جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
«وتظهر دلالة الأفغاني في عصر الاستقطاب بين خطابَين سائدَين في الفكر العربي المعاصِر؛ الخطابِ السَّلَفي الذي يعرف كيف يقول ولا يعرف ماذا يقول، والخطابِ العلماني الذي يعرف ماذا يقول ولا يعرف كيف يقول. إذ يقدِّم الأفغاني الخطابَ الثالث الذي يعرف كيف يقول ويعرف ماذا يقول. وهو الخطاب الذي حاوَل اليسار الإسلامي إعادةَ صياغته في أوائل الثمانينيات في بداية الاستقطاب.»
يتناول «حسن حنفي» في هذا الكتاب تجرِبةَ «جمال الدين الأفغاني»، بمناسبة مرور مائة عام على وفاته؛ باعتباره الأبَ الروحي للإسلام الثوري، وصاحبَ الحركة النهضوية الفكرية والاجتماعية التي عرفها العالَم العربي والإسلامي في القرن التاسع عشر، والتي كان لها صدًى واسعٌ في مصر على نحوٍ خاص؛ فقد تأثَّر بأفكاره رجالُ الثورة العُرابية، ليحملَ اللواءَ من بعده أجيالٌ متعاقِبة بدأَت بتلميذه «محمد عبده»، ثم تلامذته «قاسم أمين»، و«علي عبد الرازق»، و«سعد زغلول»، و«محمد رشيد رضا» أستاذ «حسن البنا»، ليدخل الإسلامُ الثوريُّ في خمسينيات القرن الماضي وما تلاه مرحلةً جديدة حادت تمامًا عن فكر «الأفغاني»، وهي مرحلة التفكير السَّلَفي التكفيري. ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي تُعيد إلى الأذهان «الأفغاني» من جديد. وقد ركَّز «حنفي» في كتابه على مَعالم شخصية «الأفغاني» وأفكاره وتعاليمه وجهوده الرامية نحوَ جامعةٍ إسلامية تُجابِه الاستعمارَ في الخارج والقمعَ في الداخل.