عز الدين العمري
نجَمَ من أسرة بغدادية شريفة.
تقلَّبت أعطافه في وظائف العدل بين طرابلس وعكا أيامَ كان الترك أسياد هذه البلاد.
عُيِّن في مطلع الاحتلال رئيسًا لمحكمة طرابلس فوفى للانتداب حق الإخلاص.
وترقَّى في مديرية الشرطة عهدَ الدكتور «أيوب ثابت»، فكان رجُلًا حازمًا، ما تزال دوائر تلك المديرية تذكُره باحترام وإجلال.
ذكيٌّ، مستقيم. إلا أن عصبيَّته التي تمتُّ بقرابة إلى عصبية الدكتور «أيوب» تؤدي به أحيانًا إلى الجرأة المتطرفة.
حاذق! يعالج وظيفته بيد من حديد من غير أن يقسط على مأمور، ولكنه يخضع أمام من له حق السيادة عليه، شأن الموظف وشأن جميع الموظفين حتى النُّوَّاب، فينفذ الأمر من غير أن يجادل فيه، وحسبه في تنفيذه أنه صادر عن سلطة فوق سلطته.
قد تكون صداقته للدكتور «أيوب» هي التي أسرت عليه في البدء غضب «جورج ثابت» و«موسى نمُّور» وألبسته هذين الخصمين، إلا أن التفاهم ما فتئ أن افترَّ بينهم؛ إذ اتضح ﻟ «نمُّور» أن «عز الدين العمري» لم يستشعر التحزب في يوم من الأيام.
يزعم البعض أن الخمرة نافذته إلى دوائر الأمن العام، إذ كان مديرًا للشرطة، فقُلَّ إلى العدلية، ولكنهم افتروا عليه هذا الحديث افتراءً، فالحقيقة لا تؤيدهم في هذا الزعم الغثيث … وربما يكون السبب في قرارة نفوس بعض الفرنسيين!
قاضٍ نزيهٌ، طويل الباع في القانون العثماني.
طويل النجاد، تجثم على أمته هامة ضخمة تنبث على أديمها ابتسامة لطيفة تذر عليها السمرة كثيرًا من حلاوتها.
جبهة فسيحة ادلهمَّ عليها ليل من الشَّعر تكالبت أسداله بعضها على بعض، واعتُرِضَ سفحها بحاجبين عريضين هبطا قليلًا على مقلتين تنظران نظرة يتقاسمها الكبْر ومسحة ضئيلة من الكآبة.
أنف يناسب الوجه، يلثم شاربَيْن معافَيْن يشدَّان بغرز الشفة العليا فتنكفئ السفلى منفتحة نصف انفتاحة.
أما جملة الوجه فتشير إلى صفحة رُقمت عليها سطور متباينة المعاني، بعضها صارم وبعضها عذب.