العمدة في الحان
قال عيسى بن هشام: وأخذوا طريقهم إلى الحان المقصود، والحوض المورود، وفيما نحن نسير،
بين
تقدير وتفكير؛ إذ التفت الباشا إلى ذلك الفُندق الكبير، بل الخورنق والسدير،
١ فرأى فيه شموس الكهرباء مشرقة، وينابيع الضياء متدفقة، يلوح فيها زنجيٌّ الليل
بقميص أبيض، ويبدو فيها أديمه كالآبنوس المفضض، وعمد المصابيح كأنها أغصان الأشجار، أزهرت
بالأنوار مكان الأنوار، فصار كل عمود منها عمود فجر، يفجر ثغرة الدُّجنة أي فجر، وكأن
منثور
الشموع في ظلمة الحلك، منثور النجوم في قبَّة الفلك، ورأى تحتها صفوفًا من الرجال، بين
صفوف
من ذوات الحجال، على سُررٍ متقابلين، وأرائك متكئين، يسعدهم الجَد المقيم، ويُرفرف عليهم
الرَّفهُ والنعيم، فطفق يسألني: أتراه محفلًا ليوم أُنس؟ أم زفافًا في بيت عُرس، أم تراها
ليلة مهرجان، لقبيلٍ من الجان، نسوا تفاوت الجنس، فأنسوا إلى الأنس، وهجروا جوف الأرض
لظهرها ودرجوا من بطنها إلى حجرها؟ فقلت له: نعم هؤلاء شياطين الإنس يطوون البر والبحر،
ويقطعون الحزن والوعر، ويطيرون في السماء، ويمشون على الماء، ويخرقون الجبال، وينسفون
القلال، ويقلبون الآكام وهادًا، ويبسطون الرُّبى مهادًا، ويجعلون القفار بحارًا، ويحيلون
البحار بخارًا، ويُسمعون من بالمشرقين، أصوات مَن بالمغربين، ويستنزلون لبصرك أنأى الكواكب،
ويعظمون في عينك أوهى العناكب، ويجمدون الهواء، ويذيبون الحصباء، ويستحدثون الأنواء،
ويزنون
الضياء، ويستشفون خبايا الأحشاء، ويكشفون خفايا الأعضاء، فقال لي: أئنَّك لتحدِّث عن
جن
سليمان، في هذا الزمان، قلت له: هؤلاء سيّاح الغربيين أهل المدنية والحضارة، الناظرون
إلى
الشرقيين بعين المهانة والحقارة، فإن نظروا إليهم من جهة العزة فنظرةُ العقاب من شماريخ
رضوى وثبير
٢ إلى جنادب الرمل وضفادع الغدير،
٣ وإن نظروا إليهم من طريق العلم، فنظرة معلِّم الإسكندر عالم العلماء إلى صبي
يتهجَّى في العين والياء، وإن نظروا إليهم من باب الصناعة، فنظرةُ «فيدياس» صانع التماثيل
والدُّمى
٤ إلى بنَّاءٍ يقيم أكواخ القُرى، وإن نظروا إليهم من جهة الغنى، فنظرة صاحب
المفاتيح التي تنوء بالعصبة إلى أجير ينضح عرقًا تحت القربة، وإن نظروا إليهم من جهة
الفضائل النفسانية، فنظرة الحكيم «سقراط»، شارب السم غرامًا بالفضيلة، إلى الشرير
«أرسطُرَاط» حارق المعبد ولعًا بالرذيلة، تلك دعواهم في نفوسهم، وقولهم بأفواههم.
وهم في رحلتهم إلى الشرق على ضربين: أهل الفراغ والجدة الذين أبطرهم الغنى وألهاهم
الاستمتاع ببدع المدنية ولم يبق في أعينهم جديد، فانتقمت منهم الطبيعة في خروجهم عن سننها
فسلطت عليهم داء الملل والسأم، فأصبحوا هائمين على وجوههم في الأقطار والبلدان، وحطتهم
القدرة إلى الاستشفاء من ذلك الداء بالتنقل في البلاد المنحطة عنهم في درجات المدنية
والإقامة في الأقطار الباقية دونهم على الفطرة الغريزية، والضرب الثاني منهم أرباب العلم
والسياسة وأهل الاستعمار والاستنفاض
٥ يستعملون علومهم، ويعملون أفكارهم في احتلال البلدان وامتلاك البقاع، ومنازعة
الناس في موارد أرزاقهم ومزاحمة الخلق في أرضهم وديارهم، فهم طلائع الخراب أدهى على الناس
في السلم من طلائع الجيوش في الحرب.
