والدة أوديت رايدر
نظرَ الرجلان أحدُهما إلى الآخر في صمت.
قال المفوَّض أخيرًا: «حسنًا؟»
هزَّ تارلينج رأسه.
وقال: «هذا مذهل!» ونظر إلى القُصاصة الصغيرة الموجودة بين إصبَعَي السبابة والإبهام.
قال المفوَّض: «أنت تفهمُ لماذا أستعين بك في هذه القضية.» ثم أردفَ موضحًا: «إذا كان هناك خيطٌ صيني لهذه الجريمة، فلا أحد يعرف أفضلَ منك كيف يتعامل معه. لقد تُرجِمَت لي هذه القصاصة وهي تعني: «لقد جلبَ هذه المشكلةَ على نفسه».»
قال تارلينج: «إنها تعني حرفيًّا «النفسُ تبحث عن المشاكل.» ثم استطرد: «لكن هناك حقيقة واحدة ربما لم تُلاحظها. إذا نظرتَ إلى القصاصة، فسترى أنها ليست مكتوبةً بخط اليد بل مطبوعة.»
مرَّر القصاصةَ المربعة الصغيرة عبر الطاولة، وفحصَها المفوَّض.
قال متفاجئًا: «هذا صحيح.» ثم أضافَ: «لم ألحَظْ ذلك. هل رأيتَ مثلَ هذه القصاصات من قبل؟»
أومأ تارلينج برأسه.
وقال: «منذ سنوات قليلة …» ثم تابعَ: «تفشَّت الجريمة على نحوٍ بشع في شنغهاي، وأغلبُها تحت قيادة مجرمٍ سيئ السمعة كنت السببَ الرئيسي في إعدامه. كان زعيمَ عصابة يُطلَق عليها «القلوب المبهجة» … أنت تعلم الأسماءَ الغريبة التي تتخذها هذه العصاباتُ الصينية. وكان من عادتهم أن يتركوا في موقع جرائمهم «الهونج» أو نموذجَ توقيع العصابة. وكان به الكلماتُ نفسُها الموجودة في هذه المقصوصة بالضبط، إلا أنها كانت مكتوبة، وليست مطبوعة. كانت بطاقاتُ الزيارة الخاصة بعصابة «القلوب المبهجة» تُشترى كتُحَف، ويُطلَب فيها أسعارٌ باهظة إلى أن بدأ رجلٌ صيني مغامر يطبعها، حتى تستطيعَ شراءَها من أيِّ متجرِ أدوات مكتبية تقريبًا في شنغهاي — تمامًا كما تشتري البطاقاتِ البريديةَ ذاتَ الصور.»
أومأ المفوَّض برأسه.
«وهذه واحدة منها؟»
قال: «هذه تُشبهها تمامًا. كيف وصلَت إلى هنا، الله أعلم.» ثم عقَّب قائلًا: «هذا بالتأكيد أهمُّ اكتشاف.»
ذهبَ المفوَّض إلى دولاب، وفتحه وأخرجَ منه حقيبة، وضعها فوق الطاولة وفتحَها.
قال المفوَّض: «الآن، انظر إلى هذا يا تارلينج.»
كان «هذا» ثوبًا ملطَّخًا، لم يجد تارلينج صعوبةً في أن يعرف أنه ثوبُ نوم. أخرجه من الحقيبة وفحصه. باستثناء أنه مطرَّز عند الأكمام بغصنَين من أزهار «لا تنسَني»، كان الثوبُ عاديًّا تمامًا، دون أيِّ شريطِ زينة أو تطريز.
«وُجِد حول جسدِه، وها هما المنديلان.» وأشار إلى مربَّعَين صغيرين من الكتَّان، قد تغيَّر لونهما لدرجةٍ يصعب معها التعرفُ على لونهما الأصلي.
رفعَ تارلينج الثوب الملطَّخ، بدليله على الغرض الفظيع الذي استُخدِم من أجله، وحمله إلى النور.
«هل توجد علاماتُ غسيل؟»
قال المفوَّض: «لا شيءَ على الإطلاق.»
