شكر وتقدير
أشكر جون لأنه أخذ على عاتقه نشر هذه الطبعة العربية، كما أشكر شاهين على الجهد الحثيث والمتواصل الذي كرَّسه لإنجاز الكتاب ومتابعة وتنسيق كافة مراحل العمل والإشراف عليها، وسائر أعضاء الفريق على أدائهم المهني المميز واهتمامهم بأدقِّ التفاصيل.
شكر خاص لصديق جون: البروفيسور ليسلي ماكلوخلين، من معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكسيتر في إنجلترا، والمترجم الفوري السابق للمملكة إليزابيثت الثانية، لما قدَّمَ لنا من إرشادٍ ودعم قيِّمَيْن.
بدأتُ رحلة إعداد هذا العمل عندما قرأتُ كتاب المؤلِّف لورانس شتوكي بعنوان «الإمبراطورية السرية» الصادر عام ١٩٦٨، وكنتُ منبهرًا باتساع إطار العمل والتداخل والترابط الخفي بين مقوِّمات النظام الاجتماعي/الاقتصادي السويسري، وقدَّمتُ كتابي هذا هديةً لابني جوشوا بمناسبة عيد ميلاده التاسع عشر على أملِ أن يُساعِدَه — كما ساعَدَني — على التوصُّل إلى تفهُّم أعمق وأشمل عن البلد الذي نشأ وترعرع فيه بصفته مواطنًا سويسريًّا.
لقد مضى جيل شتوكي وانقضى، ولم تَعُد رسالته تصلُ إلى شطرٍ واسع من القراء، فكتابه صدر باللغة الألمانية فقط، وتوقَّفَت طباعته منذ زمن، ويكفي إلقاء نظرة سريعة على موقع أمازون لاكتشافِ كَمْ هو قليلٌ عددُ الكتب التي تتناول سويسرا، كما أن القليل المتوافر منها هو إمَّا مشوِّه للحقائق إلى حدٍّ بعيد وإما زائف سطحي. إن سويسرا هي موطن المصلِحَيْن كالفين وتسفينجلي الذي تسُود فيه سمات التكتم والتواضُع ووصْف الواقع بنحوٍ أقل مما يستحق، وهذا بحد ذاته — إلى جانب أولويات وسائل الإعلام — قد ساهَمَ في نشوء علاقة ضعيفة، أو بالأحرى سلبية بين ما هو ظاهر وما هو باطن وجوهري. وفي حين يعتقد الكثير من الناس أنهم يعرفون سويسرا من خلال زيارة عابرة أو من خلال القوالب النمطية المتداوَلة عنها، فإن أي شخص يعرف البلد حقًّا يُدرك جيِّدًا أن الاعتقاد السائد يتناقض جذريًّا مع الواقع، والهدف الرئيسي من عملي هذا هو مساعدة القارئ على اكتشاف أوجه هذا التناقض.
لا أدري تمامًا إلى أيِّ مدًى سيَنجح الكتاب في هذا الصدد، لكنني أعرف مَن ساهَمَ في جعل إنجازه ممكنًا. لقد نشأ هوجو بويتلر — المحرِّر السابق لجريدة نويه زورخر تسايتونج — وترعرع في نفس القرية التي تحدَّر منها شتوكي، كما أنه مِثلي كان معجبًا بعمله، وشعر بحاجةٍ ماسَّة إلى تقويم المعلومات والحقائق، أو على الأقل محاولة القيام بذلك. وفي الواقع، كان في العديد من النواحي بمثابة «الأب الروحي» لهذا الكتاب.
كان لبعض الأشخاص دور شديد الأهمية حتى قبل الشروع في إعداد هذا الكتاب؛ فقد قدَّمَ لي جورج جايجي أولَ وظيفةٍ شغلتها في سويسرا، وكان لي شرف العمل معه ومع نيكولاس بير بشكل وثيق عندما كان رئيسًا لسوق الأوراق المالية السويسرية، وكان السويسري الراحل فرانسوا ماير — اليد اليُمنى ورجل الثقة لدى اللورد جاكوب روتشيلد — قد ساعَدَني على البدء في أعمالي التجارية الخاصة وصقل خبرتي في الحكم على الأشخاص والمواقف، وكان البروفيسور أندريه درايدينج يُدِير قسمَ الكيمياء في جامعة زيورخ عندما تطوَّرت الكيمياء من كيمياء المركبات إلى كيمياء الجزيئات، وكانت لي معه مناقشاتٌ فلسفية لا تُحصَى ولا تُعد، كما أنه قد عرَّفني على العديدِ من كبار العلماء السويسريِّين في منطقته. ولا شك أن سلوك هؤلاء الأشخاص والمثال الذي قدَّموه لي — إلى جانب الاهتمام الذي حظيت به من طرفهم — كانت عواملَ حاسمةً في رسم معالم طريقي في الحياة.
