الفصل الثاني
الواقعة الأولى
(يرتفع الستار عن هيئة بيت وبه فرناس وأرباط.)
فرناس
:
كيف العمل يا أرباط بمونيم؟ وإلى متى وأنا في العذاب الأليم؟ وبأي جسارةٍ
تعاملني بأسوأ معاملة؟ وتوالي إلى مهجتي سهامَ هجرها القاتلة، مع أني أصبحتُ
ملك هذه البلاد، وما بها من الرجال والنساء والأولاد، أما سمعتْ بوفاة والدي
متريدات، أم تجهل أنها تحت إطاعة أمري في سائر الحالات؟ فوحياتي إذا ما رجعتْ
عمَّا بها من الامتناع اختيارًا، فأنا أُرجعها عنه جبرًا واقتدارًا، فاذهب الآن
وأخبرْها بأني في انتظارها، وأني قد سئمت من إعراضها واعتذارها، واستعلمْ هل
قدوم أخي أكسيفار حقيق؟ أم هو من أنواع الأكاذيب والتلفيق؟ وعُدْ إليَّ بأصدق
الأخبار، فإني لك في الانتظار.
أحرق الحب مهجتي وكواها
بفتاةٍ تهوى القلوبُ رِضاها
ليس ترضى من المحبِّ بقربٍ
وَهْوَ يبغي دون الأنام لقاها
ما نَعَتْنِي الأيامُ عنها بظلمٍ
ويحَ هذي الأيام ما أقساها
بهواها ترى الملوك عبيدًا
ذات حسن سبحان من سوَّاها
وصلها جنَّتي وطِيب نعيمي
وعذاب الجحيم عند جفاها
كيف ترضى مونيم هجري وإني
لست أرضى دون الأنام سواها
أرباط
:
أمرك أيها الأجلُّ.
فرناس
:
سر وعُدْ بالعَجَل. (يذهب.)
الواقعة الثانية
(فرناس)
فرناس
:
آه ماذا ينفعك يا فرناس ملك اليونان والرومان، إذا ما تحصلت على مونيم ربة
الحسان؛ إذ ببعدِهَا لا نجاح، وقربها هو عين الفلاح، فلا راحة ببعدِكِ يا
مونيم، وإعراضك عني هو العذاب الأليم، فآه ثم آه، من قلبك ما أقساه! كيف النجاة
من الآلام، والخلاص من حرقة هذا الغرام!
بهجركِ يا مونيم فنيتُ صدَّا
ولم أبلغ من الأيام قَصْدا
وأحكام الزمان عليَّ جارتْ
بحبكِ والجفا قد زاد حدَّا
وحقكِ إنني ملكٌ عظيم
ولكني لذَاتِكِ صرتُ عبدَا
فلبِّي دعوتي كرمًا وفضلًا
وإلَّا فالهلاك يكون عَمْدَا
كيف التخلُّص مما قد بليتُ به
والدهر حاربني ظلمًا وعدوانَا
أنا العليل ومن أبغي الشفاء بها
نوتْ على تلفي سرًّا وإعلانَا
ما ضرها لو بطيب الوصل تُسعفني
مونيم بعد الجفا فضلًا وإحسانَا
في حبِّها ضلَّ عقلي عن طريق هدى
ومن مُدام الهوى أصبحتُ سكرانَا
الواقعة الثالثة
(مونيم، فرناس)
فرناس
:
أهلًا بكِ يا شمس الصباح، ومشكاة الحسن وزينة الملاح، فلا عدمتكِ مدى الأيام
والليالي، ولا سُقِيتُ من يديكِ إلا كاسات الوصال.
مونيم
:
ماذا تريد منِّي أيها الأمير المصان؟ فالوزير أرباط أمرني أن أقابلك في هذا
المكان، فإجابة للطلب أتيت، وللأمر لبَّيتُ فسعَيْت.
فرناس
:
أوَتجهلين يا مونيم ما أنا طالب وما أريد؟ أم تتجاهلين ليزداد عذابي الشديد؟
أمَا تعلمين أني لا أرغب من الدنيا سواكِ؟ ولا أطلب منها إلا قربكِ ورضاكِ،
فأنتِ مشتهاي ومرادي، وعليكِ دون الأنام اعتمادي، فارحمي ضعفي ورقِّي لانتحابي،
فقد زاد وجدي وعظم والله مصابي.
