العمدة في المطعم
قال عيسى بن هشام: ولما صرنا في الطريق أخذ الباشا يطيل من فكرته، ويقصر من مشيته
ويقول:
ما هذا الذي أرى من فساد هذا الورى؟ كأن ناقعًا نقعهم في خابية،
١ جمعت أخلاط الكبائر، أو غامسًا غمسهم في جابية،
٢ وعت أمشاج الجرائر،
٣ أَوَكلمَّا خطونا خطوة رأينا من الغش والمكر أصنافًا وأضرابًا، أو حضرنا ندوة
شهدنا من الخداع والنفاق فصولًا وأبوابًا؟ فما أتعس من يعاشرهم! وما أنحس من يحيا فيهم!
وما
أشقى من يجاورهم! وما أسعد من يجافيهم! وا غوثاهُ من الإنسان، في هذا الزمان، فقلت له:
قدْك
٤ بل في كل زمان:
لن تستقيم أمورُ الناس في عُصُرٍ
ولا استقامت فَذَا أَمْنًا وذا رُعُبا
ولا يقومُ على حق بنو زمن
من عهد آدم كانوا في الهوى شُعُبا
هكذا كان بنو آدم، تأخر عهدهم أو تقادم، فهم على ما هم فيه أبدًا، أمس واليوم وغدًا،
وما
عساك تقول في ذرية الشيخ آدم وزوجه حوَّاء، وقد قالت من قبل فيهم ملائكة السماء: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ،
وما عساك تقول في قوم ترى الصغير منهم قبل الكبير، والمولى قبل الأمير، يهون عليه أن
يفتدي
ما أسف من الدنايا وسفُل من المطالب بمنطقة البروج، ومجرة الكواكب؟ وما عساك تصف خلقًا
أفضل
ما في أعضائه، أكبر سبب لشقاء الخلق وشقائه؟
أفضلُ ما في النفس يغتالها
فنستعيذُ الله من جنده
هذه المضغة التي بفيه، ويقال: إنها أفضل ما فيه، لو نسجت مضغة على قدرها، حُمَات العقارب
٥ — حماك الله — لحمتها، ولعاب الأفاعي — عافاك الله — صِبْغتها، لكانت في جانب
هذا اللسان أخفَّ ضرًّا، وأهون شرًّا، وما عساك تنعت نوعًا نعت الله واحدًا منهم في آية
من
الآيات بتسع صفات:
حَلَّافٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ
مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ
زَنِيمٍ.
فأفٍّ لعصريهم نهار وحندسٍ
وجنسي رجال منهم ونساء
وليت وليدًا مات ساعة وضعه
ولم يرتضع من أمِّه النُّفَساء
وما يدريك أن ما رأيته من أخلاق هذا النفر، أفضل من أخلاق من علاهم من سادة البشر؟
ولعل
ما أدركته من طمع الغنيّ ومكر السمسار وخداع التبيع، وما تبيَّنته من غش التاجر وغفلة
العمدة واحتيال الخليع، هو دون ما تكنُّه صدور الكبراء، وتجنُّه قلوب الأمراء، تحت حجاب
التكلف والتطبع، ويسترونه عن أعين الناس بستار التمويه والتصنع، وكلما اعتلى الإنسان
درجةً
في المقام، وخطا فيها خطوة إلى الأمام، تقنع لها بقناع وتلثم بلثام، فتجد حقائق الخلائق
مرموسةً تحت صفائح الدَّهاء، مضروحة بين جنادل الرياء، بل ربما كان أخلاهم أخلاقًا حسانًا،
أبلغهم في التظاهر بها زورًا وبهتانًا، كان لي صاحب تراه من لسانه غَضَنفرًا رئبالًا،
٦ يحمي عرينًا ويحرس أشبالًا، تتقيه القياصرة، وتخشاه الأكاسرة، فإذا كشفت عن