«ولا على المنديلَين؟»
أجابَ السيد كريسويل: «لا شيء.»
قال تارلينج: «هذه الأغراض تخصُّ فتاةً تعيش وحدها.» ثم أردفَ: «إنها فتاة ليست شديدةَ الغِنى، لكنها أنيقةٌ للغاية، ومغرمة بالأشياء الجيدة، ولكن ليس الباهظة، أليس كذلك؟»
سألَ المفوَّض متفاجئًا: «كيف تعرف ذلك؟»
ضحكَ تارلينج.
«يدلُّ عدمُ وجودِ علاماتِ غسيلٍ على أنها تغسلُ ملابسَها الحريرية في المنزل، وربما مناديلها أيضًا، مما يجعلها من بين الفتيات اللواتي لم ينعَمْن بالكثير من نِعَمِ هذا العالم. حقيقةُ أنه من الحرير، وحرير جيد وأن المناديل مِن الكتان الجيد، تُوحي بأنها امرأةٌ تهتم كثيرًا بمظهرها، ومع ذلك ليس من المتوقع أن تُغاليَ في لباسها. هل لديك أيُّ دليلٍ آخر؟»
قال المفوَّض: «لا شيء.» ثم استطرد: «لقد اكتشفنا أن السيد لاين تشاجر مشاجرة خطيرة إلى حدٍّ ما مع إحدى موظَّفاته، تُدعى الآنسة أوديت رايدر …»
حبسَ تارلينج أنفاسَه. وقال في نفسه إنَّه من السخيف أن يهتمَّ كلَّ هذا الاهتمام بشخصٍ لم يرَه لأكثرَ من عشر دقائق، وقد كان قبل أسبوع غريبًا تمامًا. لكن بطريقةٍ ما تركَت الفتاةُ لديه انطباعًا أعمقَ مما كان يتصوَّر. هذا الرجل الذي قضى حياتَه في التحقيق في الجريمة وفي دراسة المجرمين، لم يكن لديه الوقتُ للاهتمام بالنساء، وكانت أوديت رايدر مصدرَ إلهامٍ له.
قال: «علمتُ أنه وقَع شِجار. كما أعرف أيضًا السبب.» وتحدَّث بإيجازٍ عن الملابسات التي التقى فيها هو نفسُه بثورنتون لاين. ثم استدركَ حديثه قائلًا: «ماذا لديك ضدَّها؟» تعمَّد أن يقولها بلا اكتراث، لكنه كان في الحقيقة مكترثًا.
قال المفوَّض: «لا شيءَ محدَّد.» ثم أردفَ: «دليل اتِّهامها الوحيد هو ذلك الرجل ستاي. وحتى هو لم يتَّهِمْها اتهامًا مباشرًا، ولكنه ألمح إلى أنها مسئولة، بطريقةٍ ما لم يُحدِّدها، عن موت ثورنتون لاين. اعتقدتُ أنه من الغريب أن يعرف أيَّ شيء عن هذه الفتاة، لكني أميل إلى الاعتقاد بأن ثورنتون لاين جعل هذا الرجلَ محلَّ ثقتِه وقرَّبه منه.»
سألَ تارلينج: «ماذا عن الرجل؟» ثم أضافَ: «هل يُمكنه إثباتُ تحركاته ليلةَ أمس وفي الصباح الباكر؟»
ردَّ المفوَّض: «أقواله هي أنه رأى السيد لاين في شقته في الساعة التاسعة، وأن السيد لاين أعطاه خمسةَ جنيهات في وجودِ كبيرِ خدم لاين. وقال إنه غادر الشقةَ وذهب إلى منزله في لامبث، حيث أوى إلى الفراش في وقتٍ مبكر جدًّا. وكل الأدلة التي تَمكَّنَّا من جمعها تدعم أقواله. فلقد قابَلْنا كبيرَ خدم لاين، وتتفق روايتُه مع رواية ستاي. غادر ستاي في الساعة التاسعة وخمس دقائق، وفي العاشرة إلا خمسةً وعشرين دقيقة — أي بعد نصف الساعة بالضبط — غادر لاين نفسُه المنزل، وكان يقود سيارته ذات المقعدين. كان وحده، وأخبر كبيرَ الخدم أنه ذاهبٌ إلى ناديه.»