أنعِمي بالوصل يا ذات الجمال
إنما الصبر عن الهجر محال
مونيم
:
دون وصلي أخذ روحي فارتجِع
عن سؤالي إن ذا الأمر ضلال
فرناس
:
ذابت الروحُ بنيران الجفا
وغدا جسمي نحيلًا كالخيال
مونيم
:
انتبه واصحُ فقلبي قد غدا
مثل جلمودٍ فلا ترجو منال
فرناس
:
إن يكن قلبُكِ صخرًا قاسيًا
فمن الصخر جرى الماء الزلال
راقبي الله بصبٍّ مُغرَمٍ
صال في أحشائه الوجدُ وطال
مونيم
:
ما هذه الحالة يا سيدي؟ أعدمت عقلك، أم فقد رشدك ونبلك؟ متى كنتَ تخاطبني
بمثل هذا الكلام، أما تعلم بأني خطيبة والدك الهمام؟
فرناس
:
أوَتجهلين وفاة والدي يا مونيم؟
مونيم
:
موته ما تأكد أيها الفخيم.
فرناس
:
بل قد تأكد موته عندي؛ ولهذا أظهرتُ لكِ وجدي؛ لتعلمي أني بجمالكِ وَلْهان،
وتبلِّغيني الأمل بعقد الاقتران.
مونيم
:
كيف تطلب منِّي عقد الزواج، وأبوك أهداني لأجله عقدًا وهاج؟ وهو علامة
الارتباط، ويشهد على ذلك رجال الدولة والوزير أرباط.
فرناس
:
أما قلت لكِ إن أبي قد مات؟
مونيم
:
ارجع يا فرناس عن هذه الجهالات، ولا تُشمت ما لنا من الحساد والعواذل، واخلع
عنك رداء الجهالة فإنه داء قاتل، وافتكر يا سيدي في العواقب، وأخرج ذاتك من
ظلمة النوائب، وألزم نفسَك حفظَ العهد والذمام، ولا تخاطبْني بعدها بكلامٍ يوجب
عليك الملام.
فرناس
:
ارحمي مونيم حالي
ذبتُ وجدًا وغرام
في الهوى طال انتحابي
فاصرفي عني السقام
مونيم
:
كُفَّ يا فرناس عني
واجتنب هذا الكلام
إن ما تبغيه منِّي
أضحى في الناس حرام
فرناس
:
أحرقتْ نارُ الصدود
بالجفا منكِ وعود
يا حياة الروح جودي
لي ولا تخشي صدام
مونيم
:
أيها المغرور جهلًا
في الهوى قولًا وفعلَا
أنا لا أرضاك بَعْلًا
لي، ولو ذقتُ الحِمام
فرناس
:
ليس في هذا المقال
لك خير في المآل
أنا ما بين الرجال
ملك حاز احترام
مونيم
:
يا أخا البَغْيِ كفاك
ما به خنتَ أباك
لا تُطع جهلًا هواك
وارعَ للأهل الذمام
فرناس
:
اتركي يا مونيم هذا الجدال، وارجعي عن هذه الأحوال، فامتناعكِ لا يجديكِ
نفعًا، ولا بد من الاقتران بكِ قَطْعًا، ولا تسلي عما يحل بكِ من الخسران، إذا
حاولت وامتنعت عن الاقتران.
مونيم
:
ما هذه الحالة؟ والرزية القتالة … وكيف يمكنني أن أقترن بك أيها الأمير، وأنا
لأبيك دون كل كبير وصغير! ومن أشاع لك عن وفاته هذا الخبر، حتى استندتَ على فعل
هذا الأمر المنكر؟ وما يكون جوابك لأبيك إذا كان الأمر بخلاف؟ عافني يا مولاي
وارجع عن هذه الأوصاف، التي تجلب لنا الأكدار، وتلبسنا أثواب الذل والعار،
وارحم مونيم الواقعة على أقدامك، الطالبة الرجوع عن قصدك ومَرامِك.
فرناس
:
طال يا مونيم أيني
وبرى جسمي الغرام
فارحميني حان حَيْنِي
وانعمي لي بالمرام
مونيم
:
يا مليك الكون ارحم
حالتي وانفِ العناد
أنت بي أدرى وأعلم
يا فتى دون العباد
فرناس
:
بان يا مونيم صبري
وفؤادي في لهيب
فاغنمي بالوصل أجري
مدمعي أضحى صبيب
مونيم
:
أنا لا أرضى لذاتي
صاحبًا غير أبيك
والوفا من واجباتي
فاقتصر لا أرتضيك
فرناس
:
كفى يا مونيم كفى، عني إعراضًا وجفا، فإلامَ أطلب منكِ قربًا فتطلبين مني
ابتعادا؟ وأبتغي منكِ لينًا وأنتِ لا تزيدينَ إلا قساوة وعنادا! فكفاكِ أيتها
القاسية تجبُّرًا وازدراء، واعلمي أني سأضاعف لكِ الجزاء، إذا بقيتِ مصرَّةً
على هذا العناد، وحاولتِ سبيلًا لمسالمتي والسداد، كم عاملتكِ بالرحمة
فقابلْتِني بالقساوة، وخاطبتكِ بالرأفة فأظهرتِ الإعراض والعداوة، فأمعني
النظرَ بمن تخاطبين، وافتكري عمن تمتنعين، واعلمي أني سيدكِ ومولاكِ، وفي يديَّ
سعادتكِ وشقاكِ، وها أنا أفوِّض لكِ يا مونيم أمرين، فانظري فيهما وميِّزي
شأنهما من الزين، وهما الحياة والسعادة بالقرب مني، والممات والشقاوة بالبعد
عني، فاختاري لنفسكِ ما يطيب، واعتمدي على السلامة دون التعذيب، وها أنا ذاهب
عنكِ الآن، لتفضلي الربح عن الخسران، ويتم الأمر حسب المراد، ونكتفي شر هذا
العناد.
