فريد الخازن
نبتت أغراس الجمال في جنة وجهه فهي فردوس جميل، وبالغت العذوبة في عينيه حتى كحلتهما برشاش السحر وما فيهما كحل.
جبينٌ بضٌّ كجبين النساء، إلا أنه أسهم في متاع الرجولة فهو جبين رجُل.
أنفٌ قويمٌ شمست منه الكبرياء ولم يشمس الكبْر، فهو في أديم وجهه كحمامة بيضاء تهمُّ بها الدِّعةُ ويثنى عنها الغرور.
خدَّان يانعان تخضبهما حمرة كحمرة الورد في أول عهده، وتتموَّج على صقالتهما عروق زهرية مخمَّرة كخطوط الفجر في الشفق قبيل بزوغ الغزالة.
إذا تصفَّحتَ قسَماته قسَمةً قسَمة فزويتَ عينيْه عن جبينه وفمَه عن أنفه وخدَّيْه عن ذقنه، ثم حصرتَ بصرك في كل صورة من هذه الصور على حِدَة؛ وقعتَ على وجهٍ صدفت عنه القوة تحت تأثير الحُسن. أما إذا نظرتَ إليه دفعة واحدة فأعلقت عينيك بجملة وجهه فإنك لترى البأس والنشاط مجسَّمين في هيكله.
هيكل من هياكل العمالقة، ليس من الناس في كسروان إلا من يلحظه إعجابًا، وبعضهم يلحظه حبًّا، فهو زعيم للطبقة الوسطى، تستنُّ بسننه، ويلوي الطرب أعناقها لدى ذكره. نطقه الإخلاص بفاضل ذيله، وحفزه خُلُق أبيٌّ، فهو ينزِل نفْسَه على إقالة الضعيف عثرتَه في كل حين ولو كان حزبًا عليه.
شخِصَ إلى النيابة في الدورة الأخيرة ١٩٢٩ فلم يأنس بكرسيِّها على ما بذل من الجهود والليالي في سبيله، ولقد وقف به الكرسيُّ عند صوت واحد يزعم البعض أنه ذهب ضحية تلاعب سياسي غمض حتى عن أوهام الكُهَّان.
إن الشيخ «فريد الخازن» ذروة أهل العمل في نظر الكثيرين من الكسروانيين، فقد لا يتم مشروع في كسروان إلا ويكون لولبه ومحوره.