قلبه، وحسرت عن لُبه، وجدته شاةً تعطف على سخلها،
٧ وظئرًا تحنو على طفلها،
٨ وأعرف آخر قد ضجت أحرف الفضيلة من ذكرها بقلمه ولَوكها في فمه، وهو مع ذلك يخمش
وجهه ويدمي جفونه إن سمع أن مُختلسًا اختلس دانقًا دونه، وفيهم من يملك من وجهه التغير
بالانفعالات المتناقضة، والتلون بالألوان المتعارضة، فتكون دموعه طوع إرادته، وابتساماتُهُ
عند حاجته، قال حكيمٌ لآخر: ما أكثر ما تتحول رقعة الشّطرنج وتتقلب! قال له: تقلب وجه
الإنسان أعجب وأغرب، وقد تبقى الأخلاق الذميمة، والصفات اللئيمة مطوية عن النظر، محجوبة
عن
البصر، حتى يتاح لها كاشف من الحوادث فينزع عنها الفدام،
٩ ويحسر اللثام، فيظهر الطبع السقيم، ويبدو الخلق الذميم، ومن عوامل التبيين
والبيان في أخلاق الإنسان الغضب والجُبن، أو السكر والحزن، ونحن الآن في ساحة السكر فهلم
بنا، نلحق بأصحابنا، فأدركناهم وهم وقوف يتشاورون وسمعناهم وهم يتحاورون.
العمدة
:
دعوني من هذا كله فقد صاحت عصافيرُ بطني ولم يدخل جوفي اليوم شيء من الطعام سوى
لقمة الصباح التي أكلتها مستعجلًا، فهيّا بنا إلى «السكة الجديدة» نعطف على
«العَطفي» فإن طعامه دسم وسمنه زبدة ولحمه سمين.
التاجر
:
ما هذا «العطفي» الذي تذكره وأين أنت من كباب «الحاتي» وحمام «لُوكه» أو طواجن
«الفار» وأرز «العجمي»؟
الخليع
:
ما هذا الخلط ونحن في وسط الأزبكية بين «النيوبار» و«سان جمس بار» و«اسبلندد بار»
وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين؟ وناهيك بهذه الأماكن ونظافتها وحسن خدمتها وعلو
قدر الواردين عليها.
العمدة
:
دعنا من هذه الأماكن فإن طعامها لا يسمن ولا يغني من جوع، خصوصًا وأنا على هذا
الخلو من بطني.
الخليع
:
وأنا لا يمكنني على كل حال أن أترك هذه الأماكن، وأذهب معكما إلى الحوانيت التي
تشيران بها، وأخشى أن يراني بها أحد ممن يعرفني فأصغر في عينه.
التاجر
:
إذا كان الأمر كذلك فأنا على رأيك.
الخليع
(للعمدة)
:
لا مناص لك حينئذ فضعيفان يغلبان قويًّا فادخل بنا «النيوبار».
قال عيسى بن هشام: فدخلوا ودخلنا معهم، وجلسوا وجلسنا على مقربة منهم، وما خلع الخليع
طربوشه حتى نزع العمدة عمامته، وما ضرب الخليع بيده على المائدة حتى صفَّق العمدة بيديه،
فحضر الخادم ومعه قائمة الألوان، فتناولها العمدة ونظر فيها نظر المريض إلى وجود العُوَّد،
ثم ناولها للخليع ليقرأها فأخذها وتأمل فيها وشرع يسرد الألوان حتى انتهى منها، والعمدة
لاهٍ عنه والتاجر منصتٌ إليه.
الخليع
(للعمدة)
:
ماذا تحب وتختار؟
العمدة
:
أختار المَرَق ومن بعده لحم الفرن أو الكبما.
التاجر
:
وأنا أطلب كبابًا وقرعًا وأرُزًّا.
الخليع
:
وأنا أختار «فاتحة الطعام» أولًا، ثم خلاصة اللحم بالبيض وأرزًّا بفاكهة البحر
ودجاجة بعش الغراب وسمانًا بالكمأة، وهليونًا بالزبدة.
