الموضوع والمنهج
(١) دلالة الأفغاني
ولما قامت الثورة الكمالية في تركيا، وانتصرَت القومية الطورانية على الجامعة الإسلامية، وحزب الاتحاد والترقِّي على حزب الإصلاحيِّين، وتركيا الفتاة على الخلافة حدث ردُّ فعلي سلفي عند رشيد رضا تلميذ محمد عبده خوفًا من تكرار التجربة التركية في باقي أرجاء العالم الإسلامي، فدافع عن الإمامة أو الخلافة العظمى ضد العلمانية التركية، ودافع عن الوحي المحمدي ضد العقلانية العلمية الغربية، وحاجج الإسلام ضد شبهات النصارى. فارتدَّت الحركة الإصلاحية مرة ثانية من السلفية المجاهدة عند الأفغاني إلى السلفية المحافظة عند محمد بن عبد الوهاب الذي ردَّه إلى ابن تيمية الذي ردَّه بدوره إلى أحمد بن حنبل باسم النص. وتحوَّلت الدولة القاعدة من مصر إلى السعودية، ومن الدستور والبرلمان إلى القبيلة والأسرة.
وإلى الأفغاني تعود الفعالية للحركة الإسلامية المعاصرة في أفغانستان أثناء حرب الاستقلال ضد الغزو السوفيتي قبل أن تتحول إلى حرب أهلية بين الفِرَق، كلٌّ منها يظن أنه الفرقة الناجية، وفي البوسنة والهرسك بالرغم من عجز المسلمين على مدى ثلاث سنوات وانتظار القطب الأوحد في العالم لإنهاء الصراع على حساب المسلمين، وفي لبنان وفلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي دون استنارة الأفغاني وليبراليته ودعوته إلى حرية الفكر والنظم البرلمانية والدستور. فقد بعدت المسافة بين ليبرالية القرن الماضي وأوائل القرن، منذ ثورة ١٨٨٢م حتى ثورة ۱۹۱۹م، وبين هذا الجيل بعد أن قضَت الثورات العربية الأخيرة منذ أوائل الخمسينيات على النظم الليبرالية العربية، وغابَت عن النظم الملكية الوراثية التي ترسخَت بعد انحسار المد الثوري العربي، وبالرغم من أشكال الديمقراطية في مجالس الشورى والشعب والأمة والبرلمان والتعددية الحزبية في بعض الأقطار.
-
(١)
إيراني ولیس أفغانيًّا وكأن الجنسية عنصر حاسم في حياته ورسالته وآرائه. وهو الذي حارب الجنسية كرابط بين الجماعة وكعامل توحيد بين الأقوام. وهو الذي ردَّ على رينان في الربط بين الثقافة والعرق ونظريته العنصرية التي راجَت في القرن الماضي، تفوُّق العقلية الآرية الغربية في مقابل انحطاط العقلية السامية الشرقية. فالتركيز على الجنسية إسقاط من الحاضر على الماضي، ومن الباحث على المبحوث، ومن الدولة الوطنية المعاصرة على عصر الخلافة. ويتحول الحديث عن الجنس إلى حديث بيولوجي عرقي عن ملامح الوجه ولون البشرة وفصيلة الدم في ثقافة ساوَت بين الشعوب، وجعلَت لا فضلَ لعربي على عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.
-
(٢)
طائفي شيعي، ادعى أنه من أهل السنة للوصول إلى قلوب الأغلبية من المسلمين. بل إنه بابي بهائي من فرقتَين شيعتَين معاصرتين أخرجهما المسلمون من الأمة لادِّعاء الباب وبهاء الله النبوة، استثمارًا للنزاع التقليدي الموروث بين السنة والشيعة. والأفغاني نفسه يدعو إلى وحدة الأمة وتجاوز هذا الخلاف التاريخي.
-
(٣)
إرهابي انقلابي، شارك في عديد من المؤامرات والانقلابات السياسية في أفغانستان، مؤيدًا فريقًا ضد فريق، بل أخًا ضد أخيه. دبر اغتيال الخديوي إسماعيل على كوبري قصر النيل. وهو الاتهام الذي يُلقى عادة على كلِّ الثوريين من الأنظمة الرجعية التسلطية أو نظم الاحتلال مثل اتهام المقاومة الفلسطينية المشروعة ضد الاحتلال الصهيوني بالإرهاب. الإرهاب أفعال فردية أو جماعية محاصرة لا تجد مَن يساندها. في حين أن الثورة حركات شعبية بدليل اندلاع كثير من الثورات في العالم الإسلامي بفضل تعاليمه. الثورة العرابية في مصر، والثورة المهدية في السودان. وقد قامت الانقلابات الحديثة بفضل الجيوش في البلاد النامية بتثوير مجتمعاتها في الخمسينيات والستينيات وكما حدث في الثورات العربية الأخيرة. كما نجحَت الثورة الإسلامية في إيران ضد إرهاب الشاه والسافاك. ومع ذلك فالأفغاني من كبار المدافعين عن النظم البرلمانية والتعددية الحزبية والدستور والملكيات المقيدة حتى أصبحت الليبرالية الغربية نمطًا للتحديث في الحركة الإصلاحية لا فرق بينها وبين الليبرالية السياسية عند الطهطاوي وخير الدين التونسي أو العلمانية عند شبلي شميل وفرح أنطون وسلامة موسى وزكي نجيب محمود. وقد ظهرَت تيارات إخوانية تعود إلى هذا النموذج الليبرالي في الأردن واليمن والكويت وحزب الوسط (تحت التأسيس) في مصر.