الواقعة الرابعة
(أرباط، فرناس)
أرباط
:
إن خبر قدوم أخيكَ يا مولاي صحيح، وعن قريب يحضر إلى هنا وترى وجهه
الصبيح.
فرناس
:
أفهمتَ سبب مجيئه إلى هذه الديار؟
وسالمتْكَ الليالي فاغتررْتَ بها
وعند صَفْوِ الليالي يحدث الكدرُ
أرباط
:
لا سيدي ما تحصَّلْتُ منه على فرصة الاختبار.
فرناس
:
أظن أنه سمع بوفاة أبيه الملك متريدات، فأتى طامعًا في الملك وبلوغ الغايات،
وهذا عليه أبعد مرام، ودونه حد هذا الحُسام.
أرباط
:
ما فهمتُ منه يا سيدي أدنى إشارة، وما أظنُّ مجيئه إلا بقصد الزيارة.
فرناس
:
إن كان زائرًا فحبًّا به وكرامة، وإن كان مشاجرًا فخسرًا له وندامة. فسر
واستعلم عن مقصده بقدر الإمكان، وارجع إليَّ بالخبر الصحيح في هذا
المكان.
أرباط
:
أمرك يا ذا الشهامة.
فرناس
:
سِرْ مصحوبًا بالسلامة.
الواقعة الخامسة
(فرناس، مونيم)
فرناس
:
وها أنا ذاهب عنكِ الآن يا مونيم، لتفضلي الرجوع إلى السبيل المستقيم، وأؤمل
أن أراكِ موافقةً لي فيما أريد، لتحصلي بعدها على الرفعة والحظ السعيد،
باقترانكِ بالملك فرناس، صاحب البطش والشهامة والباس. (ويذهب.)
الواقعة السادسة
(مونيم)
مونيم
:
واكرباه واعذاباه! وكيف يمكنني أن أقترن بمن لا أحبه ولا أرغب أن أراه! وأعيش
بعيدةً عمن أصبحتُ قتيلة هواه؟ مُنْيَة القلب أكسيفار، صاحب البهجة والوقار،
وقرة العيون، مَنْ أورثني الشجون، وحملني الوجد والغرام، وقيَّدَني بسلاسل
الهيام. أنا ألبست على فرناس الأمر، وخادعته بالتمويه والمكر، وأظهرت له حب
أبيه، مع أني لا أرغبه ولا أشتهيه، وأسأل ربَّ الأرض والسموات، أن يلحق فرناس
بمتريدات، ويُبقي لي حبيبي أكسيفار، الذي تخجل لحسنه الأقمار. متى أرى طلعته
البهية، وأجتني بمحاسنه السنية؟ أكسيفار … أكسيفار، آه أحرقتْني النار! إلامَ
أقاسي في هواه العَنا! وما كنتُ أحصل على المنى! يا تُرى عنده ما عندي من
الغرام، أم هو في راحة من الهوى وأنا حليفة السقام. أنا الأسيفة الأسيرة، أنا
المظلومة الكسيرة، التي حُرِمَتْ أباها، والحبيب جفاها، ولوَّعها الزمان، في كل
نكبة وهوان.
ما لي إلا أن أذهب إليه، وأترامى على قدميه، وأتوسَّل به أن يخلِّصَني من
أخيه، وأقدِّم له قلبي فعساه يرتضيه، وبعدها أحصل على الإيناس، بالقرب منه،
والبعد عن فرناس.
من مجيري من لظى نار الغرام
أو نصيري يا ترى بين الأنامِ
بان عنِّي كل ما أرغبه
وعلاني كل قهر واصطدامِ
والدي غالته أيدي الظالمين
وحبيبي القاسي ما كان يلينُ
يا حياتي رقَّ لي قلبي طعين
واشفه بالقرب يا نسل الكرامِ
الواقعة السابعة
(أكسيفار، أرباط)
أكسيفار
:
أواه، واحزناه، من خبر كلم فؤادي، وأضاع عقلي ورشادي. أسفًا عليك يا والدي
متريدات، يا من جددت بفراقه الحسرات! قتلك فرقة الطغيان، وأورثْتَني بعدك
الأحزان.
آه من الدهر، وبلاء القهر.
