ميشال شيحا
ليَّنت التقوى صلابة وجهه، فهو يحبُّ العدل، ويعتقد في الربِّ خيرًا، ويلتمسه بقلب سليم.
قال «يشوع بن سيراخ»: «ومخافة الربِّ أوَّل محبته، والإيمان أول الاتصال به» (٢٥ : ١٦). فهذه الآية تنطبق على روح الأستاذ «شيحا» الذي نجم من بيت تقًى وفضيلة، وترسَّم في الفضيلة خُطى آبائه.
قال «يشوع بن سيراخ»: «لا تعتد بأموالك ولا تَقُلْ لي بها كفاية» (٥ : ١)، وعلى هذه الآية أيضًا يسير الأستاذ «شيحا»، فهو — على ما هو عليه من الغنى — لا يهيم في متايه المال، ولا تنسيه الثروة قلبه الإنساني.
قال «يشوع بن سيراخ»: «لا تنقلب مع كل ريح ولا تسِرْ في كل طريق، فإنه كذلك يفعل الخاطئ ذو اللسانين» (٥ : ١١).
خبرَ السياسة البرلمانية طوال أربع سنوات، فسئم وجوهها وأخذه الغضب على تلوُّنها، ولمَّا ألحَّ عليه أصدقاؤه وألحفت عليه السلطة في ترشيحه لدورة ١٩٢٩ أبى عليه ضميره أن يرضى، قائلًا إنه لا يستطيع أن يغالب مجرى النهر، ولا يريد أن ينقلب مع كلِّ ريح ويسير في كل طريق.
يمتُّ بالنسب إلى غرَّة عيال بيروت.
هو في الثامنة والثلاثين من العمر.
فُتِح له في اللغة الفرنسية ما لم يُفْتَح لسواه من أبناء هذا البلد، أما في الأدب الفرنسي، فهو يوشك أن يكون نسيجَ وحْدِه.
محاضِر ممتاز، له في عالم الأدب الفرنسي محاضرات نفيسة قيمة، قد لا يوفَّق الفرنسيون أنفسهم إلى إعطاء مثلها، والأستاذ «شيحا» على تضلُّعه في العلوم يُعَدُّ أقدر رجُل مالي اقتصادي في هذه البلاد.
نال شهادة المحاماة، ولكنه لم يتعاطَ هذه الحرفة. يشدُّ بغرز دينه من غير أن يلوِّث ضميره بجرثومة التعصُّب.
لو سبرتَ قرارة نفسه لاتضح لك أنه أميل إلى الانصراف للأدب والفن منه إلى السياسة، ولكنَّ ظروفًا خطيرة أهمها رغبة معارضي الجنرال «سرايل» في مصادمة الدكتور «أيوب ثابت» أوجبت عليه أن ينزل في انتخابات العام ١٩٢٥ التي ظهر فيها على الكرسيِّ وعلى معارضة السلطة له.
مبسوط العلم بمداخل الأمور المالية والاقتصادية، ولقد كان وما يزال من الداعين إلى تأليف الشركات الوطنية في البلاد، وهو واضع أساس الشركة العقارية الأولى ذات الرأس المال اللبناني في بيروت.
لاتينيُّ المذهب، قيل: إن الأنظار شاخصة إليه في الانتخاب المقبل لرئاسة الجمهورية، إلا أنه قد يصرف طرْفه حتى عن هذا المنصب الجليل.