قال عيسى بن هشام: وانقطع الحديث بدخول أصحابنا في الحان، واصطفافهم حول الدنان، فأخذنا
مجلسنا بقربهم، ننظر ما يُصنع بهم، وإذا الخليع يلتفت عن اليمين والشمال، ويبادر الخادم
بالسؤال:
الخليع
(للخادم)
:
ألم يشرِّف دولة «البرنس» هنا في هذه الليلة؟
الخادم
:
هو في داخل المكان وسيعود إلى مجلسه في الحال.
العمدة
(مدهوشًا)
:
هل يجيء هنا البرنسات، وهل يليق بنا أن نجلس للشرب في مكان يحضروننا فيه، فلم
اخترت هذا المحل ولم لا نذهب إلى محل سواه؟
الخليع
:
لا بأس علينا هنا وسترى كيف أفعل حتى لا تخرج من هنا إلا والبرنس مصافحك
ومُجالسك.
العمدة
:
لا تهزأ بي ولا تمزح، فأين نحن من البرنسات؟
التاجر
(للعمدة)
:
لا تستبعد ذلك، فإن لبعض البرنسات أخلاقًا واسعة ونفوسًا تُرابية، ومن رأيهم
الاختلاط بالناس والتساوي بهم في مجتمعاتهم ومعاملاتهم.
العمدة
(للخليع)
:
وهل لك معرفة سابقة به؟
الخليع
:
كيف لا أعرفه ولي معه جلسة في كل ليلة؟ وكثيرًا ما أوصلته آخر الليل إلى
قصره.
العمدة
:
إنك لتبالغ؟
الخليع
:
لا مبالغة ودونك البرهان.
قال عيسى بن هشام: ويقوم الخليع واقفًا عند عودة البرنس إلى مجلسه، فيومئ البرنس إليه
بالسلام فيتبعه إلى مائدة عليها صنوفٌ وألوان من الخمر والنُّقل فيجلس بجانبه مع الجالسين
حوله يخاطبه بصوت يسمعهُ العمدة من مكانه:
الخليع
:
لا زال أفندينا في أسعد حال وأنعم بال.
البرنس
:
وأين أنت؟ فقد سألت عنك مرارًا.
الخليع
:
أنا في الخدمة تحت أمر أفندينا وعند طلبه، وما منعني عن المبادرة إلى مجلسكم
العالي إلا اصطحابي بصاحبين أحدهما من عمد الأرياف والآخر من تجار الثغور، لصقا بي
للبقاء معهما وألحا عليَّ أن أصحبهما.
أحد الجلساء
(ممازحًا)
:
لا بل تسحبهما.
البرنس
(منكتًا)
:
وهل هنا «زريبة» يا بك؟
جميع الجلساء
(ضاحكين)
:
لله در أفندينا في هذه النكتة فما ألطفها وأرقها!
البرنس
:
أنا لم أتعلم التنكيت ولكن يصادفني منه بعض كلمات في بعض الأوقات.
أحد الجلساء
(لآخر)
:
انظر بالله يا أخي حدة البرنس في لطافته، وشدّته في رقته، وقوة إدماجه في
ألفاظه.
الجليس
:
وأنت ما شاء الله ما أفصحك الليلة في تعبيرك! وما أبلغك في كلامك! أأنت تأخذ هذه
الجمل عن الجرائد؟
البرنس
(للخليع)
:
ماذا تشرب؟
الخليع
:
العفو يا مولاي فلا بد من الرجوع إلى صاحبي أولًا حتى أتخلص منهما.
