الفصل الأول

الوحدة القومية والدولة القديمة

تم على يد الملك «مينا» توحيد الوجه القِبلي والوجه البحري وجعلهما دولةً واحدة، وهذا العمل الجليل هو أساس الحركة القومية ونواتها، والغرضُ منه هو وَحدة الوطن.

حدث هذا التوحيد حوالي سنة ٣٢٠٠ قبل الميلاد، فتأسست بذلك الدولة المصرية الموحدة، وكان «مينا» أول من حكم أرض مصر مجتمعة، وهو أول ملوك الأسرة الأولى.١

كانت مصر قبل الوحدة مؤلَّفة من عدة ولايات أو أقاليم صغيرة، يحكم كلًّا منها أمير مستقل، ثم تكوَّنتْ منها مملكتان: إحداهما تشمل الوجه البحري (أو مصر السفلى)، والثانية تشمل الوجه القبلي (أو مصر العليا).

وكان «مينا» من ملوك الوجه القبلي؛ نشأ في مدينة «طينة» (تينيس) بالقرب من العرابة المدفونة٢ بجوار جرجا.

وكان رجلًا عظيمًا، يجمع بين الكفاية الحربية والمقدرة السياسية فاستطاع أن يُخضع الوجه القبلي لحكمه، ثم تمكَّن من غزو الوجه البحري وضمِّه إلى ملكه، وألَّف من الوجهين القبلي والبحري دولةً مصرية عظيمة كان هو أول الفراعنةِ الجالسين على عرشها، واتخذ «طينة» عاصمة لها، وكانت القوة سندًا له في هذا العمل القومي المجيد.

ولا يغض من الوحدة أن القوة كانتْ سبيلها؛ فإن معظم الوحدات الهامة في التاريخ كان عمادها القوة، وكان الإرغام سبيلها إلى التقدُّم والعظمة، ولولا تأليف هذه الوحدات لظلَّت الأُمم التي اتحدت فريسةَ الطامعين والمستعمرين.

فالوحدة الألمانية قد تألفت بقوة بروسيا، والوحدة الإيطالية تمت أولًا بقوة البيمونت، ووحدة الولايات المتحدة الأمريكية قد تدخلت فيها القوة لدوامها واستقرارها؛ إذ نشِبَ القتال فعلًا بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية في القرن التاسع عشر بعد الميلاد، وأرادت الولايات الجنوبية أن تنفصل عن الشمالية، فلم تقبل الولايات الشمالية هذا الانفصال، وفي سبيل الوحدة حاربت الولايات الجنوبية حربًا استمرت أربع سنوات، من سنة ١٨٦١م إلى سنة ١٨٦٥ ميلادية، وانتهت بانتصار الولايات الشمالية على الجنوبية، وبذلك استقرَّتْ وحدة الولايات المتحدة الأمريكية، فالقوة كان لها الفضل الأكبر في بناء هذه الوحدة.

ولقد أحرز «مينا» شرفَ توحيد الدولة وتشييد دعائم القومية المصرية، ولولا هذا التوحيد لظلت مصر مفككة الأجزاء، يحارب بعضها بعضًا ويطمع فيها الأقوياء.

كان هذا الحادث عملًا قوميًّا رائعًا، جعل من مصر دولة موحدة متماسكة مرهوبة الجانب، تسير بالبلاد في سبيل التقدم والحضارة والمتعة.

ولا يقلُّ هذا التوحيد شأنًا عن الوحدات التي تمَّت في التاريخ الحديث كالوحدة الألمانية، أو الوحدة الإيطالية، أو الوحدة الأمريكية (الولايات المتحدة).

كانت هذه الوحدة هي البداية الحقيقية للأسرات الملكية التي صارَتْ عنوانًا لمصر القديمة وتاريخها المجيد.

وقد أحصى المؤرخ المصري مانيتون٣ هذه الأسرات بثلاثين أسرة.

والأسرة الأولى — أسرة «مينا» وخلفائه — هي أول أسرة حكمَتْ مصر مجتمعة موحدة.

(١) تأسيس مدينة منف

تولى «مينا» شئون الدولة الموحدة وأدارها إدارة حكيمة حازمة، وظلَّتْ تينيس (طينة) عاصمة الدولة الموحدة.

على أنه أراد أن يقترب من الوجه البحري ليكفل الإشراف عليه وحسن إدارته، فأنشأ مدينة منف٤ أو منفيس كما يسميها اليونانيون.

وبدأ بإقامة قلعة اشتهرت باسم «القلعة البيضاء»، التي صارت نواة للمدينة التاريخية العظيمة التي عُرفت باسم «منف»، واتخذها مركزًا لإدارة الدلتا وموقعًا حربيًّا هامًّا.

