نصوص حول القرآن: في السعي وراء القرآن الحي
«لا بد، إذن، من التمييز بين «المطلَق الإلهي» الذي انفتح بوحيه على البشر (تفكيرًا وتاريخًا)، وبين فعل «الأطلقة»، بما هو آلية يسعى بها البعضُ إلى وضعِ كلِّ ما يدخل البشرُ في تركيبه على نحوٍ جوهري (من الوحي وغيره)، ضِمن مجالٍ يخرج فيه عن التحدُّد بما يخصُّ البشر (تفكيرًا وتاريخًا).»
يَصوغ هذا الكتاب علاقةً جديدة مع القرآن، تقوم على أساس التعامُل معه بوصفه موضوعًا لفعلٍ معرفي؛ أيْ ساحةً معرفية مفتوحة للبشر ينتِجون فيها أفهامَهم في عالَم يتحرَّك ويتغيَّر ويتحوَّل. ويسعى الكتاب إلى الخروج من هذه العلاقة التي حكَمت تاريخَ المسلمين كلَّه في التعامُل مع القرآن منذ القرن الأول الهجري حتى الوقت الراهن، وهي علاقةٌ قائمة على التعامُل مع القرآن بوصفه موضوعًا لفعلٍ سياسي، وقد بدأت عندما استُدعي القرآنُ في الصراع الكبير بين «الإمام علي بن أبي طالب» و«معاوية بن أبي سفيان»، وما ترتَّب على ذلك من الربطِ بين السيف والقرآن، وتحوُّل القرآن إلى أداةِ إخضاع، وقِناع للسلطة؛ ومن ثَم لا تكمُن الإشكالية في البُعد الميتافيزيقي للقرآن المتمثِّل في مصدره الإلهي، ولكن في التعاطي مع هذا المصدر معزولًا عن الشَّرط الإنساني الذي يَدخل في عمليات إنتاج الدلالة والمعنى.