البرنس
:
وهل هما من الأغنياء المعتبرين؟
الخليع
:
أما العمدة فإنه يمتلك ألف فدان، وللتاجر في بلده أعظم خان، وللعمدة عشرة وابورات
للري وعنده الرتبة الثانية، وللتاجر وابور للحليج وعنده وعدٌ بالثالثة.
البرنس
:
لا تحرمنا من وجودك ولا بأس من استدعائهما للجلوس معنا.
أحد الجلساء
(لآخر)
:
قم بنا نُفسح لهما.
الجليس
:
انتظر قليلًا حتى يأتي «الدَّور» المطلوب مع صحن بلح البحر الذي أوصى عليه البرنس
آنفًا.
(قال عيسى بن هشام: وينصرف الخليع إلى صاحبيه لإحضارهما، فينهض له العمدة وافقًا
لتبجيله وتعظيمه، فيسقط من يده «فم السجارة» على الرخام فينكسر فينحني إلى الأرض يجمع
شظاياه، ويظهر عليه من الأسف والكدر ما لا يقدَّر، فيجره الخليع إليه ويقول له):
الخليع
:
لا يليق بنا أن نكون على هذه الحال من الأسف لأجل هذا «الفم»، فإن البرنس ينظر
إلينا، وقد جئت لك بدعوة منه للجلوس معه.
العمدة
:
ليس أسفي على «الفم» في ذاته؛ بل لأنه تذكار عندي من حضرة مأمور المركز، كنت
أهديته فرسًا فأهداني إياه؛ فهو ثمين عندي من هذه الجهة، ولكن قل لي كيف يدعوني
دولة البرنس إليه، وكيف ذكرتني له؟
التاجر
:
أي نعم قل لنا كيف كان ذلك وهل جرى لي ذكر عنده أيضًا؟
الخليع
:
قد قلت ما قلت وذكرت ما ذكرت، ويقال في المثل: «أرسل حكيمًا ولا تُوصه».
العمدة
:
أحب أن أسمع تفصيل ما دار من الكلام بشأني، فإني رأيته يضحك كثيرًا وأنت
تكلمه.
الخليع
:
أخبرته بقصتك مع سمسار القطن ولطف حيلتك معه حتى حرمتَه أجره.
التاجر
:
وعلى ذكر السمسار هل تعلم أن دولة البرنس باع قطنه في هذا العام؟
قال عيسى بن هشام: فكان جواب الخليع أن أخذ بيد العمدة وتبعهما التاجر حتى صاروا أمام
مائدة البرنس، فطأطأ العمدة إلى ركبة دولته، فدفعه بيده فاستلمها العمدة وقبلها مرارًا
بطنًا وظهرًا، فتبسم له البرنس وأشار إليه بالجلوس، فامتنع واستمر واقفًا ويداه إلى صدره
حتى أقعده الخليع مع التاجر بجانبه بعد شدة الإلحاح.
البرنس
(لأحد جلسائه)
:
لا تنس أن تذكرني غدًا بتصوير الفرس «سيرين»، فإن «الدوك أوف بروك» أرسل إلى
صاحبنا المستشار يطلب مني صورتها ليعرضها في معرض السباق بلوندره.
الجليس
:
الأوفق أن يكون ذلك بحضور المستشار في اليوم الذي عينه أفندينا له للغداء مع مفتش
الري.
البرنس
(للعمدة)
:
ماذا تشرب يا حضرة الشيخ … يا بك؟
العمدة
(واقفًا على قدم التاجر)
:
ألتمس السماح يا مولاي فإني لا أشرب شيئًا.
التاجر
(متململًا من الألم)
:
العفو يا أفندينا أستغفر الله فإن ذلك لا يليق في حضوركم.
البرنس
:
لماذا جئتما هنا إن لم تشربا؟
الخليع
:
يشربان حسب أمر دولتكم فالامتثال فوق الأدب.
