فلما كانت الليلة ١٢٧
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير دندان قال للملك ضوء المكان: ثم إن الشاب عزيزًا قال لتاج الملوك: فلما صحوتُ وجدت نفسي مرميًّا على باب البستان، فقمتُ وأنا أتضجر، وتمشَّيْتُ حتى أتيتُ إلى منزلي، فدخلتُ فيه فوجدتُ أمي تبكي عليَّ وتقول: يا هل ترى يا ولدي أنت في أي أرض؟ فدنوتُ منها ورميتُ نفسي عليها، فلما نظرَتْ إليَّ ورأتني وجدتني على غير استواء، وصار على وجهي الاصفرار والسواد، وتذكَّرَتُ ابنة عمي، وما فعلَتْ معي من المعروف، وتحقَّقْتُ أنها كانت تحبني؛ فبكيتُ عليها وبكَتْ أمي، ثم قالت لي: يا ولدي، إن والدك قد مات. فازددتُ غيظًا، وبكيتُ حتى أُغمِيَ عليَّ، فلما أفقتُ نظرتُ إلى موضع ابنة عمي التي كانت تقعد فيه، فبكيتُ ثانيًا حتى أُغمِيَ عليَّ من شدة البكاء، وما زلتُ في بكاءٍ ونحيبٍ إلى نصف الليل، فقالت لي أمي: إن لوالدك عشرة أيام وهو ميت. فقلت لها: أنا لا أفكِّر في أحد أبدًا غير ابنة عمي؛ لأني أستحق ما حصل لي حيث أهملتها وهي تحبني. فقالت: وما حصل لك؟ فحكيتُ لها ما حصل لي، فبكَتْ ساعة، ثم قامت وأحضرت لي شيئًا من المأكول، فأكلتُ قليلًا وشربت، وأعدت لها قصتي وأخبرتها بجميع ما وقع لي، فقالت: الحمد لله حيث جرى لك هذا وما ذبحتك. ثم إنها عالجَتْني وداوَتْني حتى برئت وتكاملت عافيتي، فقالت لي: يا ولدي، الآن أُخرِج لكَ الوديعةَ التي وضعَتْها ابنةُ عمك عندي، فإنها لك، وقد حلَّفتني أني لا أُخرِجها لك حتى أراك تتذكرها وتحزن عليها، وتقطع علائقك من غيرها، والآن رجوت فيك هذه الخصال. ثم قامت وفتحت صندوقًا، وأخرجت منه هذه الخرقة التي فيها صورة هذا الغزال، وهي التي وهبتُها لها أولًا، فلما أخذتُها وجدتُ مكتوبًا فيها هذه الأبيات:
فلما قرأتُ هذه الأبيات بكيتُ بكاءً شديدًا، ولطمتُ وجهي، وفتحتُ الرقعة فوقعت منها ورقة أخرى، ففتحتها فإذا مكتوب فيها: اعلم يا ابن عمي أني جعلتُكَ في حلٍّ من دمي، وأرجو الله أن يُوفِّق بينك وبين مَن تحب، لكن إذا أصابك شيء من الدليلة المحتالة، فلا ترجع إليها ولا لغيرها، وبعد ذلك فاصبر على بليتك، ولولا أجلك المحتم لَهلكت من الزمان الماضي، ولكن الحمد لله الذي جعل يومي قبل يومك، وسلامي عليك، واحتفظ بهذه الخرقة التي فيها صورة الغزال ولا تفرِّط فيها؛ فإن تلك الصورة كانت تؤانسني إذا غبتَ عني. وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتَتْ عن الكلام المباح.