الفصل الثاني

(في سراي الخليفة بغرفة ملوكية، وبها ملابس ملوكية، مع تاج وصولجان.)

الجزء الأول

(أبو الحسن، الجوقة)
جوقة (لذاتهم) :
يا مالك الملك الأمين
احفظ أمير المؤمنين (١)
أبو الحسن (لذاته) :
حقًّا منامٌ مطربٌ
يا ليته شيءٌ يقين
أبا الحسن، احرص على نومِك، وإلَّا تقع في الندامة، يا ليتني أبقى نايمًا إلى يوم القيامة.

(يجلس قليلًا ثم يرجع فينام.)

جوقة (لذاتهم) :
أدِمْه للممالكِ
واحرسه بالملايكِ (٢)
أبو الحسن (لذاته) :
رؤيا ولكن حلوةٌ
يا رب زد وباركِ
جوقة (لذاتهم) : يا رب البرية، أيِّد الدولة العلية (٣)

(ثلاث مرار بأعلى أصواتهم ويذهبون.)

الجزء الثاني

(أبو الحسن)

(ينتبه مندهشًا من هذه الحالة ويقوم من السرير رويدًا رويدًا.)

أبو الحسن (لذاته) :
أبا الحسن اصحَ ما هذا منامٌ
ألستَ ترى الأوانيَ والأثاثا؟
أليس اليومُ يومَ السبت حقًّا
وأمس الأربعا وغدا الثلاثا؟
أنا مستيقظٌ ما فيَّ شكٌّ
غدوتُ مليكَ عزٍّ مُستغاثا
فصار الآن يُمْكِنني زواجٌ
بدعدٍ وهي … طالقةٌ ثلاثا
لا لا لا. طلقت العروسة؛ لأجل هذه القافية المنحوسة، ما علينا، فلنفحص الآن … أنا في أي مكان، ها، أظن أني متُّ؛ إذ كنتُ في الحياة حافظ السُّنَّة، فنقلني المولى إلى الجنة، أبا الحسن، أبا الحسن، هذه جنة عدن، (يسمع قرع الباب فيرجع إلى فراشه) يلزم أن أتبصَّر بالأمور، ولا أزيد الاستعجال، (بصوت عالٍ) مَن هذا الذي تجاسَر على قرع الباب؟

الجزء الثالث

(أبو الحسن، عرقوب)
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : قم عن إذنك يا أمير المؤمنين.

(متجنِّبًا التقدُّم إلى مرتبة أبي الحسن، ويكون لابسًا ملابس ثمينة تشبُّهًا بجعفر الوزير.)

فليس لك عادة أن تستغرق في النوم وتمهل الصلاة لحد هذا الحين.
أبو الحسن (لذاته) :
نعى لي نعيق عرقو
ب بالشوم والبلاءِ
لقد خاب حسن ظني
أنا لستُ في السماءِ
فهذا إذن منامٌ
ولكن به ابتغائي
فيحتاج لي سكونٌ
ونومٌ إلى المساءِ
عسى أن تعود تشدو اﻟ
ـمماليك بالغناءِ
وأبقى مدا حياتي
طروبًا بذا الهناءِ
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) :
اسمع الأطيار صاحتٍ فانتبه عن إذنكا (٤) (يتقدم قليلًا)
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) :
العمى في أذنكا
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) :
قمْ فإنَّ الشمس لاحتْ
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) :
تكذب، الوقت ظلام
دعني في طيب المنام
دعني من شمسٍ يا صاحِ
أشرقت قبل الصباحِ
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : أعرضتُ لك أنَّ الشمس أشرقتْ، والناس لك بالانتظار.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : اسكت، ماذا يعنيني إنْ أشرقتِ الشمس قبل النهار؟! الحق عليها، لماذا استعجلتْ عن عادتها؟ فأنا لا أريد أن أسلك حسب إرادتها.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : قم يا أمير المؤمنين طال بقاك (ويمسك أبا الحسن من زنده).
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : قلت لك: اسدُدْ فاك، (يضرب عرقوب على كتفه، ثم يفتح عينيه) العمى العمى، حقًّا أني في يقظة لا في منام. عرقوب، أما نحن في أضغاث أحلام؟! (مستعجبًا لملابس عرقوب) أي متى زارتْني وزارتْك هذه السعادة؟ تكلم، ما بالك أخرس على غير عادة؟! (يكرر هذه الجملة ثلاث مرات كل مرة أعلى من الأخرى.)
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : آه آه آه! (ويضع يده على كتفه المضروبة)، هكذا الخليفة يضرب وزيره الأكبر، آه آه آه، هذا الفعل لا يُحمَد ولا يُشكَر.
أبو الحسن (لذاته) : بعد ساعة ونصف أفاق من الغفلة، وافتكر في طعمة القتلة.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : صحيح أني افتريت عليك، فسامحني واحكِ لي نحن في أي حالةٍ وريِّحني … اشرح لي القصة بحياتي، وأزلْ عنِّي العَنا، وقل لي على الصحيح أنا مَن أنا.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : آه آه آه! القتلة أهون عليَّ من أن أحقر، كأنك تجهل بأنك الخليفة وأني وزيرك وسمَّيْتَني جعفر.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : أي شي وزيري يا كذوب؟ أمَا أنا أبو الحسن وأنت خادمي عرقوب؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : ها ها (ضاحكًا) … تتذكَّر شيًّا منذ جملة أعوام، لا رحم الله تلك الأيام! (أبو الحسن يتأمَّل من جديد الأثاث).
أبو الحسن (لذاته) : بدأت أصدِّق بهذا الأمر الجسيم، فسبحان القلَّاب العظيم!
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : أوضح لي إذن بالمعروف واللطافة، أي متى توجَّهتْ عليَّ الخلافة؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : يكفي أن تهزى بي، أنسيتَ يوم تمنَّيْتَ أن تَصِير خليفة، وكنتَ تتنعَّم بالتصوُّرات، وتورد تلك العبارات الظريفة؟ فبوقْتِه أمَّا طلبتُ منك الوزارة، فأنعمتَ عليَّ بها بأفصح عبارة.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : صحيح أنك حمار، يا حمار، هذا جرى لنا جملة أمرار، ولكنه كان بالفكر والحدس، لا بالنظر واللمس.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : صدقت، غير أنَّ آخِر مرة كانتْ في ليلة القَدْر، فاستجاب الله طلبك ونجَّح لك الأمر.
أبو الحسن (لذاته) : هذا برهان مقبول، هذا يدخل في العقول، ولكن …
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : أنت تقول إن خلافتي هي من أعوام جزيلة، أنا مفتكر أني كنتُ أبا الحسن من أيام قليلة، أنسيتَ حين كنَّا على الدجلة مع الدراويش، ومعاطاتي الأفيون وشرب الْمُدام والحشيش؟ فأظن ما عدا الغلط والسهو، أنَّ خروجنا من هناك لم يكن إلَّا من نحو … نحو … (يضع يده على جبهته).
عرقوب (لذاته) :
لم يكن إلَّا أمس أمس المسا
أمس يوم الإثنين بعد العِشا
حينما بنَّجوك في غفلةٍ
مع شرب المُدام وقت العشا
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : نحو … من نحو أربع سنين.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : مضبوطٍ، صدقت يا أمير المؤمنين.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : فإذن الآن أنا …
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : خليفة بغداد.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : ومالك هذه البلاد (يعجب بنفسه مفتخرًا متبخترًا).
عرقوب (لذاته) : موقَّتًا من الآن لحد هذه العشية.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : ما بالك تحدِّث ذاتك بألفاظٍ منخفضة خفية؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : قلتُ إنك الخليفة وأنا وزيرك جعفر.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : وكلٌّ منا مُعتَبَر ومُوقَّر.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) :
البس إذن هذي ثياب القضا
ثم اقضِ بالإنصاف بين البشر
واستدعِ حُجَّابك كي يحضروا
كأنجُم الدُّجى وأنت القَمَر
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : كيف، أيلزمني أن أغيِّر هذه الحوايج الثمينة كل يوم؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : كفى تسخر بي، هذه حوايج النوم.