وفي سبيل إنشائها أقام جسورًا لتجفيف بعض المناطق التي كان يغمرها الفيضان شرقيَّ موقعها، وكان النيل يجري لجهة الصحراء الغربية، وتخلَّف عن هذا العمل فضاء واسع أنشأ به المدينة الجديدة، وأقام حولها جسرًا هو المعروف الآن بجسر «قشيشه».

ولا ريب أن إقامة الجسور على مجرى النيل يدل على مبلغ تقدُّم المصريين في العلوم الهندسية.

يقول المؤرخ برستد Breasted: إن الفضل في رقي القطر المصري في عهد الأسرات الأولى، الذي يقدَّر بحوالي أربعة قرون، يرجع إلى ضمِّ سائر جهاته تحت حكم الملك «مينا» وسلالته، الذين اتخذوا مركزهم في بادئ الأمر بمدينة «طينة»، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى منف — منفيس — وارتقت في هذه المدة حضارة البلاد وزاد عمرانها وقوي نفوذها، فسمى الأثريون هذا العهد (الدولة القديمة)، وصارت مدينة «منف» عاصمة البلاد في عهد ملوك الأسرات الثالثة إلى السادسة الذين تربَّعوا في دست الحكم قرابةَ خمسة قرون سنة ٢٩٨٠ إلى سنة ٢٤٧٥ قبل الميلاد تقريبًا.٥
ويقول الدكتور أحمد بدوي عن تطور حياة مصر وسياستها بعد الوحدة: «أخذت النظم السياسية تتطور منذ أيام الاتحاد، فهي قد كانت مقبولة على التطور مدفوعة إليه دفعًا قويًّا، وأخذت قوة السلطان الجديد التي أقامت راية الاتحاد ورفعتها تجمع في يدَي صاحبها عنصرين أساسيين من عناصر النظام والسياسة والإدارة التي كانت تُتبع في قطري الوادي (الوجه البحري والوجه القبلي) قبل أيام الاتحاد، وما ندري ماذا قدَّر «مينا» وأصحابه من تطور لأنظمة هذه المملكة المتحدة، فهم كانوا أصحاب الغلبة وأرباب النصر والسلطان، ومن حق الغالب أن يأخذ المغلوب بنظامه وأن يفرض سلطانه عليه فرضًا، ولكن «مينا» وأصحابه فيما يظهر قد رأوا عند أهل الشمال (الوجه البحري) من مظاهر الحضارة ومن النظم السياسية المستقرَّة ما أعجبهم فأبقوا عليه وأخذوا بها وأقروها، ولعلهم قدَّروا أيضًا ما قد يكون لعملهم هذا من أثر في إرضاء خواطر المغلوبين وتطييب نفوسهم مما ينسيهم مرارة الهزيمة وذلِّ الانكسار، فجمعت راية الاتحاد دولتين عظيمتين إحداهما في الجنوب والأخرى في الشمال، وأخذت الأمور تجري بكل من الدولتين على سُنتها الخاصة ومنهاجها القديم، فنظام للجنوب ونظام للشمال، وإدارة للجنوب وإدارة للشمال، ووزير للجنوب ووزير للشمال، وسلطان واحد فوق هذا كله يدبِّر الأمر من القصر فيشقى بذلك كله، ويعالج مشاكله ويعاني متاعبه وربما يلقى من ذلك ألوانًا من العنت والمشقة.»٦

(٢) الحضارة المصرية قبل الوحدة

إن الحضارة المصرية أسبق من الوحدة، وكانت ولا ريب من أسبابها الممهدة لها، وجاءت الوحدة تثبيتًا لها وتوسيقًا لآفاقها.

بدأت الحضارة الإنسانية في وادي النيل، نشأت على ضفافه منذ عصور متناهية في القِدم، ولا سبيل إلى تحقيق الزمن الذي بدأَتْ فيه.

وأقرب الآراء إلى التقدير الوسط أنها ترجع إلى حوالي سبعة آلاف سنة قبل الميلاد.

وهي على أي تقدير سابقة على الوحدة، وسابقة على عهد الأسرات الملكية الذي جاء نتيجة مباشرة لرقي وتقدُّم تدريجي في حضارة الزمن السابق.