هذا الكتاب عبارة عن تكملةٍ لكتابي الذي سبقه «المعجزة الاقتصادية السويسرية» الذي كتبتُه برفقةِ جيرهارد شفارتس، المحرِّر السابق لقسم الأعمال والاقتصاد في جريدة نويه زورخر تسايتونج، وهو الآن المديرُ الجديد لمؤسسة آفينير سويس.
ولم يَكُن ممكنًا تحرير هذا الكتاب دون العودة إلى عددٍ كبير من الأبحاث التي أُجرِيت لإنجازِ كتاب «المعجزة الاقتصادية السويسرية»، كما أن بعض الذين ساهموا في هذا العمل قد عملوا على الكتابَيْن على حدٍّ سواء، ويستحقون التعبير بصورة مضاعَفةَ عن شكري وامتناني لهم، ولا بد لي أن أذكر هنا بالخصوص ماركوس كريستن الذي كانت مساهمته هامة في صياغة جوانب عديدة في كلٍّ من الكتابَيْن، ولكثرتها يتعذَّر تعدادها هنا، ويكفي القول إنه لم يكن من الممكن نشْرُ هذا الكتاب ولا الكتاب السابق دون دعمه الدءوب والمتنوِّع الأوجه في مجالات البحث والتحرير وإدارة المشروع. كما أن الأشخاص التالي ذِكْرهم أيضًا قد قدَّموا مساهماتٍ كبيرةً في إعدادِ فصولٍ معينة: أولي بوركهارد (الفصل السادس عن المنسوجات)، فيلكس إرباخر (الفصل الأول عن المواد الغذائية، والفصل الرابع عن التجارة)، تيم ديلفس (الفصل الثاني عن صناعة الساعات)، كارل ليوند (الفصل التاسع عن الصيدلة)، كاسبار شيرر (الفصل الحادي عشر عن البناء، والفصل الثالث عشر عن الفن والعمارة)، فيلكس فيبر (الفصل السابع عن التكنولوجيا الطبية، والفصل الرابع عشر عن الشركات المتعددة الجنسيات)، كريستوف تسورفلوه (الفصل الثالث عن السياحة)، كما قدَّمَ أنجوس ماكجوش المساعدةَ في مجال الترجمة، وعمل مارتن بيرز بلا هوادةٍ على اختيار الصور المناسبة.
إن مشروعًا بهذا الحجم وهذا النطاق يعتمد إلى حدٍّ بعيد على العلاقة الوثيقة مع موظفي الشركات الإفرادية المختصين بتاريخ الشركات ورؤساء أقسام الاتصال فيها، واستعدادهم لنشر الأرشيفات أو الوثائق غير المخصَّصة للعموم، وأنا مَدِين بالشكر الخاص لمؤرخ شركة نِستله ألبيرت فيفنر وباتريك هالبأيزين مؤرخ البنك الوطني السويسري، وتوبياس ستراومان من جامعة زيورخ، ورودولف مينش رئيس قسم الاقتصاد في مجلة إيكونومي سويس، وقد حاز التزامُهم بالدقة التاريخية على إعجابي وتقديري العميقَيْن.
كذلك لم يكن بالمستطاع عرْضُ التاريخ الحديث لمصرف يو بي إس الزاخر بالأحداث لولا مساعدة مايكل فيلي، رئيس قسم الاتصالات العالمية في المصرف الذي استطاع — بطريقة أو بأخرى — أن ينجو من المشاحنات المتكرِّرة التي عرفها المصرف في العقد الأخير، لكي يُطلِعنا على تسلسل الأحداث. أمَّا بيورن إدلوند — الذي شغل منصب رئيس الاتصالات لحساب مارك موريه في شركة ساندوز خلال عمليةِ دمْجِها مع شركة سيبا جايجي، وبعد ذلك لحساب يورجن دورمان خلال فترة انشغاله بإعادة هيكلة شركة إيه بي بي — فقد مثَّلَ تبصُّرُه وأفكاره النيِّرَة التي تقاسَمَها معي مساهمةً قيِّمةً في إعداد هذا الكتاب.
