حكم الدولة العربية الإسلامية على الأمة القبطية
إنه في سنة ١٨ هجرية خلا عمرو بن العاص بالخليفة عمر بن الخطاب، وطفق يحضه ويحرضه ويحسن له الاستيلاء على بلاد القبط، فصرَّح له الخليفة بذلك فحشد جيشًا جرارًا، وبعد أن حاصرها مدةً طويلة على غير طائل فتحها أخيرًا واستولى عليها، وساعدته الأقباط على نوال هذه البغية بناءً على ما كان موجودًا بينهم من الانشقاقات والانقسامات والاختلافات الدينية كما ألمعنا. ومن ثَمَّ صارت البلاد القبطية تابعة للخلافة العربية الإسلامية، فحكمت عليها أولًا الدولة الأموية ثم الدولة العباسية فالطولونية فالإخشيدية فالفاطمية أو العلوية فالأيوبية إلى أن حكمتها أخيرًا دولة المماليك البحرية التي طَغَتْ وبَغَتْ وعَاثت في الأرض فسادًا وأوردت الأمة موارد العناء والشقاء.
وفي سنة ١٥١٧ مسيحية افتتحها السلطان سليم العثماني، وقبض على طومان باي ملكها، وشنقه على إحدى بواباتها، وجعلها تابعة للدولة العثمانية بعد أن كانت تقاسي ألم الهوان والبلاء من ظلم واستبداد هؤلاء المماليك البُغاة الطغاة.
ولما أخذ السلطان سليم بلاد القبط من يد هؤلاء المماليك العتاة المتمردين عيَّن لها واليًا يحكمها ويدبر أمورها، ويدير حركتها وشئونها بمؤازرة ٢٤ من البكاوات. وكان هذا الوالي يتغير سنويًّا، واستمرت كذلك إلى أن أتاها نابوليون قائد الجيوش الفرنساوية واستولى عليها في سنة ١٧٩٨ مسيحية.
ولم تكن بلاد القبط وقتئذٍ محتوية على عنصر واحد كما كانت أولًا، بل صارت عنصرين وطنيين؛ وهما العنصر القبطي الأصلي الذي كان محكومًا، والعنصر الإسلامي العربي الذي كان حاكمًا.
ولكن الدولة العلية استرجعتها ثانيًا من يد نابوليون وأعادتها إلى سلطتها بمساعدة بعض جيوش الدولة البريطانية العظمى.