دخلت الحضارة مصر بجريان النيل فيها، فهي وليدة النيل، وهو مصدر الحياة والخير لها، والماء الذي يتدفق منه كل عام في أوقات معلومة يجلب معه الرخاء والرفاهية ويغرس فيها أصول الحضارة، وما يحويه من الطمي يهَبُ الأرض خصوبة وإنتاجًا، ولقد استشعر المصريون من قديم الأزَل أن لا بدَّ لهم من حكومة ونظام للريِّ والأمن، يسهران على الاستفادة من مياه النيل بشقِّ الترع والقَنوات، وتقوية جسور النيل وإنشاء السدود وحفظ الأمن، وتوزيع الماء بين الناس بالعدل والقسطاس، وابتكار هندسة الري من أقدم العصور، وخاصةً لأن مصر لا تعيش على الأمطار ولا تعتمد في حياتها المعاشية والاقتصادية إلا على النيل، فشعور المصريين بأنهم في حاجة إلى حياة متقدمة مُنظَّمة جعلهم أسبقَ الأمم إلى إيجاد مقوماتِ الحضارة في بلادهم، هذا إلى ما طُبِعوا عليه من المواهب الفِطرية، والاعتدال في المزاج، وحب الوطن والدفاع عنه والميل إلى التقدم في أسباب المعيشة، والبعد عن حياة الهمَجية والضَّرَاوة؛ ولذلك مارس المصريون القدماء قبل عهد الأسرات الملكية مبادئ الحضارة، كالزراعة والصناعة واستخراج المعادن وقطع الأحجار، والملاحة والتجارة، وبناء السفن والآداب والفنون، وما إلى ذلك.

ومن ناحية أخرى فإن طبيعة مصر الجغرافية، وانحصار الوادي المسكون بين صحراوين كبيرتين جعل أهلها أقربَ إلى التعاون والتضامُن على تنظيم شئُونهم.

وهذه النواحي كلها كان لها أثرُها في سبقِها الأمم الأخرى إلى الحضارة والتنظيم.

(٣) المصريون أول من اكتشفوا التقويم السنوي

يقول العلَّامة برستد Breasted في عرض الحديث عن العصر السابق للوحدة: إن مملكة الوجه البحري امتازتْ على الوجه القبلي بسرعة تقدُّمها في الحضارة؛ وقد أُلهمت في سنة ٤٢٤١ قبل الميلاد أن السنة الشمسية تتكون من ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا، وهذا التاريخ — أي سنة ٤٢٤١ قبل الميلاد — هو أقدم تاريخ ثابت معروف للآن على ظهر البسيطة.٧
ويقول توضيحًا لذلك: إن سكان الوجه البحري تنبَّهوا في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد٨ إلى أن السنة الشمسية تتكون من ثلاثمائة وخمسة وستين يومًا، وأرَّخوا مبتدئين بالسنة التي ظهر فيها نجم الشعرى اليمانية مع شروق الشمس، ودلَّت المباحث الفلكية على أن هذا الحادث حصَل حوالي سنة ٤٢٤١ قبل الميلاد، ويُعتبر هذا الكشف الميقاتي واستعماله في الشُّئون الدنيوية خطوة كبيرة نحو الرقي، وشرفًا عظيمًا للوطن الذي كُشف فيه، ولم تستكشف دولة من دول العالم منذ أقدم الأزمنة حتى مبدأ العصر الأوربي المتوسط توقيتًا سنويًّا مثله، وأن يوليوس قيصر عاهل الرومان هو أول من أدخل التوقيت المصري إمبراطوريته ثم عمَّ استعمالُه العالم. من ذلك يتَّضح أن استعمال التوقيت المصري عُمِّر مدة ستة آلاف سنة تقريبًا، وأن الفضل في ذلك يرجع إلى سكان الوجه البحري الذين عاشوا في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد.٩
ويقول عن الحضارة المصرية عامة: لا يخفَى أن العالم الغربي مدينٌ بكثير من علومه وآدابه إلى أهالي وادي النيل، كيف لا وهم الذين زوَّدوا أوروبا الجنوبية بالمدنية والمعارف، فأخذت هذه تنتشر شمالًا متَّبِعة سير النيل إلى أقاليم البحر الأبيض المتوسط.١٠

(٤) وأول من اكتشفوا القراءة والكتابة

ويقول برستد أيضًا: «وزيادة على ما بلَغه هؤلاء القدماء من مبادئ المدنيَّة والرقي؛ فإنهم نجحوا في اختراع الكتابة والقراءة، واستدلَّ من المباحث التي عُملت لكشف طريقة التوقيت المصرية على أن قدماء المصريين استعملوا الكتابة منذ نحو خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، وأن كُتَّاب الأسرة الخامسة الذين أتوا بعد ذلك بألف سنة دوَّنوا طائفة كبيرة من أسماء ملوك الوجه البحري وبعض ملوك الوجه القبلي من الذين يرجع تاريخهم إلى ما قبل حكم الأسرات، ودليلُنا على ذلك أن الخطَّ الهيراطيقي كان مستعملًا في مبدأ الأسرة الأولى، وهو كما لا يخفى اختزال للخط الهيروغليفي.»