قال عيسى بن هشام: ويتناول الخليع «علبة السجارات» من أمام البرنس، فيعطي للعمدة واحدةً
وللتاجر واحدةً فيتحاشى العمدة إشعالها في حضرة البرنس ظاهرًا — وربما كان غرضُهُ الباطن
إبقاءها لديه أثرًا من البرنس يفتخر به عند أقرانه — ثم يأتي أحد باعة الزهور، فيهمس
في أذن
البرنس بكلام يقهقه له، ويأمر الخادم أن يعطيه كأسًا فيشربه وينصرف، ثم يلتمس الخليع
من
البرنس أن يسمح للعمدة بطلب زجاجة من «الشمبانيا»، فيسمح له ويلتفت إلى العمدة يخاطبه
بقوله:
البرنس
(للعمدة)
:
كيف حال المحصول عندكم، وكم رمى الفدان من القطن؟
العمدة
:
رمى الفدان عندي سبعةً بأنفاس دولتكم.
التاجر
:
المحصول جيد ولكن الأثمان في هبوط، وهل باع دولة أفندينا أقطانه أم هي
باقية؟
البرنس
(لأحد جلسائه)
:
أنا لا أدفع في ثمن الخنجر الذي رأيناه اليوم أكثر من عشرين جنيهًا، ولو كان عليه
تاريخ صنعه لدفعت ما يطلبه صاحبك فيه.
الجليس
:
لا بأس به إلى الثلاثين.
البرنس
:
ما الذي تراه في مسابقة الخيل غدًا؟
الجليس
:
أرى فرس البرنس سابقًا بغير شك.
قال عيسى بن هشام: ولما جاءت الزجاجة المطلوبة بادر العمدة إلى جيبه، فأخرج منه ذلك
الموز
فمَسَح واحدة منه وقدمها إلى البرنس، ووزع البقية على الحاضرين، فيجد أحدهم صوفًا متلبدًا
في الموز فيعافه ويتركه على المائدة.
أحد الجلساء
(للعمدة)
:
هل هذا الموز من زراعتكم، وهل تنضجونه في الصوف عندكم؟
العمدة
:
كلَّا يا سيدي بل هو موز «النيوبار»، ولم يمكث في جيبي غير مسافة الطريق، ومعي
أيضًا برتقال أحمر وبلح أصفر وقشطة خضراء.
أحد الجلساء
:
أظن أن لكم شركة مع حسن بك عيد في تجارة الفاكهة؟
التاجر
:
حضرته لا يشتغل بالتجارة، وليس كل الناس من يقدم عليها فهي ربح محفوف
بالخطر.
العمدة
(للخادم)
:
أحضر لنا أيضًا زجاجة شمبانيا إنكليزي.
أحد الجلساء
(لآخر)
:
يظهر أن الفدان رمى بعشرة.
الجليس
:
في البنك العقاري.
البرنس
:
وما معني إنكليزي؟
الجليس
:
يعني أنها من جنس الجنيه.
قال عيسى بن هشام: وفي هذه الأثناء يعود بائع الزهور فيلقي في أذن البرنس كلامًا،
فيقوم
البرنس في الحال ويخرج والبائع في أثره، ثم يتسلل الجلساء من بعده واحدًا واحدًا فلا
يبقي
منهم أحد، وتخلو المائدة للعمدة فيشرب سؤر الكأس التي تركها البرنس، ويميل على ما بقي
في
آنية النقل فيأتي عليه أكلًا.
التاجر
(للعمدة)
:
ينبغي أن تطلب من الخادم غيرها قبل حضور دولة البرنس.
العمدة
:
أنا لا أطلب شيئًا إلا في حضور دولته.
الخليع
:
أظن أن دولته لا يعود في هذه الليلة، وهذه عادته إذا هو قام مع أحد الباعة عند
تمام نشوته.
العمدة
:
ولكنني لم أره دفع شيئًا من الحساب.
التاجر
:
لعل لهُ هنا حسابًا جاريًا.
الخليع
:
نسأل الخادم.
العمدة
(للخادم)
:
ألم يدفع دولة البرنس شيئًا؟
الخادم
:
لم يدفع شيئًا قبل خروجه.
الخليع
:
وكم الحساب؟
الخادم
:
مائة وواحد وعشرون فرنكًا.