الدهر إن صافى فظلٌّ زائل
وله مدى الأيام خَتْل غائل
يا دهر كم أرديتَ من بطلٍ! وكم
دُكَّت بنورِك يا ظلوم جنادل!
تبًّا لدهرٍ جَارَ بالحكم على
ملك بأحكامِ الرعية عادل
ملك رحيم في البرية كم له
من مكرُمات عادلتْها فضائل!
فجعتْ به اليونان وانقطع الرجا
عنهم وحلَّتْ في البلاد مشاكل
تَعْسًا لأيامٍ بها ظهر الأسى
بزوالِ مَنْ هو للمراحم فاعل
أبكيه ما بقيتْ حياتي بعده
حتى أراه ودمع عيني هاطل
آه من الدهر، وبلاء القهر.
أرباط
:
ارفق بنفسك أيها الأمير.
أكسيفار
:
عظمت كروبي أيها الوزير، وَلَاعَنِي البين أشد التياع، وحملني الدهر خطوبًا
لا تستطاع، وأعظم من هذه الخطوب والكروب، عداوة أخي الكَنُود الغَضُوب، وأحقاده
التي هي ينبوع الشرور، وتجده أن يكون ضدي في جميع الأمور، وحيث إنه منافق وأنا
مَئِق، فبعيد علينا أن نتفق.
أرباط
:
وما سبب عدم الاتفاق؟
أكسيفار
:
أوَتجهل غدر أخي والنفاق اللذان انطبع
عليهما، ولا ينفكُّ لحظة عنهما؟ أما كنت تنظر بغضه لي ولوالده في كل آن! وحبه
الزائد ورعايته لأعدائنا الرومان؟ أما هو السبب في مولاة الحروب والقتال، والذي
جرَّأ الرومانيين على أقبح الفعال؟ أما كان ينقل لهم أخبارنا، ويحرِّضهم دائمًا
أن يُخرِّبوا أمصارنا، ويحترم دائمًا أمورهم، ويروِّج غامضهم ومشهورهم؟ أما هو
مشهور لدى جميع البرين أن جميع حركاته رومانية؟ أما هيَّج الشعب ضد والده مرار،
وزيَّن لنا المحالفة مع أعدائنا الأشرار؟ ومع هذا أما كان يُظهر الحب الزائد
لأبيه، ويفعل سرًّا كل ما يكدره ويؤذيه، وحيث الآن قُتل والدُه وبلغ المراد،
فلا بد حالًا ما يُظهر لي العناد، ويفوق على هذه الأسباب سبب واحد، يجبر أخي أن
ينصب لي أشراكَ المكائد، وتدور رحى المفاضلة؛ لتحصل بيننا المقاتلة.
أرباط
:
وما هو السبب الذي يجبر أخاك، أن ينصب
لك الشراك؟
أكسيفار
:
آه … هو شيء كتمتُه في صدري، وسيصحبني يا أرباط إلى قبري؛ وهو حبي لمونيم،
ذات القوام القويم، الذي خلَّد لوعتي، وأطلق عَبْرتي، وأثار النار في فؤادي،
وحرمني لذَّةَ رقادي، ورهبًا من والدي متريدات، كنتُ أكتمُه وأكابد الحسرات؛
ولهذا طلبت من أبي مقاطعة كلسوس، فأجاب طلبي وصرت حليف النحوس، واخترتُ البعد
عن الإقامة؛ لأسلم من غوائل الملامة، وكذلك أعطى أخي مقاطعة البون؛ لما رأى من
المخالفة والجنون، وقصد عدم رؤيته، والراحة من ثقالته. ومنذ حكمت في كلسوس إلى
الآن، وأنا في وطيس الكروب والأحزان، رقادي سهاد، ورشادي فساد، وسروري كمد،
وحبوري نكد، وأعظم شيء أوهن مني الجنان، هو أيها الوزير الكتمان، خشية من أبي،
أن يعجل عَطَبي، وحيث الآن قتل والدي وشرب كأس الدمار، حضرتُ لأنتقم من أعدائه
الأشرار، وبعد حين من الزمان، أعرض لدى مونيم قلبي المهان، وأُظهر لها وجدي
المكين، فعساها تقبلني لها قرين، وأعيش معها بالصفاء، حاصلًا على الراحة
والشفاء.
أرباط
:
مونيم يا سيدي لا ترغب سواك، وقصارى
آمالها أن تراك.
أكسيفار
:
وأنا بُغْيَتي رضاها، ولا أشتهي قرينةً
سواها، ولكن أيها الوزير، بلغني أن أخي الخئون الحقير، أظهر لها الحب والتسهيد،
وانخلط عليها بعنف شديد، ومرادُه أن يُجبرها على الاقتران، إذا قابلت طلبه بغير
الإذعان.
