يَاجُوج ومَاجُوج
خطا الزجل خطوات واسعة، فها هي مجموعاته، وصحفه تصدر في كل فترة تقريبًا. كانت أغراض الزجل محصورة فيما مضى ببعض مقاطع عاطفية، يدور أكثرها على الحب، وبطلتها أم العيون السود، والخدود الحمر، والشفاه السمر. أمَّا مع «ياجوج وماجوج» فتطاول الزجل كلَيل النابغة حتى مدَّ يده إلى المواضيع الكبرى، بل أكاد أقول: إلى الملاحم.
فهذه المجموعة التي نظمها الأستاذ منير وهيبة، المجاز في علم النفس تكاد تكون ملحمة، تناول ناظمها بالدرس أشهر حوادث الخليقة، وبعد أنْ فرغ الشاعر من معظمها، عاد يعالج بعض الأمراض الأخلاقية والاجتماعية، فأجاد وأبدع في كل مواضيعه درسًا وتحليلًا ووصفًا وجمالًا فنيًّا رائعًا، فحسب الأستاذ وهيبة إبداعًا أنه نقل الزجل من محيطٍ حبسه فيه الزجَّالون حبسًا مؤبدًا إلى محيط واسع الآفاق، فليت الشعراء الفصحاء يعالجون ما عالج من مواضيع جليلة، ويتركون ألفاظًا وتعابير بعينها لا يخرجون من دائرتها زاعمين أنها كل الشعر.