الفصل الثالث عشر
قال محدثي: وقد حكى لي مختار عن حاله بعد موت أمه، قال: ولما ماتت أمي وبقيت أختي وحيدة تدبِّر شئون المنزل، رأيتها عاجزة تمام العجز عن ذلك؛ لأنها كانت صغيرة، وكانت أمي حكيمة مدبرة، أما أختي فكانت دائمًا تسألني عن النقود …
وكنت أذهب إليها فلا أجد في الدار طعامًا آكله، ولا أجد ملابس نظيفة ألبسها، وبالجملة فقد ساءت حال داري، وأُهمل أمري، وأُهمل تدبير شئوني المنزلية.
قال محدثي: هذا كل ما كان يحكيه لي مختار عن نفسه، وقد حدث أن الزمان أصابه بكل المصائب في آن واحد، فإنه بعد أن ماتت أمه مات حظه، فكان إذا لعب القمار ليكسب مالًا ليعيش، يخونه القضاء ويخسر كل شيء، وكان ما يتقاضاه من الحكومة قليلًا لا يزيد عن أربعة جنيهات، فكيف يدبر نفسه بهذه النقود القليلة؟ يأكل ويلبس، وتأكل أخته وتلبس، وليت المصائب وقفت عند هذا الحد، فإن الدهر أصاب مختارًا بسهم أشد من تلك السهام، وتفصيل الخبر أنه أُصيب بمرض النساء.