أرباط
:
نعم يا سيدي، وقع ذلك من أخيك، ولكنها
رفضَتْ طلبه رغبةً فيك، وأظنُّ أنها لا تجيب له طلب، ولو أذاقها أنواع العذاب
والعَطَب.
أكسيفار
:
وأنا لا أسلِّمُها له مدى الزمان،
وأُجبِرُه ألَّا يذكرَها تجاه إنسان. فسر وبَشِّرْه بضد مراده، وحذِّره أن يرجع
عن غدره وعناده، وإلَّا أُسقِهِ كأس الدمار، من حد هذا البتار، إذا خالف مقاصدي
ولو مرة، أُرجع عليه غدره وشره … وأنت من الآن فاختَرْ لنفسك سيدًا مِنَّا، أو
فاعتزل في كل الأمور عنا، وجانِبْ كلَّ حسن وقبيح، لتعيش مريحًا
ومستريح.
أرباط
:
ما هذا الكلام يا سيدي أكسيفار؟ أتظن أني سواك أختار؟ وأعيش في ظل غيرك،
وأتنعَّم في غير خيرك وبرِّك؟ وغاية مقاصدي يا ذا المكارم، أن تقبلني لذهنك
خادم.
أكسيفار
:
أنا أقبلك أيها الوزير، وأرضاك لي سميرًا ومستشير، وأجعلك في سائر الحالات،
محل والدي الملك متريدات. فسِرْ وأخبِرْ مونيم بحضوري، وحذِّر فرناس أن يعاكسني
في أموري، وعُدْ إليَّ بالجواب.
أرباط
:
أمرك أيها المهاب. (ويذهب.)
الواقعة الثامنة
(أكسيفار)
أكسيفار
:
الحب قد رشق الفؤاد بجمرة
فغدوتُ من نار الغرام بحرقتي
مونيم جودي بالوصال فإنَّني
أهوى المنيَّة كي تخفَّ بليَّتي
إن الممات لمغرمٍ ألف الجوى
هو راحةٌ ومتى أفوز براحتي
مونيم ما هذا التجافي
رقِّي فذا الإعراض كافي
حسب اللقا يا نور عيني
منكِ فوافيني وصافي
كم ذا التجنِّي والبعاد
يا مُنْيَتي ضاع الرشاد
أنتِ المنى والمراد
ووصلكِ للقلب شافي
الواقعة التاسعة
(أكسيفار، مونيم)
مونيم
:
جورًا على قلبي حكم
دهري وبالأذى صدر
وبات قلبي في ألم
وقلب من أهوى حجر
أكسيفار
:
مونيم ما ذا الارتباك؟
مونيم
:
فرناس لي نصب الشراك
دخيلة وافت حِماك أَغِثْها
أكسيفار
:
لا تخشي ضرر
مونيم
:
يا سيدي كن مُشفِعًا
لحالتي ومنصفَا
أصبح جسمي تلفًا
وأنت لا تدري الخبر
أكسيفار
:
أبشري يا مونيم بالمنى، والسلامة من كل عَنَا، واشرحي لي ما نابكِ من فرناس،
لأُلحقه بسكان الأرماس.
مونيم
:
اعلم يا سيدي أنه أتى مشهرًا خبر وفاة أبيه، وكلَّفني به الاقتران مع أني لا
أرغبه ولا أشتهيه، وعن قريب يحضر إلى هذا المكان؛ ليجبرَني قهرًا على الاقتران،
أو يذيقني الدمار، إذا خالفتُ ما يختار.
أكسيفار
:
كفكفي يا مونيم هذه الدموع، وستنظرين رأس فرناس مقطوع، ورأس كل مقعد مهان، من
اليونان والرومان، ولا بدَّ ما أشق الصفوف، وأبدِّد المئات والألوف، وأُرجعهم
جميعًا إلى الأعقاب، وأُلجئهم إلى الكهوف والأشعاب، وأذيقهم كأس العطب، بحد هذا
المُشطَّب.
أنا البطل الذي خضعتْ لسيفي
بنو الدنيا كما خضع الزمانُ
إذا هاجت بحورُ الحرب يومًا
أخوض بها ولا عاش الجبان
فكوني يا مونيم بطِيبِ عيش
ومن كيد الأعادي لكِ الأمان
وسوف تَرَيْنَ لي في الحرب سيفًا
يقدُّ الهامَ إن وقع الطعان
مونيم
:
لغير علاك لا يعنو العنان
ويخشى السيف بأسك والسنان
أيا رومانُ سوف ترون قَيْلًا
له ملء الدُّنا والأفق شان
ويا فرناسُ خاب رَجاك فاقصر
وعُدْ بالخسر حاق بك الهوان
رعاك الله يا مولاي فاسلم
بعزٍّ ما أنارَ لنا النيران
أكسيفار
:
ستنظرين يا مونيم فعال أكسيفار، وكيف يحصد رءوس أعدائه الأشرار، وكذلك أخي
فرناس … أخي فرناس، سأُخمد منه الأنفاس، وأُذهب روحَه إلى سقر، إذا بَقِيَ على
غدره والأشَر … ولكن يا ذات الجمال، أتسمحين لي بعدها بالوصال، وتقبليني لكِ
قرين، وتنقذيني من هذا العذاب المهين؛ لأني قتيل عينيكِ، وأسيرُ بين يديكِ،
فارحمي يا مونيم حالي، واصرفي حرقتي وبلبالي، واعلمي أن سعادتي في رضاك،
وشقاوتي في هجركِ وجفاكِ، فعامليني بالإحسان، وخلِّصيني من الأحزان، وتأكَّدي
أني أموت قتيل الغرام، إذا رفضت مسالمتي والسلام.