العمدة
:
ما هذه الأسماء الغريبة؟
الخليع
:
هي أطعمة خفيفة لا تقوى معدتي على هضم غيرها.
التاجر
:
«كُل ما يُعجبك والبس ما يعجب الناس.»
قال عيسى بن هشام: فيذهب الخادم ويجيء للخليع بفاتحة الطعام من زيتون وفجل وسمك مملحٍ
وزُبدة، فيتأمل العمدة فيها ثم يميل على قطعة الزبدة فيبتلعها وهو يقول: أزبدةٌ وسمك؟
فيطلب
الخليع سواها، ثم يأتي الخادم بصحن المرق للعمدة، فيجده قد أكل ما كان وضعه أمامه من
الخبز
وعطف على خبز الخليع يأكل منه، فيأتيه الخادم بنصيب آخر فيتناوله العمدة ويفتُّه في صحن
المرق حتى يمتلئ ويفيض على المائدة، ثم إنه انحنى فأنحى عليه وصفَّق يطلب صحنًا آخر وخبزًا
آخر، وهو يميل في هذه الأثناء على طعام الخليع، فيأخذ قطعةً من الدجاجة ويضعها أمامه،
ويحاول قطعها بالشوكة والسكين فتفلت منه إلى الأرض فيقوم فيلتقطها ويأكلها باليد، ثم
يأخذ
جزءًا من عش الغراب فيقضم منه فلا يألفه فيمجه ثم يرده إلى صحن الخليع ثانية ويقول: ما
هذه
القشور التي يطبخونها هنا وهي عندنا شائعة على الجسور تفحص عنها الخنازير في الأرض بأرجلها
فتستخرجها ولا تأكلها، فتبقى ملقاة على ظهر الطريق لا يمسها إنسان ولا حيوان، ثم يأتي
الخادم بالمرق فيطلب منه خبزًا آخر فلا يكفي لامتلاء الصحن، فيعاود الطلب فيمل الخادم
ويقول
له: إنما أنت هنا يا سيدي في مطعم لا في مخبز.
الخليع
(للخادم)
:
ما هذا الكلام البارد «يا جورج»؛ أليس لكل شيء ثمن هنا؟ ونحن نأكل بدراهمنا ما
نشتهي ونطلب ما نريد.
الخادم
(للخليع)
:
لا مؤاخذة فإن كلامي ليس موجهًا إليك.
الخليع
:
إن لم يكن الكلام لي فهو لصاحبي، وصاحبي هذا أعز عليَّ من نفسي.
العمدة
:
دعهُ يأت لنا بخبز ولو بالثمن ولا تشغل نفسك بما يقول مع أنه يقال: إن هذه
المطاعم العالية تبذل الخبز للآكلين مجانًا.
التاجر
(للخادم)
:
أعطني أيضًا لونًا من الخضر.
العمدة
(للخليع)
:
قل للخادم يحضر لي مع لحم الفرن فحل بصل.
الخليع
:
كل شيء يجوز إلا أكل البصل في هذه الليلة.
العمدة
:
لا مؤاخذة فإن النفس الملعونة ذهبت إليه من غير تروٍّ.
التاجر
(للخادم)
:
ائت لي بشيء من الحلوى أو الفاكهة.
العمدة
:
إذا كان في الفاكهة برتقال أو بلح فأعطني منه.
الخليع
:
ولا تنس «يا جورج» أن يكون في نصيبي من الفاكهة «مانجو» و«قشطة خضراء» و«موز»
و«أناناس».
العمدة
(للخليع ممازحًا)
:
ومن قال: إنك لست من الناس؟
الخليع
(للخادم)
:
هات زجاجة نبيذ أخرى بغبارها.