ولعلَّ أكبر المساهمين في هذا الكتاب كانوا القياديِّين في قطاع الصناعة والتمويل والدوائر الحكومية الذين وفَّروا لي الوقتَ لإجراء مقابلات معهم. وبما أن سويسرا تُعلِّق أهميةً كبيرة على مبدأ التحفُّظ والتكتُّم واحترام الخصوصيات، فإنني لم أَستشهِد بهم في فصول الكتاب إلا بعد موافقتهم والحصول على إذنٍ منهم لنشر المعلومات المعنِيَّة. ولقد اعتمدت إلى حدٍّ بعيد في إقامة منهجية تحليلاتي وتوقُّعاتي المستقبلية على الحكمة الجماعية التي استخلصتُها من المعلومات التي وفَّرتها لي الشخصيات المذكورة، وفي حين أنه من واجبي احترام خصوصيات الأشخاص الذين أجريتُ معهم المقابلات والالتزام بعدم ذِكْر أسمائهم، فقد كان صبرهم واهتمامهم بعملي ودعمهم لي عواملَ شديدةَ الأهمية لمحتوى هذا الكتاب، وكان العديد منهم على استعدادٍ لقراءة المسودات وتقديم الملاحظات والاقتراحات الهامة حول كيفية تحسين النص.
أودُّ كذلك أن أتقدَّم بالشكر لمركز التنمية الدولية التابع لكلية هارفارد، الذي قدَّمَ لي زمالةً جامعيةً من أجل البحوث المتعلِّقة بالكتاب، فكلية هارفرد هي بالفعل كنزٌ ثمين من المعرفة والمواهب، ولقد بذلتُ قصارى جهدي لتخزين ومعالجة ما استطعتُ استيعابه من المعلومات المقدَّمة لي، وشكري الكبير لهوارد ستيفنسون من كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، وآدي إيجانتيس محرِّر نشرة الأعمال هارفرد بيزنيس ريفيو الذي زوَّدني بنُسَخ عن كافة دراسات المسائل التعليمية التي كُتِبت عن الشركات السويسرية، وروبرت دارنتون مدير مكتبة الجامعة، وكذلك شكري لمؤرخٍ مهتمٍّ بالتاريخ الأوروبي عاش في سويسرا، وكان له اهتمام خاص بعملي، كما علَّمتني جان مانسبريدج من أين أتت مبادئ الحرية والديمقراطية، وبرهنت لي باربرا كليرمان أن هناك معادلةً ضرورية تربط بين العبقرية والظروف، وبمعنًى آخر كلما أُتيحت لي الفرصة لمقابلة كلٍّ من مارتن فيلدستاين ونايل فيرجسون وروبرت ليسيج وكين روجوف ولاري سامرز، كنتُ في كلِّ مرةٍ أخرى أكثر تواضعًا ومعرفةً مما كنتُ عليه قبل اللقاء.
لقد قام عدد من الشركات والأفراد بتشجيعي خلال سعيي للقيام بهذا العمل، مما أتاح لي إنجاز هذا الكتاب، ومكَّنَني من الحصول على منحة زمالة من جامعة هارفارد، ويَشمل ذلك (من الشركات أو المؤسسات) شركة إيه بي بي، ومؤسسة ألفريد شيندلر، وأنوفا هولدينج، وداو-أوروبا، وهولسيم، ومؤسسة جاكوب جوهان ريتر، ومؤسسة جاكوبس، وشركة نستله، ومؤسسة ساندوز، ومؤسسة يو بي آس فالتر هيفنر؛ وكذلك (من الأفراد) البروفيسور جورجيو بير، وبيرنار سابرييه، وهانس يورج فيس، والدكتور ستيفن زيليج، ومنذ البداية اتُّفِق رسميًّا على أنَّ دعمهم لا يَرتبط بأي شكلٍ من الأشكال بنتائج هذا العمل.
إن تأليف كتابٍ ما يَتشابه إلى حدٍّ بعيد مع الاشتراك في سباق الماراثون للمسافات الطويلة، فكما هو الحال لدى جميع البشر، يتحقَّق الرضا والارتياح لدى الشخص خلال سعيه للنجاح عبر ما حقَّقَ من إنجازات ومع مَنْ حقَّقها على حدٍّ سواء.