-
(٤)
استبدادي تسلطي نازي، ينتقل من استبداد إلى استبداد حتى ولو قال بالمستبد العادل. فالمستبد لا يكون عادلًا والعادل لا يكون مستبدًّا. والحقيقة أن المستبد العادل تعبير عن تجربة النهضة في عصره وإعجابه بمحمد علي وبنهضة اليابان وبسمارك في ألمانيا. ويعتمد في ذلك على حكم شرعي قديم باجتماع صفتَي القوة والعدل في الإمام، وأولوية الأولى على الثانية في حالة التعارض؛ لأن الحاكمَ القويَّ ضروريٌّ للدفاع عن البلاد، ويستطيع العالم أن ينبهَه على ضرورة مراعاة العدل ومقاومة الظلم.
-
(٥)
متآمر ومناور، يتفق مع رياض في إستانبول ويخطط معه. يتآمر على عزل إسماعيل، وتفضيل عباس حلمي. يُقيم محاور ضد محاور، ضد تركيا ومع الخلافة، وضد الخلافة العثمانية ومع الخلافة القرشية. أنشأ «العروة الوثقى» دفاعًا عن الخلافة، واختفت رسالة التأسيس التي أرسلها له السلطان لهذه الغاية. كما ادعى باحث آخر من نفس الملة اختفاء رسالة خطيرة من محمد عبده إلى تولستوي. لو ظهرَت لكشفَت النقاب وبان المستور.
-
(٦)
انتهازي متلون، لا يثبت على حال، وله ظهرٌ وبطن، ولا ينتمي إلى مذهب سياسي. يشكُّ كل الحكام في ولائه بعد أن يثقوا فيه. وهي صفة السياسي أكثر منها صفة المفكر. لا يعني ذلك أنه ضحَّى بالفكر من أجل السياسة أو تنازل عن النظر من أجل العمل بل يكشف عن القدرة على تجميع المذاهب والفِرَق تحقيقًا لوحدة المسلمين. ويعترف الأفغاني نفسه بذلك ويكشف عن صورته في ذهن الناس؛ إذ يقول عن نفسه بالنثر الفارسي: الإنجليز يعتقدون أني روسي والمسلمون يظنون أني مجوسي، والسنة يحسبون أني رافضي، والشيعة يخالون أني نصيبي (أعداء علي)، وبعض أصحاب الرفاق الأربعة يعتقدون أني وهَّابي، وبعض أتباع الأئمة يتوهمون أني بابي، والمؤمنون بالله يظنون أني مادي والأتقياء يتصورون أني خاطئ مجرد من التقوى، والعلماء يعدونني جهولًا، والمؤمنون يظنون أني كافر. لا الكافر يدعوني إليه ولا المسلم يعدني من ذويه. منفي من المسجد، منبوذ من المعبد. وفي نفس الوقت له صورة أخرى: عالمٌ دینيٌّ قويُّ الإيمان، مفكِّر حرٌّ، متفلسف ملحد. وهي نفسُ صورةِ كلِّ مفكر من هذا النوع يحاول أن يلمَّ الشمل، ويجمع بين فِرَق الأمة، ويوحِّد الخطاب الوطني. فهو عند السلفيِّين شیوعيٌّ متخفٍّ، وعند الشيوعيين سلفيٌّ متخفٍّ، وعند الدولة إخوانيٌّ شيوعيٌّ.
-
(٧)
عمیل سوفييتي، يعمل لحساب القيصر. وهي نفس التهمة التي قيلت على عبد الناصر في عصر الاستقطاب، بل وعلى كلِّ الزعماء الوطنيِّين في العالم الثالث في عصر التحرر الوطني. بل وقيلت على لينين إنه عميل لألمانيا، والأفغاني هو الذي أراد توحيد الشرق في مواجهة الغرب. وتتداخل لديه الوحدة الإسلامية مع الجامعة الشرقية. وقد استأنفها السلطان جالييف وهوشي منه. وكانت أكبرَ ملهمٍ لربط مصر بالشرق منذ حافظ إبراهيم أنا تاج العلاء في مفرق الشرق والصحافة المصرية مثل مرآة الشرق حتى كوكب الشرق، وريح الشرق عند نیدهام، وأنور عبد الملك.
-
(٨)
ماسوني یهودي، انضم إلى عديد من المحافل الماسونية، وكان من زعمائها، ما دام يريد السيطرة على العالم مثلها. ويهودي صهيوني بالرغم من أنه تُوفي في نفس العام الذي عقد فيه المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بزعامة هرتزل. صديق يعقوب صنوع مع أنه صديق أيضًا لنصارى الشام المهاجرين مثل سليم الضموري، وسليم النقاش، ولويس صابونجي وشبلي شميل، وأديب إسحاق أقرب تلاميذه إلى قلبه، ولم يُتهم بأنه نصراني، ويكشف هذا الاتهام عن طائفية بغيضة من الباحث وإسقاطها على المبحوث، وينبِّه على صداقته للشوام إقلالًا من مصريته في ثقافة لا تقوم على القومية ولدى مفكر يسعى إلى وحدة الأمة بداية بين مصر والشام.
