حالة الأقباط الحالية الراهنة
إن الأقباط المنتشرين في سائر أنحاء المعمورة وأرجاء المسكونة ينقسمون إلى قسمين عظيمين، وهما: الأقباط الأرثذكسيون الأصليون والأقباط الباباويون ويُقال لهم أيضًا التبع نسبة إلى اتباعهم للكنيسة الغربية وانتمائهم إليها. هذا ولما كان الأقباط الأرثذكسيون هم المقصودون بالذات في هذا الكتاب فقد جعلنا موضوع الكلام قاصرًا عليهم فنقول: إنَّ الأقباط الأرثذكسيون يَنْقَسِمون أيضًا على حِدَتِهم إلى قسمين عظيمين، وهما: الشعب والإكليروس، والمقصود بلفظة إكليروس جماعة الكهنة المترشحين لخدمة الدين ليس إلا. ولقد أنبأ التاريخ بأنَّ هذا الإكليروس كان فيما سلف على جانب عظيم من التنوُّر والتثقُّف، ولا سيما من كانوا من قاطني الأديرة منهم، حتى لقد قيل إن تلك الأديرة كانت محط رحال الفلسفة وقطب دائرة الحكمة، ولعمري إنَّ ما نراه بين ظهرانينا من مؤلَّفات هؤلاء الرهبان المفيدة، ومصنفاتهم العديدة، لأدل دليل على صحة ذلك، ولكن أبى العلم إلا أن ينأى عن ديارهم ويهاجر ربوعهم ثانيًا، فأصبحوا وأنت لا ترى فيهم إلا أجلافًا وأوغادًا لا يعرفون للعلم اسمًا ولا رسمًا، وبالإجمال فإنه لو علم آباؤنا الرُّهبان السابقون ما ستَئول إليه حالة إخوانهم اللاحقين لتَبَرَّءوا منهم سلفًا.
أمَّا الشعب فهو في درجة من التقدُّم والتعلُّم تضارع غيرها من درجات الأمم المتقدمين المتمدنين، وقد ابتدأ تاريخ نهضتهم العلمية مع إخوانهم المسلمين في عهد ساكن الجنان المغفور له محمد علي باشا جد العائلة الخديوية الفخيمة؛ حتى لقد حاز الكثير منهم الشهادات العليا، الناطقة بتمام تقدمهم وسمو مداركهم؛ ولذا انتدبتهم الحكومة السنية في أعظم المناصب العالية والمراكز الخطيرة، فمنهُم رَبُّ السياسة والكياسة ورجل الحزم والعزم سعادة بطرس باشا غالي ناظر المالية المصرية، وأحد وزراء مصر الكرام ورجالها العظام، وفيهم من رجال القضاء المتشرعين المتضلعين سعادة أمين بك غالي، وميخائيل بك شاروبيم، وبطرس بك يوسف، وحنا بك نصر الله، وتادرس بك إبراهيم، ويوسف بك سليمان، وعبد المسيح بك سميكه، ورزق الله أفندي سميكه، وعبد الله أفندي سميكه وغيرهم.
وفيهم من جهابذة المؤلفين والمصنفين ورجال الكتابة والخطابة والشبان النجباء الأدباء: حضرة تادرس بك وهبي، وجندي أفندي إبراهيم، وجرجس أفندي ذكي، وقوسه أفندي جرجس، ويسي أفندي إبراهيم، وجندي أفندي عوض، وإسحاق أفندي عطيه، ومرقس أفندي جرجس، وعطية أفندي جرجس، وإسكندر أفندي قزمان، ودانيال أفندي باشا، وبطرس أفندي حنا الأسيوطي وغيرهم.
وفيهم من المحامين البارعين المشهورين: عزتلو خليل بك إبراهيم، وإسكندر أفندي إبراهيم، وأخنوخ أفندي فانوس الأسيوطي، ونخله أفندي خليل المنياوي وغيرهم.
وفيهم من الأطباء الماهرين: حضرة إبراهيم أفندي منصور، وإبراهيم أفندي فهمي، ومراد أفندي أيوب، ونجيب أفندي مفتاح وغيرهم.
وفيهم من الرياضيين البارعين: حضرة فوزي أفندي حنا، وجرجس أفندي فيلثاوس، ويوسف أفندي صبري، وميخائيل أفندي عفت، وميخائيل أفندي وغيرهم.
وفيهم من الوجهاء والأعيان الذين تُعقَد عليهم الخناصر ويشار إليهم بأطراف البنان ممَّا لم يسعنا ذكرهم هنا، ولم تظهر نفحات الأقباط فقط في هذا الزمن الذي بزغت فيه شموس العدالة والحرية، بل قد ظهرت براعتهم وجدارتهم حتى في زمن الاستبداد كأيام المماليك المتمردين وغيرهم، ولو أتينا على ذكر أسماء هؤلاء الذين اشتهروا وحازوا أعظم المناصب لضاق بنا المجال، وهذا دليل كبير على ما للطائفة القبطية من الاستعداد الطبيعي لإدراك العُلى.
أعياد الأقباط وأصوامهم
أعياد الأقباط المشهور منها عيد الميلاد، وهو تذكار ولادة السيد المخلِّص له المجد. وعيد الفصح أو العيد الكبير ويُقال له «شم النسيم» يحتفلون فيه بقيامة السيد له المجد من القبر وانتصاره على سلطان الموت. وعيد الصعود يحتفلون فيه بصعود السيد له المجد إلى أعالي العلى محفوفًا بالعظمة والأبهة بعد مُضِيِّ أربعين يومًا من قيامته المجيدة. وعيد النيروز يحتفلون فيه برأس السنة القبطية. وجملة أعياد أخرى كثيرة لكنها ليست كلها بشهيرة. أما أصوامهم فأشهرها الصوم الكبير والصوم الصغير وصوم العذراء وصوم يونان وغيرها.
مدارسهم وكنائسهم
وللأقباط كنائس كثيرة، أشهرها كنيسة المرقسية الكبرى، وكنيسة الفجالة، وكنيسة حارة زويلة، وكنيسة حارة السقايين، وكنيسة المعلقة، وكنيسة حارة الروم، وكنيسة الأمير تادرس، وكنيسة الدير البحري، وكنيسة الدير القبلي، وكنيسة أبي سيفين وغيرها، وكذا كنائس أخرى بجهات الأرياف.
ولهم من المدارس المدرسة القبطية الكبرى، ومدرسة الاقتصاد، ومدرسة الآداب، ومدرسة المنافع العلمية، والمدرسة الوطنية، ومدرسة الآداب العلمية، ومدرسة حارة السقايين، ومدرسة إسكندرية القبطية، ومدرسة المنيا وطنطا وميت غمر، ومدارس أخرى كثيرة منتشرة في أغلب جهات الوجه القبلي والبحري.
جمعياتهم وجرائدهم
وللأقباط أيضًا جملة جمعيات شهيرة، أهمها جمعية التوفيق وفروعها، وجمعية الاقتصاد القبطية مؤسسة مدرسة الاقتصاد، وجمعية المساعي الخيرية، وجمعية حفظ التاريخ القبطي الأسيوطية، وجمعية الاتحاد الخيري وغيرها.
ولهم من الجرائد جريدة مرقى النجاح والفرائد والراوي والعلم المصري ورياض التوفيق وجريدة التوفيق التي ستظهر قريبًا إن شاء الله تعالى.
تنبيه
قد وقع فى هذا الكتاب من الغلطات السهوية والطبعة مالا يخفي علي ذوي الألباب ولذا أكتفينا بالتلميح عنها دون التصريح بها وعلى كل حال فالكمال لله وحده: