حكم العجم على بلاد القبط دفعة ثانية
ومن ثَمَّ صارت بلاد القبط تحت حكم العجم بعد أن لبثت نحو ستة وستين سنة مستقلةً استقلالًا كاملًا، وكان ملك العجم وقتئذٍ الملك داراخوش صاحب تلك النصرة المشهورة، ولكن أبى الله إلا أنْ يقصر مُدَّة حُكمهم عليها في هذه الدَّفعة؛ إذ لم تستمر إلا ثلاث سنوات ليس إلا، وبعدها انتهى حكمهم في سنة ٢٣٢ق.م وهي السنة التي أتاها فيها البطل الهُمَام رَبُّ الشوكة والصولة، ألا وهو الملك إسكندر المقدوني الأكبر، الملقب بذي القرنين كما سيأتي. وفي خلال هذه المدة الوجيزة التي حكم فيها العجم على البلاد القبطية لم يقُم بالملك منهم إلا ثلاث ملوك فقط؛ كان دأبهم وديدنهم هدم العمارات المدنية، والهياكل الدينية وتدمير الآثار الوطنية؛ ولذا ترى أنه في مدة حكمهم هذه القصيرة قد خربت أغلب الآثار القبطية، وطمست معالمها حتى أصبحت وأنت لا ترى فيها إلا أطلالًا بالية لا منفعة لها ولا فائدة منها على وجه الإطلاق، ولم يبقَ من الآثار المصرية على حاله القديم إلا ما شُيِّدَ في أيام البطالسة. وبالإجمال فإنَّ تَمَلُّكَ العجم على القبط في هذه الدفعة الثانية عاد على البلاد والعباد بالوبال الوبيل.