الجزء الرابع

(أبو الحسن، عرقوب، إسحاق)
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) :
أسعد الله صباحك يا أمير المؤمنين (٥)
ناصر الدين المكين
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : اسمي الآن ناصر الدين.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : نعم.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : وهذا مَن يكون من المستخدمين؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : إلى متى تُظهِر الصناعة وتدَّعي بقِصَر المعارف؟ حتامَ تقرأ في تجاهل العارف.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : أنا أقرأ في هذا الكتاب، من أين لي أن أعرف الفقه والإعراب؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : ألم تعلم أن هذا بوَّاب قصرك، وقد امتثل جملة مرار لقضاء أمرك؟ (أبو الحسن يتفرَّس بإسحاق مظهرًا له المحبة.)
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : ها ها، صحيح أني سريع النسيان بالكلية، لا تؤاخذني يا عر… يا جعفر على هذه القضية، (يضع يده على جبهته) الآن تذكَّرتُ أني أعرف هذا الولد الوديع الأخلاق، واسمه … واسمه … (يضع يده أيضًا على جبهته.)
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : إسحاق؟
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : نعم، اسمه إسحاق.
وفي ذلك اليوم استلطفت خدمتَه وانسجامَه، ووعدته بأن أرفع له مقامه.
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) : أما هو هكذا يا بوَّابي النجيب، وولدي الحبيب؟
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) :
لم أزل اذكر سماحك
فاحْيِ مَن أسعدتَه (٦)
وأوفِ ما أوعدته
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : اعطهِ يا عر … يا جعفر.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : إنَّ ذا الأمرَ لَمُنكر

***

لا يُوافِق يا مولاي بشانك، ولا يَلِيق أن تتنازل إلى أحد غلمانك، اسألْه عن قصده ودعْه ينصرف من بين يديك.
عرقوب ([ﻟ] إسحاق) : إسحاق، اعرض للخليفة ما جدَّ عليك.
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) : يوجد في الباب درويشان، وهما طالبان الإذن ليلتمسا على سبيل العادة الإحسان.
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) : على سبيل العا…
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) : ويقدما الدعا بدوام العزة الملوكية، وارتفاع شان الدولة العلية.
أبو الحسن (لذاته) : يا ناس، هل يحلم الإنسان منامات وهو في اليقظة؟
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) : إسحاق (ويشير له بالتقدم).
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : أنت اذهب عنَّا لحظة (عرقوب يذهب ثم يرجع باستراقٍ ويقِف خلف إسحاق).
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) :
إسحاق، كن معي صادقًا
ولك مني الإنعام والثنا
وأخبرني على الصحيح
أنا من أنا؟
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) :
أنت أمير المؤمنين الذي
يعنو لديه كلُّ خاصٍّ وعام
أمينُ ربِّ الناس في أرضِه
لا زال يسْمو مُلْكُه كل عام
ما جاء محتاجٌ إلى بحره
إلا ارتوى غليلُه ثمَّ عام
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) : لا لا، قلْ على الصحيح، لا تكون كمجنون.
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) : فإذن مَن أنت؟ ومَن تريد أن تكون؟
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) : أنا … أنا … أنا هو ذاتي.
أبو الحسن (لذاته) : هذا منام وحياتي، آه، فلنجرِّب هل أنا مستيقظ أم غافل.
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) : إسحاق أنت ولد نبيل عاقل، هذا إصبعي انظره، أما هو إصبعي أكيد؟ امسكه، فلي أرب حميد، ضعْه في فَمِك، وعضَّه بكلِّ قدْرتك. (يسلِّمه إصبعه ويحوِّل عنه وجهَه متألِّمًا، فيأخذ عرقوب إصبع أبي الحسن عوضًا عن إسحاق الذي يذهب برشاقة وخفة) شد شد بكل قوتك.

الجزء الخامس

(أبو الحسن، عرقوب)
أبو الحسن (لذاته) : آه آه آه، يكفي بحب الله، قد عرَفتُ يا إسحاق أني لستُ في أحلام وتأكَّدتُ أني في انتباهٍ تام (متوجِّعًا من عرقوب الذي يظنُّه إسحاق، فيُخاطِبه عرقوب بصوت غير اعتيادي كأنه يتقلَّد إسحاق).
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : روحي فداك، لا بأس عليك يا جليل.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : مقبول منك يا إسحاق الجميل، (ويتقدَّم ليصافحه فيرتعش إذْ يُحقِّقه أنه عرقوب)، يا لطيف، يا لطيف، أين إسحاق؟ البوَّاب النظيف؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : أي إسحاق وأي بوَّاب؟ دع عنك إذن هذا الاضطراب، ما عندك غيري أحد.
أبو الحسن (لذاته) : لا حول إلَّا بالله الصمد، لا شكَّ أني مسحور، أو دخل على عقلي أمر من الأمور.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : البس ملابسَ القضا والإقبال، واطلب مماليكك يأتون بالحال، واجلس على كرسيك اقضِ الأشغال.
أبو الحسن (لذاته) : لا شكَّ أني مسحور، أو دخل على عقلي أمر من الأمور.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : أليس هذا البرفير المنظوم؟ لتكن موقرًا من العموم.

(يُلبسه البرفير.)

أبو الحسن (لذاته) : لا شك أني مسحور، أو دخل على عقلي أمر من الأمور.

(يلبس البرفير برعدة.)

عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : ارفع هذا الشربوش عن هذا الراس، وضَعْ عِوَضه هذا التاج المرصع بالماس.
أبو الحسن (لذاته) : لا شك أني مسحور، أو دخل على عقلي أمر من الأمور.

(ويُظهِر الخوف من لبس التاج، وبعده يلبسه.)

أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : لابق لي؟ (مشيرًا على التاج) لايق لي؟ جنسي ملايم جنسه؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : كيف لا وأنت منذ أربع سنين متعوِّد على لبسه؟
أبو الحسن (لذاته) : لا شك أني مسحور، أو دخل على عقلي أمر من الأمور.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : دعنا من هذا الدرس الغير المفيد، وخذ تحزَّمْ بهذا الحزام الذي ما له نديد (أبو الحسن يأخذ الحزام ويضعه في رقبته).
أبو الحسن (لذاته) : لا شك أني مسحور، أو دخل على عقلي أمر من الأمور.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : يا ويلاه! (يرفعه ويشدُّه به) تحزَّم به جيدًا كالواجب، واترك هذا الدرس لأني حفظتُه على الغايب، كن على انتباه، واسمع لي إياه، لا شك أنك مسحور، أو دخل على عقلك أمرٌ من الأمور.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : هكذا أنت تجيب الخليفة؟ لعن الله لحاك الطفيفة.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : أفٍّ، أمسك هذا الصولجان؛ لأنه مختص بملوك الزمان.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : هكذا أنت تجيب الخليفة؟ لعن الله لحاك الطفيفة.

(ويمسك الصولجان ويعوجه تارة، ويرفعه عن عادته أخرى، وعرقوب يصلح يده.)

عرقوب (لذاته) : هذا درسٌ جديد، من بحر المديد.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : لي …
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : هكذا أنت … إلخ (غضبان).
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : لي رجاء …
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : هكذا أنت … إلخ (غضبانَ).
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : لي رجاءٌ، دع لحاي، وامسك تلك الأمثولة؛ فهي لطيفة (يلتفت) ها ها، مصطفى ومحمود قاصدان إنعامك، فاعطِ النعمة استحقاقها ليلَّا يحتقرا مقامك.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : وهل الدرويشان هما في بغداد الآن؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : كيف لا؟ وهما يتردَّدان على حضرتك غالب الأحيان؟ وقد جعلتَ لهما تعيينًا يوميًّا وخلعة كل عام، تنعم بها عليهما بمثل هذه الأيام.

الجزء السادس

(أبو الحسن، عرقوب، الخليفة، جعفر)
الاثنان ([ﻟ] أبو الحسن) :
أسعد الله صباحك
يا أمير المؤمنين (٧)
ناصر الدِّين المَكين
أجزلَ الله صلاحك
لنا خلعاتٌ عظام
نكتسيها كل عام
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : في خاطري أن أسألهما عن الخبر، وأستعلم عن ذاك السيران كيف ادَّثَر.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : بهذا النوع تعطيهما سبيلًا للازدرا فيك، وتجعل دادا مصطفى أن يستعمل قوة سحره ليجلس على كرسيك.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : آه! ذكَّرتَنِي بسِحْر دادا مصطفى … اذهب قليلًا عني.
أبو الحسن ([ﻟ] خليفة) : مصطفى، ادنُ مني، أنت تقول إنك ماهرٌ بالكهانة وضرب الرمل، وتحفظ جيدًا سورة النمل، فأدْركني بضرب رملٍ محكم، وأعلِمْني … وأعلمني كما تعلم (الخليفة يكتب على ورقة وأبو الحسن يراقبه).
جعفر ([ﻟ] عرقوب) : ادخل قُلْ لمسرور ليَطْلُبه من طرف الملكة (عرقوب ينسحب برشاقة).

