الهروب من السجن!
قفز «أحمد» خارج أسوار السجن، وكمَن في الظلام … واقترب حارسٌ مسلَّح وهو يصفر بشفتَيه، وفُوجئ بيدٍ تقبض عليه من الخلف، وتضغط عليه بقسوة. فهتف الحارس في صوتٍ متحشرج: ما هذا … من أنت؟
وأجابَه «أحمد» في قسوة: لا يهم من أكون … المهم أن تأخذني إلى حجرة العمليات، لذلك البروفيسور المجنون «كارلوس»، وسأُكافئك على ذلك.
هتَف «الحارس» بصوتٍ متحشرج: لا أستطيع … سيقتلُني لو فعلت ذلك!
شدَّد «أحمد» ضغطه على الحارس قائلًا: وأنا أيضًا سأقتلُك إن لم تفعل.
أجاب الحارس بصوتٍ متحشرج: سآخذك … ولكن لا تقتلني.
وقاد الحارس «أحمد» إلى مبنى حجرة العمليات، وأشار إليه قائلًا: ها هو.
أجابه «أحمد»: وها هي مكافأتي لكَ على معاونتك، سأتركك تحيا ولكن بطريقتي. ثم قيَّده وربطه وكمَّم فمه؛ فقد كان يخشى إن تركه أن يُسرع الحارس بإخبار زملائه وتنبيههم.
واندفَع «أحمد» إلى داخل المبنى … ووقف لحظةً في قلق، وهو يسأل نفسه: تُرى أيَّة حجرة هي حجرة العمليات؟
مسح «كارلوس» عرقه المتصبِّب فوق جبهته وهو يشعر بالإجهاد الشديد، الذي عطَّله عن بدء عمليته الجراحية … و«إلهام» ممدَّة فوق طاولة العمليات، وقد استسلمَت لمصيرها. وتمالَك «كارلوس» قُواه … وقرَّب مِشرطَه الحادَّ من جبهة «إلهام».
وقبل أن يلمسَها … فجأةَ، انقطع التيار الكهربي، وساد الحجرة ظلامٌ دامس. وهتف «كارلوس» في ذهول: ما هذا … كيف انقطع التيار الكهربائي؟
تنبَّهَت «إلهام» في دهشةٍ إلى ما حدث، وفكَّرت: تُرى هل تمكَّن الشياطين من تحرير أنفسهم وتخريب المولِّد الكهربائي الضخم؟
وهتَف «كارلوس» في قلقٍ شديد: سأذهب لأرى ما يحدث في الخارج؟
وما كاد يتجه إلى الباب، حتى أصابته ضربةٌ قوية، أطاحت به إلى الوراء، فسقط في صوتٍ قوي على بعض الأجهزة الإلكترونية، وتهشَّمَت نظارته الطبية.
ظهَر «أحمد» بقامته الفارعة، في مدخل الحجرة، وهو يقول: لا داعي أن تخرج أيها الشيطانُ لتعرف ما يجري في الخارج؛ فقد جئتُ بنفسي لأخبرك بما حدث!
غَمغَم «كارلوس» في ذهول، وقد تعرَّف على صوت «أحمد»: أنت … كيف تمكَّنتَ من الهرب من الزنزانة؟
أجابه «أحمد» ساخرًا: للشياطين طُرقُهم الخاصة في العمل.
واندفَع نحو «إلهام» في فزع، وهتف بها: هل أصابك هذا اللعينُ بمكروه؟
همسَت «إلهام» في ضعف: لقد وصلتَ في اللحظة المناسبة يا «أحمد» … أين الباقون؟
أجابها «أحمد»، وهو يحُل قيودَها: إنَّهم بالخارج، يقومون بعملهم.
وتلفَّت حوله قائلًا: وأنا سأُكمِل عملي في هذا المكان الرديء. ولكن «كارلوس» كان قد اختفى من الحجرة، برغم ما حدَث له، وبرغم نظَّارته المكسورة، فهتف «أحمد» في غضب: لقد هرب هذا الشيطان، هيَّا بنا.
