الفصل الرابع عشر
قال برونت: «تعالَ معي يا مارستن. دعنا نغادر هذا الحشد. أريد أن أتحدث إليك.»
شق الرجلان طريقهما إلى شارع أهدأ، وسارا جنبًا إلى جنب متجهَين نحو ساحة روز جاردن، ويتبادلان أطراف الحديث في الأثناء.
قال الرجل اليوركشايري: «لا بد أن ينتهي هذا الإضراب الغبي، وقد حان وقت إيقافه. لقد سئمه العمال، وضاق به السادة ذرعًا، ولكن لن يستسلم أيٌّ من الطرفَين للآخر؛ لذا لا بد من إيجاد طريقةٍ للخروج من هذا الوضع المعقد، وأنت أصلح رجل للعثور على هذه الطريقة.»
«كيف؟ لن يطيح العمال بجيبونز، وسارتويل يفضِّل الاستقالة من منصبه قبل أن يقبل لقاء جيبونز. تذكر كيف استمال جيبونز العمال ليلة أمس، على الرغم من سخطهم عليه قبل بدء الاجتماع.»
«نعم، أعلم هذا. ولكن يا صديقي، ثمَّة شقاق في المعسكر الآخر مثلما هو الحال في معسكرنا. إن خروج سارتويل بهذه الطريقة الآن كان تحديًا لرؤسائه مثلما هو تحدٍّ لمرءوسيه. وحقيقة الأمر أن مونكتون وهوب كانا يريدان أن يخرج معهما برفقة حراسهما الشخصيين. ولكنه رفض. ومما سمعت، كان السيد هوب خائفًا صباح اليوم؛ حتى إنه لم يكن ليستطيع التحدث حتى ولو كانت حياته تتوقف على ذلك. ولا بد أن جدلًا محتدمًا قد وقع بين ثلاثتهم اليوم. إن سارتويل يستخف بالخطر المحدق به، بينما المالكان يبالغان في تقديره. وما أنا على يقينٍ منه أن ثمة خلافًا بين سارتويل والسيدَين، وعندما يعلمان أنه قد خرج الليلة بمفرده بينما يحرسهما دزينة من رجال الشرطة، فستثور ثائرتهما أكثر من أي وقت مضى، هذا إن كان ما زال لدى أيٍّ منهما أيُّ قدرةٍ على ذلك. والآن، ما يجب عليك فعله غدًا هو لقاء مونكتون أو هوب، أو كلَيهما إذا أمكن. سترى بنفسك أنهما لن يقتربا من المصنع مرةً أخرى حتى ينتهيَ الإضراب. سأذهب للقاء السيد هوب أولًا لو كنت مكانك. فهو من تعرَّض لأشد أشكال الرعب. أخبره بأنك ترغب في إنهاء الأزمة، وسيستمع لك بصدر رحب. من المرجَّح أن لديه خطةً خاصةً به لن يسمح له سارتويل بتجربتها. وإذا ما حصلت منه على وعد بأن يمنحنا ما نريد إذا ما أطحنا بجيبونز، فسنُعلن ذلك في الاجتماع، وسترى، إذا نفَّذنا الخطة على النحو الصحيح، سيُعزل جيبونز. وحينئذٍ لن نواجه أي متاعب مع سارتويل.»
قال مارستن مترددًا: «يبدو لي هذا الفعل خيانة.»
صاح به برونت وقد نفد صبره بعض الشيء: «هذا صحيح يا فتى، ألم يكونوا يعاملونك على أنك خائن منذ بدء الإضراب؟ ما الفارق إذن إذا بدا الأمر وكأنه خيانة؟ فكِّر في زوجات العمال وأطفالهم، إن لم تكن تفكر في العمال أنفسهم؛ فكر فيمن لم يفكر بهم أحد طوال هذه الأسابيع، العاملات اللاتي يعملن في الطابق العلوي من المصنع. إنهن يتحصلن على أجر إضراب ضئيل، كما أنهن لا يحق لهن التصويت في الاجتماعات، ويعانين ويجُعْن رغم استعدادهن للعمل. هل هذه خيانة؟ أنا على استعداد لأن أكون خائنًا ألف مرة لأرى المصنع يعمل من جديد.»