سأل تارلينج: «ماذا كان يرتدي؟»
أومأ المفوَّض: «هذا مهمٌّ جدًّا.» ثم أردفَ معلِّلًا: «ذلك لأنه كان يرتدي بِذلةَ سهرة حتى الساعة التاسعة — في الواقع، إلى أن غادر ستاي — وعندها غيَّر ملابسَه إلى البذلة التي عُثِرَ عليه فيها مقتولًا.»
زمَّ تارلينج شفتَيه.
قال: «لم يكن ليُغيِّر بِذلة سهرة إلى بذلة نهاريَّة للذَّهاب إلى ناديه.»
غادر سكوتلاند يارد بعد فترة وجيزة، وكان متحيِّرًا للغاية. كانت زيارته الأولى للشقة الواقعة في طريق إدجوير التي كانت تقطن فيها أوديت رايدر. لم تكن هي في المنزل، وأخبره حارسُ العقار أنها ليست هنا منذ ظُهر أمس. وكان من المقرَّر إرسالُ رسائلها إلى هيرتفورد. كان لديه العنوان لأنَّ مِن صميم عمله أن يُقابل ساعيَ البريد ويُرسل الرسائل.
«هيلينجتون جروف، هيرتفورد.»
كان تارلينج قلقًا. قال لنفسه إنه لم يكن هناك حقًّا سببٌ يستدعي ذلك القلق، لكنه كان قلِقًا بلا شك. وقد أُصيب بخيبةِ أمل أيضًا. شعر بأنه، إذا كان بإمكانه فقط رؤيةُ الفتاة والتحدُّث إليها بضعَ دقائق، لكان من الممكن أن يُبرِّئ ساحتها تمامًا من أي شك قد يلحقُ بها. في الواقع، كونها كانت بعيدةً عن المنزل، وكونها «اختفت» من شقتها عشيةَ القتل، سيكون كفيلًا تمامًا، كما يعلم، لجعل الشرطيِّ المسئول يتتبعُ أثرَها.
سأل الحارسَ: «هل تعرف ما إذا كان لدى الآنسة رايدر أصدقاء في هيرتفورد؟»
قال الرجل وهو يُومئ برأسه: «أوه، نعم يا سيدي.» ثم أردفَ: «والدة الآنسة رايدر تعيش هناك.»
همَّ تارلينج أن يذهب، عندما استوقفه الرجل بملاحظةٍ أرجعَت عقله إلى جريمة القتل وملأَتْه بإحساسٍ مؤقَّت بالحزن اليائس.
«أنا سعيدٌ لأن الآنسة رايدر تصادف عدمُ وجودها الليلة الماضية يا سيدي.» ثم أضافَ موضِّحًا: «فقد تقدَّم بعضُ المستأجرين في الطابق العلوي بشكاوى.»
سألَ تارلينج: «شكاوى حول ماذا؟» فتردَّد الرجل.
«أتصوَّرُ أنكَ صديقٌ للسيدة الشابة، أليس كذلك؟» وأومأ تارلينج برأسه.
قال الحارسُ بصوتٍ منخفض وكأنه يُفضي إليه بسِر: «حسنًا، هذا يظهر لك فقط كيف أن الناس كثيرًا ما يُلامون على أشياءَ لم يرتكبوها. المستأجِر في الشقة المجاورة لها رجلٌ غريب الأطوار قليلًا؛ إنه موسيقي، ولكنه على الأحرى أصم. إذا لم يكن أصمَّ، فلم يكن ليقولَ إن الآنسة رايدر هي السببُ في إيقاظه. أعتقد أنه كان شيئًا ما حدثَ في الخارج.»
سألَ تارلينج بسرعة: «ماذا سمع؟» وضحك الحارس.
