الوحدة القومية والدولة القديمة
تم على يد الملك «مينا» توحيد الوجه القِبلي والوجه البحري وجعلهما دولةً واحدة، وهذا العمل الجليل هو أساس الحركة القومية ونواتها، والغرضُ منه هو وَحدة الوطن.
كانت مصر قبل الوحدة مؤلَّفة من عدة ولايات أو أقاليم صغيرة، يحكم كلًّا منها أمير مستقل، ثم تكوَّنتْ منها مملكتان: إحداهما تشمل الوجه البحري (أو مصر السفلى)، والثانية تشمل الوجه القبلي (أو مصر العليا).
وكان رجلًا عظيمًا، يجمع بين الكفاية الحربية والمقدرة السياسية فاستطاع أن يُخضع الوجه القبلي لحكمه، ثم تمكَّن من غزو الوجه البحري وضمِّه إلى ملكه، وألَّف من الوجهين القبلي والبحري دولةً مصرية عظيمة كان هو أول الفراعنةِ الجالسين على عرشها، واتخذ «طينة» عاصمة لها، وكانت القوة سندًا له في هذا العمل القومي المجيد.
ولا يغض من الوحدة أن القوة كانتْ سبيلها؛ فإن معظم الوحدات الهامة في التاريخ كان عمادها القوة، وكان الإرغام سبيلها إلى التقدُّم والعظمة، ولولا تأليف هذه الوحدات لظلَّت الأُمم التي اتحدت فريسةَ الطامعين والمستعمرين.
فالوحدة الألمانية قد تألفت بقوة بروسيا، والوحدة الإيطالية تمت أولًا بقوة البيمونت، ووحدة الولايات المتحدة الأمريكية قد تدخلت فيها القوة لدوامها واستقرارها؛ إذ نشِبَ القتال فعلًا بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية في القرن التاسع عشر بعد الميلاد، وأرادت الولايات الجنوبية أن تنفصل عن الشمالية، فلم تقبل الولايات الشمالية هذا الانفصال، وفي سبيل الوحدة حاربت الولايات الجنوبية حربًا استمرت أربع سنوات، من سنة ١٨٦١م إلى سنة ١٨٦٥ ميلادية، وانتهت بانتصار الولايات الشمالية على الجنوبية، وبذلك استقرَّتْ وحدة الولايات المتحدة الأمريكية، فالقوة كان لها الفضل الأكبر في بناء هذه الوحدة.
ولقد أحرز «مينا» شرفَ توحيد الدولة وتشييد دعائم القومية المصرية، ولولا هذا التوحيد لظلت مصر مفككة الأجزاء، يحارب بعضها بعضًا ويطمع فيها الأقوياء.
كان هذا الحادث عملًا قوميًّا رائعًا، جعل من مصر دولة موحدة متماسكة مرهوبة الجانب، تسير بالبلاد في سبيل التقدم والحضارة والمتعة.
ولا يقلُّ هذا التوحيد شأنًا عن الوحدات التي تمَّت في التاريخ الحديث كالوحدة الألمانية، أو الوحدة الإيطالية، أو الوحدة الأمريكية (الولايات المتحدة).
كانت هذه الوحدة هي البداية الحقيقية للأسرات الملكية التي صارَتْ عنوانًا لمصر القديمة وتاريخها المجيد.
والأسرة الأولى — أسرة «مينا» وخلفائه — هي أول أسرة حكمَتْ مصر مجتمعة موحدة.
(١) تأسيس مدينة منف
تولى «مينا» شئون الدولة الموحدة وأدارها إدارة حكيمة حازمة، وظلَّتْ تينيس (طينة) عاصمة الدولة الموحدة.
وبدأ بإقامة قلعة اشتهرت باسم «القلعة البيضاء»، التي صارت نواة للمدينة التاريخية العظيمة التي عُرفت باسم «منف»، واتخذها مركزًا لإدارة الدلتا وموقعًا حربيًّا هامًّا.
وفي سبيل إنشائها أقام جسورًا لتجفيف بعض المناطق التي كان يغمرها الفيضان شرقيَّ موقعها، وكان النيل يجري لجهة الصحراء الغربية، وتخلَّف عن هذا العمل فضاء واسع أنشأ به المدينة الجديدة، وأقام حولها جسرًا هو المعروف الآن بجسر «قشيشه».