وقال في موضع آخر: «والفضل في كشف حروف الهجاء يرجِعُ إلى قدماء المصريين الذين توصلوا إلى معرفتها، منذ نحو ألفين وخمسمائة سنة قبل سائر الأمم.»١١
ويقول جون ويلسن John Wilson: إن الكتابة قد ظهرت في مصر في فترة الانتقال بين عصر ما قبل التاريخ والعصر التاريخي، وإن الكتابة الهيروغليفية في مصر ظهرتْ على الحجَر وعلى الطِّين، وقد استكملت نظام جمع الكلمتين لاستعمال نطقِها في كلمة واحدة، ولكن جمع الصور التي وجدت طريقها إلى الكتابة الهيروغليفية كانت كلها صورًا مصرية بحتة.١٢

(٥) الأسرتان الأولى والثانية (سنة ٣٢٠٠–٢٧٨٠ قبل الميلاد)

قلنا إن الملِك «مينا» وحد الوجه البحري والوجه القبلي سنة ٣٢٠٠ق.م فهو أول من أسَّس الوحدة القومية وأسَّس الأولى، وقد استمر ملوك الأسرة الأولى نحو ٢٠٠ سنة (من ٣٢٠٠ إلى ٣٠٠٠ق.م).

والأسرة الثانية حكمت نحو ٢٠٠ سنة أيضًا (من ٣٠٠٠ إلى ٢٧٨٠ق.م)، وكانت طينة (تينيس) عاصمة الدولة في عهد هاتين الأسرتين.

وليس معروفًا على وجه التَّحقيقِ لماذا خلفت الأسرة الثانية الأسرة الأول.

وليس معروفًا أيضًا إذا كانت هناك صلة بين الأسرتين.

وقد اقتصر المؤرخون على إيراد أسماء الملوك كما ذكرها مانيتون، وما ورد في الآثار المصرية.

واقترنت مدة حكم هاتين الأسرتين بنموٍّ مطرد في قوة الدولة وحضارة مصر.

ونظَّم ملوك الأسرتين الحكم ورتَّبوا السلطات المركزية، ونشَّطوا الزراعة والتجارة والملاحة والمراعي، ورقوا فنَّ الكتابة، ونهضوا بالصناعة وبالنَّحت وعمارة البناء والهندسة والعلوم عامة.

وظلت الوحدة القومية رائدهم في سياسة المواطنين.

يقول برستد في هذا الصدد: «أسَّس الفراعنة الطينيون (نسبة إلى طينة) بناءَ المملكة المصرية، ورقوا أخلاقها ومدنيَّتَها، ورغمًا عن قلة آثارهم فإن أعمال ملوك الأسرتين الثالثة والرابعة كافيةٌ لإثبات ما بلغته حالة البلاد الاقتصادية من العِظم والقوة مدة حكمهم.»١٣

(٦) الأسرة الثالثة (٢٧٨٠–٢٦٨٠ قبل الميلاد)

اتخذ الملوك في عهد الأسرة الثالثة مدينة «منف» عاصمة لهم.

وفي مدة خمسة قرون تقريبًا من الأسرة الثالثة إلى الثامنة كانت «منف» عاصمة المملكة.

(٦-١) زوسر

ومؤسس الأسرة الثالثة هو «زوسر».

وقد بنى هرم صقارة المدرَّج ومساحته مع ملحقاته ٤٥٠ مترًا × ٣٧٠ مترًا، ويقول عنه الدكتور أحمد بدوي: «ولو لم يكن لمصر يومئذٍ من مظاهر الحضارة غير عمارة الهرم المدرج وما أخرجت يد البنَّاء فيها من روائع الفن لكفَى، فهي أكبر بناء حجري عرفه تاريخ الإنسانية في ذلك الوقت.»١٤ وقد صحب انتقال الحكم من «طينة» إلى منف تقدُّم تدريجي في الحضارة، وتحسين مطرد في أحوال البلاد طوال حكم الأسرات المنفية الذي دام حوالي خمسمائة عام.
fig2
شكل ١-١: هرم زوسر المدرج بسقارة.

بذل الملك «زوسر» جهودًا موفقة لحماية البلاد من غارات البَدو ممن حدثتهم أنفسهم بالتسلُّل من الحدود الشرقية والجنوبية لمصر؛ وأنشأ لمصر قوة حربية يُعتمد عليها في صد الغارات الخارجية.

وضم إليها جزءًا من النوبة.

وعُني باستخراج النحاس والفيروز من سيناء.

(٦-٢) إيمحوتب Imhoteb: أبو الطب في مصر والعالم

وكان لزوسر وزير حكيم يُدعى «إيمحوتب» عاونه على نهضة البلاد الاجتماعية والاقتصادية، وكان إيمحوتب هذا مهندسًا معماريًّا من الطراز الأول، ونبغ في الطب وألَّف فيه، كما ألَّف في الحكمة.

وقد عرف «زوسر» قدر وزيره فكرَّمه بأنْ نقَشَ اسمه على تماثيله، وهو تكريم لم يسبق لملك أن كرَّم أحدًا بمثله، وكرَّمه المصريون بأن خلَّدوا اسمه، وهو أول مهندس معماري في تاريخ مصر يشيِّدُ قبرًا يشبه الهرم في شكله العام،١٥ وهو الذي بنى لزوسر هرمه المدرج.

