حافظ نجيب … الشاعر
لحافظ نجيب عدد قليل من القصائد والمقطوعات الشعرية، بعضها نُشِرَ في الصحف والمجلات
في أوائل
القرن العشرين. ومنها على سبيل المثال ما قاله في رثاء الزعيم مصطفى كامل بجريدة الوطن،
عندما كان
متنكرًا في شخصية الراهب. ولكن بكل أسف لم نَسْتَطِع الاطلاع على هذا الرثاء؛ لأن مجلد
الجريدة
المشتمل على القصيدتين مفقود بدار الكتب! وقد جاء أحمد حسين الطماوي ببعض الأبيات من
قصائد أخرى
لحافظ نجيب، نُشرتْ في مجلتَي «الأقلام»، و«المجلة المصرية».
١
ويشاء القدر أن يقوم جورج طنوس بذكر أكبر مجموعة من قصائد وأشعار حافظ نجيب في كتابه
«نابغة
المحتالين»، ما عدا رثاء حافظ في مصطفى كامل. ونحن نظن أن الشعر الموجود في هذا الكتاب،
هو كل ما
يستطيع المرء الحصول عليه من أشعار حافظ نجيب،
٢ حيث إنه لم يَقُل الشعر بعد نَشْر هذا الكتاب، أو قاله بصورة نادرة، يصعب على الإنسان
الحصول عليه! والسبب في هذا الظن، أن حافظ نجيب توفَّرَتْ لديه فرصة عظيمة، لنشر قصائده
بعد صدور
كتاب «نابغة المحتالين»، وهي قيامه بتحرير مجلة «العالمين»، وأيضًا إصداره لمجلته «الحاوي»،
طوال
أعوام ١٩٢٣–١٩٢٩، ورغم ذلك لم نجد بيتًا شعريًّا واحدًا لحافظ نجيب، في هاتين المجلتين!
٣
وإذا عدنا إلى أشعار حافظ في كتاب «نابغة المحتالين»، سنجد أوَّل بيتين له، تم وضْعهما
أسفل
صورته الشخصية المنشورة في الكتاب — والتي تحدَّثْنا عنها فيما سبق — يقول فيهما:
عَجِبْتُ من البوليس كيف يرومني
وإني كالعنقاء في نَظَرِ
الرائي
جنونٌ ووهْمٌ إن رَأَوْا صورتي التي
أُغَيِّرها إن شئتُ تغييرَ
أزيائي
وفي هذين البيتين، نجد حافظ نجيب يتباهى ويتساءل متعجبًا، كيف يطارده البوليس، وهو
كالعنقاء
التي يظن الناس أنها احترقت فماتت واندثرت، ولكنها بعد فترة تخرج من رمادها، وتُبْعَثُ
حيةً من
جديد، في قوةٍ وفتوة وشباب! لذلك فمن الصعب على البوليس أو غيره أن يرى صورته؛ لأنه يتنكر
دائمًا،
ويُغير من وجهه وهيئته، في سهولة ويُسْرٍ كأنه يُبَدِّل ثيابه! وهذا وإن دلَّ، فإنما
يدل على
غرورِ وغطرسةِ حافظ، في تحديه للجميع بصعوبة رؤية صورته! وبسبب هذين البيتين، قام جورج
طنوس بنشر
صورته في الصفحات الأولى من الكتاب، ووضْعها أعلى هذين البيتين، وكأنه قابَلَ تحدي حافظ
بتحدٍ
أكبر منه!