الجزء السابع

(أبو الحسن، الخليفة، جعفر)
خليفة ([ﻟ] أبو الحسن) : أفٍّ، وارد عليك تهلكة، وأيُّ تهلكة! (مُظهرًا الخوف.)
أبو الحسن (لذاته) : ما كان أغناني عن هذه المملكة! (مثله.)
أبو الحسن ([ﻟ] جعفر) : دادا محمود …
جعفر ([ﻟ] خليفة) : أي شيء هذه التهلكة يا رفيقي؟ عسى الأمر لخير، حماه الله، من كل شر وضير.
أبو الحسن (لذاته) : حماني الله من كل بشرٍ وطير.
خليفة ([ﻟ] للاثنين) : آه، أظهر لي القلم، تجهيز عساكر عند ملك العجم. (متأملًا بالورقة التي بيده) وا حرباه! عساكر مثل الجراد، كلهم قاصدون بغداد.
أبو الحسن (لذاته) : ما هذا الفال؟! ما هذه الوقعة؟! ما هو التدبير؟ الله يحمينا من شر الأعجام العبيد الطناجير. (يلتفت للباب) ها أتانا عبدٌ عند ذكر العبيد.
جعفر ([ﻟ] أبو الحسن) : هذا خادمك مسرور، انظر ماذا يريد، وبعده نتدبر لهذا الأمر برأي سديد.

الجزء الثامن

(أبو الحسن، الخليفة، جعفر، مسرور)
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) :
زبيدةٌ ذات المجد سيدتي
تدعوك يا سيدي إلى الطربِ
مايدة المشروبات وقت الضحى
تشرق بالأنس الزايد العجبِ
أبو الحسن ([ﻟ] جعفر) :
اصرفه عنِّي ما صار وقتُ الغذا
وما إلى الأكل الآن من سببِ
جعفر ([ﻟ] أبو الحسن) :
ما ذاك إلَّا تأهُّبٌ للغدا
لا غيَّر الله عادة النُّجُبِ
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : كل شيء تحضَّر بالقاعة الدرية.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : في القاعة الدرية؟! (متعجبًا وغير عارف معنى هذا الكلام.)
جعفر ([ﻟ] مسرور) : الشرقية أم الغربية؟ (مستفهمًا.)
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : ها ها، الشرقية أم الغربية؟ (مستفهمًا.)
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : في القاعة الشرقية، ودَوْر الخدمة اليوم على هند البهية.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : على هند البهية؟! (متعجبًا.)
جعفر ([ﻟ] مسرور) : الحجازية أم الكوفية؟ (مستفهمًا.)
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : ها، الحجازية أم الكوفية؟ (مثله.)
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : هند الحجازية.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : لا بأس، الآن لي شغل ضروري مع مصطفى …
جعفر ([ﻟ] مسرور) : ولكن مع ذلك ينبغي تفضيل وقت الصَّفا.
أبو الحسن ([ﻟ] جعفر) : آه، قلبي راجف من هذا الخبر، وأودُّ قبلًا أن أستقصي جيدًا للوقوف على الأثر.
جعفر ([ﻟ] أبو الحسن) : بعده تبقى تستعلم؛ لأنني أظن حسب القوانين والطريقة، أن المايدة لا ينبغي تعويقها ولا دقيقة، ومع ذلك حضرتك أدرى بالرسوم.
أبو الحسن ([ﻟ] جعفر) : صحيح، هذا هو الترتيب المحتوم (ويظهر بمعزل بقوة الإشارات أنه لا يفهم شيئًا من ذلك).
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : قلنا إنَّ لي شغلًا ضروريًّا مع مصطفى ولكن …

(يستغيث بجعفر ليعينه على إتمام الكلام.)

جعفر ([ﻟ] مسرور) : ولكن مع ذلك ينبغي تفضيل وقت الصَّفا.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : ولكن مع ذلك ينبغي تفضيل وقت الصَّفا.
أبو الحسن (لذاته) : لم يزَلْ فكري غير مطمئن، يلزمني أن أستعمل كل أنواع الفن.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : يا …
أبو الحسن (لذاته) : نسيتُ اسمَه.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : يا … (يأخذه على جهة) اسمك على راس لساني.
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : عبدك مسرور.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : أيوا … اعلم يا مذكور، أنت الذي وظيفتك … خمِّن ما هي وظيفتك، إنْ كنتَ صادقًا في خدمتك.
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : وظيفتي خادم نعمتك، وسيَّاف نقمتك.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : لا لا … لا تحاول أمام عظمتي … ما أنت كما قلت، بل أنت سيَّاف نعمتي، وخادم نقمتي، خمِّن تخمينًا آخَر، وأنْبِيني جيدًا يا مذكور …
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : أنبيك أولًا كما معلومك أنَّ اسمي مسرور، ولأي سبب سُمِّيتُ بهذا الاسم — أي اسم مسرور — لأن أبي يوم ولادتي كان مسرورًا ومملوءًا من الحبور، فقال: حيث إني مسرور، فأدعو ابني باسم مسرور؛ لأنه اسم هين ومقبول. ودُعيتُ باسم مسرور، اسم مشتق من سرَّ يسرُّ سرورًا؛ فأنا مسرور على وزن مفعول، ومِن ذاك الوقت للآن صار بعضُهم يُناديني: يا مسرور، وبعضهم: يا مسرووور (مطولًا لفظة مسرور ورافعًا صوته).
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : حقًّا قصتك ظريفة يا مذكووور (لافظًا إياها كما مسرور لفَظ مسرووور)، فأنبيني إنباءً ثانيًا، وخمِّنْ إن كنتَ خبيرًا، أنا مَن أنا يا أبا طرطور.
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : ارجع إلى اسم مذكور؛ لأنه مشهور.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : ما لنا وهذا الكلام؟ أعلمني على الصحيح، أما أنا مسحور؟
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : مسحور؟ (مستفهمًا.)
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : كيف لا وأنا خليفة منذ أربع سنين، واسمي ناصر الدين مع أني الآن لا أتذكَّر شيًّا ممَّا مضى؟! وبالحقيقة قد ضاق بي الفضا.
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) : إن كان صدرك ضيقًا فادخل قاعة الزهور، والعب بالشطرنج مع السيدة زبيدة بنت جعفر بن المنصور، وإن شئتَ أن تطلب أبا إسحاق النديم، فاستَدْعِه ليُطْرِبَك بألحانه؛ لأنه تحت الأمر مُقيم، وإن أردتَ إحضار نَدِيمك أبي نواس، فأْمُرْ بذلك ليُسمِعَك اللطايف والأشعار، وتطرد من صدرك الوسواس، وإن شئتَ أن تكتب مراسيم لغرضٍ من الأغراض فاخلط السواد بالبياض فينقضي أمرك بلا اعتراض.
أبو الحسن ([ﻟ] مسرور) : آه، ذكَّرْتني بما كنتُ أشتَهِيه ليلة القدر، فبعد المايدة أهتم بذلك. أخبرني قبلًا مَن يوجد الآن هنالك؟
مسرور ([ﻟ] أبو الحسن) :
إنَّ هندًا وسعاد وسعدى
مستعداتٌ لتتميم أمرك
وسُلَيْمى ثم مي ولبنى
ثم أسما لاهجاتٌ بذكرك
رتَّبتْ قوت القلوب الغواني
وشدَتْ ضوء النهار بشكرك
هؤلاء كلهن جواري
غانياتٌ زاهراتٌ بقصرك

(بأثنا إيراد هذه الأبيات أبو الحسن ينذهل ويتعجَّب.)

خليفة ([ﻟ] جعفر) : ما شا الله على مسرور! فإنه أعجب في دوره وأبرح.
جعفر ([ﻟ] خليفة) : من ذا الذي يستظلُّ في ظِلِّكم ولا ينجح؟!
أبو الحسن (لذاته) (بعد تفكُّره قليلًا) : كلام مذكور يشوِّقني للتمسُّك بهذه الدولة للنهاية، وكلام مصطفى عن قدوم عساكر العجم يُخِيفني للغاية، فيا تُرَى … يلزم أن أشْبَع قبلًا من هذه الخليقة الجديدة، وبعدَه أدبِّر مع مصطفى طريقة حميدة.
أبو الحسن ([ﻟ] خليفة) : لا تبرح من مكانك حتى … تعال معي؛ فلي عندك مسايل شتى (أبو الحسن يذهب متجليًا بين الخليفة ومسرور ويتقلَّده جعفر من خلفه مرتِّلًا كما يأتي):
جعفر (لذاته) :
رح بحفظٍ وسرور
وانشراحٍ وحبور (٨)
كمَّل الله انشراحَك
دايمًا بالطربِ
يا أمير العربِ
أبو الحسن ([ﻟ] جعفر) : دادا محمود، ابقَ مكانك؛ فأنا سأعود إليك بالحال؛ لكي تمدني برأيك وتُريحني من البلبال، ولك عليَّ أن أغنيك بالمال والنَّوال (جعفر يثبت وحده كاتبًا على ورقة، وهي التي تَظهَر في جيب أبي الحسن في الفصل الثالث).