ولا ريب أن إقامة الجسور على مجرى النيل يدل على مبلغ تقدُّم المصريين في العلوم الهندسية.
(٢) الحضارة المصرية قبل الوحدة
إن الحضارة المصرية أسبق من الوحدة، وكانت ولا ريب من أسبابها الممهدة لها، وجاءت الوحدة تثبيتًا لها وتوسيقًا لآفاقها.
بدأت الحضارة الإنسانية في وادي النيل، نشأت على ضفافه منذ عصور متناهية في القِدم، ولا سبيل إلى تحقيق الزمن الذي بدأَتْ فيه.
وأقرب الآراء إلى التقدير الوسط أنها ترجع إلى حوالي سبعة آلاف سنة قبل الميلاد.
وهي على أي تقدير سابقة على الوحدة، وسابقة على عهد الأسرات الملكية الذي جاء نتيجة مباشرة لرقي وتقدُّم تدريجي في حضارة الزمن السابق.
دخلت الحضارة مصر بجريان النيل فيها، فهي وليدة النيل، وهو مصدر الحياة والخير لها، والماء الذي يتدفق منه كل عام في أوقات معلومة يجلب معه الرخاء والرفاهية ويغرس فيها أصول الحضارة، وما يحويه من الطمي يهَبُ الأرض خصوبة وإنتاجًا، ولقد استشعر المصريون من قديم الأزَل أن لا بدَّ لهم من حكومة ونظام للريِّ والأمن، يسهران على الاستفادة من مياه النيل بشقِّ الترع والقَنوات، وتقوية جسور النيل وإنشاء السدود وحفظ الأمن، وتوزيع الماء بين الناس بالعدل والقسطاس، وابتكار هندسة الري من أقدم العصور، وخاصةً لأن مصر لا تعيش على الأمطار ولا تعتمد في حياتها المعاشية والاقتصادية إلا على النيل، فشعور المصريين بأنهم في حاجة إلى حياة متقدمة مُنظَّمة جعلهم أسبقَ الأمم إلى إيجاد مقوماتِ الحضارة في بلادهم، هذا إلى ما طُبِعوا عليه من المواهب الفِطرية، والاعتدال في المزاج، وحب الوطن والدفاع عنه والميل إلى التقدم في أسباب المعيشة، والبعد عن حياة الهمَجية والضَّرَاوة؛ ولذلك مارس المصريون القدماء قبل عهد الأسرات الملكية مبادئ الحضارة، كالزراعة والصناعة واستخراج المعادن وقطع الأحجار، والملاحة والتجارة، وبناء السفن والآداب والفنون، وما إلى ذلك.
ومن ناحية أخرى فإن طبيعة مصر الجغرافية، وانحصار الوادي المسكون بين صحراوين كبيرتين جعل أهلها أقربَ إلى التعاون والتضامُن على تنظيم شئُونهم.
وهذه النواحي كلها كان لها أثرُها في سبقِها الأمم الأخرى إلى الحضارة والتنظيم.
(٣) المصريون أول من اكتشفوا التقويم السنوي
(٤) وأول من اكتشفوا القراءة والكتابة
ويقول برستد أيضًا: «وزيادة على ما بلَغه هؤلاء القدماء من مبادئ المدنيَّة والرقي؛ فإنهم نجحوا في اختراع الكتابة والقراءة، واستدلَّ من المباحث التي عُملت لكشف طريقة التوقيت المصرية على أن قدماء المصريين استعملوا الكتابة منذ نحو خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، وأن كُتَّاب الأسرة الخامسة الذين أتوا بعد ذلك بألف سنة دوَّنوا طائفة كبيرة من أسماء ملوك الوجه البحري وبعض ملوك الوجه القبلي من الذين يرجع تاريخهم إلى ما قبل حكم الأسرات، ودليلُنا على ذلك أن الخطَّ الهيراطيقي كان مستعملًا في مبدأ الأسرة الأولى، وهو كما لا يخفى اختزال للخط الهيروغليفي.»
