رشاد أديب
بصير بالأساليب المالية، فهو لا يلج السياسة في المجلس إلا من أبواب الاقتصاد، وهذا لعَمْري أصدق موالج الفكر العامل في أية بلاد كانت، ولا سيما في بلاد كهذه هي في فاقة حتى إلى الخبز.
أيقنَ الناس بطيب وجهه فختموا القلوب على انتخابه نائبًا، ولم يقُمْ أحد في سبيله.
بدينُ الجثة، يمدُّ به طول ظفر بهيبة الرجال، وسُلِّم له جمال يفيض على بشرة سمراء مئونة بسناء الكبْر.
وجهٌ صريح لا تنكِّره سحابة من غيوم النفْس، يتسنَّمه جبين رحيب لم تحفر عليه الأيام تلمًا مشبوهًا، وتعلوه شعور متَّسقة لا يزال الشباب يمرح في سوادها.
حاجبان منفصلان — دليل الصراحة والصدق — ينعكفان على مقلتين جميلتين تفيض عليهما ماءة من الذكاء والجرأة.
وفمٌ منطبق — دليل الإرادة القاهرة والعزم الراسخ — يرتكز على ذقن متينة يُشَدُّ بها عُنقٌ أغلب بعيد ما بين الرأس والصدر.
جمع بين أصالة الرأي وبحبوحة العيش، فإن غناه لا ينحصر بصناديقه ولا يلبس المال بيته، بل يستفزُّه إلى المشاريع المفيدة، فهو أحد مؤسسي بنك مصر سوريا لبنان، وقد جهد جهده لإنشاء هذا الفرع فى بيروت.
لا يصرِف طرْفَه عن أي مشروع كان، يتنسَّم منه فائدة له ولبلاده، أما من قبيل المكانة فلقد جاز ذكره أنحاء لبنان إلى وادي النيل، حيث تتربَّع له حرمة في صدور الأحرار الدستوريين.
يجنُّ من فنون الجهاد في سبيل طرابلس أولًا وسائر البلاد أخيرًا، ولا غرابة في أن تنزع نفْس المرء إلى مسقط رأسه، بل الغرابة كلها في أنْ تصطفي البلاد رجالًا لا يطمع منهم بذبالة.
لقد دافع كثيرًا عن مشروع الطيران في طرابلس؛ إذ كان لهذا المشروع أكثر من معارض في المجلس.
كان «رشاد بك» من الوطنيين الأشدَّاء منذ مطلع عهد الاحتلال، ولمَّا يبرح … ولكن مع التؤدة.
له في «بخعون» — إحدى قرى الاصطياف الجميلة — «فيللا» سحرية.
في هذا القصر الفتَّان القائم على مَطلِّ أحد الأودية الفتَّانة يصطاف «رشاد أديب» النائب العامل وإحدى دعائم أسرة الشعب في هذا البلد.