-
(٩)
طموح شخصي، يريد أن يكون رئيس جمهورية، سياسي متطلع يحقق أحلامه. وهو الذي رفض تتويجه على السودان. وهو الذي كان مطاردًا من كل نظام حتى استقر به المقام في باريس ينشر العروة الوثقى. وعادة ما يتهم كل زعيم وطني بأنه يعمل لصالحه وليس للوطن مما يدفع بعض الزعماء للتوحيد بينهم وبين الأوطان كما فعل ديجول في عبارته الشهيرة أنا فرنسا.
-
(١٠)
مثالي لم يَعِ الواقع القطري. حماسي خطابي، لم يترك فكرًا سياسيًّا نظريًّا منظمًا. والحقيقة أن هذه الصورة قراءة للحاضر في الماضي؛ فقد كان عصر الأفغاني ما زال عصر الخلافة بالرغم من محاولات الأقطار الانفصال بعد ضعف مركز الخلافة. فكان دفاع الأفغاني عن وحدة الأمة حماية لها من الاستعمار الذي يتوحَّد للقضاء عليها بعد تفتيتها. فلا فرق بين الاستعمار الإنكليزي والروسي والفرنسي. والخطاب العربي المعاصر ما زال على هذا المستوى من التنظير؛ لأنه خطاب جماهيري اختارته النخبة من أجل النضال الوطني وليس خطابًا نظريًّا في مجتمعات مستقرة بلغَت شأْوًا من التعليم وقطعَت مع تراثها الماضي. وهو نفس نوع الخطاب في الثورة الفرنسية، والثورة الأمريكية والثورة الروسية مع اختلاف في الدرجة وليس في النوع.
(٢) السيرة والشخصية
لا يهمُّ إذن مسقط رأسه فذلك تصور قومي، ابن هذا القرن ولم يكن في القرن الماضي في العالم الإسلامي. لم تكن هناك حدود قومية بين أفغانستان وإيران. ولكنه وُلد بالقرب من كابل، ومسقط رأسه بلاد الأفغان. أقام في الهند وإيران وفي مصر وتركيا ثم في باريس. تعدَّد المقام والشخصية واحدة، والفكر متصل. هو شرقي في مقابل الغرب، يحمل معه هموم الشرق.
وقد كتب محمد المخزومي مقدمة قصيرة عن حياته مما اختبره بنفسه ودون الاعتماد على ما سبق كتابتُه من آخرين، لا فرق بين حياته وشخصيته، بين فكره وملامحه. كما أبدى جرجي زيدان صاحب الهلال، وكان من محبِّيه، رغبته في كتابة سيرته الذاتية مع أن العادة كتابتها بعد وفاة صاحبها؛ لذلك أرسلها المخزومي إليه بعد وفاة الأفغاني، ونُشر جزء منها في «الهلال». ولما أبدى المخزومي هذه الرغبة إلى جمال الدين قال: «العيان لا يحتاج إلى ترجمان». يكفي ما قاله الآخرون عنه، «سري، سري»، أي متشرد تائه في الأرض. وهي صورته لدى خصومه وحسَّاده بعد إقبال السلطان عبد الحميد عليه.
كان صحيحَ العقيدة، مؤمنًا بالألوهية، شديدَ التمسك بحكمة الدين. ومع ذلك كان نفورًا من التعصب ومن التقليد في المذهب، مجتهدًا لدرجة الغرابة والخروج على المألوف في التفسير. كان قويَّ الذاكرة، سريع الحفظ، بطيء النسيان. يذكر خطابًا ارتجله أو مقالًا أملاه أو كتابًا ألَّفه منذ سنين. كان قويَّ الحجة يجذب مخاطبَه إليه ويرضخ لبرهانه ولو لم يكن ساطعًا. له أسلوبه الخاص في المقدمات التي تتولَّد عنها مقدمات أخرى بالطبع. يتعذر إقناعه جدلًا لأسلوبه الخاص في إبطال الحجة عليه أو التخلص منها دون مكابرة. يُعطي خصمَه الحقَّ بعد أن يفحمَه، ويدلُّه على ما أغفل من حجج وهو حادُّ الذهن لا يخلو من حدة في المزاج، يحمل مَن خاطبه على العظائم ويُذلِّل له الصعاب.
وأفضل مَن كتب سيرتَه تلميذُه محمد عبده كما كتب الجوزجاني سیرة أستاذه ابن سينا. كتب بعضها، ونسيَ البعض الآخر، وكتم جزءًا لأسباب سياسية. وُلد في قرية سعد أباد عام ١٨٣٩م، وانتقل مع أبيه إلى كابول. تعلَّم في سنِّ الثامنة. واعتنى به والدُه لمَّا رأى فيه قوة الفطرة والعزيمة وذكاء العقل. برع في علوم العربية والتاريخ والشريعة والتفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والكلام والتصوف. كما برع في بعض العلوم العقلية مثل المنطق والسياسة والاقتصاد، والعلوم الرياضية مثل الحساب والهندسة والجبر والفلك، والطب والتشريح. فجمع بين الحكمتَين.