قال مارستن: «سأفعل ذلك.»
لم يكن الشاب يمتلك أي أموال لينفقها على أجرة القطارات؛ ومن ثم، في صباح اليوم التالي، ولَّى وجهه شطر الغرب وسار على طريق بورتسموث بتؤدة، قاطعًا مسافة الاثني عشر ميلًا بين لندن وسربيتون.
أثناء سيره على الطريق الممهَّد على نحوٍ رائع، المؤدِّي إلى منزل عائلة هوب، تخيَّل أنه رأى مالك المصنع بين الأشجار في الحديقة الخلفية؛ حيث كان يذرع دربًا جيئةً وذهابًا في اكتئابٍ شديد. تردَّد مارستن برهة، ولكنه قرر أخيرًا أن يطلب مقابلته بطريقةٍ رسميةٍ عبر مدخل المنزل. رمقه الخادم بارتياب واضح، وبعدما أخبره بغرض الزيارة، سرعان ما عاد له الخادم ليخبره بأن السيد هوب لن يتمكن من مقابلته. وأُغلق الباب في وجهه، إلا أن مارستن كان على يقين من أن السيد هوب لم يُؤخذ رأيه في هذه المسألة؛ لذا بدلًا من الخروج من البوابة التي دخل منها، دار حول المنزل حتى وصل إلى الحديقة الخلفية، حيث وجد السيد هوب الذي صُعق من رؤية رجلٍ غريبٍ يظهر أمامه فجأة.
بدأ مارستن حديثه قائلًا: «أنا أحد عمال مصنعك يا سيد هوب»، قادًّا بذلك طمأنة الرجل الضئيل، إلا أن كلماته كان لها تأثير معاكس تمامًا. تلفت السيد هوب من حوله يمنةً ويسرة في جنون، ولكنه لم يرَ مهربًا، فاستسلم بزفرة عميقة إلى الحوار المتفجر، أو أيًّا كان الشكل الذي ستتخذه حجج هذا العامل.
وأخيرًا، سأل صاحب العمل متلعثمًا: «ماذا تريد؟» «أريد أن أنهي هذا الإضراب.»
صاح السيد هوب والدموع في عينَيه توشك أن تسيل: «أوه، وأنا أيضًا، وأنا أيضًا!»
«إذن يا سيد هوب، ألن تسمح لي بأن أتحدث إليك بضع لحظات، لنرى إذا ما كان باستطاعتنا العثور على مخرجٍ من هذه الأزمة؟»
أجابه العجوز المرتعد: «بالطبع، بالطبع»، وقد بدا عليه الارتياح عندما أدرك أن موظفه السابق لا ينوي استخدام العصا الغليظة التي كان يحملها في يده بغرض الاعتداء عليه.
«دعنا نبتعد عن المنزل قليلًا، حيث يمكننا التحدث بهدوء. هل لديك أي اقتراحات؟»
«حسنًا، يبدو أن المشكلة الأساسية هي أن السيد سارتويل لن يقبل لقاء جيبونز.»
قال الرجل العجوز كما لو أنه يهمس لنفسه: «آه، سارتويل! سارتويل رجل عنيد … عنيد وصعب الإقناع … صعب الإقناع.» ثم التفت فجأةً نحو مارستن وسأله: «أنت لست جيبونز، أليس كذلك؟»
«بلى، اسمي مارستن. وجيبونز هو الرجل الذي حاول التحدُّث إليك بالأمس عند البوابات.» ارتعدَت فرائص العجوز عندما تذكَّر الواقعة.
وقال: «كان ثمَّة الكثير من الرجال هناك ولم أتمكَّن من تمييز أيٍّ منهم على نحوٍ خاص، كما أن الأمر برمته حدث فجأة. لا أذكر جيبونز. لقد كان الأمر فظيعًا، فظيعًا!»
«آمل أنك لم تُصب بسوء.»
