«إيفانز» يختفي في شكل «عثمان»!
كانت لحظة التردد السريعة كافية لأن يبتسم «د. إيفانز» قائلًا: لا تتردَّد … نحن زملاء في البحث، سواء كنت أنا الأكبر أم أنت، فمَن يدري، ربما يكون بحثك قد تجاوز ما توصَّلتُ إليه!
ابتسم «أحمد»، وهو يضع فنجان القهوة في بطءٍ متعمَّد؛ فقد كان يفكِّر في أن كلَّ حركة منه مرصودة من خلال العدسات التليفزيونية الخفية؛ ولذلك، فإنه يجب أن يكون حذرًا تمامًا. فكَّر لحظة سريعة، ثم رفع الحقيبة على ركبتَيه وهو يقول: سيدي الدكتور … ما هي قيمة العالِم؟
نظر له «إيفانز» لحظة، ثم قال: ماذا تعني؟!
قال «أحمد»: أعني سؤالي يا سيدي. ما قيمة عالم مثلك؟
ردَّ «إيفانز»: قيمة العالم من قيمة عمله!
ابتسم «أحمد»، وقدَّم خريطة لمنزل «إيفانز»، بسطها أمام العالِم العجوز وهو يقول: أرجو أن يُلقيَ سيدي الدكتور نظرةً على هذه الخريطة.
نظر «إيفانز» إلى الخريطة لحظة، ثم ظهرَت على وجهه الدهشةُ، وقال: خريطة غريبة؛ إنها منزلي تمامًا، ماذا تقصد؟
بسَط «أحمد» خريطة أخرى أمامه وهو يقول: أرجو أن ترى هذه جيدًا!
نظر «إيفانز» إلى الخريطة بانفعال شديد، ثم وضع يدَه فوق نقطة محددة، وسأل: ماذا تعني هذه النقط؟!
ردَّ «أحمد»: هذا هو الموضوع، وهذا ما أتيت لأتحدَّث إليك فيه.
تراجع «إيفانز» في كرسيه، ونظر إلى «أحمد» لحظة؛ فقال «أحمد» بسرعة: إن الخريطة الثانية كما ترى … هي للمنطقة المحيطة بالمبنى … وهذه النقطة تمثِّل الأماكن التي يحتلها أفرادُ عصابة خطيرة.
توقَّف «أحمد» عن الكلام متعمِّدًا، ليرى تأثير الكلمات على «د. إيفانز». وكان التأثير سريعًا … فقد تغيَّر لونُ وجهِ الدكتور، وقال بما يُشبه الهمس: ماذا تعني؟
قال «أحمد» بسرعة: سيدي الدكتور، أنت مُعَرَّضٌ لجريمةِ خطفٍ، دبَّرَتها عصابة خطيرة اسمها عصابة «سادة العالم» وقد أتيتُ لأحذِّركَ، وأوصلَك إلى برِّ الأمان.
كان الدكتور ينظر إلى «أحمد» في تردُّد وفي شكٍّ أيضًا … إلا أن «أحمد» كان يطرق الحديد وهو ساخن؛ فقد أسرع يقول: إن معي زملاء يقفون الآن خارج المنزل في انتظار أن أُعطيَهم إشارة، وهم يراقبون تحركاتِ أفراد العصابة؛ لأننا نعرف أماكنهم بالضبط.
همس «د. إيفانز»: إنني لا أصدق!
قال «أحمد»: مع أن الإثبات سوف يضيِّع علينا وقتًا قد لا يكون في صالحنا، إلا أنني سوف أُثبت لك.
أخرج «أحمد» جهاز الإرسال … ثم أرسل رسالة سريعة إلى «رشيد» و«عثمان»، كانت الرسالة بطريقة الشفرة، حتى إن «د. إيفانز» كان يُراقبه في دهشة. وعندما انتهت الرسالة قال «أحمد»: سوف تُجري تجربة، أرجو أن توافق عليها، وأن تحققَها بشجاعة، وبعدها سوف نُكمل الحديث.
