الأدب والحياة
«يقول الشاعر الإنجليزي وليام وردزورث إن هناك «واحاتٍ زمنيةً» في وجودِ كلِّ إنسان يَرتادها المرةَ بعد المرة ليرويَ عطشَ خياله، ويَتبرَّد من هَجير الحياة، وحينما صدَمَته انتكاسةُ الثورة الفرنسية، كان يختلف إلى تلك الواحات حينًا فحينًا، وكثيرًا ما كان يجدُ فيها العزاءَ والسَّلوى؛ لأنه كان يرى فيها الإنسانَ في مرحلة البراءة قبل أن تَطحَنه أضراسُ التجرِبة.»
يضم هذا الكتابُ باقةً من أمتع المقالات التي كتَبها الأديب والمترجم الكبير «محمد عناني»، في الفترة من عام ١٩٨٦م إلى عام ١٩٩٢م بجريدة «الأهرام» في عمود «أسبوعيات» الذي كتَب فيه الكثيرُ من الأقلام اللامعة والمستنيرة. وبالرغم من تنوُّعِ موضوعات هذه المقالات، فإنها تدور حول الحركة الأدبية بشكلٍ عام، والإنسان بشكل خاص؛ لكونه المنتِجَ الأساسيَّ للأدب، والمتلقِّيَ له في الوقت نفسِه، وقد ناقَش «عناني» فيها الكثيرَ من القضايا المهمة المطروحة على الساحة الأدبية آنذاك، والمناخ الاقتصادي والثقافي السائد في تلك الفترة. ومن أبرز هذه المقالاتِ المجموعةُ التي تَحدَّث فيها عن صفة العالمية، وتساؤله حول اقتصار هذه الصفة على الدول الكبرى فقط، أو الاستعمارية بالأخص، كما تَحمل هذه المجموعةُ مقالةَ رثائه لأستاذه «لويس عوض»، التي جاءت مُفعَمةً بالحب والتفاصيل الإنسانية التي جمَعَتهما.