(٥) الأسرتان الأولى والثانية (سنة ٣٢٠٠–٢٧٨٠ قبل الميلاد)
قلنا إن الملِك «مينا» وحد الوجه البحري والوجه القبلي سنة ٣٢٠٠ق.م فهو أول من أسَّس الوحدة القومية وأسَّس الأولى، وقد استمر ملوك الأسرة الأولى نحو ٢٠٠ سنة (من ٣٢٠٠ إلى ٣٠٠٠ق.م).
والأسرة الثانية حكمت نحو ٢٠٠ سنة أيضًا (من ٣٠٠٠ إلى ٢٧٨٠ق.م)، وكانت طينة (تينيس) عاصمة الدولة في عهد هاتين الأسرتين.
وليس معروفًا على وجه التَّحقيقِ لماذا خلفت الأسرة الثانية الأسرة الأول.
وليس معروفًا أيضًا إذا كانت هناك صلة بين الأسرتين.
وقد اقتصر المؤرخون على إيراد أسماء الملوك كما ذكرها مانيتون، وما ورد في الآثار المصرية.
واقترنت مدة حكم هاتين الأسرتين بنموٍّ مطرد في قوة الدولة وحضارة مصر.
ونظَّم ملوك الأسرتين الحكم ورتَّبوا السلطات المركزية، ونشَّطوا الزراعة والتجارة والملاحة والمراعي، ورقوا فنَّ الكتابة، ونهضوا بالصناعة وبالنَّحت وعمارة البناء والهندسة والعلوم عامة.
وظلت الوحدة القومية رائدهم في سياسة المواطنين.
(٦) الأسرة الثالثة (٢٧٨٠–٢٦٨٠ قبل الميلاد)
اتخذ الملوك في عهد الأسرة الثالثة مدينة «منف» عاصمة لهم.
وفي مدة خمسة قرون تقريبًا من الأسرة الثالثة إلى الثامنة كانت «منف» عاصمة المملكة.
(٦-١) زوسر
ومؤسس الأسرة الثالثة هو «زوسر».
بذل الملك «زوسر» جهودًا موفقة لحماية البلاد من غارات البَدو ممن حدثتهم أنفسهم بالتسلُّل من الحدود الشرقية والجنوبية لمصر؛ وأنشأ لمصر قوة حربية يُعتمد عليها في صد الغارات الخارجية.
وضم إليها جزءًا من النوبة.
وعُني باستخراج النحاس والفيروز من سيناء.
(٦-٢) إيمحوتب Imhoteb: أبو الطب في مصر والعالم
وكان لزوسر وزير حكيم يُدعى «إيمحوتب» عاونه على نهضة البلاد الاجتماعية والاقتصادية، وكان إيمحوتب هذا مهندسًا معماريًّا من الطراز الأول، ونبغ في الطب وألَّف فيه، كما ألَّف في الحكمة.
وقد ذكره المؤرخ المصري مانيتون، وقال عنه إنه عاش في عهد زوسر، وإن الإغريق يعتقدون أنه شبيه باسكليبسوس إله الطب عندهم لمهارته في الطب، وأنه كان يُقبل إقبالًا كبيرًا على التأليف.
(٧) الأسرة الرابعة: بُناة الأهرام (٢٦٨٠–٢٥٦٠ قبل الميلاد)
من الحق أن ندرج «زوسر» ضمن بُناة الأهرام، فقد بنى هرمه المدرَّج كما أسلفنا.
ثم جاءت الأسرة الرابعة وكانت مدة حكمها نحو مائة سنة، نذكر هنا أهم ملوكها وهم:
(٧-١) سنفرو Senefrou
هو مؤسس الأسرة الرابعة وأول ملوكها.
كان ملكًا كبير الهمة، وله أعمال عمرانية عظيمة، فقد واصل استخراج النحاس والفيروز من شبه جزيرة سيناء، ووطد سلطة مصر في تلك الناحية حتى اعتُبر في العصور التالية المؤسس الأكبر للنفوذ المصري بسيناء، وسُمي باسمه أحد مناجم تلك الجهة.
وبعد أن مضى على وفاته ما ينيف على ألف سنة افتخر الملوك المصريون بأن مشروعاتهم بسيناء فاقتْ كل مشروعات عُملت هناك منذ عهد الملك سنفرو، قام بتحصين حدود مصر الشرقية، وعمل على توسيع المعاملات التجارية بين مصر وشواطئ سورية ولبنان، وسار بحملة منظمة إلى بلاد النوبة وعاد منها بمغانم كثيرة، وبدأت العلاقات بين القطرين «مصر والنوبة» تأخذ مظهرًا جديدًا؛ إذ بدأ المصريون يرسلون منتجاتهم دون عائق إلى النوبة كما أخذ ملوك مصر يستغلون المحاجر فيها.