وتحت عنوان «أول عهده بالنظم»، ذَكَرَ جورج طنوس، قصيدة لحافظ، كان قد أرسلها له
من سجن
الحضرة بالإسكندرية، بعد اتهامه بسرقة نياشين ألكسندرا أفيرينو، فقام طنوس بذكر بعض أبياتها
تفكهة
للقارئ! وفي هذه الأبيات، يقول حافظ:
٤
تحطَّمَت الآمالُ وانصرمَ الحبُّ
وما عاد يُشجيني البعاد ولا القُربُ
وبات ضميري واهنَ الحول متعَبًا
فما عاد يحييه الطبيب ولا الطبُّ
فقولوا لمن باتَ العتابُ حديثَه
يقلِّل من عتْبِي فلا ينفع العتبُ
فلست بذي سمْع يصيح لمن أتى
يلوم فلا عذلٌ يفيد ولا صخبُ
كفاني الذي لاقيت من صدْق ودِّهِمْ
ومن شاهد السكران مرَّ له الشربُ
ولا يحمل الثعبان من بعد لسعه
رشيد ولا يعلو جوادًا به يكبو
غرست جميلي في أرض عقيمة
ومن يزرع الصحرا يليق به العطْبُ
جدير بمثلي أن يرى الكون قائمًا
عليه وأحرى يا زمانُ به الندْبُ
فقد كنت أعمى أجهلُ الدهرَ طائشًا
يخادعني أهلُ الوشاية والصحْبُ
وهذه الأبيات، بناء على ما ذَكَرَهُ حافظ في اعترافاته، تخص الأميرة فيزنسكي. وفيها
يقول إن
آماله في الحياة والحب قد انتهت، بانتهاء علاقته بفيزنسكي، وأصبحت مشاعره متضاربة. فلا
البعد عنها
يشجيه، ولا القرب منها يشجيه! لدرجة أن ضميره مات، فلا ينفع فيه طب ولا دواء مهما حاوَلَ
الطبيب
إحياء هذا الضمير! ويُطالب بعد ذلك بالكف عن عتابه، فما نفع العتاب في جسد ميت بلا روح
ولا ضمير،
وما نفْع الصياح أو الصراخ في إنسان فاقدٍ لحاسَّة السمع! فكفى بهذا الإنسان خداع الغير،
فقد لاقى
الصدق، وظنه صدقًا صافيًا، فوجده صدقًا حالك السواد! وعلى هذا المنوال يسير حافظ في أبياته،
مستشهدًا ببعض الأمثلة التراثية، والأمثال الشعبية، والأقوال المأثورة، ليثبت بها أنه
الضحية،
وأنه المظلوم المخدوع!
وما أنا ذو ذعرٍ وما أنا خائفٌ
ولكنَّ حُكم الحب في أهله صعبُ
تذل له كل النفوس وإن علَتْ
وأي محب لا يذلِّله الحبُّ
وأمسيت لا أشكو البعاد ولا الهوى
ولا أذكر الماضي وتذكاره عذْبُ
ليالي نام الدهر فيها ولم يُفِقْ
فبتنا سكارى خمرنا الوصل والقربُ
وفي هذه الأبيات، يشكو لوعة الحب واشتياقه للمحبوبة؛ لأنه يعلم علم اليقين، أن حكم
الحب على
الإنسان حكمٌ نافذ، وهذا الحُكم يُطبَّق على الجميع مهما كانت منزلة الإنسان وعلو شأنه!
وبالرغم
من ذلك فقد أصبح لا يشكو من البُعد أو الحب، بل ولا يريد أن يذكر الماضي، رغم حلاوته
وطيب
ذكرياته! وكفى من هذا الماضي ذكرى مقابلاته مع المحبوبة، حيث كان الدهر يتغافل عنهما،
ليستمتعا
بنشوة الوصل والقُرب، التي تجعلهما سُكارى!
وفي قصيدة أخرى — وهي تكملة للقصيدة السابقة — يستكمل حافظ صورة العشيقين، قائلًا:
٦
ولما أفاق الدهر من بعد نومه
تقطَّعَت الآمال وانصرفَ الحبُّ
تجافَتْ قلوبٌ لم تكن تعرف الجفا
وفاضَتْ عيون لم يكن دأبها السكبُ
ودسَّ عزولي كل ما شاء حقده
ومن يرهب العذَّال يرعبه الثوب
ولكنني دُسْتُ العذول وحبَّهَا
وقطَّعْتُ عهدًا لا يقطعه الغضْبُ
فإن كنت في السجن الرهيب بكيدها
فإن فؤاد مُطْلَق ما به عَطْبُ
وإن جاءني طيف اللئيمة زائرًا
تفلت على وجه يشوهه الشيبُ
وما أنا في هذا المقام بخالدٍ
وبعد خروجي يُعْرَف الليثُ والذئبُ
وفي هذه الأبيات، يبيِّن حافظ أن الدهر لم يغفل عن العاشقين فترة طويلة، بل استيقظ
فهدم
آمالهما، وأصبح الحب قسوة في قلب الحبيبة، وتساقَطَت الدموع بغزارة كأنها فيضان نهر،
فأصبح المناخ
بين الحبيبين مناسبًا لتدخُّل العذول، الذي دسَّ الحقد والكره! فما كان من حافظ إلا أنه
احتفظ
بكرامته، فداس بقدمه هذا الحب، ولم يعبأ بهذا العذول، وقطع على نفسه عهدًا بأن يتخلص
من هذا الحب،
الذي كان سببًا في سجنه! وتوعَّدَ المحبوبة بالانتقام؛ لأنه لن يمكث في السجن طيلة حياته،
وعندما
يخرج للانتقام سيعلم الجميع من هو الأسد القوي، ومن هو الذئب الغادر!
ومن سجن الحضرة بالإسكندرية أيضًا، قال حافظ:
٧
إلى الله أشكو أم إلى الناس ما جرى
وقد باعني الهمُّ المبرح واشترى
وأصبحت عبدًا لا اسامُ بدرهمٍ
وأن جاءني المبتاع عاب وعيَّرا
وأقضي طويلَ الليل للحظِّ ناعيًا
فيغمض عيني السوط بالرغم لا الكرى
إذا ما مضى جيش الظلام تراجعَتْ
لدى الصبح أحزاني وبتُّ مفكرَا
فاطمُ سُمًّا لا يميت وليته
يقصِّر أيامي فيسترني الثرى
ويسقونني بالكأس صبرًا وعلقمًا
ويا ليته صبرٌ على الضيم صبر
ويخرجني كالعير للحمل حارسي
ويكرونني للنذل بالقرش أشهر
وأنكرني مَنْ كان من قبلُ صاحبي
وعيَّرني بالذلِّ والفضلَ أنْكَرَا
وضاع جميلٌ في الرجال غَرَسْتُهُ
ولو كان في كلْبٍ لَبَانَ وأَثَّرَا
ولو كان في وادٍ لَأَيْنَعَ نَبْتُهُ
ولو كان في قَفْرٍ لما ظَلَّ مُقْفِرَا
ولو كان في وحْشٍ لأصبح آنسًا
وأعلن فضلي للوحوش وأَشْهَرَا
ولكنه الإنسان للفضل جاحِدٌ
وهيهات للمعروف أن يتَذَكَّرَا
وهل ينظر الشمسَ المنيرةَ ذو عمًى
لذلك فضْل باب في الكون لا يرى
وقد ساءهم مني اقتدار وهمة
وعزمٌ برى كيدَ الزمان وما انبرى
ولو قلت شعرًا خاله الناس مُنزَلًا
وصلى عليه البعض والبعض كبَّرَا
ولولا الهوى أصبحْتُ للناس كوكبًا
ولولا الهوى أمسيتُ في القوم عَنْتَرَا
وكم عالِمٍ قد ضاع في الحب علْمُهُ
وكم عاشقٍ في الرمس بات معفَّرَا
ولولا الهوى ما بتُّ في القيد مثقَلًا
ولا بتُّ في وادي الهموم كما ترى
ولا تعْجَبوا أن بات لي السجن مَنْزِلًا
فقد ينزل الإبريز في منجم الثَّرَى
وقد يَجْهَلُ الإنسان في الرمل قَدْرَهُ
ولكنه لو بانَ للعين أَبْهَرَا
فإن جاءك الساقي بماء ولم تَذُقْ
فهل تعرفنَّ الماء إن كان كَوْثَرَا
كذلك أخفاني عن القوم جَهْلُهُمْ
وعاقبني القاضي جزاءً لما جرى
وفي هذه القصيدة، يصوِّر حافظ حالته النفسية، واشتداد عذابه داخل السجن، لدرجة أن
الأمر اختلط
عليه: أيشكو أمْره لله أم للناس؟! وهذا استفسار تعجُّبِيٌّ، يعكس مدى حيرة حافظ. فقَدْ
لازَمَتْه
الهموم، لدرجة أنه أصبح سلعة لها تُباع وتُشترى! ويا ليتها سلعة ثمينة، فقد أصبح عبدًا
ثمنه أقلُّ
من درهم، بسبب ما به من عيوب! لذلك يقضي الليل بطوله ينعي حظه، حتى يأتيه السجان فيجبره
على النوم
بالسوط. وفي الصباح يبدأ حافظ يومًا جديدًا من عذاب الفكر في الهموم والأحزان، فيتمنى
الموت في
هذا اليوم وفي كل يوم! فقد صبر بما يكفي، لدرجة أن الصبر ملَّ من صبره!
ولم يَبْقَ له في الحياة أي صديق، فقد أَنْكَرَهُ كل الأصدقاء، ممن استفادوا من فضله،
وأصبحوا
يُعَيِّرونه بذلِّه وسجنه! ولو كان قَدَّمَ هذا الفضل إلى كلب لكان الكلب حَفِظ الجميل
وأصبح أفضل
من الصديق! ولو قدم هذا الفضل في وادٍ، لظهرت نتيجته في نباته اليانع، أو ظهرت خصوبته
لو كان
واديًا مقفرًا! ولو قدمه إلى وحش، لاستأنس هذا الوحش، وتحدث بأفضال حافظ نجيب عليه وسط
الوحوش!
ولكن بكل أسف قدم حافظ هذا المعروف إلى الإنسان الجاحد! الذي يتشبه بالأعمى، الذي لا
يرى نور
الشمس. وهذا الإنسان الجاحد، ما هو إلا الحاقد الحاسد على حافظ بسبب همته واقتداره ونبوغه!
فعلى سبيل المثال عندما كان حافظ يقول الشعر، كان يظن الناس أن هذا الشعر كلمات مقدسة،
فيصلي
به البعض، والبعض الآخر يكبِّر به! فلولا حبه وما جرَّه عليه هذا الحب من مهانة وإذلال
في السجن،
لكان نجمًا لامعًا من نجوم المجتمع، ولكان في منزلة عنترة بن شداد! ولكن هذا هو حُكم
الحب الذي
يَذْهَبُ بعلم العالِم، وبقيمة الإنسان! وعلى الرغم من ذلك فحافظ نجيب، رغم أنه في السجن،
إلا أنه
كالذهب المدفون في المناجم، ما أن يظهر للإنسان حتى يبهره ببريقه، مهما كان متسخًا
بالأتربة والرمال! فعندما يتخلص حافظ من سجنه، سيعلم الجميع
مقداره الحقيقي، وكم هو مظلوم بسبب حُكْمِ قاضٍ، حَكَمَ بالأدلة الظاهرة.