بقربكِ يا مليحةُ أسعفيني
فوصلك راحتي وجفاك أَيْنِي
لقد هدم الجفا أركانَ صبري
وقلَّبني على جمر الشجون
فرقِّي وارحمي حالي فقلبي
لقد لعبتْ به أيدي المَنون
وقد أصبحتُ مأسور التصابي
وليس سوى اللقا منكِ معيني
مونيم
:
أنت يا سيدي تحب مونيم؟
دعيني يا خطوب وفارقيني
فقد قرَّتْ بما تهواه عيني
ونلتُ منايَ من محبوب قلبي
وحاسم لوعتي ومبين بيني
فيا بشراي أتحفني زماني
بدُرَّة عقده الزاهي الرصين
فما أحلاه لما قال لطفًا
بقربك يا مليحة أسعفيني
أكسيفار
:
نعم نعم، وبسيف لَحْظِها كليم.
مونيم
:
وافرحاه!
أكسيفار
:
بعد ترحاه (يتعانقان.)
الاثنان
:
بُشرى لنا نلنا الأماني
وأشرقت شمس التهاني
طِبْ بالصفا آه يا جناني
قد نلت لذَّات التداني
يا فرحتي لاحت سعودي
تزهو على رغم الحسود
ونلت من ورد الخدود
لثمًا من الوجد شفاني
الواقعة العاشرة
(أكسيفار، مونيم، فرناس، جند)
فرناس
:
سلامي على ذات الجمال التي سَبَتْ
معاطفها الأغصان بالتيه والعجب
وفاقتْ على البدر المنير بوجهها
ضياء وضنَّتْ بالتواصل والقرب
فهيا بنا يا مُنْيَةَ القلب للسقا
فقد آن وقت الأنس يا ظبية السرب
مونيم
:
يا طالبًا مني الوفا
النجم منه أقرب
كدَّرْتَ أوقات الصفا
مني وعز المطلب
فرناس
:
إلى متى هذا الجفا
وأنا بقربك أرغب
كفاكِ مونيم كفى
لا شك قلبي يغضب
مونيم
:
اعلم يا سيدي أني لا أقترن بك لأسباب، إذا أردت معرفتها فأنا أشرحها لك أيا
مهاب.
فرناس
:
اشرحي لي جل أفكارك، ولا تُبقي شيئًا من أسرارك.
مونيم
:
إنه لا يخفاك أيها الرِّئْبال، أني من نسل ملوك وأبطال، وأبوك خطبني من أبي،
من منذ سنين فأجاب طلبه لسمو نسبه ونسبي، وقبل عقد الزواج، حدث ما يسبِّب
الانزعاج، وهي الحروب السالفة بين أبيك والرومان، وكان من المحاربين مع أبيك
أبي فليبوليمان، فأُسر وقُتل تحت اسم أبي مونيم، قرينة عدوهم والدك الملك
الفخيم، والآن قتلوا والدك الملك متريدات، وجدَّدوا لي المصائب والحسرات، فما
كفاني ذلك قهرًا، حتى أقترن بك عنوة وجبرًا، وأنت أول متَّحِد مع الرومان،
الشاحذين سيوف البغي والعدوان، فحوِّل أفكارَك عني أيها العاتي، ودون اقتراني
بك ذهاب حياتي.
فرناس
:
ومن أخبرك أني متَّحد مع الرومان؟
مونيم
:
اتحادك معهم لا يجهله إنسان؛ وأكبر دليل على ما قلته يا ذا الشئون، اختلاط
عساكر الرومان بعساكر البون، مع أنك أميرها، وحاكمها وكبيرها، فوجود هذه
الأسباب هي المانعة من الاقتران، فدعني بالله عليك وشاني، ولا تزدني حزنًا فوق
أحزاني.
فرناس
:
لا لا … إن أسباب رفضك الاقتران، لا لكوني متحدًا مع الرومان، بل لأسبابٍ
فهمْتُها الآن، وستكون عليكِ وبالًا وخسران.
أكسيفار
:
مهما كانت أسباب امتناعها تكون، وأنت ما حملك على إجبارها يا خئون، مع أنها
لا ترضاك، ولا ترغب أن تراك.