تساءلَت «إلهام» في قلَق: هل سنتمكَّن من مغادرة هذه الجزيرة؟ إنَّ بها عشرات الحُراس.
أجابها «أحمد»: هذا يتوقَّف على نجاح خطَّتي، خاصة الجزء الثالث منها.
اقترب «قيس» و«خالد» في حذَر من مدخل الممر الطويل المؤدي إلى زنزانات الرياضيين المسجونين، كان هناك ستة حُراسٍ يجلسون للَعِب الورق في نهاية الممر، وأسلحتهم بجوارهم … وهمس «خالد» يسأل «قيس»: هل تظن أننا سننجح؟
قيس: بإذن الله … خاصة إذا انضم إلينا الرياضيون بعد أن نُفرِج عنهم!
خالد: ولكنَّهم سيكونون مخدَّرين، ولن يتمكَّنوا من مساعدتنا!
قيس: لا أظن أنَّهم سيكونون مخدَّرين الآن؛ فمن الواضح أنَّ الحراس يقومون بتخديرهم ظهرًا، ويستعيدون وعيهم وقُوَّتَهم قُرب المساء، بدليل أنَّ لاعب الكرة الكويتي «مسعد العربي» قاوم الحُراس الذين أرادوا الذهاب به إلى حجرة العمليات، وهذا معناه أنَّه كان قد أفاق من المخدِّر.
خالد: معك حق … هيَّا بنا!
وتحرَّك الاثنان في خفَّة نحو الحراس، واندفعا نحوَهُم شاهرَين أسلحتَهما. وصاح «خالد» في الحُراس الستة: احذروا أن يتحرَّك أحدكم.
فُوجئ الحُراس. ولكنَّ أحدَهم تحرَّك نحو سلاحه. فجاوَبه «قيس» بطلقاتٍ من مدفعه، فاستسلَم الباقون في ذعر، فقادهم «خالد» إلى زنزانةٍ قريبة، أغلقَها عليهم من الخارج، بعد أن استولى على مفاتيح الزنزانات منهم … واندفع الشيطانان إلى زنزانات الرياضيين يفتحان أبوابها … وصاح «خالد» فيهم: تسلَّحوا بكل ما تجدونه أمام أيديكم، وأسرِعوا معنا لقتال الحُراس.
فتصاعدَت صيحات الرياضيين، واندفَعوا يستولُون على أسلحة الحُراس، وينتزعون القضبان الحديدية، ويحطِّمون المقاعد ليتسلَّحوا بأرجلها … ثم اندفعوا جميعًا خارجين من السجن.
واستقبلَهم في الخارج مجموعةٌ من الحُراس، وقبل أن يستخدموا أسلحتهم، اندفعَت هِراواتُ وقبضاتُ الرياضيين تتكفَّل بهم.
وظهر «عثمان» و«هدى»، وانضما إلى «قيس» و«خالد» والباقين. وصاح أحد الرياضيين في فزع: هناك نارٌ هائلة تقترب منَّا!
وكانت النارُ المندلعة من المولِّد الكهربائي الضخم، قد انتشَرَت في الجزيرة، وراحت تلتهم كل ما تُصادِفه من أشجار ومبانٍ.
وتدافَع الحُراس صارخين في كل اتجاهٍ صائحين: النجدة … النيران … سوف نحترق.
قال «قيس» في قلق: لم يكن ذلك في حسباننا … ما العمل الآن؟
خالد: فلنُسرِع إلى الشاطئ، لنستوليَ على زوارق الحُراس السريعة، قبل أن يهربوا بها.
واندفعوا إلى الشاطئ … وما كادوا يصلون إليه، حتى شاهدوا النار وهي تندفعُ نحو الزوارق وتلتهمُها في ضراوة.
وشَعَر الجميع أنَّهم في شَركٍ رهيب، والنار تُحاصِرهم من كل اتجاه.