رحلة حنُّون: الطواف حول الأرجاء الليبية وراء أعمدة هرقل
«إن ما يُجمِع عليه جميع مَن تناول هذه الرحلة بالبحث هو أن القرطاجيين قد دوَّنوا نصَّ رحلةِ حنون على مسلَّةٍ وُضعت في معبد بعل حمون في قرطاج، وأن هذه المسلَّة قد دُمِّرت مع دمار قرطاج على يد الرومان، وعن هذه المسلَّة نقَل اليونانيون نصَّ الرحلة، وعن اليونانيين نقَلها آخَرون، بعضهم ممَّن نعرف وبعضهم ممَّن لم نعرف.»
وُجِّهت رحلات كثيرة إلى قرطاج لاستكشافها، وخاصةً في عهد الفينيقيين، إلا أن أخبار هذه الرحلات ووقائعها لم يصل إلينا منها سوى القليل جدًّا؛ نظرًا لضياع تفاصيلها التي كان الفينيقيون يدوِّنونها على ورق البردي، وحينما تلِفَت الأوراق واندثرَت اضطُر الفينيقيون للبحث عن وسائط أخرى للتدوين، ومنها النقش على الحجر والمسلَّات وغير ذلك، لكن لم يكن التدوين مفصَّلًا. ومن بين تلك الرحلات التي وصلتنا رحلةُ «حنون بن إزُر»، الذي وُصِف ﺑ «الملِك البحَّار»، وفي هذا الكتاب التاريخي القيِّم ينقل لنا «عبد المنعم المحجوب» بأسلوبٍ سلِس وموجَز تفاصيلَ هذه الرحلة الاستكشافية البحرية، ويعرِّفنا على وقائعها ومساراتها بعد الرجوع إلى عددٍ من الدراسات الأجنبية التي استقَت مادتها من النص الإغريقي الأقدم المترجَم عن الأثر الفينيقي.