الجزء التاسع

(جعفر، إسحاق)
إسحاق ([ﻟ] جعفر) : شابان في الباب؛ واحد اسمه سعيد، والثاني اسمه عثمان، حضرا أمس ليشكيا أمرهما لملك الزمان، وحيث الإيوان كان مقفولًا فدفَعْتُهما معًا، وها هما الآن قد رجعا.
جعفر ([ﻟ] إسحاق) : آذِنْهما بالدخول لنَرَى أمرَهما، ونجبر، بحول الله، كسرهما.

(إسحاق يلتفت نحو الباب.)

إسحاق ([ﻟ] للاثنين) :
تقدَّما وادخُلا في أمنٍ
وأبشِرا بالمنى والحظِّ
هنا أبو الكرم المولى جع …
جعفر ([ﻟ] إسحاق) :
اسكت … أنسِيتَ مآل الوعظِ؟
ألم نعلمك في تدقيقٍ
بكل شيءٍ بأجلى لفظِ؟
إسحاق ([ﻟ] جعفر) :
إنَّ اللسان عدو الإنسا
ن فاعفُ عني ودُم بالحفظِ

الجزء العاشر

(جعفر، عثمان، سعيد)
عثمان ([ﻟ] سعيد) : هذا دادا محمود، ما أحلى هذه الصدفة الظريفة! (بصوت عالٍ.)
جعفر ([ﻟ] عثمان) : اخفِضْ صوتَك؛ أنت في دار الخليفة.
عثمان ([ﻟ] جعفر) : آه يا عمَّاه، أين تركتَ أبا الحسن؟
جعفر ([ﻟ] عثمان) : عنده رفيقي، وأنا أتيتُ لألتمس من الخليفة الإحسان والمنن.
عثمان ([ﻟ] جعفر) : نحن أيضًا أتينا لنشكي للخليفة حالنا، ونعرض لديه ما جرى لنا، وحيث لك عادة بالتردد إلى هذا الإيوان، والدراويش يُكرَمون من ملوك الزمان، فنرجوك أن تُرِيحنا من أتعابنا، وترفع نِير أبي الحسن عن أرقابنا؛ لأنه يريد يحكم علينا بكل أعمالنا، ومِن عناده يمنعنا عن نوال آمالنا.
جعفر ([ﻟ] للاثنين) :
اكشفا لي عن قصتكما
لعلِّي أقدر على سعفتكما
سعيد ([ﻟ] جعفر) : بالحقيقة أملنا فيك غزير، وطمعنا في مراحم الخليفة كبير، ولنا أمل أنك لا تفضل أخي علينا؛ لأن محبتك للحق تضطرك أن تَمِيل عنه وإلينا.
الاثنان ([ﻟ] جعفر) :
حديثنا مستغربُ
مستغربٌ مستصعبُ (٩)
فاصغَ لنا وكن لنا
لنا نصيرًا محسنَا
عثمان ([ﻟ] سعيد) :
سعيد، أوضِحْ أمرنا.

***

سعيد ([ﻟ] جعفر) : يا مولاي، قلَّ مني الاصطبار، وها أنا أشرح لك القصة بالاختصار، أنا أريد أتزوَّج بنت الشمولي دعد، وهي تريدني قبل وبعد، وهو ذا أخوها.
سعيد ([ﻟ] عثمان) : أما هو هكذا العهد؟
عثمان ([ﻟ] سعيد) :
أجل أجل، نعم نعم
بذلك الله حكم (١٠)
عثمان ([ﻟ] جعفر) : نعم نعم، أجل أجل
عثمان ([ﻟ] جعفر) :
عند العهود لم نَزَلْ
سعيد (لذاته) :
مقدَّرٌ منذ الأزَلْ
جعفر (لذاته) :
الحب في قلبي نزل
الاثنان ([ﻟ] جعفر) : وفيك علَّقْنا الأمل.
سعيد ([ﻟ] جعفر) : أمَّا أخي أبو الحسن كان مؤملًا أن يتزوَّجها، ولكنه عاد اعتفى، وأَذِنَنِي أن أتزوَّجها أنا بكلِّ رضاه، وذلك بشهادة رفيقك دادا مصطفى.
عثمان ([ﻟ] جعفر) : نعم، أنا أشهد بكل شيء يقرِّره سعيد.
سعيد (لذاته) : اسمعوا يا ناس هذا الكلام المركب المفيد.

(يكرر هذه الجملة ثلاث مرات.)

سعيد ([ﻟ] جعفر) : وقد أعطاني أخي عِقدًا علامةً للصلح والسلام، وللوقت توجَّهتُ لبيت عثمان لأقطع الكلام، وإذْ كنتُ هناك وإذا بأخي بعد برهةٍ من الزمان، قد تَبِعَني كأنه على ما صار ندمان، وفيما بين الخصام ادَّعى بأنَّه لم يُعْطِني العِقْد، إلَّا بناءً على أن أترك له دعد، فلأجل هذا الاختلاف الغير المحتمل، (عبارة كلام سعيد لحدِّ الآن يُصادق عليها عثمان) حصل بيني وبينه نزاعٌ أمرُّ من اﻟ…
عثمان ([ﻟ] سعيد) : أمرُّ من الكلام الذي أخذتَه على حاصِلِك كما تريد، ألَكَ خاطر أن تشكي أمرك بالشرح الطويل المديد، وتجعل نصيبي الكلام المركب المفيد؟ ألا تفتكر؟!
سعيد ([ﻟ] عثمان) : لا تكن عجولًا، الآن تنظر ماذا أفعل.
سعيد ([ﻟ] جعفر) : أمرُّ من اﻟ…
عثمان ([ﻟ] جعفر) : أمرُّ من الحنظل.
جعفر ([ﻟ] للاثنين) :
عندنا بذا خبر
جعفر (لذاته) :
ما أسرَّه خبرًا!
جعفر ([ﻟ] للاثنين) :
فهو أمس أخبرنا
كل ما مضى وجرى
جعفر سعيد :
ثم قال إنك قد
رحتَ مفعمًا كدرَا
وهو راح مضطربًا
راجفًا ومنقهرَا
خاف من مقالك أن
تستعين بالسحرا
سعيد ([ﻟ] جعفر) :
نعم، إني تهدَّدتُه
ورب العرش عاهدته
ولم أبرح على قصدي
كما أني توعَّدته
إذا لم أنتصف منه
وأبلغ كلما كِدْتُه
جعلتُ السحرَ لي عونًا
وبالأرياح بدَّدتُه
كذا بهرام أعطاني
كلامًا حين شاهدته

(جعفر يلتفت نحو باب الحرم.)

جعفر (لذاته) : هذا عرقوب آتٍ مع مسرور، أخاف أن يُعرف وتتعرقل معنا الأمور.
جعفر ([ﻟ] للاثنين) : ألَا تريدان توكِّلاني بهذه القضية؟ اذهبا، وبحوله تعالى بعد قليلٍ أستجلب لكما الإرادة السَّنِية.
سعيد ([ﻟ] جعفر) : الأمر لك (يريد الخروج فيمسكه عثمان).
عثمان ([ﻟ] سعيد) : إلى أين؟ إلى أين؟ احكِ من نحوي كلمتين.
سعيد ([ﻟ] عثمان) : ما ساعدتني القافية، نبقى نرجع مرةً ثانية.
عثمان ([ﻟ] سعيد) : كأني أنا ألثغ، لا أعرف أتكلم.
عثمان ([ﻟ] جعفر) : يا سيدي …
جعفر ([ﻟ] عثمان) : لا يحتاج لا يحتاج، أنا أعلم.
عثمان ([ﻟ] جعفر) : تعلم أن أبا الحسن شتَمَني في بيتي إذ كان مختصمًا مع سعيد، ومنع عني بنته سلمى مع أني متعاهِد معها على الزواج من زمان مديد، فهل له سلطة؟
جعفر ([ﻟ] عثمان) : رح رح، لا يعنيك، أنا أهتمُّ فيك.
الاثنان ([ﻟ] جعفر) :
يا بختَ مَن أسعفتَه
يا سعدَ مَن أنصفتَه (١١)
أنت الكريم المحسنُ
ونحن فيك نؤمنُ
فافعل كما تستحسنُ

الجزء الحادي عشر

(جعفر، مسرور، عرقوب)
جعفر ([ﻟ] مسرور) :
مسرور أخبر ما صار
واقصص عليَّ الأخبار
مسرور ([ﻟ] جعفر) :
شيءٌ يفوق الأفكار
عرقوب ([ﻟ] جعفر) :
ما صار إلَّا في الدار
حُبسْتُ مثل الأشرار
جعفر ([ﻟ] مسرور) :
فاشرح إذن أنت يا مسرور ما حصلا (١٢)
مسرور ([ﻟ] جعفر) :
معي مراسيم مأمورٌ بها عجلا
جعفر ([ﻟ] مسرور) :
رح حيث تهوى
مسرور ([ﻟ] جعفر) :
إن شئتَ فادخل إلى الجوَّا ترى عجبا
وتدري ما قد جرى، بل تمتلي طربا
أرجوك عفوا.

