا غائب عن الدنيا، ثم جاءت عندي وحَلَّتْ لباسي، وربطت محاشمي بحبل وناولته لجاريتين، وقالت لهما: جرَّا الحبلَ. فجرَّتاه، فصرتُ من شدة الألم في دنيا غير هذه الدنيا، ثم رفعت يدها وقطعت ذكري بموسى وبقيت مثل المرأة، ثم كَوَتْ موضع القطع، وكبسته بذَرور وأنا مغمي عليَّ، فلما أفقْتُ كان الدم قد انقطع، فأسقتني قدحًا من الشراب، ثم قالت لي: رُحِ الآنَ لمَنْ تزوَّجْتَ بها وبخلَتْ عليَّ بليلة واحدة، رَحِمَ الله ابنة عمك التي هي سبب نجاتك، ولولا أنك أسمعتني كلمتَيْها لَكنتُ ذبحتك، فاذهب في هذه الساعة لمَن تشتهي، وأنا ما كان لي عندك سوى ما قطعته، والآن ما بقي لي فيك رغبة، ولا حاجة لي بك، فقُمْ وملِّسْ على رأسك، وترحَّمْ على ابنة عمك. ثم رفصتني برجلها، فقمتُ وما قدرت أن أمشي، فتمشيت قليلًا قليلًا حتى وصلت إلى الباب فوجدته مفتوحًا، فرميت نفسي فيه وأنا غائب عن الوجود، وإذا بزوجتي خرجت وحملتني وأدخلتني القاعة، فوجدَتْني مثل المرأة، فنمتُ واستغرقت في النوم، فلما صحوت وجدتُ نفسي مرميًّا على باب البستان. وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتَتْ عن الكلام المباح.