ملابسهم وهيئتهم
كان قدماء الأقباط أقوياء أصِحَّاء، مُتصفون بطول القامة وضخامة الجسم، كما استدل على ذلك من آثارهم التي خلفوها بعدهم على حَدِّ قول القائل:
أمَّا ملابسهم فكانت عبارة عن ثياب من الكَتان، لها سجق وفوقها برانيس منسوجة من الصوف الأبيض، ولكن لم يكن يتاح لهم أن يأتَزِروا بتلك الملابس في مساجدهم ومعابدهم، بل كانوا يقتصرون على الثياب البسيطة ليس إلا، وكذا لا يسوغ لهم أن يكفنوا بها موتاهم لأنَّ ديانتهم كانت تحرِّم عليهم ذلك.
ثم أخذت بعدئذٍ ملابسهم تتغير بتغير الدول الحاكمة عليهم؛ إذ كانوا يقلدونهم في جميع حركاتهم وسكناتهم، إلى أن لبسوا أجزاء الجبة والقفطان ثم الشراول ثم «المنطلون ومتعلقاته» كما هو المشاهَد الآن؛ وذلك لاختلاطهم وامتزاجهم بالأجانب كما سترى.
أما الإكليروس فَيَلبس «الآن» قفطانًا من النوع المعروف بالغزلية مع طربوش عليه عمة تشبه عمة الكلدان، وجبه سوداء طويلة الأكمام، والرَّاهب فيهم يمتاز عن القسيس العادي المتزوج بقطعة من الصوف الأسود، بعرض أربع أصابع تتدلى من تحت الطربوش إلى وراء العنق، تعرف عندهم بالقلاسوة، ويتميز الرهبان المقيمون بأديرتهم بلبس الصوف غالبًا بخلاف المترددين في المدن والبلاد؛ فإنهم يماثلون الإكليروس العلماني غير مميزين عنه في شيء إلا بالقلاسوة ليس إلا.
أما رؤساء الكنائس والأساقفة والبطريرك فملبوسهم غالبًا من القفاطين الحريرية، والفرجيات الجوخ، ويلتحفون بشيلان من حرير على رءوسهم وأكتافهم، والأساقفة يتميزون عن رؤساء الكنائس بشكل العمامة؛ إذ يلبسون عمامة قائمة من طربوش وقماش حريري ملفوف على مقوٍّ مدور مرتبط ببعضه وبالطربوش بانعقاد محكم لا يمكن حله إلا بنقض العمامة من أصلها، مشابه لعمائم مَطَارنة وبطاركة السريان، بخلافِ عمامة باقي الإكليروس، التي هي مركَّبة من طربوش وشال حريريٍّ، أو صوف ملفوف عليه لفًّا بسيطًا، بدون ارتباط يمكن حله في أي وقت.