كم ثمن الحرية؟ (أو في إمكانيات إبداع المستقبل)
«ليس لنا غير حريةٍ واحدةٍ هي حرية النضال من أجل الحرية.»
يبدو أن السؤال عن الحرية لم يعُد ممكنًا في لغة الأسئلة الناعمة من قبيل «ما هي الحرية؟» أو «أين تبدأ حريتك وأين تنتهي؟» أو «الحرية: هل هي معطًى طبيعي أم مكسبٌ مدني؟» أو «ما هو الأسبق في تعريفنا لأنفسنا: حريتنا أم وجودنا؟» … إلخ، من أنواع الأسئلة التي تعوَّد التقليد الفلسفي والأكاديمي والنظري على إتيانها. لم يعُد زماننا، المشحون بالتوترات السياسية وبغموضٍ في الوجهة الحضارية، يسمح لنا بالأسئلة الباردة والتحذلق الأكاديمي المحايد؛ ذلك يعني أننا في هذا السياق التاريخي الذي نحن فيه الآن في البلاد العربية بعد ثورات الربيع العربي، من الأنجع لنا أن نأتي سؤال الحرية من وجهةٍ مخصوصة؛ فنتحوَّل عن سؤال «ما هي الحرية؟» إلى سؤال «ما ثمن الحرية؟» ويبدو أن ثمن الحرية في ثقافتنا هو ثمنٌ باهظٌ جدًّا تراوَحَ في كل مرة بين الاضطهاد والاغتيال، وبين سجون الطغاة ومحاكمات ظالمة، وقد وصل فظاعة المشهد إلى حد القتل غدرًا برصاصات لا تفكِّر بأسئلتنا العفْوية بل تعمل بضغطٍ عاجل من أجل قتلٍ فاجع. إن كل الذين استُشهدوا من أجل الحرية قد دفَعوا دماءهم ثمن إمكانية إبداعِ شكلٍ أكثر عدلًا من الحياة المشتركة، وإن كل مَن تقع محاكمته من أجل الحرية هو أيقونةٌ أخرى للحرية، وكل مَن وقع اغتياله في معارك الحرية قد دفع روحه ثمن وجهٍ أجمل للوطن، لكن يبقى كل اغتيال للحرية هو لحظة حِدادٍ عليها.
نيتشه يسأل: «ما هي علامة الحرية» ويجيب: «علامة الحرية هي ألا يخجل الإنسان من نفسه.» وكنفيوشيوس يقول: «حين تفقد الكلمات معانيها يفقد البشر حريتهم.» أما بريكلاس فيقول: «ليس لنا غير حريةٍ واحدة هي حرية النضال من أجل الحرية.» لكن ثمَّة أيضًا سياسات تدَّعي الدفاع عن الحرية ولا تفعل غير تمرير مخططاتها الماكرة تحت رايتها الزئبقية، وثمَّة أيضًا إمكانية للحديث عن «حرية فارغة، هي حرية الظلال التي لا تكمن إلا في تغيير شكل السجن.»
وحينما نتكلم عن ثمن الحرية فنحن نستحضر بالضرورة قائمة المبدعين، الذين دفعوا أرواحهم وأجسادهم ثمنًا لأصواتهم المدافعة عن صوت الحرية، وهنا لا يقتصر الإبداع على الإبداع الفني فقط بوصفه أرقى تعبيرة عن الإبداع نفسه، وأقصى درجة في اختراع إمكانيات الحرية، بل نتكلم أيضًا عن الحرية التي ترتبط بالدفاع عن صوت الحق، والكشف عن كل أشكال الظلم والحَيْف والهيمنة على حقوق البشر من طرف الدول، مهما كانت طبيعتها.