وقف دكتور «إيفانز» وأخذ يمشي في الحجرة حائرًا، ثم اتجه إلى زرٍّ في الحائط وضغطه. كان «أحمد» يراقبه. وما إن رأى هذه الحركة حتى أسرع يقول: أرجو ألَّا يتصرف سيدي الدكتور تصرُّفًا لا أعرفه حتى لا تتعقَّد الأمور!
نظر له «إيفانز» لحظة، ثم قال: إنني أُلغي عملَ الكاميرات السرية، حتى لا يرانا أحد.
ابتسم «أحمد»؛ فقد فهم أن «إيفانز» قد وَثِق به، وأنه بدأ يتصرف التصرف الصحيح.
فجأة، أعطى جهاز الاستقبال إشارة؛ فبدأ «أحمد» يتلقَّى رسالة «رشيد». وعندما انتهى منها، قال ﻟ «إيفانز»: هل يمكن أن أستدعيَ زميلي؟
لم يردَّ «إيفانز» مباشرة … فقد تردَّد لحظة قبل أن يقول: لا بأس، ما اسمه؟
قال «أحمد»: «عثمان».
أعطى «إيفانز» أوامرَه باستقبال «عثمان»، في نفس الوقت أرسل «أحمد» رسالةً ليبقى «رشيد» في حالة مراقبة للمكان.
ولم تنقضِ عشرُ دقائق حتى كان «عثمان» يدخل من الباب. قدَّمه «أحمد» ﻟ «إيفانز» الذي رحَّب به.
قدَّم «عثمان» مجموعةً من الصور ﻟ «أحمد»، الذي ألقى عليها نظرةً جعلَت «د. إيفانز» يقول: ماذا هناك؟
أخفى «أحمد» دهشتَه بسرعة وابتسم وهو يقول: هؤلاء هم أعضاء العصابة، في أماكن مراقبتهم. تم تصويرهم الآن فقط!
قدَّم الصور ﻟ «إيفانز» ثم قال ﻟ «عثمان»: إنهم النزلاء الجدد في فندق «سكاي»!
ردَّ «عثمان»: نعم. وقد أدهشني ملاحظتك ساعتها!
فرغ «إيفانز» من مشاهدة الصور، ثم سأل: ما المطلوب الآن؟
رد «أحمد»: سوف نضع مكياجًا لك.
توقَّف لحظة ثم أضاف: ولتكن في هيئة «عثمان» مثلًا، ثم تخرج. سوف يلقاك زميلنا في الخارج، وسوف نبقَى هنا حتى لا تظنَّ بنا شيئًا، وسوف يصحبك زميلُنا في جولة إلى هذه النقط. لترى بنفسك ماذا هناك؟
تردَّد «إيفانز» لحظة، ثم قال: لا بأس. هيَّا إلى العمل.
بدأ «أحمد» العملَ بسرعة. وفي نصف ساعة كان هناك «عثمان» آخر؛ فقد تحوَّل «إيفانز» إلى «عثمان». نظر «إيفانز» إلى نفسه في مرآة صغيرة، ثم ابتسم ابتسامة عريضة. وقال: إنني جاهز الآن!
قال «أحمد»: سوف يقترب زميلنا. ويقول كلمة «صفر». وهي كلمة السر، لكي تتعرف عليه!
عندما تحرَّك «د. إيفانز» خارجًا، كان «أحمد» يُجري اتصالًا مع «رشيد» لينقل إليه ترتيباتِ التحرك.
أخذ «عثمان» و«أحمد» يرقبان «عثمان» الجديد، أو الدكتور «إيفانز» وهو يقطع الحديقة. كان منظرُه طريفًا للغاية. بعد دقائق كان قد اختفى. جاءت رسالة من «رشيد» تقول إنه في الانتظار. وبعد دقائق أخرى كانت الرسالة الثانية تقول: «إن «عثمان» الجديد قد انضم إليه.»
مضَت ساعة، كانت الاتصالات خلالها مستمرة بين «أحمد» و«رشيد». وفي النهاية جاءت الرسالة الأخيرة تقول إن «إيفانز» في الطريق إلى المنزل.
مضَت دقائق، ثم ظهر «إيفانز» يقطع الحديقة إلى داخل المنزل … وعندما انضم إليهما في غرفة المكتب، هتف قائلًا: لقد كانت رحلة ممتعة، لكن ما العمل؟!