وقد ذكره المؤرخ المصري مانيتون، وقال عنه إنه عاش في عهد زوسر، وإن الإغريق يعتقدون أنه شبيه باسكليبسوس إله الطب عندهم لمهارته في الطب، وأنه كان يُقبل إقبالًا كبيرًا على التأليف.

وكان إيمحوتب فردًا من أفراد الشعب، ولم تكن له صلة عائلية بالأسرات المالكة، بل ميزه نبوغه وعبقريته ونشأته الشعبية، فتبوَّأ مكانًا رفيعًا في التاريخ المصري، وهو جدير بأن يلقب بأبي الطب في مصر والعالم؛ لأنه سبق أبقراط بعدة قرون.١٦
ومما قاله عنه برستد: إن الفضل في نجاح سياسة زوسر يرجع إلى حكمة ودهاء وزيره «إيمحوتب» الذي برع في الدين وفي الطبِّ والعمارة، حتى ترك له اسمًا خالدًا في التاريخ المصري على مدى العصور، ثم اتخذه الكُتَّاب المصريون مثالًا يحتذونه في حياتهم العلمية فصبوا مدادَ محابرهم تيمُّنًا بذكره قبل البدء بأعمالهم الكتابية، وترنم الناس بأمثاله في مدى قرون عدة، وعلت منزلته وعظمت، فاعتُبر في آخر التاريخ القديم إله الطب.١٧
وقد ثبت في بردية إدوين سميث التي تُعد أقدم رسالة علمية في الجراحة، مدى اهتمام المصريين القدماء بالطب في عصر بُناة الأهرام، وكذلك علمهم بالتشريح.١٨

(٧) الأسرة الرابعة: بُناة الأهرام (٢٦٨٠–٢٥٦٠ قبل الميلاد)

من الحق أن ندرج «زوسر» ضمن بُناة الأهرام، فقد بنى هرمه المدرَّج كما أسلفنا.

ثم جاءت الأسرة الرابعة وكانت مدة حكمها نحو مائة سنة، نذكر هنا أهم ملوكها وهم:

(٧-١) سنفرو Senefrou

هو مؤسس الأسرة الرابعة وأول ملوكها.

كان ملكًا كبير الهمة، وله أعمال عمرانية عظيمة، فقد واصل استخراج النحاس والفيروز من شبه جزيرة سيناء، ووطد سلطة مصر في تلك الناحية حتى اعتُبر في العصور التالية المؤسس الأكبر للنفوذ المصري بسيناء، وسُمي باسمه أحد مناجم تلك الجهة.

وبعد أن مضى على وفاته ما ينيف على ألف سنة افتخر الملوك المصريون بأن مشروعاتهم بسيناء فاقتْ كل مشروعات عُملت هناك منذ عهد الملك سنفرو، قام بتحصين حدود مصر الشرقية، وعمل على توسيع المعاملات التجارية بين مصر وشواطئ سورية ولبنان، وسار بحملة منظمة إلى بلاد النوبة وعاد منها بمغانم كثيرة، وبدأت العلاقات بين القطرين «مصر والنوبة» تأخذ مظهرًا جديدًا؛ إذ بدأ المصريون يرسلون منتجاتهم دون عائق إلى النوبة كما أخذ ملوك مصر يستغلون المحاجر فيها.

عُني بإنشاء أسطول بحري لمصر.

وأرسل بعثة من أربعين سفينة إلى سواحل لبنان لاستيراد أخشاب الأرز من هناك، وبنى من هذه الأخشاب سفنًا كثيرةً استعمل بعضها في النيل وبعضها الآخر في البحر، واستُخدمت هذه الأخشاب أيضًا في مباني المعابد والقصور وصنع الأثاث الفاخر والتوابيت.

وفي عهد أسرة «سنفرو» أُنشئت إدارة لبناء السفن كانت تُشرف على تشييدها.

وقد بنى «سنفرو» هرمين له في دهشور، وهما من أقدم الأهرام المعروفة حتى الآن.

وكان ملكًا عادلًا محبوبًا من الأهلين، ودام حكمه أربعًا وعشرين سنة.

(٧-٢) خوفو

هو أحد أبناء سنفرو١٩ (خلافًا لِما جاء في برستد).

وقد خلد ذكره بالهرم الأكبر الذي يُعرف باسمه (هرم خوفو)، والذي شيَّده على هضبة الجيزة.

وهو أكبر وأضخم الأهرام الموجودة في مصر، يبلغ ارتفاعه ١٤٦ مترًا ونصف متر، أما قاعدته فمربعة الشكل، ويبلغ طول كل ضلع من أضلاعها نحو ٢٣٠ مترًا، وعدد أحجاره نحو ٢٣٠٠٠٠٠ حجر، وزن كل منها في المتوسط ٢٫٥ طن، أي إن مقدار وزن الهرم يبلغ نحو ستة ملايين طن.

