تملك العجم على بلاد القبط
وفي أيام أبسامتيك الثالث دخل مصر العجم على يد كمبيز ملكهم الذي لما استتب له الحكم أراد أن يغزو ثلاث غزوات؛ الأولى: غزوة قرطاجة، والثانية: بلاد النوبة، والثالثة: صحراء لبية، ولكن لم يحظَ بوَطَرِه، ولم يفُزْ بنوال أربه على الإطلاق.
وعند عودته إلى مصر ألفَى كهنة الأقباط وأمراءهم محتفلين بعيد معبودهم العجل أبيس، فاستشاط غضبًا واحتدم غيظًا وقيظًا؛ إذ ظنَّ أنهم شامتون فيه وفرحون بخيبته وهزيمته، فضرب العجل المذكور بخنجر كان بيده وقتل عددًا عديدًا من كهنتهم وأمرائهم ثم مات غير مأسوف عليه.
ومن ذاك الحين تولدت العدواة والبغضة في قلوب الوطنيين نحو العجم، وخصوصًا في أيام حكم الملك دارا الذي أخلف كمبيز في الحكم؛ فإنهم انتهزوا فرصة انهماكه بإخماد فتنة العراق ورفعوا عليه راية العصيان فلم يتمكن من قمعهم، ولكن لمَّا تولى الملك شيرش خلفه عاقب أرباب هذه الفتنة وأخضعهم، ولكنهم لم يلبثوا أن قَامُوا ثانيًا يُطالبون باستقلالهم، وما زالوا مثابرين على هذه الخطة إلى أن تيسر لهم قتلُ الملك دارا الثاني النائب عن دولة العجم بمصر، وطردوا عساكر الفرس من بلادهم، وبهذه المثابة عاد لهم استقلالهم.