إن العلاقة بين المحرِّر والمؤلِّف يمكن أن تكون علاقة ميتافيزيائية، فقد حقَّقَ إيان رودجر مسيرةً مهنية طويلة ومتميزة في صحيفة فاينانشال تايمز؛ حيث كتب عن عدد من الأماكن والقطاعات الصناعية يفوق بكثيرٍ ما كنتُ أتوقَّعُه، وهو الآن رئيس تحرير قسم الأخبار الدولية، ويعود الفضل إلى حدٍّ كبير في كتابة النص النهائي إلى تعليقاته النقدية وملاحظاته التقنية على المسودات الأولية التي باتت الآن في طي النسيان، بعضها تمَّ التخلِّي عنه دون عناء، والبعض الآخَر بعد نقاشات حادة، كانت هذه التبادلات في الآراء هي التي ساعدَتْني على تقديم توضيحات منطقية حيث كان هنالك لبس أو غموض، وفي حالات أخرى وفَّرت لحظات من المزاح كانت لازمةً ولا تخلو من بعض الحكمة، ولا أحد سواي يعرف قيمةَ تعليقاته واقتراحاته التي لا تُحْصَى ولا تُعَد، ولا عدد مواقف المزاح المنعشة، كان ذلك بكل بساطة غاية في الروعة، والكتابة هي كالنحت، تتحدَّد معالمها بشكلٍ كبير من خلال ما أُزِيل.
وكانت نيلي دوروشكين — خريجة جامعة هارفرد وطالبة في كلية الحقوق في جامعة جورج تاون — عنصرًا هامًّا في الفريق الأساسي الذي ساهَمَ في جعل إصدار هذا الكتاب مُمكنًا، فقد عملت نيلي بجدٍّ ومثابرةٍ على إدخال تعديلات لا تُحصى ولا تُعَد على نص الكتاب، وأظهرَتْ خبرةً متميِّزة في مجال التحرير تفوق بكثيرٍ عددَ سنوات عمرها، وكانت في أحيان كثيرة حلقةَ الوصل التي تربط بين كل المسائل والأمور.
ساهَمَ ريتشارد ووكر — المحرِّر السابق في وحدة الاستخبارات الاقتصادية — في وضع هيكلية النص وجعله سَلِسًا للقراءة، وشكرٌ خاص لباربرا باك من مجلة الإيكونوميست لتعريفنا على ريتشارد، كما قام جوناثان روزنتال — المحرِّر المتخصِّص في القطاع المصرفي في مجلة الإيكونوميست — هو أيضًا بمراقبة فصل القطاع المصرفي عن كثب الذي كان على الأرجح أكثر فصول الكتاب حساسيةً.
شكرٌ خاص كذلك لأندرو فرانكلين وستيفن بروج وبول فورتي من دار النشر بروفايل بوكس، الذين جعلوا نشر الكتاب أمرًا ممكنًا.
هل من الضروري أن يعيد التاريخ نفسه؟ يتحدَّث هذا الكتاب عن ماضي ومستقبل التجربة السويسرية، وقد استخدمتُ هنا كلمة «تجربة»؛ لأن فكرة أن ينشأ بلدٌ ما ويستمر ويزدهر بطريقةٍ تتحدَّى كلَّ التقاليد التي عرفناها على مر التاريخ، وبأسلوب مغاير لما هو عليه في البلدان الأخرى، هي في حد ذاتها تجربةٌ وليست قاعدة. وقد اختيرت الوقائع ودُرِست وفُسِّرت على نحوٍ مختلف، كما شمل الكتاب ٣ بلدان و١٤ قطاعًا مختلفًا؛ لذلك لا بد أن تكون هناك أخطاء، والمؤلف يتحمل المسئولية الكاملة عن الأخطاء التي يُمكن أن تكون قد وردت، والتي أرجو أن تكون قليلةَ العدد ودون أهمية تُذكَر.
أختم كلمتي هذه بتوجيه الشكر لوالدَيَّ الراحلَيْن وزوجتي الذين أهدي لذِكْراهم هذا الكتابَ بكلِّ محبةٍ وامتنان، وأنا أعلم أنهم يرافقون كلَّ خطواتي على طريق الحياة.