الفيدا كتاب الهندوس المقدس
الفيدا هو الكتاب الذي جمع الأساطير والأغاني والصلوات والترانيم والأشعار التي راجت خلال الغارات والغزوات القديمة. و«الفيدا» على هذا — هي الكتاب المقدس عند الهندوس الذين يعتقدون أنه وحي من الله موجه إلى قادة الماضي وأنبيائه وعنهم تلقاه «البراهمة»؛ أي طبقة الكهنة أو القسس.
الأدب الهندوسي واللغة السنسكريتية
والفيدا، إلى أنه كتاب تاريخ وعقيدة وحكمة، يعدُّ أقدم الأدب الآري، فهو يتألف من كتب الفيدا الأربعة باللغة الفيدية وهي، إلى أنها أقدم أشكال اللغة السنسكريتية، فإنها لغة المنشدين من الكهنة؛ أي لغة الخاصة، هذا والفيدا معناها «القصة المقدسة»، إذ إنها عند الهندوس موحى بها، في حين أنهم يُعِدُّون ما جاء بها من صنوف السامهيتا (المجموعات) كتعاليم متوارثة. وكان الهندوس يحفظون كتب الفيدا عن ظهر قلب حتى بعد أن عرفوا الكتابة وإلى نحو نهاية عصر الفيدية كانوا يتناقلون الكتب مشافهة في دقة لا خطأ فيها.
- (١) أقدمها الأوسترية: يتكلمها جماعة الموندا في كوتا ناجيور والمراكز الشمالية في مدراس ولغة القبائل البدائية مثل الجوند، وهي أكثر لغات العالم انتشارًا؛ إذ يتكلمها أناس من لغة إيستار في جنوب أمريكا إلى مدغشقر ومن نيوزيلند إلى البنجاب «راجع ٥٢٤ من تقرير الإحصاء الهندي في ١٩١١».
- (٢) الدارفينية: يتكلمها الهنود الذين ليسوا من أصل آري، ومنها التاميلية والتيلوجية وخمس لغات أخرى تنقسم إليها ويتكلمها ٨٦ مليونًا في الهند الوسطى والجنوبية.
- (٣) الهندوآرية: وتنقسم إلى الهندية وهي لغة ثلث سكان الهند، والبنغالية والماراثية والجوجيراثية والبنجابية.
- (٤) السامية: التي أدخلها في الهند فاتحوها المسلمون.
- (٥) التبيتو صينية.
كيف تألفت كتب الهندوس المقدسة؟
تألفت الفيدا تبعًا للتواريخ الآتية بعد، وهي أقرب إلى الفرض منها إلى الدقة، فالشعر الموجه إلى أوشاس الفجر قد وضع حول ١٢٠٠ق.م. «راجع ص١١٢ و١١٣ الجزء الأول من تاريخ الهند».
وعند ب. ج. تيلاك في كتابه «الوطن القطبي في الفيدا» أن أقدم كتب الفيدا يرجع إلى ٤٥٠٠ق.م. وأن أقدم عهد للحضارة الآرية يبدأ بين ٦٠٠٠ و٤٠٠٠ق.م. «راجع أريون وأبحاث في الأثر القديم للفيدا-پونا طبعة ١٩١٦».
- (١) الريجفيدا: ١٠٢٨ نشيدًا شاملة ما ورد في الكتاب الثامن، مصاحبة للضحايا إلى الآلهة.
- (٢) الساما فيدا: وهي مجموعة أغانٍ من «الريجفيدا».
- (٣) الياجورفيدا: (أ) السوداء، وتشتمل على صلوات قربانية شِعرًا ونثرًا، والنَّثر الفيدي الأقدم مختلط بالتعليقات. و(ب) البيضاء، وفيها فُصلت تعليقات النثر من الأوراد المكررة.
- (٤) الأثارفافيدا: التي تصف عقائد الجمهور في الأرواح الشريرة والسحر والرُقْية منذ ثلاثة آلاف سنة. وهذا الكتاب قد لبث وقتًا لا يُعترف به ككتاب سماوي مقدس، بل لا يزال براهمة الهند الجنوبية لا يعترفون به.
هذا وقد كانت ديانة الهنود في عهد كتابهم «الريجفيدا» غير معقدة وإن كانت آلهتهم التي كانوا يقدِّمون إليها القرابين، متعددةً؛ إذ كانت ديانتهم تقوم على عبادة الطبيعة مشخَّصة في أشكال متنوعة.
كتب أخرى
وثمة كتب أخرى، حسبنا أن نذكر منها:
كتاب الماها بهاراتا وهو من وضع مؤلِّفين كثيرين، وهو مؤلَّف من ٢٠٠ ألف سطر، وثمرة قرون، وهو يشتمل على فلسفة ودين وقصص وبحوث قانونية، ويرجح أنه يرجع إلى أقدم عهد منذ القرن الرابع ق.م. إلى القرن الرابع ب.م. ومنه نقف على شيء من الفكرة السياسية الهندوسية.
وعلى امتداد الزمان ومطويات الأيام عسُرت لغة «الفيدا»، وغمُضت معانيها على المتأخرين، وزادها تعقيدًا ما أُلحق بها من المتون والشروح مما كان من أثره أن عمد البراهمة — أي الكهان — إلى التوفيق بين الشروح المتباينة، فظهر هذا في كتاب جديد اسمه «براهمانا»، تلاه ذيل له اسمه «اليوپانشاد» في ٥٠٠ق.م. وفيه الترميق اللاهوتي والنزعات الصوفية الداعية إلى طهارة القلب وصفاء النفس وأن المعرفة أساس التحرر، وفيه أشياء أخرى تعد إلغاءً لبعض شعائر البراهمانا.
هذا والفيدا والبراهمانا واليوپانشاد هي كتب الوحي الهندوكية، تقرأ فيها تعدد الآلهة والإلهات وتنوع اختصاصاتها ونزعات التوحيد ووحدة الوجود والحلول. وهذه الكتب الثلاثة أدنى إلى أن تكون نظامًا اجتماعيًّا يرخص بالعقائد المختلفة من أن تكون دعوة إلى عقيدة معينة.
على أن هذه الآلهة المتعددة قد ترقت على الأيام إلى وحدة منها انبثق الخلق وإليها يعود، خاصة في «اليوپانشاد» وما أعقبه من الفيدانتا ومعناها الحرفي خاتمة الفيدا. أما أساس «الفيدانتا» فهو أن الله والنفس الإنسانية شيء واحد، وإن كان إدراك الإنسان يصور له أنهما متباينان.
- (١)
براهما، الإله الخالق.
- (٢)
فشنو، الإله الحافظ على صورة رجل ذي لحية وأربعة رءوس وأربع أيدٍ في يد منها: الصولجان رمز القوة. وفي اليد الثانية أوراق الشجر رمز الكتب المقدسة، وفي الثالثة زجاجة ماء اللبخ، وفي الرابعة يحمل عقدًا وهو رمز للصلاة.
- (٣)
شيفا أو سيفا، الإله المهلك.