وكان العدد الكبير من المصريين يعملون في بناء الهرم، ويشتغلون في بنائه طول مدة الفيضان، أي حين خلوهم من أعمال الزراعة في فترة فيضان النيل.

وقد كتب علماء الآثار كثيرًا عن هذا الهرم وعن الأهرام الأخرى.

والهرم الأكبر هو موضع إعجاب الدنيا وحديث الناس في شتى القطار، يقصدونه كل حين لمشاهدة ضخامته وعظمته الباقية على الزمن، رغم انقضاء نحو خمسة آلاف سنة على تشييده.

وكل من يأتون إلى مصر من الأجانب سواء من العلماء أو من الأشخاص العاديين، يقصدون الهرم الأكبر والأهرام الأخرى لمشاهدتها، ويتملكهم الإعجاب بها وتروعهم عظمة من شيدوها.

fig3
شكل ١-٢: خوفو، باني الهرم الأكبر.
fig4
شكل ١-٣: الهرم الأكبر بالجيزة «هرم خوفو».

وحسبك أن هذه الأهرام — أهرام الجيزة — اعتُبرت منذ العهد الإغريقي ضمن عجائب الدنيا السبع، أما الآن فهي البقية الباقية من هذه العجائب، وهي أعظم مجموعة أثرية، وأقدم المباني العظيمة في العالم، ومفخرة خالدة لمصر مدى التاريخ.

ومهما قيل عن الأهرام من أنها تدل على أنانية الملوك الذين شيَّدوها لتكون مقابر لهم واستبدادهم بالأهلين في إقامتها، فإنها ولا ريب رمز لتقدُّم الحضارة في ذلك العصر، ودليل خالد على ما وصل إليه المصريون من المكانة الرفيعة في العلوم والفنون، وخاصةً العلوم الهندسية والرياضيات، وضبط الزوايا والأبعاد، والنحت، والنقش والتصوير، وفن العمارة وضخامة البناء وروعته.

وقد ذكر المؤرخ اليوناني «هيرودوت» حين زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد، أن بناء الأجزاء السفلى من الهرم الأكبر والممرات الصاعدة قد استغرق عشر سنوات، وأن بناء الهرم نفسه قد استغرق عشرين عامًا. ومعنى ذلك أن تشييد الهرم بجميع أجزائه قد استغرق ثلاثين عامًا، وأن عدد العمال الذين ساهموا في بنائه بلغ مائة ألف عامل كانوا يعملون في جماعات تتناوب العمل كل ثلاثة أشهر.

وقد سمع «هيرودوت» هذه الرواية من صغار الكهنة بعد مرور أكثر من ألفي سنة على الهرم.

وهي روايات يجب أن تقابل بالتحفُّظِ والحذر، وأساسها ما تلقَّاه من الرواة من أن الأحجار التي بنى بها خوفو الهرم الأكبر كانت تُجلب من محاجر الجهة الشرقية للنيل (محاجر طرة)، فكان العمال ينقلونها عبر النيل إلى الجيزة، فتحتاج إلى جهود مضنية لنقلها.

وقد نفى الأستاذ «سليم حسن» هذه الرواية؛ إذ أثبت أن أحجار هرم خوفو هي من أحجار الهضبة التي أقيم عليها، وقال إن هذا يثبت خطأ «هيرودوت» في زعمه أنها كانت تُجلب من محاجر الجهة الشرقية من النيل، وقال أيضًا إنه عُثر في منطقة الأهرام على مساكن للعمال الذين كانوا يقومون بالبناء٢٠ وهذا يدل على أنهم كانوا يعاملون معاملة إنسانية.
وقال عن طريقة رفع الأحجار لبناء الهرم: إن العالم ظل إلى زمن قريب جدًّا يعتقد أن المصريين القدماء كانوا يبنون المزالق لجَرِّ الأحجار عليها، ولكن الكشوف الحديثة برهنتْ على أن المصريين كانوا قد وصلوا في ذلك العصر إلى استعمال «البكر» لرفع الأحجار، وأنه قد عُثر في حفائر الجامعة المصرية على بكرتين: إحداهما وُجدت بجوار الهرم الثاني، والأخرى عُثر عليها في أحد بيوت مدينة الأهرام التي كُشف عن جزء منها، وأنه يتضح من كل ذلك «أن أجدادنا المصريين كانوا قد وصلوا إلى مدى عظيم في فن البناء واستخدام قوى الطبيعة.»٢١
fig5
شكل ١-٤: الأهرام الثلاثة بالجيزة كما تشاهد من الجهة الجنوبية الغربية. هرم خوفو (الهرم الأكبر)، ثم هرم خفرع، ثم هرم منكاورع.

هذا ويجب ألا ننسى أن بناء الأهرام يرجع إلى العقيدة الدينية التي كان يدين بها المصريون الأقدمون في أن حياة الإنسان لا تنتهي بموته، بل إنه سيُبعث بعد رحيله عن الدنيا، ويحاسب على أعماله في الآخرة.

