عمر بيهم
ضريب الشيخ «يوسف الخازن» في الهَزْل والنكتة، فهو لا يني عن كسر شكيمة الكلام في معرض الحديث، إلا أن في هزله طبيعة جذَّابة لا تكلُّفَ فيها.
ظهرَ في الماضي رئاسةَ البلدية في بيروت يوم كان حاكمُ المدينة منفصلًا عن رئيس بلديَّتها، فاتخذه المسلمون عمدة لهم، وما يزالون يستنفذونه ويقفونه إلى حيث يريد، فهو إذا شاء أن يُنتخَب فلان انتخبوه، وإذا شاء أن يُخذَل خذلوه.
ترى في عُقر وجهه شارِبَيْن صغيرَيْن مفتَّلَيْن عليهما سمة من سمات «القبضايات»، وعلى صُدغَيْه المقنطَرَيْن شعورًا مجزوزة تنتهي إلى الرقبة في حلبة واحدة كشعور تلاميذ المدارس.
زعيم أسرة بيهم.
قد يكون كلفه بالخيل راجعًا إلى سُكناه في «محلة الحرج» — على كثب من ميدان السباق — فله هناك «فيللا» فتَّانة تأخذها عيون الأغنياء.
يغذي في مخيلته حلمًا إمبراطوريًّا جميلًا، فهو يحلم بالوَحدة العربية الكبرى (؟)
لا يتكلَّف التعصُّب للدين، إلا أنه يريد أن يرجِع هذه البلاد سيرتَها الأولى، إذ يصوَّر له أنها بلاد عربية محضة، وأنها للعرب.
في العام ١٩٢٥ رشَّح نفسه لكرسيٍّ في مجلس الأمَّة و«عمرَ الداعوق»، فأجمعت الأصوات على انتخابهما، ولو شاء «بيهم» أن يعود إلى المجلس في دورة ١٩٢٩ لمَا أعياه أمر، ولكنَّ الكلمة التي ودَّع بها زملاءه النواب وهي: «لقد أكلنا مال الأمَّة طوال أربع سنوات، ولم نبرهن إلا على ضعف»؛ جاءت دليلًا على مَقْتِه للكرسيِّ وتَنَكُّبه عنها.
أخلصُ الناس لأصحابه وأصدقُهم جرأةً وأكثرُهم وفاءً، وليس أدلَّ على صراحته من قوله علنًا عندما دخل إلى المجلس: «أنا ضد لبنان، وضد الانتداب.»