لقطة مقربة: زفافي اليوناني الكبير
- إخراج: جويل زويك.
- إنتاج: جاري جوتزمان وتوم هانكس وريتا ويلسون.
- سيناريو: نيا فاردالوس.
- تصوير: جيف جور.
- مونتاج: ميا جولدمان.
- موسيقى تصويرية: أليكساندر جانكو وكريس ويلسون.
- تصميم إنتاج: جريجوري بي كين.
- إخراج فني: كي نج.
- ديكور: إينريكو كامبانا.
- تصميم أزياء: مايكل كلانسي.
- إصدار: آي إف سي فيلمز عام ٢٠٠٢.
- زمن الفيلم: ٩٥ دقيقة.
-
نيا فاردالوس، بِدَور: تولا بورتوكالوس.
-
جون كوربيت، بِدَور: إيان ميلر.
-
مايكل كونستانتين، بِدَور: جاس بورتوكالوس.
-
ماريتا زورافليوف، بِدَور: تولا (وهي في سن الثانية عشرة).
-
ليني كازان، بِدَور: ماريا بورتوكالوس.
-
أندريا مارتن، بِدَور: العمة فولا.
-
لويس مانديلور، بِدَور: نيك بورتوكالوس.
-
ستافرولا لوجوثيتيس، بِدَور: أثينا.
-
جيا كاريديس، بِدَور: ابنة العم نيكي.
-
بروس جراي، بِدَور: رودني ميلر.
-
فيونا ريد، بِدَور: هارييت ميلر.
-
إيان جوميز، بِدَور: مايك.
إنَّ «زفافي اليوناني الكبير»، على نحوٍ لا يعكس فخامة اسمه، فيلم صغير ذو حَبكة بسيطة وزمن قصير نسبيًّا مكرَّس لحفل الزفاف. صُنِع الفيلم بميزانية مُتواضِعة ومُمثِّلين مغمورين وأخرجه مخرج تلفزيوني، حتى إنه يبدو في أغلب الأحيان ككوميديا تلفزيونية تقليدية أكثر منه فيلمًا حقَّق شهرة واسعة. وجد بعض النقاد أن القصة تقليدية ومُبتذَلة وتُعتبَر إعادة سرد لحكاية سندريلا الخيالية بلكنة يونانية ثقيلة. أقل من ربع زمن الفيلم الذي يصل إلى ٩٥ دقيقة عن حفل الزفاف ذاته. مع ذلك، هناك أسباب وجيهة لدراسة هذا الفيلم بالمقارنة مع أفلام الزفاف الأخرى. أولًا: يجمع الفيلم بين العديد من العناصر المُتكرِّرة في أفلام الزفاف (الرومانسية والكوميديا والدراما العائلية والقضايا الثقافية والنزعة الاستهلاكية ورموز الزفاف) بطرُق واضحة. ثانيًا: تقدم قصة إنتاج الفيلم لنا رُؤًى فيما يتعلَّق بصناعة السينما المعاصِرة بنحو يُبيِّن كيف أنه يُمكن لفيلم أن يُصنَع ويُسوَّق خارج قلعة هوليوود لكن يكون داخل نطاق النظام السائد. أخيرًا: تُثير شعبية الفيلم الجارفة ونجاحه المالي (طبقًا لبعض الحسابات، هو يُعتبر أنجح الأفلام تجاريًّا في التاريخ) قضايا هامة عن استقبال الجمهور والمشاهَدة: لماذا يُشاهد الناس أفلام الزفاف؟ وما الذي يجعل هذه الأفلام مُمتعة؟ وكيف يتوحَّد الجمهور مع الشخصيات والقضايا التي تُعرض على الشاشة؟
يُتيح الفيلم العديد من النقاط التي تُتيح إجابات سهلة لهذه الأسئلة. عادةً ما تُشير النساء اللاتي يستمتعن بالقصة إلى شخصية تولا العطوفة (والتي تقوم بها كاتبة سيناريو الفيلم نيا فاردالوس). ورغم أنَّ اسمها الذي يُشير إلى عرق بعينه (تولا اختصار لفوتولا وتعني الضوء الساطع)، فإن العديد من المُشاهِدين يتوحدون مع الأشخاص من هذا النوع في الحياة بنحو كبير. في أول مرة نراها كناضجة، يبدو أنها تعاني من الإرهاق والاكتئاب. السماء تمطر. يجلس والدها اليوناني المتحفِّظ وراء ممسحات زجاج سيارة العائلة بحركتها الرتيبة ليُذكِّرها أنها بلغت الثلاثين، وأنها تتقدَّم في العمر، وأنها يجب عليها الزواج مثل شقيقتها من شابٍّ يوناني لطيف. وبمجرد دخولها إلى مطعم العائلة، واستعدادها ليوم آخر من العمل الروتيني، نقرأ لغة جسدها ككتاب؛ المعطف الأصفر الشاحب بلون المسطردة، وشعرها الذابل الجاف والكئوس التي تختبئ خلفها ووجهها الخالي من أي تعبير، الذي يُحدق من خلال ستائر النافِذة كما لو كانت قضبان سجن. لا يبدو مُستقبلها