قال عيسى بن هشام: ولما حضر الخادم بالفاكهة وانصرف أسرع العمدة بيده إليها، فانتقى
من كل
فاكهة زوجين ودسها في جيبه وهو يقول: هذه تنفعنا للتنقل بها على الشراب فيما بعد، ثم
حضر
الخادم بآنية من البلور الملون فيها ماء وقشر ليمون، فوضع أمام كل واحد منهم إناء، فهم
العمدة بشرب إنائه في الحال، فبادره الخليع ونزعه بيده عن فمه.
العمدة
:
لماذا تمنعني عن شرب هذا «الخشاف»، وقد أنعشتني منه رائحة الزهر؟
الخليع
:
هذا يا سيدي ماء لغسل أطراف الأصابع بعد الأكل.
التاجر
:
من عاش رأى!
العمدة
(للخادم)
:
الحساب «يا خواجا».
التاجر
:
القهوة.
الخليع
:
الخلال مع كأس من «الكونياك» بجانب القهوة، ويأتي الخادم بجميع هذا فيتناول
العمدة ريش الخلال فيتخلل بريشة، ثم يعيدها إلى مكانها، ويأخذ أخرى فينكش بها أذنه
ثم يمسح ما علق بها في غطاء المائدة، ثم يلتفت إلى الخليع ويطلب منه أن يقرأ قائمة
الحساب ويخبره بكميَّته.
الخليع
:
أربعون فرنكًا.
العمدة
:
اقرأ جيدًا فإن هذا غلط فاحش.
الخليع
:
قد قرأت وحسبت وأعرف أنهم لا يغالطون هنا.
العمدة
:
ما هذا النهب والسلب، وما هذا الإسراف والتبذير؟ لو كنا ذهبنا إلى مكان من
الأماكن التي عددناها قبل دخولنا هنا لكنا ملأنا البطون، وتمتعنا بالطعام الكثير مع
الثمن القليل، ولو كنا توجهنا إلى المحل الذي أبيت فيه لكنا وجدنا من الأكل ما
يكفينا بغير ثمن؛ لأن في غرفتي برمة أرز بحمام مما أحضرته معي من البلد، ولا شك في
أن الخادم يريد أن يستغفلنا فزاد في الحساب ما أراد، وأنا رجل لا أقبل الغفلة على
نفسي ولا أدفع هذا الحساب، وسأكشف لكما هذا الغش بكل طريقة، فإنه يهون عليَّ أن
أبدد عشرة جنيهات في الهباء ولا يهون عليَّ أن أدفع قرشًا واحدًا بطريق الغش
والاختلاس.
(ثم إنه رفع كأس النبيذ وهو في حدَّته فصك به قدحًا آخر ممتلئًا
لاستدعاء الخادم، فانقلب الكأس وأُهرق النبيذ على غطاء المائدة، فحضر الخادم فعزّ عليه
ما رأى.)
الخادم
:
ما هذه الليلة السوداء؟
العمدة
:
هذا ما أقوله أنا أيضًا، فقل لي ما هذا الغلط في الحساب؟ وهل تريدون أن لا يدخل
محلّكم بعد اليوم أحد؟
الخليع
:
هل في الحساب غلط «يا جورج»؟
الخادم
:
وأي غلط يكون في الحساب بعد الذي حصل، وهذا هو بيان الثمن أمام كل صنف؟
العمدة
:
أي حساب وأي بيان! ولكنك أنت الكاتب له.
الخادم
:
نعم أنا الكاتب له ولكنك أنت الآكل له.
العمدة
:
وهل أكلنا أربعين صحنًا حتى ندفع أربعين فرنكًا؟
الخادم
(للخليع)
:
أرجوك أن تقنعه.
العمدة
:
وهل أنا جاهل حتى يقنعني؟
الخليع
(وهو قائم)
:
حاشا لله يا سيدي.
التاجر
(للخليع)
:
إلى أين؟
الخليع
:
أراهم وضعوا في لوح التلغرافات السياسية تلغرافًا جديدًا أريد أن أقرأه.
الخادم
(للعمدة)
:
أعطني الحساب ولا تعطلني عن الشغل.
