الشّكوى
(١) إلى محمّد الشيمي بك المحامي بطنطا
قال حافظ هذين البيتين، وكان يعمل بمكتبه في أوّل شبابه قبل انتظامه في سلك المدرسة الحربيّة، ثمّ تركه لخلاف وقع بينهما
(٢) إلى آدم أبي البَشَر
(٣) النفس الحزينة (نشرا في ٢٣ نوفمبر سنة ١٩٠٠م)
بيتان مترجمان عن (جان جاك روسو)
(٤) سعيٌ بلا جدوى (نُشرت في ٣١ ديسمبر سنة ١٩٠٠م)
يصف سعيه المتواصل وبؤسه وإباءه، ويتمنّى الراحة من ذلك بالموت
(٥) الإخفاق بعد الكدّ (نشرت سنة ١٣١٨هـ–سنة ١٩٠٠م)
وفيها ينعي مجد الترك والعرب، ويشير إلى معان أخرى في الشكوى
(٦) حسرة على فائت (نشرت في يونيه سنة ١٩٠٢م)
(٧) وداع الشباب (نشرت في ٢٦ فبراير سنة ١٩٣٢م)
قال هذه القصيدة في دار وسط مزارع في الجيزة قضى فيها بعض أيّام شبابه، ثمّ مَرّ بها بعد عهد طويل من تحوّله عنها فتحرّكت في نفسه ذكريات، وجاش صدره بهذه الأبيات
وقال: (كتب بها من السودان إلى بعض أصدقائه يشكو حظّه ويتشوّق إلى مصر)
وقال:
(٨) شكوَى الظلم
وقال في مرض له:
(٩) سجن الفضائل
(١٠) كتاب إلى الأستاذ الإمام الشيخ محمّد عبده
كتب به إليه من السودان
كتابي إلى سيِّدي، وأنا من وَعْدِه بين الجَنَّة والسَّلْسَبيل، ومِنْ تِيهي به فوقَ النَّثْرَةِ والإكْليل؛ وقد تَعَجَّلْتُ السُّرور، وتَسَلَّفْتُ الحُبُور؛ وقَطَّعْتُ ما بيني وبين النَّوائب
وجَمَعْتُ فيه بين ثِقَةِ الزَّبيديِّ بالصَّمصامَة، والحارِثِ بالنَّعامة؛ فلمْ أقُلْ ما قال الهُذَليُّ لصاحِبِه حين نَسيَ وَعْدَه، وحَجَب رِفْدَه:
بل أناديه نداءَ الأخيذَةِ في عَمُّوريَّة، شُجاعَ الدَّوْلةِ العَبّاسيّة؛ وأمُدُّ صوتي بذِكْرِ إحسانه، مَدَّ المُؤَذِّنِ صَوْتَه في أذانِه؛ وأعْتَمِدُ عليه في البُعْد والقُرْب، اعتمادَ الملاّحِ على نَجْمَةِ القُطْب.
وهأنا مُتماسِكٌ حتّى تَنْحَسِرَ هذه الغَمْرة، ويَنْطَوي أجَلُ تلكَ الفَتْرة؛ ويَنظُرُ لي سيِّدي نَظْرَةً تَرْفَعُني من ذاتِ الصَّدْع، إلى ذاتِ الرَّجْع؛ وتَرُدُّني إلى وَكْري الّذي فيه دَرَجْتُ ردَّ الشمسِ قَطْرَةَ المُزْنِ إلى أصْلِها، ورَدَّ الوَفيِّ الأماناتِ إلى أهلِها.
فلقد حَلَلْتُ السُّودانَ حُلولَ الكَليم في التّابوت، والمُغاضِبِ في جَوْفِ الحُوت؛ بين الضِّيق والشِّدّة، والوَحْشَةِ والوحْدة. لا، بل حُلول الوَزيرِ في تَنُّورِ العّذاب والكافر في مَوْقِف يومِ الحِساب؛ بين نارَين: نارِ القَيْظ، ونارِ الغَيْظ.
واليومَ أكتُبُ إليه وقد قَعَدَتْ هِمّةُ النَّجْمَيْن، وقَصُرَتْ يدُ الجَديدَين؛ عن إزالَةِ ما في نَفْسِ ذلك الجَبّارِ العَنيد، فلقد نَمَى ضِبُّ ضِغْنِه عليَّ، وبَدَرَتْ بوادِرُ السُّوء منه إليّ؛ فأصْبَحْتُ كما سَرَّ العَدُوَّ وساءَ الحَميم، وآلامي كأنَّها جُلودُ أهْلِ الجحيم، كلَّما نَضِجَ منها أديمٌ تَجدَّد أديم؛ وأمْسَيْتُ ومُلْكُ آمالي إلى الزَّوال أسْرَعُ من أثَرِ الشِّهابِ في السَّماء، ودَوْلَةُ صَبْري إلى الاضْمِحْلال أحَثُّ من حَبابِ الماء؛ فنَظَرْتُ في وُجوه تلك العِباد، وإنِّي لَفارسُ العَيْن والفُؤاد؛ فلَمْ تَقِفْ فِراسَتي على غير بابِك.
وإنِّي أُهْديكَ سَلامًا لو امتزَجَ بالسَّحاب، واختَلَط منه باللُّعاب؛ لأصْبَحَتْ تَتَهادَى بقَطْرِه الأكاسِرَه، وأمْسَتْ تَدَّخِرُ منه الرُّهْبانُ في الأدْيِرَة؛ ولأغْنَى ذاتَ الحِجاب، عن الغاليةِ والمَلاب؛ ولا بِدْعَ إذا جادَ السَّيِّدُ بالرَّدّ، فقد يُرى وَجْهُ المَليكِ في المِرْآة، وخَيالُ القَمَر في الأضاة؛ وإن حال حائل، دون أُمْنِيَّةِ هذا السائل؛ فهو لا يَذُمُّ يَوْمَك، ولا يَيْأسُ من غَدِك؛ فأنتَ خَيْرُ ما تكونُ حينَ لا تَظُنُّ نَفْسٌ بنَفْسٍ خَيرًا؛ والسَّلام.