باترو طراد
قطب في المحاماة، أوتي فيها شهرة ذائعة وفصل الخطاب إلا أن حُبَّ المال قوي منه، فهو لا يمجُّ قضية من القضايا كيف كانت وأيان جاءت، ولقد تناول قضية «الجمال هيلانة» فجال بها جولة وضح فيها نبوغه.
أحصى لغتَي الفرنجة والعرب، إلا أنه أربى في الأولى على الأخرى باستطلاع ما غرب من دقائقها.
يجيد الوشي في الكلام، فلقد درس في فرنسا وعرف دور الغربة، حيث صُقِلَ خُلقه وخبرَ مراتب النفوس.
شطر إلى الانتداب من أول عهد الفرنسيس في هذه الديار، ولمَّا يزل.
دفع إلى السياسة في أبرك يوم من أيامه، فعُيِّن عضوًا في اللجنة الإدارية الأولى، ولمَّا خلعت الحياة النيابية على هذه البلاد صمد لها، إلا أنه لم يجد بدًّا من النزول على رغبة الكثيرين في العدول عن مزاحمة المرحوم «نخله التويني».
إلى أن تألَّف البرلمان اللبناني فانتُخب الأستاذ «طراد» نائبًا وعُيِّن المرحوم «نخله التويني» عضوًا في مجلس الشيوخ.
له لسان أجرى من الخيل، نادرًا ما يلجمه في المجلس، وقد لا يلفظ خطابًا لا يستهله بهذه الكلمات: «إخواني … أصدقائي … لي كلمة … نحن من بلاد واحدة، ليس فينا إلا منا … نحن إخوان.»
لا يزال الأستاذ «طراد» أعزب على الخامسة والأربعين التي ذرَّف عليها.
حسن الطلعة، جميل البزَّة، فهو يستحضر العِقَد الملوَّنة عشارَ، أما منديل صدره فأطول من منديل «زكُّور».
يلبس في الصيف قبعات من القش، وفي الشتاء قبعات «ملون» كأشراف أوروبا أو كعظمائها أو كراهب أورثوذكسي.
يحمل في يده عصا جميلة، ويتأبَّط … ليس شرًّا، بل «دوسييه».
يتقلَّد في مخِّه ذكاءً حادًّا، وعلى صدره وسام جوقة الشرف.