ويبرز محمد المخزومي باشا الذي رافقه في آخر سنوات حياته بالآستانة طفولته أنه ابنُ السيد صفر من أسرة أفغانية ينتسب إليها الترمذي المحدث، وترتقي إلى الحسين بن علي. نشأ في كنر من أعمال كابول، في بيت علم له احترامُه لنسبِه الشريف. وكانت للأسرة السيادة على بعض الأراضي الأفغانية. ثم سلبها الإمارة دوست محمد خان الذي نقل والد جمال الدين وبعضَ أعمامه إلى كابول.
نُفي من الهند إلى مصر وأقام بها أربعين يومًا تردَّد فيها على الجامع الأزهر. وخالطه كثيرٌ من طلبة العلم السوريِّين ومالوا إليه، وطلبوا منه قراءة شرح الأظهار، فقرأ لهم منه بعضًا في بيته. كان مقامه أول مرة قصيرًا في مصر، ولكن كان له أبلغ الأثر في إنارة الأزهريين بالعلم الجديد والجرأة على شرح القدماء شرحًا عصريًّا، وهو ما كان يبحث عنه طه حسين فيما بعد ولم يجده إلا في الجامعة المصرية.
ثم سافر إلى الآستانة، والتقى بالصدر الأعظم عالي باشا، وأقبل عليه الأتراك بزيِّه الأفغاني. وبعد ستة أشهر عُيِّن عضوًا بمجلس المعارف مما أثار حفيظةَ شيخ الإسلام في ذلك الوقت لآراء الأفغاني التي كانت تمسُّ رزقَه، فتآمر عليه بأن طلب إليه مديرُ دار الفنون أن يُلقيَ خطابًا للحثِّ على الصناعات. فكتب الخطاب وعرضَه على وزير المعارف وعلى مشير الضابطة وعلى بعض أعضاء مجلس المعارف فاستحسنوه. وقد قام الخطاب على تشبيه المعيشة ببدن حي، وكل صناعة بعضو في البدن؛ فالملك هو المخ مركز للتدبير، والإدارة والحدادة العضد، والزراعة الكبد، والملاحة الرِّجلان، وعلى هذا النحو يتألف جسم السعادة الإنسانية وهو التشبيه القديم الموروث من الفارابي وابن سينا. ولما كان لا جسم بلا روح فإن الروح هي النبوة أو الحكمة. الأولى هبة إلهية، والثانية كسب للبشر. الأولى يقين والثانية ظن، الأولى صادقة والثانية يعتريها الخطأ والصواب. الأولى واجبة الاتباع والثانية مندوبة من جهة الأولى والأفضل بشرط عدم مخالفتها للشرع الإلهي.
غضب شيخ الإسلام، واتهم الأفغاني بأنه يعتبر النبوة صنعة كعادة المزايدين في الدين في كل عصر، وأنه ذكر النبوة في معرض خطاب عن الصناعة. وأعطى توجيهاتِه إلى خطباء المساجد، هذا الجهاز الإعلامي الجاهز في أيدي رجال الدين ورجال السياسة، بنقد الأفغاني والمطالبة بمقاضاته واتهامه بالكفر وإنكار ما علم من الدين بالضرورة. ووقعَت الفتنة، وانقسم الناس فريقين، فريق معه وفريق ضده. وخشِيَ الصدر الأعظم وطالب الأفغاني بمغادرة الآستانة كي تهدأَ النفوس، معتذرًا له عن أهل الجمود، وأنه كان بودِّه أن يجعلَه شيخَ الإسلام. ومثل الأفغاني يناهض السلطتَين الدينية والسياسية ويفضح تعاونَهما الخفيَّ والعلنيَّ.
ثم غادر الأفغاني الآستانة إلى مصر في ٢٢ / ٣ / ١٨٨٧م سياحة فيها حتى لاقَی ریاض باشا رجل الإصلاح فمال إليه. والتفتَ حوله طلبةُ العلم. وقرأ عليهم كتبَ الكلام والحكمة النظرية الطبيعية والعقلية والفلك مع أصول الفقه في بيته وفي الأزهر يوم الجمعة. فذاعَت أفكاره في مصر، واستمر في محاولاته للقضاء على الأوهام والدفاع عن العقول. نبغ تلاميذه وتأثروا به، واتسعَت حلقاته. فحسده الحساد، وحقد عليه الحاقدون كما هو الحال في كل عصر. واتهموه بقراءة الفلسفة التي حرَّمَها المتأخرون بفتاوى ابن الصلاح. وشوَّهوا ما ينقلون عنه عن طريق أنصاف المتعلمين عن قصد.
تم تولَّى توفيق حكمَ مصر وأيَّده الأفغاني وجمع القلوبَ عليه. ولمَّا كان الأفغاني ميالًا بفطرته إلى السياسة، فقد نظر في أحوال مصر ورأى تزايدَ تدخُّلِ الأجانب في شئونها يومًا بعد يوم. فبدأ يفكر كيف تتغير الأحوال بتأييد الحاكم الصالح أو بتنوير العقول أم بالعمل على إنشاء الجمعيات الإصلاحية وتنشيط ما هو موجود منها.