«لا، لا. مجرَّد خدشٍ أو اثنين. شيء لا يُذكر. والآن، ما الذي يمكننا فعله بشأن الإضراب؟»
«هل أنت على استعدادٍ لتلبية مطالب العمال إذا ما انقلبوا على جيبونز، وأرسلوا وفدًا إلى السيد سارتويل؟»
«أوه، بالطبع، على أتم استعداد. لا أتذكر ما يطلبه العمال، ولكني سأمنحه لهم؛ سأفعل أي شيء لأوقف هذا النزاع الانتحاري. هل يعرفك سارتويل؟»
«نعم يا سيدي.»
«بالطبع يعرفك. فهو يعرف كل العاملين في المصنع بالاسم. إنه رجل رائع، رجل رائع! كثيرًا ما تمنيت لو كان لي تأثيرٌ أكبر عليه. والآن، فلتذهب للقاء السيد سارتويل، إنه يسكن في ويمبلدون، إنه في طريقك، وقد طلبت منه ألَّا يذهب إلى المصنع اليوم؛ لذا ربما تجده في منزله، وربما يمكن أن تُرتِّبا معًا موضوع استقبال وفدٍ من العمال. وربما كان من الأفضل ألَّا تخبره بأنك الْتقيتني؛ نعم، أنا واثقٌ من أن هذا أفضل. ثم سأتحدث أنا إليه بشأن تلبية مطالب العمال. سأتخذ إجراءً حاسمًا، وكذلك سيفعل مونكتون. وسنكون حازمَين معه.» ثم تلفَّت العجوز حوله في خوف. وقال: «سنُخبره بأننا ندعمه ضد جيبونز، وأن عليه أن يسوِّي الأمر مع العمال على الفور بمجرد أن يتخلَّوا عن جيبونز. هل تعلم لماذا يرفض مقابلة جيبونز؟ هل يُكنُّ كراهيةً شخصيةً للرجل؟»
«أوه، لا، إنها مسألة مبدأ بالنسبة إلى السيد سارتويل. إن جيبونز ليس من عمالك.»
«آه، نعم، نعم. تذكرت الآن. هذا تحديدًا ما أخبرني به سارتويل. حسنًا، أنا في غاية الامتنان لك لحضورك إليَّ، وآمل أن تنتهي هذه الأحداث المؤسفة. إلى اللقاء! ثمَّة قطارٌ سيتحرَّك بعد نصف ساعةٍ يتوقف في ويمبلدون.»
«شكرًا لك يا سيد هوب، ولكني أقطع طريقي سيرًا اليوم.»
«يا إلهي، إنها مسافةٌ طويلة، والطريق ملتوٍ. القطار سيوصلك إلى هناك في غضون دقائق معدودة.»
ضحك مارستن.
وقال: «أنا لا أمانع السير.»
حدَّق فيه العجوز بضع دقائق.
ثم قال: «يعني هذا أنك قطعت المسافة كاملةً من لندن إلى هنا سيرًا هذا الصباح!»
«إنها اثنا عشر أو ثلاثة عشر ميلًا فقط.»
«يا إلهي، يا إلهي، يا إلهي! لقد فهمت، لقد فهمت. نعم، كان سارتويل محقًّا. لستُ رجلًا ذكيًّا للدرجة، وإن كنت أعتقد أن المدير لا يجدر به أن يقول ذلك أمام شريك رب عمله. تعالَ معي إلى المنزل للحظات.»
«أعتقد أن عليَّ أن أنطلق الآن.»
«لا، لا، تعالَ معي. لن أؤخرك، ولن أقبل بالرفض. سأتخذ إجراءً حاسمًا، كما أخبرتك. كنت أملك القليل جدًّا من إثبات الذات في الماضي. تعالَ معي.»
قاد الرجل المقدام ضيفه نحو منزله، محافظًا على أن تظلَّ الأشجار فاصلةً بينه وبين المنزل قدر الإمكان ولأطول فترةٍ ممكنة. ثم هُرع مسرعًا عبر المساحة الخالية من الأشجار، وصعد درجات السلم الخلفي للمنزل بحذر، ودخل إلى رَدهةٍ واسعة، ثم تسلَّل دون صوتٍ حتى دخل غرفةً مربعةً تُطل على المرج الشاسع والحديقة الخلفية. كانت جدران الغرفة مزدانةً بالكتب، وفي منتصفها طاولة من خشب البلوط الصلد، محاطة من الجانبَين بمقاعد وثيرة. دقَّ السيد هوب الجرس، وأمسك بالباب مواربًا قليلًا.