الجزء الثاني عشر

(جعفر، عرقوب)
جعفر ([ﻟ] عرقوب) : يا مسكين، فإذن أنت لم تدخل إلى الجوَّا ولم تنظر أحدًا من النسوان، ولم تدَّخل المحال على معلمك كما فعلت في الدجلة وفي هذا الإيوان؟
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : ومن أين علمتَ الذي جرى بيني وبينه في هذا المكان؟
جعفر ([ﻟ] عرقوب) : كيف؟ أما كنتَ تراني مع رفيقي نتراءى خلف الستار؟ بالحقيقة إننا كنا بالتفرُّج عليكما نُجْلِي الهموم والأكدار.
عرقوب (لذاته) : الآن وقت أن ألعب على قفش كم دينار.
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : وهل بلغ من قدركما أن تحتقراني، وتقفا خلف الستار لتتفرجا عليَّ وتخفضا شاني؟ ما أنتما إلا ندماء الخليفة، وأنا جعفر وزير حضرته الشريفة.
جعفر (لذاته) : هذه لطيفة.
عرقوب ([ﻟ] جعفر) :
علا قدري ولي هِمَمٌ عليَّةْ
ولي شأنٌ تكرِّمه البرية
وزيرٌ مفردٌ شهمٌ خطيرٌ
نصير الدولة العُلْيا العَلِيَّة

(ويتبختر متعظمًا.)

جعفر ([ﻟ] عرقوب) : اسمع يا عر… (يريد أن يقول له: يا عرقوب فيقاطع عليه عرقوب الكلام.)
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : أنا لستُ عر ولا كر، ما أنا إلا وزيرٌ حر.
جعفر ([ﻟ] عرقوب) : اسمع يا … يا أيها الرجل الجزيل الظرافة، إن رفيقي معوِّل على أن يشتري من معلمك الخلافة، فلا بد من أن يحصل عليها، وأما أنا فالوزارة ما لي اتصال إليها؛ لأنَّ ثمنها …
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : وهل تظن أنَّ وزارتي هي غالية، حتى تخاف منها وترفض هذه الرتبة العالية. ادفع لي مهما شئتَ لأبيعَكَها وتحصل على الانبساط، ادفع لا تخف لأني أبيع من الأسباط.
جعفر ([ﻟ] عرقوب) : آه آه آه! (ضاحكًا) أخبرني يا عرقوب (مادًّا يده إلى جيبه) هل تعتبر الدراهم أم لا تعتبرها؟
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : تارةً أعتبرها، وتارةً لا … لا أحتقرها.
جعفر ([ﻟ] عرقوب) : كيف الآن؟ (مبرزًا له كيسًا) هل أنت جعفر أم عرقوب؟
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : أنا … أنا … (حتى يتناول الكيس) أنا عرقوب الكذوب، أنا شقيٌّ مغضوب، وإن زدتَ لي كم دينار، فلك أن تسمِّيني حمار.
جعفر ([ﻟ] عرقوب) : انظر هذه الورقة (مبرزًا الورقة التي كتبها في الجزء الثامن من هذا الفصل) فهذه سيصير لها شان، وأي شان! سيظهر مفعولها في الليل المقبل بعد تبنيج معلمك وترجيعه كما كان، (يكتب عليها) تحريرًا سنة ماية وخمس وثمانين هجرية، حين باع عرقوب وزارته بقيمة دنية.
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : آه! صحيح أني مجنون، خذ دراهمك لأني مغبون.

(يناوله الكيس ويرجعه جملة مرار.)

جعفر ([ﻟ] عرقوب) : انسحب قليلًا، ها هي دعد مناهزة الحضور، فلا بد أن يكون حضورها من جملة المراسيم التي خرج بها مسرور، رح رح ادخل دار الضيوف، ها هي دعد بالباب.
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : سمعًا وطوعًا، ولكن لا بد لنا من نقض الحساب.

الجزء الثالث عشر

(جعفر، مسرور، دعد)
دعد ([ﻟ] مسرور) :
مسرور احلم ليس يحتاج ثور العجاج واللجاج (١٣)
إني أعلم أن ذي الدارَ دارُ الوقار والفخار
هبْ أنَّ الرشيدا
يصير بعْلي (١٤)
بعلًا إن أريدا
ما خلا خلِّي
عارٌ رغم مثلي من ذوي العدلِ
مسرور ([ﻟ] دعد) :
إنني مأمور لا لوم علي
دعد ([ﻟ] مسرور) :
أين يا مسرورُ مولانا لكي
جعفر ([ﻟ] دعد) :
دعدُ لا تخافي، حلمه وافي

***

دعد ([ﻟ] جعفر) : أنت هنا يا دادا محمود؟ آه، الآن تعزَّيْتُ نوعًا، وأخذتُ بعد يأسي روعًا؛ لأن أخي عثمان أخبرني عن زيادة رأفتك، وعن وعدك له أن تشملنا بسعفتك، وصار لنا العشم أن ننتصر على أبي الحسن الذي بوقت خلفته مع أخيه صار كمجنون، وكان يشتمنا جميعًا ويعاملنا كأننا خدامون؛ فلذلك يا عمَّاه كنت أتيتُ لأشكي أمري إلى الملكة، فقابَلَني مسرور بعد مقابلتي أخي في الطريق وأخبرني خبرية مهلكة. على أن الخليفة صدر أمره لإحضاري لهذه الدار؛ لكي يزوِّجني بمَن يُريد ويختار، فمِن أين يعرفني الخليفة ليُرغِمَني على الزواج بمَن يُريده بالغصب والقهْر؟! بعدما كنتُ أرجو منه على أبي الحسن الإنصاف والنصر؟ مع أني … أنت ربما تعلم محبَّتي مع سعيد، وتعرف أني غيره لا أريد، فهل لك لمولانا الرشيد اتصال لتعلمه بواقعة الحال؟
جعفر ([ﻟ] دعد) : قلتُ لك لا تخافي؛ لأن الخليفة حلمه وافي، فأنا أضمن لك نيل مرادك، ورغم أعداك وحُسَّادك، لا يُداخِلك بذلك شكوك؛ لأن الدراويش رجاهم لا يُصَدُّ عند الملوك، ها أنا متوكِّلٌ على الله مؤمِّلًا بنوال الأمل.
جعفر ([ﻟ] مسرور) : خذ الأمور بالمهَل، وأنا آتيك على عجَل.

الجزء الرابع عشر

(مسرور، دعد)
مسرور ([ﻟ] دعد) : الآن أبشري بالفرج والأمان التام؛ لأن هذا الدرويش عند الخليفة مسموع الكلام، عجبًا من أين تعرفين هذا الإنسان؟ هل من مدة مديدة من الزمان؟
دعد ([ﻟ] مسرور) : هذا كان يتردَّد على رجل من معارفنا يُسمَّى أبا الحسن، ومعه درويش آخَر أعظم منه يقول إنه من بلاد اليمن.
مسرور ([ﻟ] دعد) : صحيح، وأخبرنا أنَّ رفيقَه باقٍ مع أبي الحسن على الدجلة، وأنه هو سيعود إليهما ليكملوا هذا اليوم في الحقلة، وأنهم بهذه العشية حيث الحاجَّة مزمعة أن تأتي من السفر … (ملتفتًا نحو الباب) الْزَمِي الاحتشام وكوني على حذر، فهذا وزير، صاحب قدر خطير، ومعلومك أن الوزراء ينبغي الخضوع لديهم.
دعد ([ﻟ] مسرور) : صدقتَ، وإن أنصَفوا ندْعِي لهم، وإن جارُوا ندْعِي عليهم.

الجزء الخامس عشر

(مسرور، دعد، عرقوب)
عرقوب (لذاته) :
بمعجزاتك بعد الله آمنَّا (١٥)
وقد أطعنا وسلَّمنا فآمنَّا
لا تعتب المبتلى بالعشق إن جنَّا
حسام لحظك مسلولٌ لسفك دمي
فأرهَبَ الثقلين الإنس والجنَّا

***

ما أرق هذه المواليا والأشعار! وما ألطف هذه النوادر والأخبار!

(ينظر متأمِّلًا في كراس يكون بيده حين دخوله.)