فانضم إلى الجمعية الماسونية، المحفل الاسكتلندي، وأصبح من رؤسائها دون أن يُخفيَ ذلك. وبعد أن عايشها انتقدها، ردًّا على مَن قال إنها لا دخل لها بالسياسة، وأنه يخشى عليها من بطش الحكومة. وضاق المحفل بآرائه التي ينتقد فيها الخمول والخوف والجبن. وأنشأ محفلًا وطنيًّا تابعًا للشرق الفرنسي لتحويل الماسونية الغربية إلى حركة وطنية مصرية. وانضم إلى المحفل عددٌ بارز من المفكرين والمصلحين المصريين من تلاميذه ومريديه من العلماء والوجهاء. وقسَّمه إلى شُعَب. شعبة لإنذار ناظر الجهادية لإنصاف الضباط المصريين الوطنيين الذين يعملون في السودان أكثر مما تسمح به القوانين الخاصة بالتناوب بين المصريين والشراكسة والمتمصرين. وطالب بأن تكون أقصى مدة للضابط المصري سنتين بعدها يستبدل بالمصري ضابط شركسي بدلًا من مكوثه أربع سنوات دون استبدال أو استبدال مصري آخر لا سندَ له من أمير أو شفاعة من وزير، وشعبة أخرى لإنذار ناظر الحقانية، وثالثة للمالية ورابعة للأشغال، وغيرها لباقي النظارات والمصالح الأميرية لإحقاق الحق وإقامة العدل مع الموظفين المصريين والمساواة في الرواتب مع غير المصريين. وقامت الشُّعَب بواجباتها خيرَ قيام.
وكانت تألَّفَت في مصر جمعية من الفضلاء، جمعية العروة الوثقى. وكلَّفته أن يُنشئَ جريدةً تدعو إلى الوحدة الإسلامية تحت لواء الخلافة. فكلف محمد عبده بتحريرها، ونشر منها ثمانية عشر عددًا قبل أن تتوقف، صُودرَت في الهند. ووُضعَت تحت الرقابة في مصر بأمر من نوبار الأرمني. وصدر قرارٌ من مجلس النظَّار بمنع دخول الجريدة الأراضي المصرية. ويُغرَّم كلُّ مَن توجد لديه نسخة منها من خمسة جنيهات إلى خمسة وعشرين جنيهًا، ويبرئ الأفغاني نظار مصر والخديوي من إصدار هذا الحكم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، مصريِّين أو شرقيِّين؛ لأنها تدافع عن المصريين وجميع الشرقيِّين، وتدعوهم إلى نبْذِ التنازع بينهم، وترتيب البيت من الداخل قبل الخارج. كانت مهمةُ الجريدة مناهضةَ سياسة بريطانيا. وكانت الشرطة الإنجليزية في الهند تستدعي المشتبهَ فيه بقراءة الجريدة وتمتحنه في آية الجهاد أو في حديث فيه. فإن لم يشأ الردَّ وأخبر أنه صوفي درويش معتزلي أمهل أربعة أيام لتحديد رأيه. فإذا أثبتها نُفيَ نفيًا مؤبدًا إلى جزيرة إندومان حتى امتلأت بالعلماء.
فمن صفاته وملامحه أنه عربيٌّ، قمحيُّ اللون، عظيمُ الرأس، عريض الجبهة، واسعُ العينين، عظيمُ الأحداق، ضخم الوجنة، رحبُ الصدر، جليل النظرة، مسترسل الشعر، ينجذب إليه كلُّ مَن يراه بهذه الملامح الأخَّاذة حتى قبل أن يتكلم.
وهو حنفيُّ المذهب غیرُ مقلد، سنيُّ العقيدة مع ميل إلى التصوف، حريص على الفرائض، حميُّ الدين. آمالُه ومقاصدُه إنهاضُ دولة الإسلام من ضعفها كي تلحقَ بالأمم الراقية، وحل العقول من الأوهام، وتوحيد الشرق كي يستعيدَ مجدَه، ومناهضة سياسة بريطانيا في الشرق، وبث الحياة في الناس بعيدًا عن الخمول والكسل. ومن مناقبه احتفاؤه بزائريه، ونهوضه للاستقبال والوداع، وزيارة الصغير والكبير. لا يتكلم إلا الفصحى، ولا يتحدث بالعامية إلا مع العامي. يوضح مقصدَه كي يوصلَ فكرَه للناس. يخطب دون أن يمزحَ كثيرًا. وهو رزينٌ كتوم زاهد في الدنيا، لا مطالبَ له في زوج أو ولد أو منصب أو جاه. لذلك لم يتزوج ولم يتقلد وظيفة ثابتة.
أما علمه فإنه خالٍ من اللغو أو اللهو، غزيرُ المعارف، دقيق المعاني، قادرٌ على حلِّ المعضلات بنظرة شاملة ليوضحها، إدخالًا للجزء في الكل. وهو متخصصٌ في كل شيء، واسع الأفق، خصبُ الخيال، قويُّ الحجة، شديدُ الجدال. ما خاصم أحدًا إلا انتصر عليه. وهو قويُّ الذهن، نافذُ البصيرة، حيُّ الذاكرة، وهو واسع الاطلاع في العلوم العقلية والنقلية والفلسفية القديمة والتمدُّن الإسلامي، عليمٌ بأحوالِ المسلمين وظروفِ عصرهم. يعرف اللغات الأفغانية والفارسية والعربية والتركية والفرنسية التي تعلَّمها في ثلاثة أشهر مع إلمام باللغتين الإنجليزية والروسية.