ثم همس للشخص الذي لم يتمكَّن مارستن من رؤيته عبر فتحة الباب الموارب قائلًا: «هل لدينا أيُّ لحمٍ بارد في الأسفل يا سوزي؟»
«نعم يا سيدي.»
«حسنًا إذن، أحضري منه ما يكفي شخصَين، وبعض المخلل، وخبزًا وزبدًا، وبعض الجبن.» ثم التفت نحو مارستن وسأله: «هل تشرب النبيذ أم البيرة؟»
قال الشاب وهو يبلِّل شفتيه ويتحدث بصعوبة: «حقيقةً يا سيد هوب، أنا لست جائعًا على الإطلاق.»
ولم يكن هذا صحيحًا؛ فمجرد ذكر أصناف الطعام جعلَه يشعر بالدوار الشديد لدرجة أنه اضطُر إلى الاستناد إلى المكتبة.
همس المضيِّف وهو يغلق الباب برفق: «أحضري زجاجة بيرة من فضلك.»
ثم قال لمارستن: «اجلس، اجلس. «تقول إنك لست جائعًا؟ لا شكَّ أنك جائعٌ بعد أن سرت هذه المسافة الطويلة، بغض النظر عن حجم وجبة الإفطار التي تناولتها قبل مغادرتك.»
وبينما كان مارستن يأكل، لم يقُل السيد هوب شيئًا، ولكنه جلس يستمع إلى الأصوات خارج الغرفة بقلقٍ شديدٍ لم يتمكن من إخفائه. وفجأةً نهض من جلسته وأغلق الباب بالمفتاح بحذر، وبدأت أنفاسه تتصاعد بسهولة أكبر بعدما فعل ذلك.
ثم قال الرجل العجوز بعدما أنهى مارستن وجبته: «والآن، عليك أن تذهب إلى ويمبلدون بالقطار. فالوقت مهم، الوقت مهم. هاك بعض المال من أجل النفقات.»
«لا يمكنني أن أقبل منك مالًا يا سيد هوب، ولكني أشكرك على أي حال.»
«هراء، هراء. إنك تمثِّلني، كما تعلم.»
«لا يا سيدي، بل أمثِّل العمال.»
«حسنًا، لا فارق. فائدة الفرد هي فائدة للجماعة. خذ، خذ، أنا أصر. لقد قرَّرت التدخل في الأمر. فلتدعُ هذه الأموال أجرًا إذا شئت. لا شك في أنك لم تكن راغبًا في الإضراب عن العمل.»
«لم أرغب في الإضراب عن العمل، ولكني فعلت.»
«لا فارق، لا فارق. لا بد أن تأخذ المال.»
«أُفضِّل ألَّا أفعل يا سيدي.»
رأى مارستن مدى قلق مضيِّفه، الذي كان يتصرف مثل رجل ينتظر وقوع مصيبة على رأسه، ما أضعف من إصراره على عدم أخذ المال. فقد أدرك أن السيد هوب، ولسبب ما، يريده أن يأخذ المال وينصرف.
أصر العجوز على موقفه بلهفة قائلًا: «لا، لا. يجب ألَّا ندع التوافه تعترض طريق النجاح.»
وبينما كان يتحدث، سُمع صوت متعجرف في الرَّدهة، وكان صوت امرأة. طغى شحوب مفاجئ على وجه السيد هوب، ذكَّر مارستن بالشحوب الذي علا وجهه عندما كان الاثنا عشر رجل شرطة يرافقونه وشريكه عبر الحشد.
همس العجوز بصوت مبحوح: «خذ، خذ، خذ المال ولا تقل شيئًا بشأنه؛ لا تقل شيئًا بشأنه.»
أخذ مارستن المال، ووضعه في جيبه. ورنَّ الصوت في الرَّدهة مرةً أخرى.
وكان يسأل: «أين السيد هوب يا سوزان؟»
«كان في الممشى الخلفي منذ دقائق يا سيدتي.»