وحينما نضع الحرية والإبداع في زوجٍ مفهومي فإن السؤال الذي يُحرِجنا ها هنا هو التالي: ما هي كمية الحرية المسموح بها في ثقافةٍ ما زالت لم تحسم بعدُ علاقتها مع الهوية؟ هل أن هذه الثقافة العربية الإسلامية قادرة على الحرية، أم هي ثقافة لا تفعل غير إنتاج التعصُّب والجمود الفكري والانغلاق على ثوابتها القديمة؟ أي … أيُّ المعارك علينا خوضُها في ثقافتنا اليوم: معارك الحرية أم معارك الهوية؟ كيف ننهض بثقافتنا كي تكون في حجم الإنسانية الراهنة؟ كيف نتوجه نحو مستقبلٍ ممكن ونحن مكبلون بالماضي إلى حد النخاع؟ لقد تقطَّعَت بنا السبل ولم نعد ندرك من أين سندخل في هذا الوطن. هل نحن مستعدون كفايةً للدخول إلى باحة المعارك الكونية، أم نحن انقسمنا إلى حدٍّ لم نعُد فيه شعبًا قادرًا على السير برُمته على الطريق الصحيح للمدنية؟
سوف نبدأ مقالنا بجملة من الملاحظات:
-
(١)
أن الإبداع لا ينتعش بالضرورة في عصور الحرية، بل قد لا يزدهر الإبداع إلا في عصور الاضطهاد والعبودية (من بنى الأهرام والمساجد والأسوار التاريخية العظيمة هم العبيد، لكن التاريخ لا يذكُر غير أسماء الطغاة).
-
(٢)
أن الحياة الإبداعية هي ضرورةٌ حيوية وليست رفاهًا أو ترفًا أرستقراطيًّا. نحن لا نحتاج إلى الخبز فقط بل نحتاج إلى الحرية من أجل عيشٍ كريم. إن شعبًا بلا مبدعين هو شعبٌ مريض، ولا يرقى إلى مقام التاريخ ومقارعة الأمم الأخرى، وإن شعبًا لا يُتقِن احتضانَ مبدعيه ومحبتَهم هو شعبٌ غيرُ قادر على انتماءٍ إيجابي وصحي إلى الإنسانية الكونية.
-
(٣)
الإبداع ليس ملكًا لأية عبقرية ولا لأي جهازٍ هووي أو سلطوي، بل هو ملك الشعوب، وهو علامة على عافية شعبٍ ما، وقدرته على الحُلم بالمستقبل الكفيل باحتضان أحلام أبنائه.
-
(٤)
أن شعبًا بلا مبدعين هو شعبٌ غير قادر على الفرح ومحبة الحياة.
-
(٥)
الحرية لا تُعطى بل تُفتَكُّ وتُخترَع في كل أفعالنا وأقوالنا النابعة عن إرادةٍ مستقلة.
-
(٦)
تنقصنا خطةٌ ثقافيةٌ عميقةٌ لإبداع أشكال من المستقبل بدلًا عن التمسُّك المرَضي بماضٍ لا نريده أن يمضي.
أن إشكالية الإبداع والحرية تُخفي في عُمقها ثلاثَ إشكالياتٍ أساسية: (١) هل نبدع كي نتحرر؟ (٢) هل ينبغي أن نكون أحرارًا سلفًا حتى نبدع؟ (٣) هل نُبدع دومًا من أجل الحرية فقط أم ثمَّة معاركُ أخرى أمام المبدعين؟
سننطلق من تحديدٍ مؤقت لمفهوم الحرية؛ المعنى الأوَّلي للحرية هو الإنسان الحر؛ أي ذاك الذي ليس ملكًا لإنسانٍ آخر. الحر هو مَن ليس عبدًا لأحد. ودعنا نستحضر هنا قولًا مأثورًا في ثقافتنا «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟» صرخة ضد العبودية التي لم يقع الإعلان عن نهايتها إلا بشكلٍ متأخر جدًّا في تاريخ الإنسانية.
روسو في بداية العقد الاجتماعي يقول: «يُولَد الإنسان حرًّا وهو في الأغلال حيثما كان.» وكانط يقول: «إن الحرية هي الجوهرة الوحيدة المتبقية لنا في زحمة الضغوطات اليومية.»