لذلك كان جهوريًّا، يُسرع بذهنه، يجهر بالرأي حتى ولو كان فيه خطرٌ وضرر. يُحسن الجدل والحجاج. كان من أكبر علماء الكلام. فعرف أنواع السفسطة لدرجة الإقناع في حالتَي السلب والإيجاب وتأثيره في مخاطبه وحمل الخامل على العظائم والجبان على الجسارة. وساعده على ذلك حكمتُه وسرعةُ الخاطر وتوقُّد الذكاء، وسعةُ الاختبار لأخلاق البشر، وكثرة مخالطة الأمم، وحصوله على ملكة الخطابة وإحاطته بأخلاق العرب والترك والفرس والأوروبيِّين. يُغالي في المدح ولا يسترسل في الذم. ويستعمل الصور الجدلية للمدح والذم مثل الهر والكلب.
اختلف الناس في أمره وتباعُد صوره في الأذهان مع أنه شخص واحد يتميز بصفاء الجوهر وذكاء المخبر. وصفه أديب إسحاق بأنه قد تمرُّ بالناس الأيام حتى يظهر عالم يعبِّر عن حاجات الناس أو يكشف أسرارَ الطبيعة في كل عصر. مثال ذلك جمال الدين، فيلسوفًا، سياسيًّا مثل سقراط. لم يؤلف إلا رسالة، ولكنه باقٍ بمريديه، يجلس في الأماكن العامة ويحولها إلى مراكز علم وحلقات درس حتى حسدَه فقهاءُ السلطان وفقهاء الحيض والنفاس.
(٣) قراءة الأعمال
وقد فصَّل الأفغاني منهجَ العروة الوثقى وأهدافها على النحو الآتي:
-
(١)
خدمة الشرقيين، وبيان الواجبات التي كان التفريطُ فيها موجبًا للسقوط والضعف، وتوضيح الطرق لتدارك ما فات، والاحتراس مما هو آتٍ. فهي موجهة إلى الشرق، والإسلام جزءٌ من ريح الشرق، والمسلمون جزء من الجامعة الشرقية، والخلافة جزء من جامعة شعوب الشرق.
-
(٢)
البحث في الأسباب والعلل التي أدَّت إلى التفريط وبواعث الحيرة والتشابه والتِّيه والضلال. لذلك اتجهت العروة الوثقى إلى العلوم الاجتماعية وفلسفة التاريخ.
-
(٣)
كشف الغطاء عن أوهام المترفين، ونزع الوساوس من عقول المنعمين الذين يئسوا من الشفاء، وظنوا أن زمان التدارك قد فات مما أدى إلى فتور الهمم، درءًا لروح اليأس وبثًّا لروح الأمل.
-
(٤)
التمسُّك ببعض أصول الأسلاف الشرقيِّين للتمسك بالقوة لدفع الكوارث. وهو ما يتمسك به الأوروبيُّون. يلجأ الشرقيون إلى الأسلاف وليس إلى تقليد الغربيِّين، دفاعًا عن الأصالة ضد التغريب والاغتراب الثقافي.
-
(٥)
التكافؤ في القوى الذاتية والمكتسبة هو السبيل للمحافظة على العلاقات والروابط السياسية وإلا ابتلع القويُّ الضعيفَ احترامًا للجميع، والمساواة الفطرية بين البشر، ثم التعارف وتبادل الخبرات بين الشعوب طبقًا لتجاربِ كلٍّ منها وكسْبها.
-
(٦)
درء تهمة تخلُّف المسلمين والشرقيِّين وأنهم غير قادرين على اللحاق بالمدنية ما داموا متمسكين بأصول الآباء وإمكانية الجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين القديم والجديد، وهو الدرس المستفاد من الاجتهاد.
-
(٧)
تقوية الصلات بين الأمم والألفة بين أفرادها، والدفاع عن المنافع المشتركة عامة، وحقوق الشرقيين خاصة تأكيدًا لوحدة الجنس البشري والمقاصد الكلية للشريعة، وهي مقاصد الوحي.
-
(٨)
إرسالها مجانًا كي يتداولَها الأمير والحقير، الغني والفقير، فهي نموذج للصحافة الملتزمة بالقضايا الوطنية وليست صحافةَ الإثارة أو التكسُّب بالرزايا والمصائب والفضائح.٢٣
وتجمع العروة الوثقى بين المقال الفكري والتحليل السياسي والوصف الإخباري، فهي مجلة فكرية سياسية تجمع بين الفكر والواقع، بين الأيديولوجية والحزب، بين النظر والعمل. وتعلق على أخبار الجرائد الإنجليزية والفرنسية، وعلى أقوال السياسيِّين وتصريحاتهم، مثل غوردون وجراهام وجلادستون وبيكونسفيلد وغيرهم. وتعطي أخبار الحرب والمعارك الدائرة بين الإنجليز من ناحية، ومحمد أحمد وعثمان دجمة من ناحية أخرى. وتستدعي ذكريات التاريخ مثل قتال الإنجليز للأمير عبد الله الوهابي على حدود الهند، ومثل حملات فرنسا على الصين. المقالات أقل، والتحليلات والأخبار والتعليقات السياسية أكثر. كما تعطي معلوماتٍ مفيدةً للمسلمين خاصة وللشرقيين عامة عن الاستعمار والغرب والإنجليز حتى تضيع هيبتُهم ورهبتهم من النفوس؛ فقد أباح غوردون بيعَ الرقيق في السودان وهو الآتي من الحضارة الغربية التي طالما دافعَت عن حقوق الإنسان. كما استبعدت بريطانيا مصر من إدارة السودان، وطلبت من الميرغني التدخلَ لدى عثمان دجمة لوقفِ جهادِه ضد الإنجليز، وإعلان الحرب الدينية على إنجلترا، واستنفار أوروبا وروسيا ضدها، وكشف سياسة التلوي والمخادعة والنفاق التي تتبعها إنجلترا. وتنقد المجلة تدخُّلَ الأجانب في شئون الدول الإسلامية، وتقلَّد الجيشَ المصري جنرالٌ أجنبي، وتدخل بريطانيا في شئون مصر والدولة العثمانية. كما تساعد المجلة على تبديدِ وهْمِ القوة البريطانية والعجز عن مقاومتها، ورفض اعتقاد السذَّج أن الله يؤيد المهدي بالملائكة المسومين. وقد ارتبط القرَّاء بالمجلة وراسلوها مما دفع المجلة إلى التعليق على الرسائل وازدياد ارتباط الناس بها. فمنعت من دخول البلاد المصرية.
-
(١)
العرض والتحليل لنصوص الأفغاني كما هي عن طريق شرحها والتعبير عنها موضوعيًّا كما يفعل المبتدئون في العلم وطلاب الدراسات العليا دون اجتهاد أو تأويل دون الوصول إلى حدِّ التكرار الممل وتحصيل الحاصل الذي يسود الكتب الجامعية.
-
(٢)
المناقشة والحوار للآراء المعروضة في حدِّ ذاتها، وفي إطارها التاريخي، وفي مستوى عصرها من أجل تعميقها وتفتيحها وتحريكها استعدادًا لإعادة كتابتها وإنتاجها وصياغتها في ظروف أخرى جديدة حدثَت بعد قرن من الزمان. وهو ما يفعله الطالب المجتهد الذي لا يكتفي بالعرض والتحليل بل يتجرأ إلى المناقشة والحوار إعدادًا له وتمرينًا كي يتجاوز المادة العلمية إلى مادة علمية أخرى يضيفها. فهو جزء من العلم وليس خارجًا عنه، ذات وموضوع في آنٍ واحد.
-
(٣)
إعادة كتابة نصوص الأفغاني بناء على الظروف الحالية، وكأن الباحث أصبح أفغانيًّا جديدًا، وكأن الأفغاني نفسه قد بُعث من جديد بعد مائة عام، فيتحول العلم إلى عمل، ويستمر القصد الأول في التاريخ، ويكون الباحث جزءًا من حركته ولیس متفرجًا عليه، مصورًا له في إحدى لحظاته الماضية.
وتتم الخطوة الثالثة على مراحل ثلاث:
-
(أ)
وضع النص في صياغته الأولى في إطاره التاريخي من أجل تفسيره ووصف التجارب الأولى التي نشأ فيها، والظروف التاريخية التي عاشها المؤلف من أجل معرفة كيفية إنتاج النص الأول. ويكون الخطأ في إهدار سياق الصياغة الأولى أو تكرارها في سياق آخر مختلف والحكم عليها بالخطأ والصواب.
-
(ب)
إعادة كتابة النص في صياغة ثانية بناء على الظروف المتغيرة وبيان مدى الاتفاق والاختلاف مع التجارب الأولى، الاتفاق واستمرار الصياغة والاختلاف وإعادة كتابة النص. فعل القراءة هنا يتجاوز فعل التأويل إلى إعادة إنتاج النص من جديد. فلا توجد صياغة ثابتة وإلا قضى على الهدف من النص وهو تحريك الواقع. ولا يوجد للنص مؤلفٌ واحد بل عدة مؤلفين؛ فالقارئ الثاني مؤلف مشارك، والمؤلف هو قارئ أول. المؤلف الأول يفهم من الواقع إلى النص والقارئ الثاني يفهم من النص إلى الواقع ثم يُعيد الكتابة من الواقع إلى النص.
-
(جـ)
لا يوجد خطأ وصواب في النص في صياغته الأولى إلا بقدر ما يعبر عن ظروفه التاريخية الأولى وبواعث مؤلفه الأول. لا توجد مرجعية خارجه، بعيدة عن لغته وسياقه وبواعثه. ولا يوجد خطأ وصواب في الصياغة الثانية إلا بقدر تغير نشأة النص الأول ثم إعادة إنتاجه في ظروف مغايرة مع الإبقاء على بواعثه ومقاصده وأهدافه التي تحدِّد مسار حركته. الثابت بين النص الأول للمؤلف والنص الثاني للقارئ وربما الصياغات المستقبلية لقراء آخرين هو روح النص، النص باعتباره مقاصد وغايات وبواعث فردية وجماعية وحركة تاريخية وتراكم خبرات طويلة تكوِّن الوعي التاريخي لحضارة وشعب.
وبالرغم من أن تقسيم أعمال الأفغاني على الجبهات الثلاث وارد: الموقف من التراث القديم وضرورة إعادة بنائه، والتحول من السلب إلى الإيجاب مثل إعادة تفسير القضاء والقدر، والموقف من التراث الغربي خاصة السلبي منه مثل الدهرية أي المادية، مذهب الطبائعيين، دارون وسبنسر وبشنر، ويضع الأفغاني معهم السوسياليست والنهيلست فولتير وروسو، واتجاهات الغرب، والاستعمار، والتآمر والتعصب والجنس، والموقف من الواقع المباشر للأمة، الاستعمار والقهر والتفكك والفقر والتقليد للغرب واللامبالاة، إلا أن الأولوية كانت لمادة الأفغاني نفسه، فكره النظري في الرد على الدهريِّين وهو ما يعادل التوحيد، وإعادة تفسيره للقضاء والقدر على أنه حرية وهو ما يعادل العدل، ورأيه في العلم وصلته بالعمل وهو ما يعادل العقل والنقل، ثم الفضيلة كما تتجلَّى في الأخلاق الفردية والاجتماعية وهو ما يعادل الإيمان والعمل. وهنا يبدو الأفغاني متكلمًا في جبهة التراث القديم، ثم يأتي التقابل بين الأنا والآخر، والشرق والغرب، والمسألة الشرقية وهو ما يعادل الموقف من الآخر. ثم يأتي، مصر والمصريون، والوحدة الإسلامية، وأسباب تخلُّف المسلمين، وهو ما يعادل الموقف من الواقع، والمساهمة في حركة التاريخ.
(أ) إيراج إفشار، أصغر مهدوي: وثائق غير منشورة تتصل بالسيد جمال الدين الأفغاني (بالفرنسية) طهران ١٩٦٣م.
(ب) ألبرت قدس زاده: تراث السيد جمال الدين الأفغاني في مصر (رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة إنديانا ١٩٦٤م).
(ﺟ) هوما باكرمان: جمال الدين الأسد أبادي الملقَّب بالأفغاني (بالفرنسية، باريس ١٩٦٩م).
(د) إیلي کدوري: الأفغاني ومحمد عبده، لندن ١٩٦٦م.
(ﻫ) نیکي کیدي: السيد جمال الدين الأفغاني، کالیفورنیا ۱۹۷۲م.
– الأمل وطلب المجد: إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ، وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ الأعمال ص٣٨٩–٣٩٤، العروة، ج١، ص٢٩–٣٩.
– التعصب اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَالأعمال، ص٣٠٢.
– النصرانية والإسلام وأهلها إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ الأعمال، ص٢٨٢، العروة، ج١، ص٨٦.
– الجبن أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ، قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ الأعمال، ص٣٧١، العروة، ج٢ ص٢، ٢١٦–٢٢٠.
– الوحدة الإسلامية وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ الأعمال ص٣٤١، العروة، ج١، ص٢٢٣–٢٥١.
ثانيًا: مقالات عناوينها آيات قرآنية فقط، مثل:
– إِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ العروة، ج٢، ص٢–١٠٩.
– وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ العروة، ج٢ ص٢–١١٠.
– الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ، العروة، ج٢، ص١٤.
– وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ العروة، ج٢، ص٢–١٦٨.
– وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ العروة، ج٢، ص٢–١٧٢.
– إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ العروة، ج٢، ص٢–١٤.
– إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ العروة، ج٢، ص٢–١٨٨.
– أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ العروة، ج٢، ص١٦٠–١٦٧.
ثالثًا مقالات تجمع بين عنوان وعبارة وآية، مثل:
رجال الدولة وبطانة الملك «كيف يجب أن يكونوا» يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ الأعمال، ص٣٩٧، العروة، ج٢، ص٤٠–٤٦.
رابعًا: مقالات تجمع بين العنوان والحديث، مثل:
– الوحدة والسيادة المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضًا الأعمال، ص٣٥٣، العروة، ج٢، ص٦–١٤.
خامسًا: مقالات تجمع بين العنوان وعبارة دعاء أو شرط، مثل:
– الدهر اللهم اكشف عن بصائرنا ستار الأوهام حتى نرى الحقائق كما هي كيلَا نضلَّ ونشقى الأعمال، ص٣٦٥.
– دعوة الفرس إلى الاتحاد مع الأفغان إذا أراد الله بقوم خيرًا جمع كلمتهم، الأعمال ص٣١٦، العروة، ج٢، ص١٢٤.
أما الدراسات الثانوية فعديدة، أهمها:
(١) محمود قاسم: جمال الدين الأفغاني، حياته وفلسفته، الأنجلو المصرية، القاهرة (د.ت).
(٢) عبد الرحمن الرافعي: جمال الدين الأفغاني، باعث نهضة الشرق، دار الكاتب العربي، القاهرة ١٩٦١م.
(٣) محمود أبو رية: جمال الدين الأفغاني، مؤسسة نصار للتوزيع والنشر، القاهرة ١٩٥٨م.
(٤) أحمد أمين، «زعماء الإصلاح»، النهضة المصرية، القاهرة ١٩٤٨م.
(٥) هاني المرعشلي: جمال الدين الأفغاني وقضايا المجتمع الإسلامي، دار المعرفة الجامعية الإسكندرية.
(٦) لطف الله خان: جمال الدين الأسد أبادي المعروف بالأفغاني، ترجمة د. محمد عبد النعيم حسين، دار الكتاب اللبناني، بيروت ۱۹۷۳م.