هذه العقيدة هي التي أوحت إلى الفراعنة بناء الأهرام لتخلد فيها أرواحهم.

وهي في جملتها عقيدة صحيحة، وإذا كان الفراعنة قد خرجوا بها عن بساطتها إلى ذلك التعقيد في الفهم والتكييف، فيلزمنا ألا نحكم عليها بأفكارنا الحالية بل علينا أن نزنها بتفكير العهود القديمة التي نشأتْ فيها.

وعقيدة الحياة بعد الموت هي في جوهرها دليلٌ على تقدُّم في الحضارة والتفكير، ولولا العقيدة في خلود الروح لمَا شيَّد أسلافنا الأقدمون هذه الآثار الضخمة التي صارتْ مع الزمن من مفاخر مصر الخالدة.

ومما ينفي الأنانية عن الفراعنة، ويدل على أنها لم تكن الملهمة لهم ببناء الأهرام، أننا لو فتشنا عن القصور التي بنوها لتكون سكنًا لهم وموطنًا لمسراتهم وعزهم، لمَا وجدناها تحاكي الأهرام في ضخامتها وروعتها، فلقد درست هذه القصور وعفَت آثارها ولم تُخلَّدْ على الزمن مثلما خُلِّدت الأهرام.

وهذا يدلنا على أن الأثرة والأنانية لم يكن لهما دخْلٌ في بناء الأهرام، بل إن قوة العقيدة الدينية والإيمان بالحياة الأخرى كانا الباعثين لبنائها وخلودها.

(٧-٣) خفرع Khefhren: باني الهرم الثاني

ولما تُوفِّي خوفو خلَفه على العرش ابنه ددف رع، وقد بنى له هرمًا في أبي رواش، وبعد وفاته خلفه أخوه خفرع، وهو ابن آخر لخوفو.

وخفرع هو باني الهرم الثاني بالجيزة في الجنوب الغربي من هرم خوفو، وقد بناه على غراره وإن كان لا يدانيه في الضخامة والارتفاع، وحافظت الدولة المصرية في عهده على تقدمها وعزِّها كما كانت في عهدِ خوفو.

fig6
شكل ١-٥: خفرع، باني الهرم الثاني بالجيزة. وخلف رأسه المعبود حوروس في شكل الصقر المقدس حاميًا بجناحيه رأس الملك.

(٧-٤) منكاورع Mycerinos: باني الهرم الثالث

وبعد وفاة خفرع أعقبه ابنه منكاورع باني الهرم الثالث.

fig7
شكل ١-٦: أبو الهول.

وإلى جوار الأهرام الثلاثة، يربض أبو الهول العجيب وهو التمثال الهائل الرائع المشيَّد على هيئة أسد ضخم له رأس إنسان، ويرمز إلى اجتماع القوة والعقل معًا.

وهو تمثال للملك خفرع باني الهرم الثاني، وفي قول آخر إنه تمثال لإله الشمس عند الغروب (آتوم)،٢٢ ويبلغ ارتفاعه من مسطح قاعدته حتى قمة رأسه عشرين مترًا، وطوله ثلاثة وسبعون مترًا ونصف، وعرض وجهه أربعة أمتار ونصف. فهو حقًّا سر أو لغز من الألغاز في تاريخ مصر القديمة.
fig8
شكل ١-٧: الهرمان الثاني والثالث بالجيزة، وتمثال أبي الهول.
يقول برستد عن حكم الأسرة الرابعة: «ومدة حكم الأسرة الرابعة المقدرة بمائة وخمسين سنة تمتاز بالنظام، وتوطيد الحكم واطراد التقدم والرقي، مما لم يسبق لأبناء وادي النيل أن يتمتعوا بمثله، وقد قاومت آثار ذلك العصر بمَتانَتِها وعظمتها القرون العديدة حتى وقتنا هذا. ولا يبعد أن عهد خوفو كان أرقى عصر في عهد الأسرة الرابعة؛ لأن القطر أخذ يضمحلُّ تدريجًا في عهد خفرع، ثم في عهد منكاورع حتى عجز هذا الأخير عن القبض بقوة على ناصية الحلِّ كما فعل سَلَفاه، ولم يحفظْ لنا الزمنُ من آثار هؤلاء الملوك إلا التسعة الأهرام المشيدة بالجيزة، ولا تزال تحفظ ذكراهم إلى الآن.»٢٣

(٨) الأسرة الخامسة (٢٥٦٠–٢٤٢٠ قبل الميلاد)

أسقط الكهنة الأسرة الرابعة وأسَّسوا الأسرة الخامسة، وكان لحكام الأقاليم الذين حرَصوا على سلطانهم دخل في هذا التغيير، وقد عظُم نفوذ الكهنة في عهد هذه الأسرة.