ويقول كانط محدِّدًا مفهوم الحرية بشكل دقيق: «إن الحرية هي القدرة على يبدأ المرء شيئًا ما بذات نفسه.» والمقصود هو أن الحرية هي معطًى طبيعي في الذات الإنسانية؛ وبالتالي كل ما ينبع من لدُن ذواتنا العميقة من أفعالٍ وقراراتٍ حرة دونما أي شكلٍ من الوصاية الخارجية «لا أحد يعلم إذن ما تستطيع ذاته العميقة.»
حينما كان نيتشه يومًا يقول: «كُن ما أنت.» فقد كان يقصد أنْ لا أحد منا يعلم مَن هو؛ أي ما هو اقتداره الحقيقي، ولا أحد منا قادر على أن يكون هو هو دومًا؛ ذلك أنه «نادرًا ما يصير الإنسان شخصًا.» كثيرًا ما يكون الواحد منا غيره؛ فتراه يريد أن يصير إسلاميًّا مثل جاره، أو ليبيراليًّا كصديقه في الخمَّارة أو يساريًّا مثل زميله في الجامعة. كلٌّ منا يريد أن يكون ما كانه شخصٌ آخر، بل نحن لسنا أنفسنا كفاية، أوْ لسنا أنفسنا أصلًا. والغريبُ هو أن الواحد منا يريد أن يصير مستقبلًا ما كانه آخرون في ماضٍ قد انتهى زمانه. وبوسعنا أن نقول: «كلنا سلفيون بشكلٍ ما.»
إن المطلوب إذن هو أن تكون حرًّا بمقدار ما تحمل من حريةٍ طبيعيةٍ فيك، حتى وأنت لا تملك الوعي الكافي بذلك.
نحن لا نستجدي الحرية من أحد. ليس ثمَّة حرياتٌ تُعطى على طبقٍ من ورد، ثمَّة نضالاتٌ من أجل الحرية، دولوز يقول: «الحرية لا تُوجد، ينبغي اختراعها.»
إن الحرية كما نصطلح عليها اليوم لم تكن موجودةً في المجتمعات القديمة القائمة على نظام العبودية؛ فلدى أرسطو مثلًا: الإنسان الذي يعمل ليس حرًّا بل هو عبد. وحده الإنسان الذي يفكِّر يتمتع بالحرية. ومع ظهور الدين التوحيدي في المسيحية مثلًا سيقع الاعتراف بأهمية العمل وقيمته. لكن الحرية ستظهر في معنًى سلبي بوصفها سببًا في الخطيئة الأصلية، وسيظل الإنسان يعمل طيلة حياته للتكفير عن ذنوبه وعن إثمه الأول. أما في الثقافة الإسلامية فقد وقع التشجيع على تحرير العبيد لكن لم يقع تحريم العبودية. وينبغي أن ننتظر الثورات الحديثة؛ الإنغليزية (١٦٦٨م)، والأمريكية (١٧٧٦م)، والفرنسية (١٧٨٩م)، كي يقع منعُ نظام العبودية بشكلٍ كوني ونهائي (١٨٤٨م).
وكما نعلم فإن الإعلان العالمي عن حقوق الإنسان (١٩٤٨م) يميِّز بين نوعَين من الحرية؛ الحرية السلبية: وتعني أن يكون الإنسان حرًّا من وصاية الآخرين في كل أفعاله وقراراته. والحرية الإيجابية: أي أن يكون الإنسان حُرًّا من كل العوامل المُعرقِلة لحريته، كالجوع والمرض وعدم الأمان والفاقة والاحتياج.
وبصفةٍ عامة نميِّز عادةً بين نوعَين من الحريات:
-
(١)
الحريات الأساسية، وهي حرية التعبير وحرية الحركة وحرية التفكير؛ أي كل أشكال الحريات الفردية، التي تضمن استقلالية الفرد عن جهاز الدولة.
-
(٢)
الحقوق الفعلية: الحق في الشغل وفي الصحة وفي السكن وفي الأمن وفي الثقافة، وكلها حقوقٌ ينبغي على الدولة أن تُوفِّرها لمواطنيها.