مُشرقًا على الإطلاق. يُرينا مشهد فلاش باك سريع من طفولة تولا أنها دائمًا ما كانت تشعر بأنها غريبة؛ ففي الوقت الذي كانت تذهب فيه الفتيات الشقراوات الجميلات إلى اجتماعات الكشافة، كان يجب عليها الذهاب إلى المدرسة اليونانية. وبينما كنَّ يجلسن معًا في قاعة الطعام في المدرسة يأكلن سندوتشات من التوست، كانت تجلس هي بمفردها تأكل طبق المسقَّعة الذي كانت زميلاتها يسخرن من اسمه. تصوغ هذه الصور المبكرة للمُعاناة الصامتة — والمُميزة لأفلام النساء — والفلاش باك الإيضاحي، تعاطفنا وصِلَتنا الشخصية مع تولا. لكن ما يجذبنا حقًّا هو تعليقها الصوتي على الأحداث في الفيلم؛ فهو طريف وساخر من الذات وذو صبغة اعترافية. وفي الوقت الذي يستمرُّ والدها، جاس، في الحديث بنحو ممل عن كيف أن قطار العمر يمضي بها، تُبدي تولا ملاحظة ساخرة عن تاريخ «انتهاء صلاحيتها». وبينما يتحدَّث والدها عن شقيقتها المثالية، تُلخِّص هي نظرته إلى النساء: «يُفترض أن تفعل الفتيات اليونانيات اللطيفات ثلاثة أمور في الحياة: الزواج من شباب يونانيين، وولادة أطفال يونانيين، وإطعام الجميع حتى نموت.»
إذا كان الجمهور ارتبط بالفعل بصراع تولا من أجل هويتها، فقد شعر أيضًا بأنه جزء من الدراما العائلية. إن أفراد عائلة بورتوكالوس كثيرون وصاخبون ومليئون بالطاقة ويُجيدون التعبير عن ذواتهم. ينبض منزل العائلة بالحركات والعواطف التي لا تتوقف كالموسيقى اليونانية التي تُعزف في الخلفية. يُمكن أن يكون هذا جذابًا ومُسليًا ومفرطًا في نفس الوقت. دائمًا ما يكون هناك مكان شاغر في الطاولة والكثير من الطعام الذي يكفي الجميع. لكن كل شخص يتدخَّل في شئون الباقين؛ فلا يوجد مكان للاختباء ولا طريقة لإخفاء حلم سري أو إقامة علاقة رومانسية خاصة.
يُبرز الفيلم سمات العائلة العرقية ويستغلُّها لإضحاك الجمهور. يضم بيت آل بورتوكالوس أعمدة كورنثية ورواقًا فخمًا بأعمدة كأنه معبد يوناني. والد تولا فخور بنحو خاص بتراثه؛ فهو يستطيع العثور على الأصل اليوناني لأي كلمة حتى كلمة «كيمونو» اليابانية. لكن الجانب الآخر لهذا الفخر هو رهاب وازدراء الأجانب — والذين يُسميهم «الغرباء» رغم كونه هو نفسه من المهاجرين — لذا فإنه لا يحتمِل فكرة وقوع تولا في حبِّ إيان ميلر. يأتي إيان، الابن الوحيد لأبوَيه، من عائلة مختلفة تمامًا. يُعتبر والداه نسخًا كاريكاتورية من الشخص البروتستانتي الأنجلوساكسوني الأبيض، وهما مُتحفِّظان ومُتكبِّران بنفس قَدرِ اندفاع وانفتاح والدَي تولا. بنفس القدر، فإن آل ميلر ليس لديهما أي فكرة عن الأجانب. تسأل السيدة ميلر: «ألم تكن لديكم موظَّفة استقبال يونانية؟» ثم، بعد التفكير في أنها ربما كانت أرمينية، ينتهيان إلى أنها كانت جواتيمالية. في نفس الوقت، يُحدِّث جاس نفسه باليونانية: «عندما كان أسلافي يكتبون الفلسفة، كان أسلافكم ما زالوا يتأرجَحُون من الأشجار.» تمثِّل مشاهدة هذا الصدام بين الثقافات عندما تلتقي العائلتان جزءًا من مُتعة المشاهدة. لا يدري رودني وهارييت ميلر مغزى هذه العناقات المُفرطة في العاطفة، والديكور المُبهرج والبذخ في المجوهرات وأكوام الأطعمة الغريبة. فكرتهم عن الهدية الدالة على حسن الذوق هي كعكة البانت. تقول والدة تولا بتعجُّب: «هناك فجوة في وسط الكعكة!» وسواء ارتبط الجمهور بنحو أكبر بآل بورتوكالوس أو آل ميلر، فإن هذا التعارُض الثقافي بين الأجيال والأعراق المختلفة يُعتبَر عنصرًا ثابتًا في أفلام الزفاف الحديثة والمجتمعات المتعددة الثقافات التي تعكسها.