سُمع صوت خطوات صارمة تعبر الرَّدهة، ثم صوت الباب الخارجي يُفتح ويُغلق، ثم سُمع بوضوح صوت خطوات أقدام على الحصى يشق الصمت.
تلاشى القلق من على وجه السيد هوب كما لو كان سحابةً عابرة مرت، وظهر شبح ابتسامة على شفتَيه. وبدا وكأنه قد نسيَ وجود مارستن تحت وطأة اللحظة.
وغمغم في نفسه قائلًا: «فتاة ماهرة يا سوزي؛ وكذلك كنتُ، كذلك كنتُ.»
قال مارستن وهو ينهض: «إلى اللقاء يا سيد هوب، وشكرًا لك. سأذهب لألتقي السيد سارتويل في الحال.»
قال العجوز وهو يلقي نظرةً خاطفة عبر النافذة: «نعم، نعم. في الحال، في الحال.» ثم أضاف وقد انخفض صوته واستحال إلى نبرة اعتذراية، كما لو كان يطلب معروفًا: «هلَّا تأخذ معك بعض المال لكي تعطيه إلى اللجنة لتوزِّعه على العمال دون ذكر من أرسله، دون ذكر من أرسله؟ فكما تعلم، قد تستغرق المفاوضات بضعة أيام، وظنِّي أنهم في حالٍ سيئة، في حالٍ سيئة.»
حتى مارستن نفسه ابتسم لهذا الاقتراح.
وقال: «لا أدري كيف يمكن ترتيب هذا الأمر. سوف أُضطر إلى إخبار العمال بأني قد ذهبت للقائك، أو بعضهم على الأقل، وقد يسيئون فهم الأمر. أعتقد أنه ربما …»
«فهمت، فهمت. لا شك أن ثمَّة صعوبةً في هذا الأمر. سأرسل المال بالطريقة المعتادة إلى الصحف. هذه أفضل خطة.»
قال مارستن في ذهول: «إلى الصحف؟»
نظر إليه العجوز منزعجًا.
ثم قال: «لم أقصد ذكر هذا. فكما تقول، قد يُساء فَهْم الأمر، قد يُساء فهمه. يبدو أن العالم مصنوع من سوء الفهم، ولكنك لن تبوح بأي شيء عن هذا الأمر، أليس كذلك؟ لقد فعلت ذلك بطريقةٍ ملتوية، حتى لا أوذيَ مشاعر أحد، تحت اسم «فاعل خير»، مجرد مبالغ صغيرة، مبالغ صغيرة من حين لآخر. قال سارتويل إن الإضراب سينتهي في غضون أسبوعَين أو ثلاثة. إنه رجل حاذق. سارتويل رجل حاذق، ولكنه كان مخطئًا في ذلك. جميعنا نخطئ في بعض الأحيان. لا يهمني أن يعرف أني شاركت في تمويل الإضراب دون الكشف عن هُويتي؛ فقد يعتقد أن هذا قد أطال من عمر الإضراب، وربما كان ذلك صحيحًا، ربما كان صحيحًا. من الصعب على المرء أن يحدِّد واجباته في ظرفٍ مثل هذا، صعب للغاية. لذا ربما من الأفضل ألَّا تبوح بشيءٍ ممَّا قلته لك إلى أي شخص.»
«لن أنطق بحرفٍ واحدٍ بشأنه يا سيد هوب.»
«عظيم، عظيم. أنا سعيد للغاية لحضورك، وسأتحدَّث إلى سارتويل بشأنك عندما نعود إلى العمل مجددًا. والآن، اخرج من باب المنزل الأمامي هذه المرة، وعندما تتحدث إلى السيد سارتويل احذر من قول أي شيءٍ قد يبدو انتقادًا لأفعاله بأي شكل. لا تغضبه، لا تغضبه. فاللِّين هو الطريق الأفضل بوجه عام. وإذا اقتضَت الضرورة إجراءً حاسمًا، فدَع الأمر لي، دع الأمر لي.»
أوصل صاحب المصنع موظَّفه بنفسه إلى الخارج عبر مدخل المنزل الأمامي، وسار الشاب بنشاطٍ في اتجاه محطة سربيتون.