لننتقل الآن إلى مفهوم الإبداع:
لا أحد يملك وصفةً سحرية لماهية الإبداع، كانط كان يقول: «إن العبقرية تقوم في إبداعِ ما لا يمكن إعطاء قاعدةٍ محدَّدة له؛ ذلك أن المرء يمكنه أن يتعلم كل ما عرضه نيوتن في كتابه الخالد: «مبادئ فلسفة الطبيعة»، مهما كان اكتشاف ذلك ليقتضي من قدرةٍ بالغةٍ في ذلك الرأس، لكن لا أحد يستطيع أن يتعلم كيف ينظم قصائدَ مملوءةً بالروح مهما تكن جميعُ تعليماتِ فن الشعر مسهبة والنماذج عنه ممتازة، لا هوميروس ولا فيلاند (شاعر ألماني معاصر لكانط) قادرٌ على أن يُبيِّن كيف تنبثق أفكاره الغنية بالخيال والحبلى بالمعاني؛ لأنه هو نفسه لا يعرف ولا يستطيع أن يُعلم ذلك للآخرين.» (الفقرة ٤٧ من كتاب نقد مَلَكة الحكم، ترجمة غانم هناء). ويقول كانط أيضًا: «إن الروح في العمل الفني هي المبدأ الذي يُشيع فيه الحياة.»
وفي الفقرة ٤٩ يقول كانط: «إن العبقرية ليست نموذجًا للتقليد، بل هي تراثٌ نموذجي لعبقريةٍ أخرى يوقظها (ذاك التراث) إلى الشعور بأصالتها الخاصة، ويدفعها إلى ممارسة استقلالها، وتصير هذه العبقرية هي بدورها نموذجًا للإلهام.» غاية الإبداع إذن ليست المحاكاة بل ولادةُ إمكاناتِ إبداعٍ آخر، غاية الإبداع هو المساهمة في الحياة الروحية لشعبٍ ما، شعبٌ بلا إبداعٍ هو شعبٌ بلا روحٍ جماعية.
من هو المبدع؟ هو كل مَن استطاع أن يصير هو نفسه؛ أي مَن أدرك أن ذاته هي اقتدار على الحرية. إن المبدع هو مَن اقتدر على أن يُحوِّل حريته الجذرية إلى أثرٍ فني. إنه مَن استطاع أن يخترع من حريته الطبيعية حريةً مناسبة لكينونةٍ ممكنة في المستقبل. إن كل أثرٍ فني وكل إبداعٍ إنما يخترع الحُلم بالمستقبل على نحوٍ ما. يقول مارلوبونتي: «إذا لم يكن بمقدورنا أن نتحدث في الرسم عن تقدُّمٍ ما، فما ذلك لأن قدَرًا ما قد يجذبنا إلى الوراء، وإنما لأن أول الرسوم كانت بمعنًى ما قد توغَّلَت بعيدًا في عمق المستقبل.» ويقول أيضًا: «إذا لم تكن الإبداعات الفنية نهائيةً فما ذلك لأنها تمضي فحسب، وإنما كذلك لأن لها تقريبًا كلَّ حياتها أمامها.»
كل إبداعٍ هو فضاءُ حرية، بل إن الإبداع هو اللحظة القُصْوى من الحرية؛ وعليه فالفن لا يُسيء إلى أحد؛ لأنه ليس حكرًا على أحد، وليس ملكًا لأحد.
هل نُبدع كي نخترع الحرية فقط؟
هل ثمَّة للفن رسالةٌ محدَّدة؟ ثمَّة معركة عن علاقة الفن بالالتزام. كل التقليد اليساري يعتبر أن ثمَّة فنًّا ملتزمًا وفنًّا مبتذلًا، فنًّا يغير العالم وفنًّا يُبرِّر الاضطهاد، فنًّا للحرية وفنًّا للاغتراب وتمييع القضية.