بالنسبة إلى قصة الحب التي تُشكِّل جوهر فيلم «زفافي اليوناني الكبير»، فإن الفيلم يتبع معظم مراحل الأفلام الرومانسية، بداية من الوقوع في الحب وحتى مذبح الكنيسة. تُفتَن تولا بإيان بمجرد دخوله إلى المطعم؛ فهو ذلك الغريب الطويل الرياضي الوسيم الذي له رأس يشبه رأس أدونيس. أول ردِّ فعل لها هو التحديق ببلاهة وافتعال محادثة خرقاء قصيرة حول أمور تافهة، ثم الاختباء وراء طاولة البيع. لكنها تأسر اهتمامه ويجدها مختلفة عن الأخريات بنحو يروقه. يُكسبها انتباهُه ثقةً بنفسها، فتحصل على وظيفة جديدة وتعقص شعرها وتذهب إلى التسوق. وعندما يلتقيان مرة أخرى في وكالة السفريات، يقع كلٌّ منهما في غرام الآخر. وأثناء مُشاهدتها عبر النافذة، يتعثَّر في سيدة عجوز في الشارع. في الداخل، تنتزع سلك الهاتف من مكانه عندما تتحرَّك لتأتيه بكُتيِّب دعائي. يمتلئ الفيلم الكوميدي الرومانسي بالمواقف المضحكة والغلطات المُحرجة. لكن هناك كذلك بعض اللحظات الجادة: أول قُبلة، أمسية حالِمة على الجسر، التراجع الحَذِر عن الحميمية؛ تلك الخطوات القليلة المحفوفة بالمخاطر التي يتَّخذها المحبون بعضهم تجاه بعض عندما يخرجون من عزلتهم. تحدث نقطة التحول في الأحداث عندما يوافق إيان على أن يُعمَّد في كنيسة أرثوذكسية يونانية. فإيان مُستعد لفعل أي شيء ليكون برفقة حبيبته.
وهكذا تبدأ الاستعدادات للزفاف، هنا أيضًا يلبي الفيلم تطلعات الجمهور التقليدية. تنخرط عائلة تولا من دون تردُّد في ترتيبات الزفاف، فتختار الدعوات (هناك علَمٌ يوناني على مقدمة الدعوة) وتغيِّر لون فساتين الإشبينات من دون علم العروس. وفي يوم العرس، يُعاني الرجال في ارتداء بدلات التوكسيدو في غرفة، بينما تُثير النساء هرجًا ومرجًا بسبب الجوارب والفساتين وشَعر الوجه في غرفة أخرى. هناك بثرة كبيرة على ذقن تولا. لكن الاحتفال نفسه رائع ومهيب. يمشي جاس بفخر بصُحبة ابنته في ممر الكنيسة ويرفع طرحتها، ويقدمها إلى عريسها الذي يُقبِّل يده قبل أن يقود القسُّ الزوجين للدوران ثلاث مرات حول المذبح وقد ربط بين تاجَي الورود اللذَين يرتديانهما بينما يأخذان خطواتهما الأولى كزوج وزوجة. في حفل الاستقبال، يلقي جاس خطابًا نصفه بالإنجليزية والنصف الآخر باليونانية. باستخدام اللغتين بنحو مبالَغ فيه قليلًا، يُرجع أصل اسم ميلر إلى الكلمة اليونانية ميلو التي تعني تفاحة. ثم يشير إلى أن اسم بورتوكالوس يعني البرتقال. ربما يكون هذا الزواج مزجًا بين التفاح والبرتقال، «لكن في النهاية جميعنا فواكه.»
