عبد الله نوفل
وجهٌ عذبٌ تطفو عليه سحابة من التصوُّف المعجون بخميرة الخيال.
إذا جلست إليه ولم يكلمك خلتَه أحد المتصوِّفين في شيع الأولين، ففي ابتسامته الجميلة الجذابة معنًى من معاني الرقة، وفي سكوته المفكِّر معنًى من معاني الجلال. أما إذا تكلَّم فتحسبه من هؤلاء الفلاسفة الأقدمين، وإن لم تخرج على لسانه بادرة من بوادر الفلسفة، ففي إغماضة عينيه جمال تصغى إليه — وقد يغمض عينيه عندما يتكلَّم — وفي رفرفة أجفانه سذاجة حلوة رقيقة.
انتشرت على بشرته الرقيقة قماشة مرقشة بألوان حمراء مبيضة وزرقاء شاحبة، تعلوها شعور شهباء غار عليها الشيب غارة حكيمة، فترك منها خيوطًا رمادية تكاد تبهت.
لا تظهر على جسده الرقيق لمحة من الهزال، فهو رقيق وحسب.
حسَنُ القامة رفيعها من غير عوج، يعرف أن يكرمها بلباس أنيق ويخلع عليها من مقلتيه هيبة الحكيم.
شاربان صغيران أكل المقصُّ منهما شِبعَه فلم يترك منهما زاوية تتعدَّى فتحة الأنف.
من يمعِن النظر في وجهه يتبيَّن آثار بثور قديمة — قد تكون بثور الجدري — تحتجب وراء احمرار بشرته.
يضع طربوشه على مؤخرة رأسه كما تضعه أشياع القبضايات؛ إلا أني أرى في ذلك جاذبية قد لا يراها غيري.
صوت خافت في حنجرة حساسة.
يقال: إنه من مؤيدي الحكومة والانتداب في جميع شئونه وشئونهما … قد يكون عاقلًا في منهجه هذا وقد يكون مصيبًا؛ إذ لا يرى من الحكمة أن يكلِّف نفسه أخذ الطريق من ناحيتها الطويلة.
لهدوئه وسكينته ظاهرة في المجلس لا تخفى.
أما من يريد أن يعرف مكانته في عالَم الأدب، فليقرأ كتابه «تراجم علماء طرابلس الفيحاء وأدبائها».