«حسنًا، يا سيدي، لقد اعتقد أنه سمع صوتَ رصاصة، وصراخًا مثل صرخةِ امرأة أيقظَه. كنت سأظنُّ أنه حلم بذلك، لكنَّ مستأجرًا آخرَ يعيش أيضًا في البدروم، سمع الصوت نفسَه، والشيء العجيب هو أنَّ كِلَيهما ظنَّا أنه كان في شقة الآنسة رايدر.»
«في أيِّ وقتٍ كان هذا؟»
قال الحارس: «يُقال عند منتصف الليل يا سيدي، ولكن، بالطبع لا يُمكن أن يكون هذا قد حدث؛ لأن الآنسة رايدر لم تكن موجودة، والشقة كانت خالية.»
كان هذا خبرًا مقلقًا لينشغلَ به تارلينج في رحلته بالقطار إلى هيرتفورد. كان مُصرًّا على رؤية الفتاة ووضعِها على أُهْبة الاستعداد، وعلى الرغم من أنه أدرك أنه ليس مِن واجبه بالضبط أن يضعَ مجرمًا مشتبَهًا به على أهبة الاستعداد وأن سلوكه كان، على أقل تقدير، غيرَ طبيعي، فإن ذلك لم يُزعجه كثيرًا.
لقد أخذ تذكرتَه وكان يشق طريقه إلى الرصيف عندما لمح شخصًا مألوفًا وكأنه يُسرع من القطار الذي وصل لتوه، ويبدو أن الرجل رأى تارلينج حتى قبل أن يتعرَّف تارلينج عليه؛ لأنه انحرف فجأةً وكاد يختفي وسط الزحام لولا أنْ لحق به المحقق.
قال: «مرحبًا يا سيد ميلبرج!» ثم سأله متحقِّقًا: «اسمُك ميلبرج، إذا لم تَخُنِّي ذاكرتي؟»
استدارَ مديرُ متجر لاين، يفرك يدَيه، وابتسامته المعتادة على وجهه.
قال بلطفٍ: «آه، بالتأكيد، أنت السيد تارلينج، حضرة المحقق المحترم. يا له من خبرٍ محزن يا سيد تارلينج! كم هو مُفزِع لجميع الأشخاص ذَوي الصِّلة!»
«أتصوَّر أن تلك الحادثة المروعة قد أحدثَت اضطرابًا في المتاجر؟»
ردَّ ميلبرج بصوتٍ مصدوم: «أوه، نعم يا سيدي.» ثم واصلَ حديثه قائلًا: «بالطبع أغلقنا المتجرَ لهذا اليوم. إنه شيء بشع — أبشع شيء رأيتُه في حياتي. هل هناك أيُّ شخص مشتبَه به؟»
هزَّ تارلينج رأسه.
قال: «إنها ملابساتٌ غامضة للغاية يا سيد ميلبرج.» ثم أردفَ: «هل لي أن أسألَ عمَّا إذا كان قد وُضِعَت أيُّ ترتيبات لمواصلة العمل في حالة الموتِ المفاجئ للسيد لاين؟»
ارتبكَ ميلبرج مرة أخرى، وبدا مترددًا في الرد.
وقال: «أنا، بالطبع، مسئول، كما كنتُ عندما ذهب السيد لاين في رحلته حول العالم. لقد تلقيتُ المسئوليةَ أيضًا من محامي السيد لاين لإدارة العمل إلى أن تُعيِّن المحكمة وصيًّا.»
نظر إليه تارلينج بتمعُّن.
سأله بصراحة: «ما أثرُ هذه الجريمة عليك شخصيًّا؟ هل تُعزِّز مكانتك أم تُقوِّضها؟»
ابتسمَ ميلبرج.
قال: «للأسف، تُعزز مكانتي؛ لأنها تُعطيني سُلطةً أكبر ومسئوليةً أضخم. أودُّ لو أن هذا الحادث لم يقع على الإطلاق يا سيد تارلينج.»
قال تارلينج بطريقة جافة متذكرًا اتهاماتِ لاين ضدَّ أمانة الرجل: «أنا متأكد من ذلك.»
بعد بِضع كلمات عادية افترق الرجلان.