العمدة
:
هاك عشرين فرنكًا لا أدفع سواها.
الخادم
:
ليس هنا محل المساومة في ثمن الطعام بعد أكلِه.
التاجر
:
زدهُ فرنكين.
الخادم
:
لقد كان الأولى بكم أن تأكلوا في غير هذا المكان ما دمتم بهذه الصفة.
التاجر
:
لا تغلط «يا خواجا»، فإن حضرته يأكل في مثل هذا المكان، وفي أعظم منه، ولكنه يحب
الأمانة ويكره الاستغفال.
الخادم
:
وهل أنا خائن؟ وأنا صاحب شرف مثلك ومثل أعظم منك.
التاجر
(للعمدة)
:
حقيقة إنه لقليل الحياء.
العمدة
:
وحياتك لا أخاف منه ولا يأخذ مني غير هذا المبلغ.
صاحب المحل
(وقد حضر مع الخليع)
:
ماذا جرى؟
العمدة
:
خادمك يسرقنا ويشتمنا.
صاحب المحل
:
هذا كلام لا يقال عن محلنا.
التاجر
:
وذاك كلام لا يقال لنا.
صاحب المحل
(للخليع)
:
عهدي بك لا تصاحب إلا الكبراء والظرفاء، فما هذا الشيخ الذي جئتنا به هذه الليلة،
وقد شاهدتُه من مكاني يفعل أفاعيل انتقدها جميع الحاضرين، فإنه كان يبلع الزبدة،
ويطوي الخبز، ويمد يده إلى صحن سواه، ويعيد إليه فضلة ما يأكله، ويتناول قطعة
الدجاجة من الأرض فيلتهمها، ويلوث المائدة بالمرق والنبيذ، ويمسح يده في الغطاء،
ويكسر الكأس ويختلس الفاكهة فيضعها في جيبه، ويهم بشرب ماء الغسل، وينكش أذنه بريشة
الخلال، ولم يكتف بهذا كله حتى أخذ يغازل السيدات ويغامزهن، فقمن مستقبحاتٍ
مستنكراتٍ، وقام كثير من المترددين على المحل اشمئزازًا من هذه الأفاعيل، ولا أشك
في أنه إذا حضر عندنا شيخ آخر مثل هذا أن يبتعد الناس ويتعطل المحل.
الخليع
:
لا تلقِّبه بلقب شيخ فإنه سعادته من الحائزين للرتبة الثانية، وله سعيٌ في رتبة
التمايز، ولا تستصغر قدره فهو من كبار الأغنياء في الأرياف.
صاحب المحل
(للعمدة)
:
لا تؤاخذ الخادم يا سعادة البك فهو على كل حال خادمك والمحل محلك.
العمدة
(للخادم)
:
يجب عليك أن تعرف الناس وتتعلم حسن المعاملة من حضرة الخواجا صاحب المحل، ووالله
لولا حسن ذوقه ولطفه لما زدت عن العشرين فرنكًا، ولكني أعطي الآن ما تطلبه مراعاة
لخاطره عن طيب خاطر وحسن رضاء.
صاحب المحل
(للخادم)
:
اسأل حضراتهم ماذا يشربون على حساب المحل لتأكيد المعرفة والمسامحة فيما
حصل.
قال عيسى بن هشام: ثم مال الخليع على العمدة يشير عليه بأن يطلب دورين من الشرب لإكرام
صاحب المحل في مقابلة إكرامه لهم، فطلب العمدة ثم طلب، وشرب ثم شرب، وقام بعد الدفع يتمايل
ويتثنى، ويتثاءب ويتمطى ويشكو للخليع فعل الكأس، وهجوم النعاس، فيقول له: هذه عادة تكون
عند
الامتلاء، ولا يصرفها إلا كئوس الصهباء، فهيا بنا الآن، نذهب إلى الحان، فخرجوا وخرجنا
من
ورائهم نستقصي بقية أنبائهم.