الفصل الثالث عشر
ظمأ النفس إلى المعرفة
من ديوان المازني
أحس كأن الدهر عمري وأنني
أخو مغرق الأرضين بالفيضان
أقلب طرفي في السماء كطرفه
وأرصد ما رعاه قبل زماني
كلانا على بعد المسافة بيننا
تلاقى على ألحاظه القمران
وأقرأ في صحف السماوات أسطراً
منهن دنا خفاقة اللمعان
تخذت فضاء الله مثوى لخاطري
ليشرد في الدنيا بغير عنان
يمر به مر البروق وينثني
وقد جهدته حدة الطيران
أعالج سراً لا يماط حجابه
ومأرب قلبي ذلكم وجناني
وسعت لغات الريح والبحر خبرة
وكل شهاب لامع الخفقان
ولكنه ما خير علمي وكلها
ضموم على السر المغيب حاني
سئمت شرود الفكر في غامض الفضا
وهيض جناحاه من النهضان
وعادت إلى النفس مهدودة، القوى
تئن من الإسفاف والشولان
تحن إلى ظل من الرخووارف
وطول جمام رافه وليان
ومن لي بأن لا ترفع العين لحظها
ولا تجتلي في الناس أي هوان
غرضت بملك واسع لا يحده
سوى أفق دان وليس بدان
أروني قيدا يعرق الجسم مسه
ويضوي كأضلاع على حوان