دعد ([ﻟ] مسرور) : هذا شيخٌ كبير، وأراه ينشد المواليا كالشاب الصغير.
مسرور ([ﻟ] دعد) : هو طبعه هكذا يحب المزاح، ويهوى الانبساط والانشراح، ولكنه رجل تقي، وقلبه طاهر نقي (عرقوب بعد القراءة يلتفت إلى مسرور).
عرقوب ([ﻟ] مسرور) : يا مسرور، هذه دعد التي صدر الأمر بطلبها؟
مسرور ([ﻟ] عرقوب) : نعم.
عرقوب ([ﻟ] مسرور) : لي معها كلام سِرِّي، وهو حسب مرغوبها وأربها، وحيث إني رجل كامل ومسنّْ، فمهما حدثْتُها لا ترتاب مني كما أظنّْ.

الجزء السادس عشر

(مسرور، دعد، عرقوب، جعفر، جوقة)
جوقة ([ﻟ] جعفر) :
وزعنا الأوامر
ضد المعلومين (١٦)
وسعيدٌ حاضر
للأمر رهين
واقفٌ في الباب
طوع الجواب

***

جعفر ([ﻟ] الجميع) : عما يخص الإمام طه والأربعة الأشخاص، فليس لهم من القصاص مناص، وأمَّا عمَّا يخص قصاص سعيد وطلب دعد، فقد تغيَّرت الإرادة الملوكية عن ذاك القصد. والآن بعدما قدمت الاسترحامات الخصوصية، عادت توجَّهت على هذا المنوال الأوامر السنية، وهي هذه: أنَّ سعيدًا يتزوَّج بدعد، وعثمان يتزوَّج بسلمى في هذا اليوم، وما عليهم بذلك لوم، وهو ذا خطٌّ شريف (يعطي ورقة لدعد فتأخُذُها وتقبِّلها) مع أربع صُرر، لكلِّ واحدٍ منهم ألف دينار، إنعامًا من دولته ليدعوا له بالدوام والاستمرار (يدفع لدعد الصُّرَر وعرقوب بعياقة يريد أن يَقْبِضَها متشبِّثًا بجعفر غير أنَّ دعد تعود تقبضها).
الجميع (لذاتهم) :
احفظ يا كريم
دولة العباس (١٧)
واجعلهم يدوموا
رحمةً للناس
وامنح الرشيدا
عمرًا مديدا

***

جعفر ([ﻟ] عرقوب) : عرقوب لماذا وقفتُك هنا؟ أما خفتَ من أن تعرفك دعد؟
عرقوب ([ﻟ] جعفر) : من أين تعرفني وأنا حاصل على هذا المجد؟

الجزء السابع عشر

(دعد، عرقوب)
عرقوب (لذاته) : لازم أن أمازحها وأظهر غرامًا لديها، والأكياس التي قفشتْها لا بد من أن أقاسمها عليها.
عرقوب ([ﻟ] دعد) :
يا بنتُ صبرًا كي أرى أحوالكِ (١٨)
دعد ([ﻟ] عرقوب) :
طوعًا لكم
عرقوب ([ﻟ] دعد) :
هلَّا تُريني جمالكِ؟
فالشوق أوهى جسمي
والعشق أبرى عظمي

***

ارفعي قليلًا هذا النقاب؛ لننظر الشمس الملتحفة بالسحاب.
قاتِلِي لَمَّا تثنَّى سافرًا
لاح آسٌ فوق غصنٍ ينعطف
قال هل يوجد شبهٌ لعذا
ري وقدِّي؟ قلتُ: لامٌ وألف
دعد ([ﻟ] عرقوب) : أنا فقيرة، وبنت حقيرة، وأنت من الكبراء ذوي المقامات، وعندك جملة سراري جميلات، فلا أستحق الانعطاف من سعادتك، ولا هكذا أفعال تصلح أن تكون من عادتك.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : وهل الذي يكون عنده سراري بهيات، لا يسوغ له أن يلتفت لغيرهن من البنات؟ أوما تحفظين المثل المحرَّر في الطُّروس: أنَّ الذي تملكه اليد تكرهه النفوس؟ والحاصل أنا مفتونٌ بوَرْدِ خدَّيْكِ، ومجروح بسيفِ لحظَيْكِ.
دعد ([ﻟ] عرقوب) : ما كنتُ أظنُّ أنَّ الكُبَراء يتنازلون بهذا المقدار، ويُظهِرون غرامَهم بغير اصطبار.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : أنا لستُ من الكبراء، ولا من الأمراء، بل إني رجل أكل خ… خبز دُرا، بل إني مفتونٌ وأسير وعبد لجلالك (يهجم فتُعرِض عنه).
دعد ([ﻟ] عرقوب) : استغفر الله، أنت السيد المالك.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : هكذا تستنكفين مني كأني جربان، أو كأني من مردة الجان، مسكين العاشق الولهان. (ويتكئ.)
دعد (لذاتها) :
العشق حقيقةً مزيل الفخرِ
قد صيَّر هذا الشخص خالي القدرِ
حتامَ أُجلُّه فأوهى صبري
فلنهزَ به إذن لأشفي قهري
دعد ([ﻟ] عرقوب) :
قم يا حبيبي لا تُؤاخِذْ أَمَتَكْ (١٩)
فأنا لجهلي ما عرَفْتُ كرامَتَكْ
والآن عقلي جاني
أرضاك من خِلَّاني

***

عرقوب ([ﻟ] دعد) : ها الآن صدري انشرح، وزال عني الغم والتَّرَح، فأنا لستُ كما قلت فقط إني من خلَّانك وأصدقاك، بل من جملة أسراك (يهجم عليها فتعرض عنه).
دعد ([ﻟ] عرقوب) : ابقَ في مكانك، ولا تمزح إلَّا بلسانك … والنهاية أرجوك أن تخبرني عن قصدك أيها الشهم الشهير؛ لأنني مستعجلة وعندي شغل مهم كثير، وأود أن أتوجَّه بغير تأخير.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : قصدي … قصدي … أخاف من غضبك بعد صلحك.
دعد (لذاتها) : وصلْنا إلى التي تُضْحِك.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : قصدي أن أعطيكِ هديةً جزيلة الثمن (يفتش في جيبه بمعزلٍ).
دعد (لذاتها) : يا ناس، هذا الشخص يُشْبِه عرقوب خادم أبي الحسن، هيئته تشبه هيئته، ولحيته تشبه لحيته، جل الصانع الفرد الصمد، فهو الذي لم يكن له شبيهًا ولا كفوًا أحد.
دعد ([ﻟ] عرقوب) : يكفي تفتِّش وتتعب بغير فايدة؛ فأنا لا أقبل هدية كلمة واحدة.
عرقوب (لذاته) : هدايا تقبلين ما عندي غير المرس والصابون؛ لكي تشنقيني إن خلصت بالأربعة آلاف دينار يا بنت الملعون.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : لا يمكن ألَّا تقبليها مني، يا جارحة الحشا بسيف الجفن، إني رجلٌ أسير هذا الحسنِ.
دعد ([ﻟ] عرقوب) :
… … …
ابعدْ عني ولا تخيِّب ظني
عرقوب ([ﻟ] دعد) : لم تزالي تحتقريني، وبأمر الكلام توبِّخيني؟
دعد ([ﻟ] عرقوب) : أنت تجسِّرني لأحتقرك، وبيدك تُخفِض قدْرَك، ألا تعلم أنَّ العشقَ عَيْب، خصوصًا لمَن كان مثْلَك مشتَعِلَ اللِّحْيةِ من الشَّيْب؟ (تكاد تقبض على لحيته.)
عرقوب (لذاته) : إن كان الشيب عذولي، ويمنعني عن نوال مأمولي
فعندي دواءٌ يجعل الشعر أسودًا
ولو كان مبيضًّا كريش نعامِ
رويدًا سأطلي منه لحيتي عاجلًا
لكي تنظريني يافعًا كغلامِ
دعد ([ﻟ] عرقوب) : إن فعلتَ ذلك تغش نفسك فقط، ولكن الناس يعرفون أن فعلك غلط.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : لهذا الحد تزيدين كلامك؟ بعد قليل تعرفين مقامك … (يروح ويرجع) أي شيء، سمعتكِ تشتميني، اشهدوا عليها سبَّتْ لي دِيني.
دعد ([ﻟ] عرقوب) : أنا أنا؟!
دعد (لذاتها) : يا رباه! (خايفة.)
دعد ([ﻟ] عرقوب) : معاذ الله.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا قبيحة؟!

(ويذهب.)

