سليم تقلا
مفخرة من مفاخر الشباب في لبنان، مترامي الذِّكْر في جميع الآذان وبعض القلوب.
صَلْتُ الوجه، تعصبه جبهة وُسْعى، خلعت عليها الطبيعة أنصاع الذكاء، فتفرقت أذيالها إلى ما يليها من قسماته.
عينان جميلتان يفيض السحر على ضفاف أجفانهما، وتطفو منه ماءة عذبة قاسية ينعقد بخارها على حاجبيه.
أنف فخور يستنشق اللذة والكبرياء معًا، تلجم مغرسه نظارتان متصلتان بجسر من الذهب تشفَّان عن ناظرين ثاقبين كأنهما نجمتان تحدِّقان إليك في جوٍّ صافي الأديم.
فمٌ أثقلت الشهوة شفَتَه السفلى، فأحنتها قليلًا، يخيِّم عليه سرادق من الشَّعر جميم الجناحين، وتصلَّب تحته ذقن سمينة مُنيَت من الطبيعة بغمزة في صدرها.
أما شعور رأسه فهي تغثُّ وتضأل من يوم إلى يوم، وقد انفرجت في وسطها عن هالة من جلدة المخِّ.
إذا خفَّتْ بك الخمرة أو النارجيلة إلى «الرستوران الفرنساوي» في الليل — والليل أخفى للخمرة — فوقع نظرك عليه يتلهَّن قبل العشاء إلى رهط من رجال الصحافة والسياسة؛ فلا تدرك أن مَن تراه أمامك يقبض بيده على ناصية العاصمة.
إداريٌّ ثقف وسياسيٌّ يُتحامى دهاؤه.
لقد أفضى به إخلاصه للبنان وللانتداب، وتبسُّطه في اللغة الفرنسية، وتأديته حق وظيفته؛ إلى صميم ولاة الأمور، فاستعملوا الرخصة في رغباته أو رغبات مريديه، وابتدروه في سوانح الفرص بأرقى وظائف الدولة.
عرف أن يصاحب النقيضين: «فندنبرغ» و«كيلا»، وهذا لعَمْري ضرب من ضروب السياسة الملقة.
خلع عليه الصحفيون لقب «بك» في قلب الجمهورية — يا لها من أريستوقراطية متمردة! — فهو لا يوالي إلا الصحفيين والأغنياء.
يطوي دماغه على خبرة في مداخل الإدارة والعدلية.
يسند أعماله إلى ضمير حيٍّ، ولا يتجانف في سياسته على كثرة المتجانفين في هذه البلاد.
تناوله داء الصلف، فظهرت على طلعته جرثومة منه، إلا أن مسحة من الكبْر والأنَفة الرصينة تمتزج بتلك الجرثومة فتنكرها.
مبسوط اليد إلى أقصى درجات الكرم.
ولو أراد الأستاذ «تقلا» أن يرِمَ كيسه لمَا عيَّ عن ذلك، فخطط الثروة متوفرة لديه، ولكنه فُطرَ على خُلقٍ أبيٍّ يربأ به عن المنكر.