فلما كانت الليلة ٦٨
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك عمر النعمان قال في مكتوبه: فلما ذهبتُ إلى الصيد والقنص غبتُ شهرًا، فلما أتيتُ وجدتُ أخاك وأختك أخذَا شيئًا من المال، وسافرَا مع الحجاج خفيةً، فلما علمت بذلك ضاق بي الفضاء، وقد انتظرت مجيء الحجاج لعلهما يجيئان معهم، فلما جاء الحجاج سألت عنهما، فلم يخبرني أحد بخبرهما، فلبست لأجلهما ثياب الحزن، وأنا مرهون الفؤاد، عديم الرقاد، غريق دمع العين. ثم أنشد هذين البيتين:
ثم كتب من جملة المكتوب: وبعد السلام عليك، وعلى مَن عندك، أعرفك أنك لا تتهاون في كشف الأخبار، فإن هذا علينا عار. فلما قرأ الكتاب حزن على أبيه، وفرح لفقد أخته وأخيه، وأخذ الكتاب ودخل به على زوجته نزهة الزمان، ولم يعلم أنها أخته، وهي لا تعلم أنه أخوها، مع أنه يتردد عليها ليلًا ونهارًا، إلى أن كملت أشهرها، وجلست على كرسي الطلق، فسهَّل الله عليها الولادة، فولدت بنتًا، فأرسلت تطلب شركان، فلما رأته قالت له: هذه بنتك فسمِّها ما تريد، فإن عادة الناس أن يسموا أولادَهم في سابع يومِ ولادتهم. ثم انحنى شركان على ابنته وقبَّلها، فوجد في عنقها خرزةً معلقةً من الثلاث خرزات التي جاءت بها الملكة إبريزة من بلاد الروم، فلما عايَنَ الخرزة معلَّقةً في عنق ابنته، غاب عقله واشتد به الغيظ، وحملق عينيه في الخرزة حتى عرفها حق المعرفة، ثم نظر إلى نزهة الزمان، وقال لها: من أين جاءتك هذه الخرزة يا جارية؟ فلما سمعت من شركان ذلك الكلام، قالت له: أنا سيدتك وسيدة كل مَن في قصرك، أَمَا تستحي وأنت تقول يا جارية، وأنا ملكة بنت ملك؟ والآن زال الكتمان، واشتهر الأمر وبان، أنا نزهة الزمان بنت الملك عمر النعمان. فلما سمع منها هذا الكلام لحقه الارتعاش، وأطرق برأسه إلى الأرض. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح.