الفصل الأول
الواقعة الأولى
(يُرفع الستار عن هيئة برية، وبها الملك متريدات والوزير أرباط والجند.)
الجميع
:
دمت يا قان العلا
ذا جلال ووَلَا
ولكَ الفخرُ الذي
كشموسٍ تُجتلى
أنتَ كشَّافُ الكروبْ
أنت صهَّارُ الحروبْ
سيفك الماضي الغَضُوبْ
كم شجاعٍ جَنْدَلَا
آنَ يا رومانُ آنْ
أن تَرَوْا حربًا عَوانْ
وتبوءوا بالهوانْ
والفَنا والْإبتلا
من رماحٍ راصعهْ
وسهامٍ قاطعهْ
وسيوفٍ لامعهْ
تُرْدِي آساد الفلا
مُرْ بسيرٍ يا همام
نسقي أعدانا الحِمام
إنهم قومٌ لئام
بَغْيُهم عمَّ الملا
ملك
:
بشِّروا الرومان بالويلِ الوبيلْ
من حسامٍ قاطعِ الحدِّ ثقيلْ
كم له وَقْعٌ على هاماتهم
وله عند لقاهم من صليلْ
أنا ربُّ السيفِ والرمحِ الذي
يجعل الضرغامَ في الحرب كَلِيلْ
أنا متريدات هَصَّار الوغى
أنا ذو العلياءِ والمجدِ الأثيلْ
ملكٌ يَرْتدُّ من سطوته
كل طودٍ عاصم سامٍ وقيلْ
وليَ الآساد تعنو خشيةً
وليَ الإقدام والباع الطويلْ
لا أبالي بجموعٍ سترى
فَرَقًا بين دخيلٍ وخليلْ
من عضَابٍ كلَّما جرَّدْتُهُ
هابَهُ كلُّ ضئيلٍ وجليلْ
الواقعة الثانية
(مونيم، وفوديم، ملك، وزير)
مونيم
:
الغيرة الغيرة. النصرة النصرة. البِدار البِدار. الثار الثار، من قاتلي والدي
فليبوليمان، انتقم لي يا مولاي من الرومان، الذين جندلوا أبي، ولوَّعُوا بعدها
كربي، وتركوني في احتراق، وحزن لا يطاق.
مَنْ نصيري يا ذا المليك سواكَ
دام في ذروة الفخار عُلاكا
أضرمَ الرزءُ في الحشا نارَ حزنٍ
أحرقَتْنِي وأورثتْني الهلاكا
كُنْ مجيري ومنقذي ومَلاذي
وأزل لوعتي جُعِلْتُ فِداكا
إنَّ بَغْيَ الرومانِ ألبس جسمي
ثوب سقم صاحبْتُ فيه انهتاكا
قتلوا والدي وأجْرَوْا دموعي
فانتقِمْ لي أطال ربِّي بَقاكا
ملك
:
يا حُسامي آنَ أنْ أروي ظماك
من دماء العِدَى وأجلو صداكا
حاشا أَلْوِي عَنْ أخذ ثار خليل
صادق الود ولو عدمنا الحراكا
كفكفي مونيم أدمعًا بلبلتْنِي
وابْشري بالمنى … …
مونيم
:
… … إلهي رعاكا
ملك
:
إن بغي الرومان يا أرباط، قد لوَّع فؤادي
فقد استشاط، لا سيما قتلهم فليبوليمان، الذي كان لنا من أعز الخُلَّان، فإنهم
قطعوا من بيننا علاقة الوداد، وألزموني أن أنصبَّ عليهم بجيوشٍ كالجراد،
وأُقسِّم بهذا البتَّار أعمارهم، وأقلع من الدنيا آثارهم.
ويلهم ويلهم إذا ما رَأَوْنِي
ورأوا للجيوش حولي اشتباكا
أن يلقوا إلى النجاة نصيرًا
أو ينالوا من المنون انفكاكا
أرباط
:
وفق الله — أيها المليك — سعيَك، ونفَّذَ في كل الأمور أمرَك ونهيَك، ولا زال
سيفك في رقاب الأعداء مكين، ودمت محفوظًا بعناية الله ونصره المبين، إلى غاية
الزمان، ومنتهى الدوران.