فرناس
:
التزم حدك يا ذميم، ولا تعارضني في أمر مونيم.
أكسيفار
:
وكيف لا أعارضك بأمر هو عين العار، وألبستنا أثواب الفضيحة والشنار، وماذا
تقول يا تُرى الملوك والأمراء، إذا سمعوا بهذا الفعل الذي لا تفعله الجهلاء؟
أمَا يجب عليك أن تقدِّم على شهوتك الانتقام، مِنْ قاتل والدك يا قليل الذمام؟
فاصحُ من سكرتك والذهول، وارتجع عن هذا الزيغ يا جهول، وبادِرْ لأخذ الثار، من
أعدائنا الرومانيين الأشرار، وبعد بلوغ الآمال، لكل مقام مقال.
فرناس
:
وهل أنا في احتياجك أيها المهان، حتى تشور عليَّ بإشهار الحرب على الرومان؟!
ومن أنت أيها الجبان من الأبطال، حتى تطلب مني إشهار القتال؟ أما تعلم أني ملك
اليونان والرومان، والمتصرف المطلق في جميع البلدان؟ أوَتجهل أني ملكك ومولاك،
والمذيق لك إن خالفتني الهلاك؟ فاحذر أن تفوه بشيء أمامي، وإلا أذقتك المنون من
حُسامي.
أكسيفار
:
وبأي جسارة يا أنذل الأنام، تهدِّد مثلي بهذا الكلام، وتُعْلمني أنك ملك
عظيم، وشيء غليظ جسيم. أتظن أني أخافك أو أخشاك، أو أرهب بأسك لي يا أفَّاك؟
فدونك مبارزتي وقتالي، لتذوقَ الموت من نصالي.
فرناس
:
صه يا جبان، وجَعْبَة الأظعان … دونكم هذا النذل فاقتلوه، وإلى نار الجحيم
أرسلوه.
أكسيفار
:
ارجعوا يا لئام، قبل أن تذوقوا الحِمام … وأنت ما أوقفك يا جبان، عن الحرب
والطعان؟ فبادِرْ إن كنتَ من الأبطال؛ لترى من حسامي الأهوال.
فرناس
:
ألكَ أيها الأحقر، حسامٌ بين الرجال يُذكر، أم حسبتَ أني امتنعتُ عن قتالك
ارتياع، فما هو وحياتي إلا احتقارًا بك يا لكاع.
أكسيفار
:
دع عنك يا جبان هذه الأعذار، وأسرع لشرب كأس الدمار.
في الحرب تعرف يا فرناس أفعالي
وليس تخفى على الفرسان أهوالي
إن كنت تجهلها فاليوم تعرفها
حقًّا وتُدرك مني صدق أقوالي
أنا الشجاع الذي تعنو السباع له
وتختشي في الوغى من طعن عسَّالي
فرناس
:
صه يا مهذار، وحذار حذار، فقد أسأت الأدب، وجزاؤك حد هذا المشطَّب.
أنا الذي لا يَهاب الموت إن سعرت
نار الوغى بين أبطال وأقيال
أنا المنون لمن يبغي مخاصمتي
وهمَّتي ترشق الدنيا بزلزال
دَعْ عنك ما أنت منِّي الآن طالبه
أو تُسقى كأس الردى من حد فصَّال
أكسيفار
:
سترى من يُسقى الردى، ويذهب سعيه سدى. (يتبارزان.)
يا ساقط الهمَّة خذ ضربة
من صارمٍ تسقط منه الجبال
فرناس
:
وأنت خذ أعظمَ منها فلا
أظنُّ تَلْقى مثلَها في القتال
أكسيفار
:
كذبتَ يا نذلُ بما قلته
فأنت عندي في قديم خيال
فرناس
:
كن مستعدًّا والقى من أبتر
حربًا شديدًا يردي أسد الدِّحال
مونيم
:
إلهي ما هذا البلاء العظيم، والخطب الجسيم؟ ارحمهما يا بديع السموات، وخلصهما
من البليات …
(لحن) بالله ما ذا الاعتدا.
(لحن) بالله ما ذا الاعتدا.
الجميع
:
يا إخوة صاروا عِدى.
مونيم
:
أرواحنا لكمُ فدا.
الجميع
:
يا ربنا يا ربنا، اكفيهما شرَّ العَدا، أمان أمان، أمان أمان.
مونيم
:
هيا اتركوا أمر الجدال.
الجميع
:
واسقوا أعادينا النكال.
مونيم
:
بالله أصغوا للمقال.
الجميع
:
وبادروا لأخذ ثأر الوالد الشهم الهمام، أمان أمان، أمان أمان.
الواقعة الحادية عشرة
(أركاس، مونيم، فرناس، أكسيفار، جند)
أركاس
:
لكم البشرى أيها الأميران.