دعد ([ﻟ] عرقوب) : سيدي أرجوك صفو الخاطر الكريم.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : لا يمكن أن أرضى عنك؛ لأن ذنبك عظيم (ويرجع لنحوها).
دعد ([ﻟ] عرقوب) : بحياة راسك احلم عليَّ ولا تتمرمر.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : لا يمكن مطلقًا، نفذ المقدَّر (ويتقدَّم دايمًا راجعًا لنحوها).
دعد ([ﻟ] عرقوب) : رضا المتعنِّت صعب؛ فما باليد حيلة.
دعد (لذاتها) : يقتضي أن أذهب إلى سعيد لأنه يكون رأى المدة طويلة …
عرقوب ([ﻟ] دعد) : اصبري يا بنت، كيف العمل؟ لولا الخطأ لم يكن العفو والسماح، فأنا عفوتُ عنك، وغفرتُ لك هذا الجُناح، هاتي حلوان الاصطلاح، أين الأكياس التي قبضتيها؟ أريني إياها.
دعد (لذاتها) : ها ها، أين الأكياس؟ أريني إياها.
دعد ([ﻟ] عرقوب) : كيف قلتَ؟ نفذ المقدَّر، لا يمكن مطلقًا، ما فهمتُ هذه الجملة، كيف كيف أفْهِمْني معناها.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : ما لنا وهذا الكلام؟ أنا عفوتُ عنكِ والسلام.
دعد ([ﻟ] عرقوب) : لا لا، أنت شتمْتَني بقولك إني قبيحة.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : سبحان الله! أنت تدقِّقين على هكذا جمل غير فصيحة.
دعد ([ﻟ] عرقوب) : لا لا، أنتَ شتمْتَنِي كفى لهذا الحد.
عرقوب ([ﻟ] دعد) : هذا بلسان الهزل لا بلسان الجد.
دعد ([ﻟ] عرقوب) : والجد كيف يكون؟
عرقوب ([ﻟ] دعد) : الجد أني بكِ مفتون (يهجم عليها فتدفعه فيتَّكِي على المقعد متغاميًا).
عرقوب (لذاته) : آه آه! بحب المولى.
دعد (لذاتها) : هذا شي ما له نهاية؛ فالرحيل أولى.

الجزء الثامن عشر

(عرقوب، مسرور)
مسرور (لذاته) : يقتضي أن أُخبِر إسحاق وعرقوب عن تخفِّي أبي الحسن وأعلمهما إرادة أمير المؤمنين.
عرقوب ([ﻟ] مسرور) : مقبول منكِ يا حبيبة القلب، افعلي كما تريدين، (يقوم ليصافح دعد مُظِنًّا أنها باقية فلا يرى غير مسرور) أعوذ بالله من الشياطين (يحوِّل وجهَه ويَبْقَى مرتعِشًا).
مسرور ([ﻟ] عرقوب) : عرقوب، استعذ بالله، ما بالك مثل المجانين؟
عرقوب (لذاته) : استعذتُ بالله من حين رأيتُك.
مسرور ([ﻟ] عرقوب) : اصبر لأعلمك بأي رسالةٍ أتيتُك.
عرقوب ([ﻟ] مسرور) : اشرح لي ما حصل جوَّا من الأول للآخِر، فأنا ما دريتُ بشيء من الذي صاير؛ لأني حين ذهبتُ إليك كما علمني محمود النديم، جعلتني بمخدع كمحبوس أثيم، وبقيتُ وحدي لحين خروجِك من دار الحريم، فأتيتُ بصحبتك إلى هذا الإيوان.
مسرور ([ﻟ] عرقوب) : اسمع بما جرى وكان.
صدرت مراسيم الأمير الكاذبِ (٢٠)
بقصاص أربعةٍ وطه الغاصبِ
وحضور دعدٍ مع سعيدٍ مؤملَا
بزواج تلك ونفي ذاك معجَّلَا
وأنا ذهبتُ لقَضْيها إذْ أُقرِنتْ
برضى أمير المؤمنين وأُعلِنتْ

***

عرقوب (لذاته) : آه! مصطفى النديم كان وَعَدني أن يُقابلني مع الملك الحقيقي هارون الرشيد، ولحد الآن لم أحصل على هذا الحظ السعيد.
عرقوب ([ﻟ] مسرور) : ما علينا، وماذا صار بعد ذلك؟ شرِّفني بإيضاحه.
مسرور ([ﻟ] عرقوب) : صار أنَّ الخليفة الوقتي زاد في طربه وانشراحه، فتعلَّقتْ عليه سُرِّيَّة، تُسمَّى هند الحجازية، وأخذتْ تُعاتِبه لكونه يفضِّل دعد عليها، وتتَّهِمه بأنه لا يَمِيل إليها، وما زالتْ عليه حتى ألْزَمَتْه بأن يعطي الأوامر التي أتى بها.
عرقوب ([ﻟ] مسرور) : ها ها، فهمتُ فهمتُ، هذه الأوامر التي أتى بها محمود النديم، فهمتُ أصل أسبابها … ومصطفى النديم أخبرني، أما هو عنده.
مسرور ([ﻟ] عرقوب) : آه آه آه (ضاحكًا)، وجعله الآن أن يتخفَّى بزيِّ النِّسا ويطلب الهرب وحده؛ لأنه ازداد على معلمك الخوف والإقلاق، بقوله إن عساكر العجم واردة إلى العراق … والقصة طويلة، تعالَ معي لأخبرها لك ولإسحاق؛ لأن البوَّاب له هنا أيضًا مدخل عظيم (يلتفت نحو الباب الذي يدخل منه أبو الحسن).
مسرور (لذاته) : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
مسرور ([ﻟ] عرقوب) : ها هو معلِّمك جاري، في زي السَّراري، فما بقي معنا وقت لتتميم الحيلة.
عرقوب ([ﻟ] مسرور) : أنا فهمتُ المقصود؛ لأني أفهم بألفاظ قليلة، فأنت رح بلِّغ إسحاق البوَّاب اللازم، وأنا أُمسك معلمي هنا مدة طويلة.

الجزء التاسع عشر

(عرقوب، أبو الحسن)

(أبو الحسن يَظهَر بأثواب الخليفة التي كان لابسها، كما هي مضيفًا إليها اتِّزاره بإزار مقلِّدًا النسا.)

عرقوب (لذاته) : ارتعْ يا معلِّمي، ارتعْ في هذا النعيم، واطرَبْ في عزٍّ غير مستديم، فحدودك من المماليك والسَّراري السمع والنظر، ومن المُلْك والحكم لحدِّ هذه العشية حين رجوع الحاجَّة من السفر، فإنْ كنتَ ذا عقل وبصيرة، احذر على المائدة من الأفيون في الكاس الأخيرة (أبو الحسن في مدة كلام عرقوب يتأمَّل في أمتعة المحل).
أبو الحسن (لذاته) :
يا ناسُ حيفٌ أن أُفارِقَ أرْبُعي (٢١)
وأعيفها بعد السنين الأربعِ
حيفٌ فراقي ملكي
لله أمري أشكي