العمدة
:
أنا لا أصدق أن أفندينا يخرج من غير أن يدفع ما عليه من الحساب، ومع ذلك فلننتظر
عودته.
الخادم
:
إذا قام البرنس على هذه الصورة فإنه لا يعود، وإن أردت أن لا تدفع ثمن ما شربه
البرنس فأنا أقيده في حسابه.
العمدة
:
وأنا إذا كنت أدفع شيئًا، فلا أدفع إلا ثمن ما شربه دولة البرنس وحده.
(وفيما هم على هذا النزاع؛ إذ دخل أحد وكلاء المديريات، فينهض
العمدة لمقابلته ويلح عليه في الجلوس معه، ثم يلتفت إلى الخادم بصوت عال):
العمدة
:
عليَّ بتفصيل الحساب وبيِّن لي فيه ما شربه دولة البرنس، وما أكله دولة البرنس،
وبكم شرب أصحاب البرنس، وكم شربنا مع البرنس، وكم شرب قبلنا البرنس، واسأل سعادة
البك الوكيل ماذا يشرب وعُد لأدفع لك كل الثمن المطلوب.
الوكيل
:
أنا لا أشرب شيئًا.
العمدة
:
كيف لا تتفضل علينا بالشرب معنا كما تفضل دولة البرنس إرضاءً لخاطرنا؟
الوكيل
:
لا بأس أن أشرب كأسًا واحدًا من «الكنياك».
العمدة
:
لا والله لا تشرب إلا «شمبانيا» كما شرب معنا دولة البرنس.
الخليع
(للعمدة)
:
لماذا لم تقدمنا للتعارف بسعادة البك؟
العمدة
:
سعادته وكيل مديريتنا، وحضرته (مشيرًا إلى
التاجر) من أكابر التجار، وحضرته (مشيرًا
إلى الخليع) من ظرفاء مصر.
الخليع
(للوكيل)
:
تشَرفنا بهذه المعرفة، وكيف حال سعادة المدير، فهو من أعز أصحابي وطالما قضينا
معه أوقات أنس وسرور؟
العمدة
(للوكيل)
:
أظن أن سعادتكم حضرتم إلى مصر في عقب كشف الرتب المقدم إلى الداخلية.
الوكيل
:
نعم كنت اليوم في الداخلية، وسينتهي الأمر إن شاء الله على ما نحب.
العمدة
(للخادم)
:
زجاجة شمبانيا أخرى.
الوكيل
:
يكفي فإني أريد أن أنتقل إلى داخل المكان في مجلس إخواننا القضاة ووكلاء
النيابة.
الخليع
:
لا لزوم؛ لانتقال سعادتكم، فأنا أدعوهم للجلوس معنا وفيهم فلان وفلان من أعز
أصدقائي.
الوكيل
:
لا تكلف خاطرك بذلك، فإن الأليق أن أذهب للجلوس معهم.
العمدة
(للوكيل)
:
إذا كان الأمر كذلك، فكلنا نقوم مع سعادتكم ويأتينا الخادم بزجاجة الشمبانيا
هناك.
الوكيل
:
إن أردت ذلك فلا بأس.
قال عيسى بن هشام: فيقومون فيجلسون مع أهل ذلك المجلس، ويحضر الخادم بزجاجة الشمبانيا
فيرجوهم العمدة الشرب منها فيمتنعون، فيشدد فيمتنعون؛ فيقسم عليهم بالطلاق وهو يتلعثم
سكرًا
إلا شربوا معه، ثم يتناول الكأس ويقوم متساندًا على الخليع ليشرب معهم فما يكاد يضع الكأس
في فيه حتى تأخذه غصةٌ فلا يملك نفسه عن رد الفعل فتتلوث ثيابه، ويبادر الخليع مع الخادم
إلى سحبه داخل المكان ليصلح ما فسد من أمره.
ثم لبثنا مدة ننتظر العمدة، ونترقب له الرجعة والعودة، حتى أقبل يتهادى في مشيته،
بعد أن
أفاق من غشيته، وعمد إلى الخروج والخليع عن يمينه يناجيه، والتاجر عن شماله يرائيه
ويداجيه.