ميلبرج! في الرحلة إلى هيرتفورد حلَّل تارلينج هذا الرجلَ اللبِق، ووجد أنه يُعاني عَوَزًا في بعض الصفات الأساسية؛ وقيَّمه ووجدَه يفتقر إلى عناصرَ يجب أن تُشكِّل بالتأكيد جزءًا من مؤهلاتِ أيِّ رجلٍ جديرٍ بالثقة.
في هيرتفورد استقلَّ بسرعة سيارةَ أجرة وأعطى العنوان إلى السائق.
قال سائق السيارة الأجرة: «هيلينجتون جروف يا سيدي؟ هذا يبعد حوالي ميلَين.» ثم أردفَ مستفسرًا: «هل تُريد السيدة رايدر؟»
أومأ تارلينج.
قال السائق: «لم تأتِ معك السيدة الشابة التي كانت تتوقَّعُها السيدة رايدر؟»
أجاب تارلينج متفاجئًا: «نعم، لم تأتِ.»
أوضحَ سائقُ السيارة بغموض: «طُلِبَ مني إبقاءُ عينَيَّ مفتوحتَيْن والانتباهُ عند رؤية سيدةٍ شابة.»
كان ثَمة مفاجأة أخرى في انتظار المحقق. كان يتوقع أن يكتشف أن هيلينجتون جروف عبارةٌ عن منزلٍ صغير في الضواحي يحمل لقبًا فخمًا. اندهشَ عندما انعطف سائقُ السيارة الأجرة عبر بوابتَين رائعتين، وقاد لمسافة طويلةٍ إلى حدٍّ ما، إلى أن وصَل في النهاية إلى مساحة مغطَّاة بالحصى قُبالةَ قصر كبير. كان بالكاد طرازَ المنزل الذي كان يتوقعه لوالدةِ موظَّفةٍ بسيطة في متجر لاين، وزادت دهشته عندما فتح البابَ أحدُ الخدم.
قاده إلى غرفة صالون مفروشة على نحوٍ جميلٍ وفني. فبدأ يعتقد أن ثمةَ خطأً قد وقع، وكان يُفكر في الاعتذار من سيدة المنزل عندما فُتِحَ الباب ودخلَت سيدة.
كان عمرها يُقارب الأربعين لا الثلاثين، ولكنها كانت لا تزال امرأةً جميلة تتصرَّف كسيدة راقية. كانت بمنزلةِ اللطفِ نفسِه بالنسبة إلى الزائر، ولكن تارلينج ظنَّ أنه لمح فيها بعضَ القلق سواءٌ في ملامحها أو في صوتها.
بدأ حديثه: «أخشى أنَّ هناك خطأً ما.» ثم أردفَ: «لقد أخطأتُ غالبًا في العثور السيدة رايدر المقصودة … أردتُ أن أرى الآنسة أوديت رايدر.»
أومأَت السيدة برأسها.
قالت: «هذه ابنتي.» ثم سألته: «هل لديكَ أيُّ أخبار عنها؟ أنا قلقة جدًّا عليها.»
قال تارلينج بسرعة: «قلِقة عليها؟» ثم تابعَ: «لماذا، ماذا حدث؟ أليست هنا؟»
قالت السيدة رايدر وقد اتسعَت عيناها: «هنا؟» ثم أردفت: «بالطبع ليست هنا.»
سأل تارلينج: «لكن ألم تكن هنا؟» ثم استفسر: «ألم تَصِل إلى هنا منذ ليلتَين؟»
هزَّت السيدة رايدر رأسها.
وأجابت: «لم تأتِ ابنتي.» ثم أضافت: «لكنها وعدَت أن تأتيَ وتقضيَ بِضعة أيام معي، وفي الليلة الماضية تلقيتُ برقيةً — انتظر لحظة، سأُحضرها لك.»
أُلغيَت زيارتي. لا تكتبي لي على عُنوان الشقة. سأتواصلُ معكِ عندما أصلُ إلى وجهتي.
كُتِبت البرقية في مكتب البريد العام، بلندن، وموعد تحريرها في الساعة التاسعة — أي قبل ارتكاب جريمة القتل، حسَب رأي الخبراء، بثلاث ساعات!