قال «أحمد»: سوف نتركك الآن، عليك أن ترتِّب أمور المنزل، ثم تخرج لننطلق بعيدًا وحتى نكون قد رتَّبنا كلَّ الخطوات القادمة.
قال «إيفانز»: لكن، كيف يخرج «عثمان» الآن، ثم يخرج «عثمان» آخر بعد ساعة مثلًا؟
قال «أحمد»: إن «عثمان» سوف يخرج في صورة أخرى!
وفي دقائق، كانت أصابع «أحمد» تجري على وجه «عثمان» بمكياج جديد … فقد وضع له شاربًا أبيض، ولحية صغيرة بيضاء، ثم صبغ شعره. فأصبح عجوزًا تمامًا، نظر «إيفانز» حوله، ثم قدَّم عصًا إلى «عثمان» وهو يقول مبتسمًا: هذه سوف تعطي صورة أحسن!
انصرف «عثمان» أولًا … وبعد دقائق، كان «أحمد» يتهيَّأ للخروج، لكن قبل أن ينصرف قال للدكتور: سوف أتصل بك لأُحدِّد لك موعد الانصراف.
ثم حيَّاه وخرج …
في موعد الغداء، كان الشياطين يجلسون في مطعم الفندق، يتناولون غداءهم، بينما كانت السيدة «روز» تهتمُّ بهم اهتمامًا كبيرًا. مرَّت دقائق، ثم فجأة ظهر اثنان من الرجال الخمسة.
همس «أحمد»: لقد وصل اثنان منهم.
قال «رشيد»: يبدو أنهم يتناوبون حصار منزل «د. إيفانز» حتى لحظة تنفيذ الخطوة لخطفه.
قال «عثمان»: أعتقد أنهم قد لا يفعلون ذلك قبل الليل؛ ولهذا ينبغي أن يغادر «د. إيفانز» منزلَه قبل هذا الموعد.
أكمل الشياطين غداءَهم، ثم انصرفوا إلى حُجرتهم. وهناك عقَدوا اجتماعًا سريعًا.
قال «عثمان»: ينبغي أن يتمَّ اتصال بالدكتور «إيفانز» الآن … حتى يغادر المنزل إلى أحد الفنادق فينزل فيه حتى لا تحدثَ مفاجأة ما!
فتح «أحمد» جهاز الإرسال، ثم تحدَّث إلى عميل رقم «صفر»، فعرف منه أن هناك طائرة سوف تغادر مطار «هيثرو» بعد ثلاث ساعات، وأنه تم حجز أربعة مقاعد لهم فيها … وأن عليهم أن يتحركوا من الآن.
نقل «أحمد» الرسالة إلى «رشيد» و«عثمان» الذي قال: إذن ينبغي أن نتصل بالدكتور «إيفانز» الآن.
أضاف «رشيد»: لو أنه تحرَّك الآن إلى أيِّ مكان تتفق عليه، ثم نلقاه هناك، فسوف يكون أكثرَ أمانًا.
قال «أحمد»: ينبغي أن نكون قريبين من المنزل قبل أن يتحرك حتى لا يحدثَ شيء.
بسرعة، رفع «أحمد» سماعة التليفون، وأدار القرص، فجاء صوت السيدة يقول: مَن المتحدِّث؟
أجاب: «جون لانج»، الباحث الإفريقي.
قالت: سوف يتحدث إليك الدكتور حالًا.
مرَّت لحظة، ثم جاء صوت «إيفانز»: أهلًا بالصديق الإفريقي … إنني لم أسألك أين تُقيم الآن؟
أجاب «أحمد»: في فندق سكاي، وأظن أنني أخبرتُك من قبل!
قال «إيفانز»: هل أنتم؟ …
ثم انقطعت المكالمة التليفونية. ظل «أحمد» يناديه، إلا أن أحدًا لم يردَّ …
فقال بسرعة: يبدو أن العصابة قد بدأت تنفيذَ خُطتِها.
وفي لحظة، كانوا يخرجون من الفندق بسرعة؛ فقد أوشكوا أن يخسروا كلَّ شيء.