عُني بإنشاء أسطول بحري لمصر.
وأرسل بعثة من أربعين سفينة إلى سواحل لبنان لاستيراد أخشاب الأرز من هناك، وبنى من هذه الأخشاب سفنًا كثيرةً استعمل بعضها في النيل وبعضها الآخر في البحر، واستُخدمت هذه الأخشاب أيضًا في مباني المعابد والقصور وصنع الأثاث الفاخر والتوابيت.
وفي عهد أسرة «سنفرو» أُنشئت إدارة لبناء السفن كانت تُشرف على تشييدها.
وقد بنى «سنفرو» هرمين له في دهشور، وهما من أقدم الأهرام المعروفة حتى الآن.
وكان ملكًا عادلًا محبوبًا من الأهلين، ودام حكمه أربعًا وعشرين سنة.
(٧-٢) خوفو
وقد خلد ذكره بالهرم الأكبر الذي يُعرف باسمه (هرم خوفو)، والذي شيَّده على هضبة الجيزة.
وهو أكبر وأضخم الأهرام الموجودة في مصر، يبلغ ارتفاعه ١٤٦ مترًا ونصف متر، أما قاعدته فمربعة الشكل، ويبلغ طول كل ضلع من أضلاعها نحو ٢٣٠ مترًا، وعدد أحجاره نحو ٢٣٠٠٠٠٠ حجر، وزن كل منها في المتوسط ٢٫٥ طن، أي إن مقدار وزن الهرم يبلغ نحو ستة ملايين طن.
وكان العدد الكبير من المصريين يعملون في بناء الهرم، ويشتغلون في بنائه طول مدة الفيضان، أي حين خلوهم من أعمال الزراعة في فترة فيضان النيل.
وقد كتب علماء الآثار كثيرًا عن هذا الهرم وعن الأهرام الأخرى.
والهرم الأكبر هو موضع إعجاب الدنيا وحديث الناس في شتى القطار، يقصدونه كل حين لمشاهدة ضخامته وعظمته الباقية على الزمن، رغم انقضاء نحو خمسة آلاف سنة على تشييده.
وكل من يأتون إلى مصر من الأجانب سواء من العلماء أو من الأشخاص العاديين، يقصدون الهرم الأكبر والأهرام الأخرى لمشاهدتها، ويتملكهم الإعجاب بها وتروعهم عظمة من شيدوها.
وحسبك أن هذه الأهرام — أهرام الجيزة — اعتُبرت منذ العهد الإغريقي ضمن عجائب الدنيا السبع، أما الآن فهي البقية الباقية من هذه العجائب، وهي أعظم مجموعة أثرية، وأقدم المباني العظيمة في العالم، ومفخرة خالدة لمصر مدى التاريخ.
ومهما قيل عن الأهرام من أنها تدل على أنانية الملوك الذين شيَّدوها لتكون مقابر لهم واستبدادهم بالأهلين في إقامتها، فإنها ولا ريب رمز لتقدُّم الحضارة في ذلك العصر، ودليل خالد على ما وصل إليه المصريون من المكانة الرفيعة في العلوم والفنون، وخاصةً العلوم الهندسية والرياضيات، وضبط الزوايا والأبعاد، والنحت، والنقش والتصوير، وفن العمارة وضخامة البناء وروعته.
وقد ذكر المؤرخ اليوناني «هيرودوت» حين زار مصر في القرن الخامس قبل الميلاد، أن بناء الأجزاء السفلى من الهرم الأكبر والممرات الصاعدة قد استغرق عشر سنوات، وأن بناء الهرم نفسه قد استغرق عشرين عامًا. ومعنى ذلك أن تشييد الهرم بجميع أجزائه قد استغرق ثلاثين عامًا، وأن عدد العمال الذين ساهموا في بنائه بلغ مائة ألف عامل كانوا يعملون في جماعات تتناوب العمل كل ثلاثة أشهر.
