نهاية «كارلوس»!
اندفع «أحمد» و«إلهام» من الخلف. وتعانقَت «هدى» و«إلهام» في سعادة، وقال «عثمان» في توتُّرٍ شديد: لقد تمكَّنَّا من إنقاذ الرياضيين وتدمير الجزيرة، ولكنَّنا مُعرَّضون للموت فوق هذه الجزيرة. لمعَت عينا «أحمد»، وقال: لا يزال لدينا أمل.
وهتف في صوتٍ حماسي: الغوَّاصة … هل نسيتموها. إنَّها الوسيلة الوحيدة التي يُمكِنُنا أن نغادر بها الجزيرة في أمان.
قيس: وأين هي؟
أحمد: إنَّها تَبعُد حوالي كيلومترٍ عن شواطئ الجزيرة، فنسبَح إلى مكانها ونُحاوِل الغوص، والاستيلاء عليها قبل أن يهرُبَ بها ذلك الشيطان «كارلوس».
عثمان: هيَّا بنا.
وقفَز الشياطين الستة، والرياضيون خلفهم في الماء، وشَرعوا يسبَحون في قوة، بالاتجاه الذي أشار إليه «أحمد» … وفي المكان المحدَّد، أشار «أحمد» إلى الجميع قائلًا: فلتَظلُّوا في مكانكم وانتظروني.
عثمان: سآتي معك.
وغاص الاثنان في قلب الماء المُعتِم، وقد حبسا أنفاسهما … وعلى مسافةٍ قريبة، لمعَت أضواء الغوَّاصة وهي تستعدُّ للهرب. فاندفَع «أحمد» و«عثمان» إليها، وتعلَّقا بفتحة النجاة، وتمكَّنا من فتحها بمشقَّة، ثم قفزا داخل الغوَّاصة بعد أن كادا يختنقان … ووقفا في الداخل وهما يلهثان. وقد بدأَت الغوَّاصة إبحارها في قلب الماء.
أحمد: علينا بسرعة السيطرة على الغوَّاصة، ومن المؤكَّد أنَّ هناك مزيدًا من الحراس والمسلَّحين في قلبها.
وما كاد يُنهِي عبارتَه، حتى اندفع حارسان، وهما يُطلِقان رشَّاشاتِهما، فقفز «عثمان» و«أحمد» مبتعدَين عن مسار الطلقات، وبقفزةٍ أخرى بارعة، كانا يطيران في الهواء، وأطاحا بالحارسَين، اللذَين اصطدما بالحائط في عنف … فسقطا بلا حَراك … واستولى الشيطانان على مِدفعَي المسلَّحَين، واتَّجها إلى قلب الغوَّاصة. وتدافع مزيدٌ من المسلَّحين نحوهما … ولكن رصاصات «أحمد» و«عثمان» تكفَّلَت بهم، وألقتهم على الأرض مُصابين.
عثمان: فلنُسرِع إلى حُجرة القيادة … فلا بد أنَّ ذلك الشيطان «كارلوس» بها.
أحمد: هيَّا بنا.
واتَّجه الاثنان إلى حُجرة القيادة، فوجدا بابها المصفَّح مغلقًا من الداخل، فحاولا فتحَه بلا فائدة.
وصاح «عثمان» نحو الباب في غضب: افتح البابَ أيها الشيطان المجنون … فلا أمل لك في النجاة. ومن داخل الحجرة، جاءهما صوت «كارلوس» يقول في جنون: لقد أفسدتُم كل مخطَّطاتي، ودمَّرتُم جزيرتي، وأفسدتُم تجاربي؛ ولذلك فسوف أنتقم منكم جميعًا، وسأغوص بالغوَّاصة إلى عمقٍ رهيبٍ في المحيط، فيُحطِّمها الضغط ويُهشِّمها، كما لو كانت لُعبةً صغيرة. أمَّا الباقون فسيموتون فوق الجزيرة … وبذلك أكون قد انتقمتُ منكم جميعًا.
وقَهقَه «كارلوس» في صوتٍ وحشي … وتبادَل «أحمد» و«عثمان» نظرةً مندهشة؛ فلم يكن هناك شَكٌّ في أنَّ الرجل قد جُنَّ تمامًا.
قال «أحمد» في تصميم: ليست هناك سوى وسيلةٍ واحدة للسيطرة على هذه الغوَّاصة ودخول حُجرة القيادة.
وصوَّب مِدفَعه الرشاش إلى قفل الباب، وانهال بالرصاص على القفل، الذي تحطَّم … واندفع «أحمد» و«عثمان» إلى داخل الحُجرة، فشاهدا «كارلوس» وهو يترنَّح، بعد أن أصابته بعض الرصاصات التي اخترقَت قفل الباب.
وجحظَت عينا «كارلوس»، وهو يُشير إلى «أحمد» و«عثمان»، وارتعشَت شفتاه، ثم تهاوى على الأرض بلا حَراك.
عثمان: هذا هو مصيرُ كلِّ مجنونٍ يُحاوِل العبثَ بأرواح الأبرياء.
أحمد: «فلنُسرِع بالتقاط الباقين.
وأدار أجهزة الغوَّاصة لترتفع لأعلى. فتدافَع بقية الشياطين والرياضيون لركوب الغوَّاصة في سعادة … وتأهَّبَت الغوَّاصة للغَوص. وقالت «إلهام» لزملائها: هناك بعض المسلَّحين الإرهابيين أحياء على شاطئ الجزيرة … هل سنتركُهم يموتون في ذلك المكان النائي والجزيرة المُحترِقة؟
أجابها «أحمد»: إنَّهم يستحقُّون ذلك، جزاءً لهم على ما فعلوه من أعمالٍ شِرِّيرة … ولكننا لن نُواجِه الشر بالشر … سنقوم بإنقاذهم، ثم نقدِّمهم للعدالة.
ابتسمَت «إلهام» قائلة: هذا هو ما كنتُ أتوقَّع سماعَه منك … فبرغم كل شيء، فإنَّ الشياطين يمتلكون قلوبًا طيبة.
قال «عثمان» ضاحكًا: ليس كل الشياطين … نحن فقط!
وتعالت ضحكاتُ الجميع … واقتَرب «أحمد» بالغوَّاصة من شواطئ الجزيرة، التي تحوَّلَت إلى كتلة من اللهَب، فأسرع المسلَّحون الإرهابيون يقفزون داخل الغوَّاصة، وفي داخلها الرياضيون يردُّون لهم ما فعلوه بهم، ويستقبلونهم بصفعاتٍ مؤلمة، ثم يقومون بتقييدهم … هدرَت محرِّكات الغوَّاصة … وبدأَت تهبط إلى قلب الماء، في رشاقة … ثم اندفعَت باتجاه الشاطئ البعيد.
شاطئ مدينة الدار البيضاء الجميلة … بعد أن انتهى الشياطين من مهمَّتهم، وانتصروا على هذا الرجل المجنون!