الجميع
:
وفَّق الله سُراك
يا مليك البشرِ
ورمى كلَّ عِداك
بالبلا والضررِ
دمتَ مصحوبَ السعود
بالصفا والظفرِ
واطئًا هامَ الحسود
مشرقًا كالقمرِ
سِرْ بنا يا ذا الفخارِ
لبلوغ الوطرِ
والمنى والإنتصار
بالقنا والأبترِ
نحن في الحرب نُبيد
كل ليث قسوري
ولنا البأس الشديد
ولنا البطش الجري
دَأْبُنا يوم الحروب
شقُّ هامِ المفتري
كم أثرْنا في القلوب
شررًا من سَقَرِ
هيا قان المجد هيا
حان حين السفرِ
وبدا النصر زهيًّا
في العلا كالمشتري
ملك
:
قد سلمتك يا أرباط زمام السدة الملوكانية، ووكلتك مدة غيابي وكالةً وقتية،
فاحفظ مقام الرئاسة، والتزم حقوق السياسة، وإيَّاك أن تخابرَ ولديَّ فرناس
وأكسيفار، إلَّا إذا حدث ما ليس في الأفكار.
أرباط
:
سر يا مولاي بالأمان، والله الموفق والمستعان.
ملك
:
كوني يا مونيم في راحة وسرور، فعن قريب بعون الله تحصلين على الحبور.
مونيم
:
أعانك الله أيها المهاب، وسلَّمَكَ ذَهابًا وإياب.
ملك
:
تأهبوا أيها القوادُ إلى السفر، وعلى الله النصرة والظفر.
الجميع
:
هيا بنا للحروب والقتال، نحن فرسان في البراري والقفار، بسيوف ورماح كالصواعق
الشداد في يد الفرسان.
يا عظيم يا قدير
يا سميع يا بصير
اجعل مولانا الشهير
كوكبًا فينا ينير
يا عظيم يا قدير
يا سميع يا بصير
اجعل مولانا الشهير
كوكبًا منزهًا علاه
نحن ما لنا مثيل
ما لنا عديل
في الحروب والقتال
يا عظيم يا قدير
يا سميع يا بصير
اجعل مولانا الشهير
كوكبًا فينا ينير
الواقعة الثالثة
(مونيم، فوديم، أرباط)
مونيم
:
حكم الزمان بفرقتي
والبَيْنُ ضاعف حرقتي
وَا لوعتي! وا حسرتي!
سلب المَنون أحبَّتي
أرباط
:
مونيم ما هذا النحيب؟
صبرًا فذا حزن مُذيب
مونيم
:
أرباط عيشي لا يطيب
والموت فيه راحتي
فوديم
:
صبرًا يا مولاتي مونيم.
مونيم
:
آه نديمتي فوديم، فراق والدي فليبوليمان، أثار في حشاشتي النيران، وهذه
الحروب المتوالية، قد أوقعتني في أشدِّ داهية، وسئمت من الحياة والنياحة، وليس
لي غير الموت راحة.
فوديم
:
حسبك يا مولاتي عويلًا ونحيب، واطلبي الفرج من القريب المجيب، فإنه السميع
البصير، وعلى ما يشاء قدير.
مونيم
:
لا فرج يا فوديم بغير الممات، الذي هو راحتي من الحسرات، وبه الخلاص من
الأحزان، ومن آفات الزمان.
لحى الله الزمان ولا رعاه
فلا يدع الصلاح بلا فساد
زمان يعقب النعمى ببؤس
ويشقي الناس في كل البلاد
فكم ألقى على الدنيا خطوبًا
وكم أجرى دموعًا كالعهاد
يشتت كل شمل كالمنايا
ويبدل كل قرب بالبعاد
فوافرط انتحابي واكتئابي
لفرقة من له في القلب نادي
سهم النوى
قلبي انكوى
لما زوى
بدر منير
في سما العز استوى
الجميع
:
سهم النوى (… إلخ).
مونيم
:
فليبوليمان أيا طود الفخار
ظلمًا سقاكَ البَيْنُ كاساتِ الدمار
مولانا متريدات ركن الصبر هار
عجِّل بأخذ الثار أَفْنَانا الجوى
الجميع
:
سهم النوى (… إلخ).
مونيم
:
وفِّقْه وانصره على الأعدا اللئام
واجلُ ظلام الكرب عَنَّا يا سلام
الجميع
:
واسبلْ علينا السترَ وانفِ الإِصْطدام
فضلًا فَدَاءُ الحزن قد أعيا الدوام