وقد سمع «هيرودوت» هذه الرواية من صغار الكهنة بعد مرور أكثر من ألفي سنة على الهرم.
وهي روايات يجب أن تقابل بالتحفُّظِ والحذر، وأساسها ما تلقَّاه من الرواة من أن الأحجار التي بنى بها خوفو الهرم الأكبر كانت تُجلب من محاجر الجهة الشرقية للنيل (محاجر طرة)، فكان العمال ينقلونها عبر النيل إلى الجيزة، فتحتاج إلى جهود مضنية لنقلها.
هذا ويجب ألا ننسى أن بناء الأهرام يرجع إلى العقيدة الدينية التي كان يدين بها المصريون الأقدمون في أن حياة الإنسان لا تنتهي بموته، بل إنه سيُبعث بعد رحيله عن الدنيا، ويحاسب على أعماله في الآخرة.
هذه العقيدة هي التي أوحت إلى الفراعنة بناء الأهرام لتخلد فيها أرواحهم.
وهي في جملتها عقيدة صحيحة، وإذا كان الفراعنة قد خرجوا بها عن بساطتها إلى ذلك التعقيد في الفهم والتكييف، فيلزمنا ألا نحكم عليها بأفكارنا الحالية بل علينا أن نزنها بتفكير العهود القديمة التي نشأتْ فيها.
وعقيدة الحياة بعد الموت هي في جوهرها دليلٌ على تقدُّم في الحضارة والتفكير، ولولا العقيدة في خلود الروح لمَا شيَّد أسلافنا الأقدمون هذه الآثار الضخمة التي صارتْ مع الزمن من مفاخر مصر الخالدة.
ومما ينفي الأنانية عن الفراعنة، ويدل على أنها لم تكن الملهمة لهم ببناء الأهرام، أننا لو فتشنا عن القصور التي بنوها لتكون سكنًا لهم وموطنًا لمسراتهم وعزهم، لمَا وجدناها تحاكي الأهرام في ضخامتها وروعتها، فلقد درست هذه القصور وعفَت آثارها ولم تُخلَّدْ على الزمن مثلما خُلِّدت الأهرام.
وهذا يدلنا على أن الأثرة والأنانية لم يكن لهما دخْلٌ في بناء الأهرام، بل إن قوة العقيدة الدينية والإيمان بالحياة الأخرى كانا الباعثين لبنائها وخلودها.
(٧-٣) خفرع Khefhren: باني الهرم الثاني
ولما تُوفِّي خوفو خلَفه على العرش ابنه ددف رع، وقد بنى له هرمًا في أبي رواش، وبعد وفاته خلفه أخوه خفرع، وهو ابن آخر لخوفو.
وخفرع هو باني الهرم الثاني بالجيزة في الجنوب الغربي من هرم خوفو، وقد بناه على غراره وإن كان لا يدانيه في الضخامة والارتفاع، وحافظت الدولة المصرية في عهده على تقدمها وعزِّها كما كانت في عهدِ خوفو.
(٧-٤) منكاورع Mycerinos: باني الهرم الثالث
وبعد وفاة خفرع أعقبه ابنه منكاورع باني الهرم الثالث.
وإلى جوار الأهرام الثلاثة، يربض أبو الهول العجيب وهو التمثال الهائل الرائع المشيَّد على هيئة أسد ضخم له رأس إنسان، ويرمز إلى اجتماع القوة والعقل معًا.
(٨) الأسرة الخامسة (٢٥٦٠–٢٤٢٠ قبل الميلاد)
أسقط الكهنة الأسرة الرابعة وأسَّسوا الأسرة الخامسة، وكان لحكام الأقاليم الذين حرَصوا على سلطانهم دخل في هذا التغيير، وقد عظُم نفوذ الكهنة في عهد هذه الأسرة.
(٨-١) البحرية في عهد ساحورع
على أن خلَفه «ساحورع» شيَّد لمصر أُسطولًا بحريًّا، جعلها أولَ دولة بحرية معروفة في التاريخ.
والمعروف أن ساحورع هذا أول ملك أثبتت آثاره أنه مؤسِّس المواصلات البحرية مع الصومال رأسًا.
ويجب أيضًا استبعاد الأسرة الحادية والثلاثين (قمبيز وخلفائه)؛ لأنها تمثِّل الاحتلال الفارسي.