فرناس
:
ما الخبر يا أركاس عجِّل بالبيان؟
أركاس
:
إن شاطئ البحر امتلأ بالعساكر من سائر الجهات، فذهبْنا لكشف الخبر فرأينا
والدك الملك متريدات، وهو مقلد بحسامه المشطب، وخبر وفاته قد تكذَّب.
أكسيفار
:
والدي قد أقبل؟
أركاس
:
نعم أيها الأكمل، وقد نزل لملاقاته الوزير أرباط، وجميع رجال الدولة بكل
انبساط، فبادرا لملاقاته؛ لتحصلا على مرضاته.
(يذهب أركاس.)
الواقعة الثانية عشرة
(فرناس، أكسيفار، مونيم، الجند)
أكسيفار
:
قد منعتْنا يا مونيم الأقدار، عن بلوغ الآمال والأوطار.
مونيم
:
نعم أيها الأمير الأجل، خاب القصد والأمل، وتأكدتُ أن لا خلاص، من أبيك ولا
مناص، فأستودعك اللهَ أيها الأمير.
أكسيفار
:
اذهبي بكلاءة السميع البصير. (تذهب
مونيم.)
الواقعة الثالثة عشرة
(أكسيفار، فرناس، جند)
فرناس
:
وأنا بقدوم أبي خابَتْ مقاصدي، وتوارَتْ سعودي وفقدتُ مساعدي، وأصبحت عرضةً
للأخطار، مِنْ غضب والدي العنيد الجبار … فاذهبوا الآن أيها الجند؛ لأن لي مع
أخي قصد. (يذهب الجند.)
الواقعة الرابعة عشرة
(فرناس، أكسيفار)
فرناس
:
قد مضى ما مضى يا أكسيفار، وعلينا الآن أن نستخدم الأفكار؛ لنخلص من العذاب
الشديد، وغضب والدنا الجبار العنيد؛ لأنك تعلم قساوته، وجبره وعداوته، خصوصًا
إذا علم ما جرى بيننا وبين مونيم، فيوقع بنا كل ضرر وبلاء جسيم.
أكسيفار
:
وأنا ما جرى بيني وبين مونيم؟
فرناس
:
أحسبت يا أكسيفار أني صميم؟ أما سمعتُ كلامكما عند الوداع، وصار لي عن حالك
وحالها اطلاع، ولكن فلندعْ هذا الأمر لوقت آخر وندبِّر أمور، نحصل بها على
الحبور.
أكسيفار
:
وما هو التدبير يا سديد الآراء؟
فرناس
:
التدبير أن … أن نقتل أبانا ونخلص من العنا، قبل أن يبطش بنا، ويوصل إلينا ما
يؤذينا، وأنا وأنت نملك جميع البلاد، ونحكم على سائر العباد.
أكسيفار
:
دع يا فرناس هذا المقال، ولا تتمسك بأذيال المحال، فمهما كانت طباع والدي
ردية، فأنا لا أطاوعك في أمرٍ يوصل إليه أدنى أذية، وهل أنا عديم النخوة بهذا
المقدار، حتى تكلِّفني قتل والدي يا غدَّار؟ أما هو ينبوع ذاتك وذاتي، والسبب
في حياتك وحياتي؟ فأنا لا أتجاسر على فعل ذلك، ولو سقاني والدي كئوس المهالك،
ولا أقدِّم له غير الطاعة والاحترام، مع عدم مخالفة أوامره على الدوام، وأنا
أبشِّرك بأنك لا تسود، ما دمتَ مُصرًّا على هذا البغي يا جَحود.
فرناس
:
اعفُ يا أكسيفار عني، واكتم ما سمعته مني، فقد اعترفت بأوزاري، وارتجعت عن
أفكاري، وأعاهدُك ألَّا أخرج بعدها عن طاعة أبي، ولغير مرتضاته لا يكون طلبي،
وحيث علمتُ أمرك وعلمتَ أمري، فأكتم سرك وتكتم سري، والناجي منا لا يتخلَّى عن
أخيه، إذا أبصر عين الغدر من أبيه.
أكسيفار
:
هذا الأمر أعاهدك عليه، وتنجح جميع أفكاري لديه؛ لأنه عين صلاحك وصلاحي، وبه
نجاحك ونجاحي.
فرناس
:
هيا إذًا لملاقاة أبينا، الله يحفظه ويحمينا. (لنفسه) إن أبقيتُ عليك أو على أبي، فلا أكون فرناس أيها
الغبي.
أكسيفار
:
ولمَ توقَّفْتَ عن الذهاب؟
فرناس
:
هلمَّ أيها المهاب.
الاثنان
:
أتى ذا الملك مولانا المعلى
فغض الطرف عن ملك المعالي
وها نحظى بلَثْمِ الكفِّ منه
وربي سابل ستر الأمالي