لذا فإن الفيلم بطريقتيه الدرامية والكوميدية يضع نهاية للأمور المطروحة؛ فقد أكدت تولا على هويتها الحقيقية من دون التخلِّي عن عائلتها، وعثرت هي وإيان على الحب الحقيقي، ويمكن لوالدها الآن رؤيتها وهي تؤسس عائلة في المنزل المُجاور له. وبفضل سحر منظِّف الوينديكس، تختفي بثرة تولا. يعرض المشهد الأخير تخيلًا للمستقبل حيث يُرينا ابنة تولا التي تريد الذهاب إلى اجتماعات الكشافة لكن والدتها تريدها أن تلتحق بالمدرسة اليونانية. تذهب الابنة إلى المدرسة لكن تولا تعدُها بأنه يمكنها الزواج ممن تحب.
أسئلة
-
(١)
اذكر بعض عناصر أفلام الزفاف التي تجدها في فيلم «زفافي اليوناني الكبير». كيف قُدمت هذه العناصر مقارنة بأفلام زفاف أخرى تعرفها؟
-
(٢)
أصبح فيلم الزفاف المتعدد الثقافات نوعًا سينمائيًّا فرعيًّا مألوفًا في الولايات المتحدة وخارجها. كيف جُسِّدت الاختلافات بين آل بورتوكالوس وآل ميلر في فيلم «زفافي اليوناني الكبير»؟ وما مدى الجدية التي يجب علينا النظر بها إلى التزامهم بتراثهم؟ وما الرسائل التي تخصُّ العائلة والتقاليد التي يوصلها الفيلم من خلال الكوميديا؟
-
(٣)
يعتمد الكثير على ارتباطنا بشخصية تولا الرئيسية. ما الأحكام التي أصدرتها عليها في بداية الفيلم؟ تتبَّع تطورها منذ الطفولة وحتى أصبحت عروسًا، مع تحديد الصراعات التي تُواجهها كابنة وحبيبة وزوجة وأم. كيف تنجح في النهاية في التوفيق بين قبضة عائلتها والرجل الذي تُحبُّه واحتياجاتها الخاصة؟
-
(٤)
اختر مشهدًا من الفيلم تجده جديرًا بالتذكر بنحو خاص. اذكر العاطفة المسيطرة على المشهد وحلِّل الاختيارات السينمائية (الصوت والإضاءة والتصوير والتمثيل والألوان والموقع وتصميم مسرح الأحداث) التي ساهمت في إضفاء هذا الطابع العاطفي.
-
(٥)
أجرِ استطلاعًا بين مجموعة من الناس شاهَدُوا فيلم «زفافي اليوناني الكبير». أعدَّ أسئلة سوف تُساعِدك في فهم ما الذي يجعل الفيلم شهيرًا للغاية بين الجمهور المتخصِّص. ما الاستنتاجات المبدئية التي يمكنك التوصل إليها فيما يخص جاذبية أفلام الزفاف بوجه عام وهذا الفيلم بوجه خاص؟
-
(٦)
بعد عام من نجاح الفيلم عام ٢٠٠٢، عرضت شبكة سي بي إس مسلسلًا كوميديًّا يضمُّ عددًا من نفس طاقم ممثلي الفيلم يُسمى «حياتي اليونانية الكبيرة» («ماي بيج فات جريك لايف»). شاهد بعض الحلقات منه وقارن بينها وبين الفيلم الأصلي. ما الأسباب وراء الاختلافات التي يمكنك العثور عليها؟ وما الذي يمكنك ذكره كسبب لمدة عرض المسلسل الذي لم يستمر كثيرًا؟
-
(٧)
غالبًا ما يُذكر فيلم «زفافي اليوناني الكبير» كمثال على كيف أنه يُمكن لفيلم صغير مستقل تحقيق نجاح كبير خارج نظام هوليوود. افحص تاريخ إنتاج الفيلم وتتبَّع رحلته من عرض فاردالوس الكوميدي الفردي وحتى صدور الفيلم في دور العرض. فسِّر لماذا تُوافق أو تعارض ادعاء أليسا بيرين أن «بصمات هوليوود حاضرة في كل نواحي الفيلم.»