حديث عيسى بن هشام
يستغل الكاتب شخصية عيسى بن هشام راوي مقامات بديع الزمان الهمزاني، بأسلوب يشبه أسلوب المقامات ذاته، ويتميز بخفة الظل، ليحكي للناس حلمًا رآه في نومه، متخذًا من حكاية المنام موضوعًا شيقًا وبناءً بسيطًا يستغله ليشرح من خلاله أخلاق الناس. يتعرض المويلحي من خلال شكل كلاسيكي إلى موضوع حداثي، هو وصف أخلاق الناس في المجتمع ومعاملاتهم وتقييمها، وطبيعة علاقاتهم في الطبقات الاجتماعية المختلفة، فيرصد نقائص الأخلاق وما يعيبُ الإنسانَ منها، داعيًا إلى تجنبها، ومؤكدًا على فضائل الأخلاق ومكارمها الواجب التزامها ليعتلي المرء بذاته ومجتمعه. يعتبر حديث عيسى بن هشام من الكتب التأسيسية للرواية العربية، حيث كان حداثي الطرح آنذاك، استهدف خطاب فئات متباينة من المجتمع، فخاطب الأدباء والخواص، وفي الوقت نفسه قدم للعامة منهجًا يرتقي بالنفس الإنسانية ويعلي من كرامة الفرد. كل هذا في إطار فني بديع، ولغة موسيقية اتسمت بطرافة السجع وسلامة التركيب على السواء.