ثمَّة من المفكرين مَن تجاوَز هذا التصنيف، أدرنو أهم أقطاب الجماليات في القرن العشرين يقول: «ليس للفن أية رسالة. والفن لا يصلح لا للتواصل ولا للتأويل ولا للمتعة، إنما يصلح فقط لفضح نظام الهيمنة.» سارتر يقول في كتابه: «ما هو الأدب؟»: «الفن الملتزم هو فنٌّ سيِّئ.» ليوتار يسأل «لأي شيء تصلُح كتابة الجُمل؟» ويُجيب: «من أجل جُملةٍ أخرى لإنصاف جُملة وقَع إسكاتُها ظلمًا.» ورورتي يُسأل «لأي شيءٍ تصلُح القصيدة؟» فيُجيب «من أجل قصيدةٍ أخرى.» أما نيتشه فقد قال قبل الجميع: «لا أريد أن أتخيَّل قارئي إلا في شكل غولٍ فظيع.»
سنتوقف هنا عند طرحٍ مغاير؛ يتعلق الأمر بطريقتَين في معالجة إشكالية علاقة الفن بالحياة المشتركة، وذلك من خلال تصورَين؛ يذهب التصور الأول إلى أن كل إبداعٍ وكل عملٍ فني إنما يخترع شكلًا من المساواة الجمالية بين الناس، مساواة تعجز عن تحقيقها الدول وتُعطِّلها الطغاة. وذلك عَبْر اختراعِ فضاءاتٍ للمشترك ليست بالفضاءات الهووية ولا الحزبية الأيديولوجية، بل هي فضاءاتُ أصدقاء الفن، ويسميهم رنسيار صاحب هذا التصور بالفلانيين القادرين على أن يكونوا كونيين فقط.
أما التصور الثاني فيذهب إلى أن الإبداع هو فعلٌ جماعي للتحرر قادرٌ على خلق المشترك. ونعثُر عليه لدى طونيو نيغري المفكِّر الايطالي الذي يذهب، في رسائل حول الفن والجموع، إلى أن الإبداع هو «تدفقٌ حيويٌّ للوجود»، بل إن الفن هو الجموع حيثما تسلُك هذه الجموع على نحوٍ إبداعي.
خاتمة
-
(١)
ليست الحرية معطًى جاهزًا أو هديةً تمنحها لنا الحكومات؛ لأن الاحرار لا يستَجْدون أحدًا ولا يساومون على حريتهم، بل إن أكثر الحكومات والدول إنما هي أجهزةٌ لصُنع الرعاع والعبودية والهَشِّ بعصَا الذل على أغنامهم.
-
(٢)
لا شيء يُهدِّد الإبداع؛ لأن الحرية نفسها هي لحم الإبداع، ليس الإبداع بنيةً لزجة، بل هو الصمود والمقاومة لأشكال تدجين الناس واستبلاههم والسطو على عقولهم وأجسادهم. اسبينوزا يقول: «بوسعهم أن يسيطروا على أجساد البشر، لكن ليس بوسعهم أن يسيطروا على عقولهم.»
-
(٣)
ليس الأثر الإبداعي خاطرةً شخصية ولا مزاجًا نرجسيًّا للعبقرية، بل هو شرخٌ تُحدثه الكلمات والألوان والنغمات في وجه كل أشكال الاضطهاد والهيمنة. الإبداع هو قدرةٌ غامضة على النفي واختراع عوالم مغايرة من العيش المشترك في عالم يتسع للجميع.
-
(٤)
كل الآثار الإبداعية هي لحظاتٌ قصوى من الحرية، هي فائض الحرية؛ أي هي فائض للوجود وفائض للحلم، وفائض للفرح ومحبة الحياة. هي حريةٌ وحُلمٌ وفرحٌ ومحبةٌ لا تبالي بتطفل المُؤَولين، ولا بضجيج السياسيين، ولا بغطرسة الأيديولوجيين.
-
(٥)
كيف بوسعنا أن نجعل البشر يتمتعون دومًا بمشاعر الفرح؟ تلك هي مهمة الإبداع الرئيسية.
-
(٦)
كل عملية اغتيالٍ للحرية هي واقعة فشل لثقافةٍ ما على احتضان كمية الحرية التي بحوزة أبنائها.
-
(٧)
كل قمعٍ للحرية من طرف دولةٍ ما يعني أن تلك الدولة هي أصغر من الفكرة، وأنها أقل حجمًا من خيال مبدعيها.