لغة الآي آي
«لم تكن بالضبط صرخة، ولكنها كانت الأولى بعد منتصف الليل بقليل، تصاعدت، غير آدمية بالمرة، حتى الحيوان مُمكِن إدراك كُنهِ صوته، ولكنها بَدَت لأول وهلة جماديةً ذاتَ صليل، كعظام تتكسَّر وتتهشَّم، تُمسِكها يدا عملاقٍ خرافيِّ القوة، وبِنية صارمة لا رحمة فيها تُدشدِشها.»
مجموعةٌ قصصية بطلُها الألم؛ تَروي تجارب إنسانية متكرِّرة نُعايشها باستمرار، ولكن انخراطنا فيها يجعلنا نَغفل عن الجانب الإنساني الذي استطاع «يوسف إدريس» أن يُسلِّط الضوء عليه بمهارة فائقة؛ ففي قصة «الزوَّار» يتحدَّث عن «سكينة»؛ الفتاة المريضة التي جاء بها أخوها إلى أحد المستشفيات لتُعانيَ المرض والوَحدة، تتُوق إلى الخروج منه، ولكنها لا تعلم إلى أين تذهب، واقعة بين مِطرقة المرض وسَنْدان جُحود أهلها الذين لم يُفكِّروا أن يزوروها لمرة واحدة، كما أن غَرابة مرضها حثَّت طبيبَها على إحضار طَلَبته وزملائه لرؤيتها كما لو أنها قطعة نادرة ضِمن مُقتنياته. وفي قصة «لغة الآي آي» تَصطدم بجرعةٍ مكثَّفة من الألم، تعيش فيها كلَّ صرخة نابعة من أعماق «فهمي» المريض بالسرطان، فيَقشعرُّ جسدك، ويَنتابك ذُعر لا يتمكَّن من وصفه إلا «إدريس» الذي كتب مجموعتَه بقلمِ الوجَع.