ومن سجن الحضرة أيضًا، قال:
٨
طال البعاد على السجين المُغْرَمِ
فتَنَدَّمَ الرجلُ الذي لم يَنْدَمِ
ما نام في ليلٍ على مهد الأسى
إلا وقلَّبَهُ النوى كالمجذمِ
تزكو به نار الغرام مكرهًا
ووَقُودها قلْبُ المحبِّ المُكْلَمِ
ويعوده طيْفٌ يزور مقنعًا
وقناعه ديجور ليلٍ مُظْلِمِ
في الليل يأتي كالطبيب لمُوجَعٍ
فإذا دنا ضمد الجراح
بمرهَمِ
وإذا تَلَطَّفَ بالسلام أراحه
مثل العليل إذا أَتَوْهُ
ببلسمِ
وإذا صحا عند الصباح ولم يَجِدْ
طيف الدجى ذرف المدامِعَ
كالدَّمِ
كم مرةٍ هزأ الخيال بمن غدا
بعد الدلال قرين لصٍّ
مجرمِ
يا صاحِ قد غَدَرَ الزمان ومن هوى
أحرى به سمٌّ بكاسٍ
مُفْعَمِ
خيرٌ من السِّجْن الطويل وضِيقِهِ
فالسمُّ أطيب من شراب
العَلْقَمِ
ولقد سئمت من الحياة وذُلِّهَا
وغدا المماتُ أحبَّ من لئمِ
الفمِ
أني تعبت من الزمان وصرْفه
وتحكُّم الدهرِ الذي لم
يحكمِ
من عاش حرًّا بين آل بلاده
صعْب عليه الذل بعد
تكرُّمِ
بالله قل لي هل أراني واهمًا
أم ذي الحقيقة لا منام النوَّمِ
ضلَّ الرشاد ولم يعد لي فكرٌ
وغدا مقالي مثل شرحِ
الأيكمِ
وغدا يراعي لا يطاوع أصبعي
إلا إذا كان المدادُ من
الدمِ
وغدا غلاف الطرس من كفن الهوى
ونأى على عجل البخار
بدرهمِ
فعسى يذكر مَنْ تكبَّر وانتضى
سيف السكوت لكي يقل
تكلُّمِي
ولعله يلقى مكانًا في الصدو
فلا يضيق كضيق قيد
المُجْرِمِ
ومن الملاحظ على هذه القصائد، أنها كُتبت في فترة واحدة، وهي فترة سجن حافظ نجيب،
كما أنها
تدور حول فكرة واحدة، تتمثل في براءته من التُّهم المنسوبة إليه! وهذا الشعر قال عنه
أحمد حسين
الطماوي: إنه «يُعَدُّ من شعر الشخصية … وشعر الشخصية هو الشعر الذي يُعَبِّر فيه الشاعر
عن
أحاسيسه، ويستظهر فيه أعماقه … ويستمده من حياته، ومن هنا يكون مطبوعًا وليس متكلفًا،
وشعر حافظ
نجيب كان ينقل فيه أحاسيسه ويضمنه معالم نفسه، ويعبِّر فيه عن تجاربه.»
١٠
وهذا الرأي من الممكن الأخذ به إذا قُرأ شعر حافظ منفصلًا عن حياته! ولكن إذا امتزج
هذا الشعر
بحياة حافظ نجيب، سيكون الحُكم مختلفًا؛ لأن حافظ نجيب في هذه القصائد يَكْذِب على الناس
أولًا
وأخيرًا! فهذه القصائد إذا كان طنوس قد اكتشفها، بعد زمن طويل من كتابتها، كان من الممكن
اعتبارها
تجربة شعورية ذاتية صادقة! ولكن الحقيقة أن هذه القصائد قد أرسلها حافظ من سجنه إلى طنوس
كي
ينشرها على الناس! وهذا يعني أن حافظ نجيب أراد من نشْر هذه القصائد، استجداء عطف الناس
عليه، حتى
ولو عن طريق اختلاق مشاعر وأحاسيس غير صادقة! والدليل على ذلك، أنه لم يُشِرْ إلى تهمته،
ولم يوضح
الجريمة المنسوبة إليه، وما هي دوافعها! أي إنه لم يتحدث مطلقًا عن القضية، وكل شعره
اتَّجَه نحو
الشكوى والأنين، وقسوة السجن، وعذاب الحب … إلخ، من أجل التأثير على القارئ!
ومهما يكن من الأمر، فالذي لا شك فيه أن هذه القصائد كتبها حافظ نجيب، وهي تُعْتَبر
من أعماله
الإبداعية، التي تعكس فترة من حياته، وتدل على قدرته في صياغة الشعر، سواء كان شعرًا
صادقًا أو
شعرًا كاذبًا! وكنا نتمنى أن نجد له شعرًا في مناسبات أخرى، قيل في فترات متباعدة، حتى
نحكم على
قدرته الشعرية! ولكن بكل أسف فقصائد حافظ نجيب في مجملها، قيلت في السجون، وفي فترة زمنية
واحدة،
وحول غرض واحد، هو الشكوى!