الطواف حول أرجاء ليبيا
- (١)
-
(٢)
عندما اجتزنا الأعمدة في رحلتنا، وأبحرنا وراءها ليومين، أنشأنا المدينة الأولى التي أسمَيناها ثمياتريوم،٧ ويمتد دونها سهل واسع.
- (٣)
- (٤)
- (٥)
- (٦)
- (٧)
-
(٨)
وبعد أن تدبرنا بمشقة مترجمين منهم، واصلنا إبحارنا جنوبًا بمحاذاة الصحراء طوال يومين. وتقدمنا — من ثم — شرقًا لبقية اليوم، فوجدنا في تجويف خليجٍ ما جزيرة صغيرة تضم دائرة من خمس غلوات،٢٦ وهناك أقمنا مستوطنةً دعوناها قِرنة.٢٧ وقدرنا — من رحلتنا — أن هذا المكان (أي موقع الجزيرة) يقع على خط مستقيم مع قرطاج، ذلك أن مسافة رحلتنا من قرطاج إلى الأعمدة تعادل المسافة من الأعمدة إلى قرنة.
-
(٩)
جئنا — بعد ذلك — إلى بحيرة وصلنا إليها بالإبحار في نهر واسع يُدعى كريتس،٢٨ ولهذه البحيرة ثلاث جزر أكبر من قِرنة. وبإبحارنا يومًا آخر فيها وصلنا إلى طرفها الذي كانت تتدلى عليه جبال كبيرة يقطنها أناس متوحشون يرتدون جلود الحيوانات البرية، وقد أبعدونا برمْي الحجارة، ولم يسمحوا لنا بالنزول إلى البر.
-
(١٠)
وبالإبحار — من ثم — جئنا إلى نهر آخر متسعٍ وكبير، تملؤه التماسيح وأفراس النهر،٢٩ ومنه عدنا حتى وصلنا إلى قِرنة ثانيةً.
-
(١١)
ومن ثم أبحرنا جنوبًا لاثني عشر يومًا،٣٠ بمحاذاة الساحل الذي يقطنه أثيوبيون لم ينتظروا اقترابنا وفروا من أمامنا. ولم تكن لغتهم مفهومةً، حتى بالنسبة للكسيين الذين كانوا معنا.
-
(١٢)
وفي اليوم الأخير وصلنا جبالًا كبيرة مغطاة بأشجارٍ ملونة أخشابها ذكية الرائحة.
-
(١٣)
وبالإبحار بمحاذاة هذه الجبال ليومين جئنا إلى ثغر واسع على ساحل البحر، وعلى جوانبه سهلٌ رأينا النار تنبعث منه ليلًا بشكل متقطع في كل الاتجاهات، متوهجةً أو خافتة.
-
(١٤)
تزودنا بالماء من ذلك المكان وأبحرنا إلى الأمام لخمسة أيام٣١ بالقرب من الساحل، حتى جئنا إلى خليج كبير أخبرنا المترجمون أن اسمه «القرن الغربي»،٣٢ وكانت فيه جزيرة كبيرة، وفي الجزيرة كانت بحيرة من الماء المالح، كما كانت فيه جزيرة ثانية، وعندما نزلنا إلى البر لم نجد فيها — بعد يوم كامل من البحث — إلا الأشجار، ولكن في الليل رأينا مشاعل نارٍ، وسمعنا أصوات مزامير وقرع صنوج وطبول وصيحات فزِعة، وقد أصابنا الفزع، فأمرنا عرافونا بمغادرة الجزيرة.
-
(١٥)
أسرعنا بالإبحار، ومررنا ببلد كانت تشتعل فيها النيران، وتتصاعد منها روائح العطور، وتخرج منها دفقات من النار تسقط في البحر، وكان يتعذر علينا اجتياز هذه الأرض بسبب الحرارة.
-
(١٦)
أبحرنا على عجل — وقد اشتد فزعنا — وبمرور أربعة أيام اكتشفنا في الليل أرضًا تنتشر فيها النيران، وكانت نارٌ في وسطها أكثر علوًّا وأكبر من البقية، وقد بدت كأنها تلامس النجوم. وعندما أتى النهار اكتشفنا أنها كانت هضبة كبيرة تدعى «عربة الآلهة».٣٣
-
(١٧)
في اليوم الثالث من مغادرتنا ذلك المكان، وبإبحارنا بالقرب من لفحات النار تلك، وصلنا إلى خليج يدعى «القرن الجنوبي».٣٤
-
(١٨)
في عمق الخليج كانت جزيرة كالجزيرة السابقة، وكانت فيها بحيرة، وفي هذه البحيرة جزيرة أخرى يملؤها المتوحشون الذين كان أغلبهم من النساء، وكانت أجسادهم مُشْعَرة (يغطيها الشعر)، وقد أطلق عليهم مترجمونا اسم: «غوريلا».٣٥ وطاردنا الرجال فلم نستطع أسر أي منهم؛ إذ أفلتوا منا جميعًا وهم يقفزون على الجُروف، ويدافعون عن أنفسهم بالحجارة، فأخذنا ثلاث نساء، ولكنهن هاجمن آسريهن بأيديهن وأسنانهن، ولم نستطع السيطرة عليهن، وقد رفضن مرافقتنا، وبقتلهن أخذنا جلودهن معنا إلى قرطاج. لم نبحر أبعدَ من ذلك، فمئونتنا كادت تنفد.
-
(١٩)
كرشيدون٣٦ الفينيقي، ابن مَرْدَنُسْ،٣٧ أسس كرشيدون وحكمها لأكثر من ثلاثين سنة. وكان له ابن من زوجته ثَرَّة٣٨ اسمه أرَّاشُون،٣٩ خلَفَ أباه على العرش، وحكم سبع سنوات، وعند موته دون وريثٍ آلت المملكة إلى ابن أخيه حنون،٤٠ وكان ابنه يسمى فَغِثون،٤١ وله سلم المملكة عند موته، وقد حكم سبعين سنة، وحكم ابنه ثلاث وخمسين سنة، وعندما خلفه مِلَمْبُسْ،٤٢ ابن الأخير، أزاحه القدر دون وريث له، فاستولى خاله حنون٤٣ على المملكة، وحكم الكرشيدونيين (القرطاجيين) ستين سنة، وهو الذي أسس — قبل حكمه — المدن الليبية الفينيقية٤٤ وراء أعمدة هرقل، كما يظهر من (نص) طوافه الذي نقشه باللغة الفينيقية على حجر أودعه معبد كرونوس، حامي المدينة، والذي قرأه بُولِكْلِتوس القوريني،٤٥ ابن مِلِكِرْيوس،٤٦ فترجمه إلى اللغة اليونانية أولًا، ثم نشره بين اليونانيين في الوقت الذي وُلد فيه الإسكندر بن فيليب.٤٧ وبعد حصول إيفاغريوس بن إيفاغريوس٤٨ على نسخة منها، دوَّن ثلاث نسخ أخرى من أجل إبِماخوس بن أرِسطَغوراس،٤٩ أرخون٥٠ الإسكندرية، وأهداه إياها عرفانًا بجميله، في السنة الثالثة من الأولمبياد الثاني والثمانين بعد المائة.٥١