عمر الداعوق
لا يأبه لرهرهة الأزياء، وإن يكن قد أُذِّن في صناديقه بمال تَسخَّر له من أقاصي الثراء.
لا يُدينُ ولا يستدينُ؛ خشية أن يهدر على إثمه، فذهبُه موقوف على التجارة والبناء، وقد تكون هذه الخلَّة هي التي حفظت له ماله وضاعفته.
عندما يذرُّ الصبح يتدثَّر بالقنباز، ولا يخلعه عنه ليرتدي «الطقم» إلا ساعة يئينُ له أن يسلك طريق السوق.
أكبر ملاكي المسلمين في بيروت على الإطلاق، ومالُه من عَرَق الجبين.
قنِيَ سيارة «لانسيا» من عهد بعيد، وظلَّت على جِدَّتها وردائها إلى آخر عهدها عنده.
أما هدفه الأسمى في سياسته فهو الشخوص إلى إنجاح مرفأ بيروت والعمل في سبيله.
هل غشيتَ داره فوقع نظرك أو قدماك على أمتن سجاد في المدينة؟ وهل زُرتَ محلَّه في «سوق الطويلة» فبهرتك لألأةُ الجواهر واليواقيت؟ إنك لن تزور هذا المحل إلا إذا مليتَ من المال قسطًا وافرًا، وإلا إذا دفعك الفضول إلى التمتُّع بمشاهدة متاع المترفين.
تلقَّى دروسه في مدرسة «عينطورا»، فهو يجيد العربية والفرنسية، إلا أنه يربِي عليهما بفنِّ التجارة، فهو رئيس غرفتها في بيروت.
رشَّح نفسه للنيابة في العام ١٩٢٥، فانتُخِب، ولمَّا انقضت مدة المجلس بعد أن استوفت سنواتها الأربع صُوِّر له أن هناك عثرة في سبيله، فلم يشأ أن يتعرَّض لها …
في العام ١٩٢٠ عينته السلطة عضوًا في اللجنة الإدارية، ولمَّا جلس على كرسيِّ الشعب أظهَرَ خبرة في جميع القوانين المالية ﮐ «الويركو» والتمتُّع وغير ذلك، وقد أرسلَ — بصفته رئيسًا للغرفة التجارية — برقيات عديدة إلى وزارة الخارجية في فرنسا يطالبها فيها بأن تسعى لتجعل زيوت الموصل تنصبُّ في طرابلس.
صادَقَ «عزمي بك» في مدة الحرب، وكان لصداقته إياه أثر طيب في بيروت؛ إذ إن الصداقة أتاحت له أن يُعيَّن رئيسًا للإعاشة، ومن يكن ﮐ «الداعوق» متخلِّقًا بأخلاق نزيهة مدعومة «بدين صحيح»، وقُدِّر له أن يقبض بيده على مقدر حيوي؛ فلا غرابة في أن يخدم أبناء بلاده الخدمةَ التي تنتظرها بلادُه منه.