وكان أول ملوكها «أوسركاف» Ouserkaf وتلاه ملوك عديدون لم تقع في عهدهم حوادث حاسمة.

(٨-١) البحرية في عهد ساحورع

على أن خلَفه «ساحورع» شيَّد لمصر أُسطولًا بحريًّا، جعلها أولَ دولة بحرية معروفة في التاريخ.

ويقول برستد: إنه عُثر حديثًا على لوحٍ حجَري بهرم هذا الملك ببوصير وُجدتْ عليه رسوم لأربعِ سفن عظيمة محملة بالأسرى الفينيقيين حولَهم بحارة مصريون، وتُعتبر هذه النقوش أقدم رسوم بحرية وُجدت حتى الآن (حوالي سنة ٢٧٥٠ قبل الميلاد)، وأن ساحورع أوفد أسطولًا آخر إلى بلاد الصومال (بونت) وخليج عدن٢٤ في طلب البخور والروائح العطرة والأدهنة الجميلة الكثيرة الاستعمال عند الشرقيين.٢٥

والمعروف أن ساحورع هذا أول ملك أثبتت آثاره أنه مؤسِّس المواصلات البحرية مع الصومال رأسًا.

١  كانت هناك وحدة سابقة لم تدم طويلًا، والوحدة التي تألفت سنة ٣٢٠٠ق.م. هي التي استقرَّتْ واستمرت.
٢  الآن بمركز البلينا مديرية جرجا. والعرابة المدفونة هي ما يسميه المؤرخون اليونانيون «أبيدوس».
٣  مانيتون Manethon كاهن مصري وعالِم مؤرخ من سمنود. وقد كلفه بطليموس الثاني بكتابة تاريخ مصر القديمة، فكتبه باللغة اليونانية في القرن الثالث قبل الميلاد، وقد فُقِد هذا المرجع الهام ضمن حريق مكتبة الإسكندرية سنة ٤٨ق.م. ولم يبقَ منه إلا شذرات اقتطفها بعض المؤرخين القدماء من اليونانيين واليهود. هذا ويجب استبعاد الأسرتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة من إحصاء مانيتون، لأنهما من الهكسوس، أي إنهما أسرتان غاصبتان تمثلان الاستعمار البغيض (انظر الفصل الرابع).
ويجب أيضًا استبعاد الأسرة الحادية والثلاثين (قمبيز وخلفائه)؛ لأنها تمثِّل الاحتلال الفارسي.
٤  البدرشين، وميت رهينة.
٥  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور إلى الغزو الفارسي، ص٨ Breasted: A history of Egypt from the earliest times to the persian conquest. تعريب الدكتور حسن كمال، ورقم الصفحة يشير إلى التعريب.
٦  أحمد بدوي: في موكب الشمس «في تاريخ مصر الفرعونية»، ج١، ص١٢٣.
٧  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور، المرجع السابق، ص٧. وأود بهذه المناسبة أن أشير إلى أني سأنقل كثيرًا عن برستد وغيره من المؤرِّخين الأجانب ما نقلته عن المؤرخين المصريين مما يبرز فضلَ مصر، لأن آراءهم أبعد عن مظنة الميل أو الانحياز، وأقرب إلى الحيدة في الحكم، وهي بالتالي أدعى إلى تأييد المؤرخين المصريين في آرائهم وأحكامهم.
٨  أي قبل قيام الأسرة الأولى بنحو ألف سنة.
٩  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور، المرجع السابق، ص٢١.
١٠  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور، المرجع السابق، ص٧.
١١  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور، المرجع السابق، ص٢٣، ٢٨.
١٢  تاريخ الحضارة المصرية لجون ويلسن John Wilson: The burden of Egypt. تعريب د. أحمد فخري، ص٨٦.
١٣  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور، المرجع السابق، ص٣٢.
١٤  أحمد بدوي: في موكب الشمس، ج١، ص١٣٥.
١٥  أحمد فخري: مصر الفرعونية، ص٩٢.
١٦  عاش أبقراط في القرن الخامس ق.م.
١٧  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور، المرجع السابق، ص٧٤.
١٨  متنوعات للدكتور محمد كامل حسين.
١٩  أحمد فخري: مصر الفرعونية، ص١٠٧.
٢٠  سليم حسن: مصر القديمة، ج١، ص٢٨٧ و٢٩٢؛ وج٢، ص٢٠٨ و٢١٤.
٢١  سليم حسن: مصر القديمة، ج١، ص٢٨٨.
٢٢  سليم حسن: مصر القديمة، ج١، ص٣٠٢.
٢٣  برستد: تاريخ مصر من أقدم العصور، المرجع السابق، ص٧٩.
٢٤  برستد، المرجع السابق، ص٨٣.
٢٥  كانت بلاد بونت تشمل الشاطئين الآسيوي والإفريقي معًا حول بوغاز باب المندب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