***

كيف العمل؟ بغير هذه الحيلة لا أحصل على المرام، ولا أتخلَّص من حرب الأعجام. لا آسَفُ على الخلافة، يكفاني المال الذي آخذُه معي؛ لأنَّه يكفيني لحين حلولي في مضجعي، حيَّاك الله يا دادا مصطفى، فهذا الرأيُ سديدٌ وفيه الشِّفا؛ لأنني إذا لم أتخفَّ فلا أقدر على إقالة المملكة، بل تُلْزِمني الرعيَّةُ لأبقى في الخلافة وأقع في التهلُكة (عرقوب يستَرِقُ ويرفع النِّقاب عن وجْه أبي الحسن فينظر إليه ويَبقَى نقابُه مرفوعًا لحدِّ آخِر هذا الجزء).
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : جعفرُ، أين اختفيتَ؟ أنا سألتُ عنك جملة أمرار، فقدَّموا لي عنك بعض أعذار.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : أنا كنتُ مشغولًا، بعتُ بيعة براس المال.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : ما هي هذه البيعة؟ احكِ لي عنها بالحال.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : اتفقتُ مع محمود النديم؛ دادا محمود.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : دادا محمود، محمود النديم!
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : هذا هو صاحبنا القديم، ولكن الآن أنا سمَّيْتُه نديمًا وبعتُه وزارتي.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : صحيح، دبِّر لي زبونًا لأبيعه أنا أيضًا خلافتي.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : عظيم، ولكن هذا البيع والشِّرا يشترط فيهما نقض الحساب والرجوع.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : لا لا، أنا لا أبيع هكذا بيعة، ولو متُّ من الجوع.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : ما علينا، لا نضيع الوقت، أنا أعلم لأيِّ سبب أنت تخفَّيْتَ، فاذهب سريعًا وأنا سأتبعك بالحال إلى البيت … (يهم أبو الحسن أن يتوجَّه) اصبر قليلًا إن الخليفة يصير عليه تدقيق في وقت الحروب والأكدار؛ ليلَّا يأخذ جانبًا من المال.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : ما صار قصور.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : ويتخفَّى ويطلب الفرار، فاحذر من إسحاق البوَّاب على الباب.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : من أين عاد وُجد هذا الإسحاق البوَّاب؟! أنت قلت إنه كان في الرؤيا فالآن كيف فتق الحساب؟
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : هبْ أنها رؤيا مجازية، ألَا يمكن تنقلب حقيقية، كما جرى مثل ذلك على ذاتك من مدة أربع سنين؟
أبو الحسن (لذاته) : صدقتَ، هذا هو الحق المبين، كل شي قابل التغيير، وإن الله على كل شيءٍ قدير.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : على أيِّ وجهٍ كان ما فيه بأس كيفما أتى يأتي، بحيث إني أرى إسحاق مرةً ثانية في حياتي؛ لأن هذا الغلام حين نظرتُه أخذ بمجامع كبدي، كأنَّه والدي أو ولدي.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : رجعنا إلى غلامي وولدي وأكل الكنافة، ألا تعلم أن هذه العادة الردية هي سخافة؟ … ما علينا، فإنْ سألك إسحاق: مَن أنت كيف تجيب؟
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : أعلمه بقصتي على الترتيب.
عرقوب (لذاته) : ما أحسن هذا الرأيَ المصيب!
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : ألَا تعلم بأنك إنْ أخبرتَه بجليَّة الخبر، يصير مجبورًا لأن يقبض عليك ويتسبَّب لك الكدر؟!
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : فإذن أقول له إني إحدى الجواري، كما علَّمني دادا مصطفى والسراري.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : نعم هكذا، ولكن ينبغي أن تتقلَّد صوت النسا؛ ليلَّا تقع في الهوان والأسى.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : وهل مثلي يعصاه شي؟! فأنا أفعل كما أريد؛ لأن الرشاقة تُطِيعني مثل العَبيد.
عرقوب ([ﻟ] أبو الحسن) : امشِ إذن بعد خطوات، وتكلَّم بعض كلمات؛ لأطمئنَّ إذا كنتَ تقدر تَخفَى على إسحاق، ولا يعرفك بوجه الإطلاق.
أبو الحسن ([ﻟ] عرقوب) : ها أنا ذا (يمشي وعرقوب يتقلَّده)، انظر خطواتي وانتبه جيدًا إلى حركاتي، وإن سألني البوَّاب عن شاني، فأجيبه قايلًا بصوت نسواني (يرقِّق صوته)
أنا من جواري أمير المؤمنين، وأُرِيد التوجُّه لأتنزَّه بأحد البساتين.
الآن طاب فؤادي جيدًا
وارتاح فكري من الوسواس
فصار يحتاج أن أسعى إلى
تدارك الجوقة الحراسِ

(أبو الحسن يُرخِي النقاب ويتمشَّى رايدًا الخروج.)

الجزء العشرون

(أبو الحسن، إسحاق)
إسحاق (لذاته) :
قد هزَّ أشواقي رقيقُ هبوبها (٢٢)
وأهاج وجدي نفحةٌ من طِيبِها
أبو الحسن (لذاته) : هذا إسحاق الظريف المعتبر، الذي تارةً يختَفِي وتارةً يظهر.
إسحاق (لذاته) :
مَن هذه المحبوبة؟
فأظنُّها المطلوبة (٢٣)
من تُرى يكون هذا الشخص الذي أراه؟ بسم الله، وما شاء الله!
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) (بصوت رقيق مقلدًا صوت النسا) : وحياتك يا صاحب الصورة اللطيفة، أنا ما أنا الخليفة.
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) : ومَن اتَّهَمَكِ بذلك، يا زينة الممالك؟ فأخْبريني إذن أنتِ مَن تكونين من البنات الأبكار؟ هل ضو النهار، أم …؟
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) : إي نعم، ضو النهار.
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) : أمان أمان أمان! آه آه آه! هذا اليوم الذي كنتُ أتمنَّاه لأنني من مدةٍ يا ضو النهار نظرتُكِ نظرة، فأوْرَثتْني ألف حسرة، وكنتُ أشتهي أن تكمل مسرَّاتي، وأنظرك نظرة ثانية قبل مماتي.
فعليكِ أن تشفي غرامَ متيَّمِ (٢٤)
جودي اكشفي عن وجهك المتبسِّمِ
ما لي فدا عينيكِ
والروح في كفيكِ

***

ألا أستحق عندكِ سؤال ولا جواب؟ … لا تآذنيني إن أرفع قليلًا هذا النقاب؟! (يتقدَّم ليرفع النقاب فيُعرِض عنه.)
علامَ يا نور عيني
منعتِ عني الكلام (٢٥)
آه يا عيني
رقِّي لصَبٍّ كليم
فأنت بدري وعيني
ومنيتي والسلام
آه يا عيني
جودي بوعدٍ سليم
إن عِفْتُ صحبي وعيني
لأجلك لا أُلام
آه يا عيني
فالعشق ضربٌ أليم

الجزء الحادي والعشرون

(أبو الحسن، إسحاق، جوقة)

(أبو الحسن حينما يرى الجوقة يستتر خلف إسحاق.)

جوقة ([ﻟ] إسحاق) :
أين مولانا المجيد
صاحب الْمُلْك الوَطيد؟ (٢٦)
له الطعام تهيَّا
في صفرةٍ كالثُّريَّا
وضاحيات الْمُحَيَّا
روَّقْنَ كاس الحُمَيَّا
والزهر انتثر
والعطر انتشر
والناي انتظر
أسما وسعدى وميَّا
أبو الحسن (لذاته) : قد هام قلبي لأوقات الصَّفا والتَّلاقِي (ويرفع البرقع ويشلح الإزار)، وحديث هؤلاء المماليك هيَّج أشواقي، فينبغي أن أرجع عن غيِّي وجهلي، وأضع رأسي في عقلي، ولا أترك هذه السعادة والدولة الزاهرة، ولو أنَّ ملوك الأكاسرة، تحاربني جملةً مع القياصرة.
جوقة ([ﻟ] إسحاق) :
فأخبر أين مر
مشمول الظفر (٢٧)
إسحاق ([ﻟ] جوقة) :
ما عندي خبر،
ما مرَّ مرءٌ عليَّا
أبو الحسن ([ﻟ] جوقة) :
ها حضرتي فأخبروني
عن قصدكم باختصار (٢٨)
جوقة أبو الحسن : قد مُدَّ الطعام، وراق كاس الْمُدام.

(إسحاق حينما يرى أبا الحسن يتصنَّع كأنه مُنْذهل وخايف، ويفتِّش ها هنا وهنا، كأنه يفتِّش على ضو النهار.)

إسحاق (لذاته) :
وا دهشتي! وا جنوني!
فأين ضو النهار؟
هيفاء القوام
قد أوحشتْ ذا المقام
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) :
لو لم تكن كعيوني
لذقتَ منِّي الدمار
عن هذا الهيام
في قصر دار السلام
إسحاق ([ﻟ] أبو الحسن) :
ما عبدكم بخئون
لكن خشيتُ اغبرار
مولانا الهمام
لفقدها كالمنام
كانتْ خرجتْ سِرًّا بغير الأمرِ (٢٩)
للَّهْو، فقد أمسكتُها بالقهرِ
والآن لنحسي لا تُرى في القصرِ
إن طال غيابها يقصر عذري
إسحاق (لذاته) : اختفت آثارُها (٣٠) (يرى الإزار في الأرض فيتناوله بتعجُّب كلي.)
هو ذا إزارها
يا تُرى أين نأتْ أقمارها
أبو الحسن ([ﻟ] إسحاق) :
حضرتي أمرتُها أن تتوارَى بالسحاب
الجوقة (لذاتهم) :
عذرها حقًّا مبينٌ، ما عليها من عتاب
أبو الحسن ([ﻟ] للجميع) :
هكذا أمري اقتضى
الجميع ([ﻟ] أبو الحسن) :
مَن ترى معترضا
كل ما تأمر فيه مرتضى
أبو الحسن ([ﻟ] للجميع) :
اتركوا هذا الكلاما
ولنبادر للطعام (٣١)
حيثما نبري السقاما
الجميع (لذاتهم) :
… … …
بين أرباب الغرام
مع بناتٍ تتسامى
في جمالٍ وابتسام …

(يصير سكتة قليلة من الجمهور كما يقتضي اللحن.)

هند أسما ثم لبنى
تمزج الراح العقيق

(أبو الحسن يتأهَّب للذهاب قابضًا على يد إسحاق.)

أبو الحسن ([ﻟ] الجميع) :
وكذا إسحاق معنا
يشرب الخمر العتيق

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